هل أسمح لطفلتي بإزالة الشعر الزائد عن الجسم؟

اقرأ في هذا المقال
  • ما هو الوقت المناسب لإزالة الشعر الزائد؟ 
  • كيف أجهِّز ابنتي نفسيًّا وجسديًّا للتعامل مع هذه المرحلة؟

سرعان ما يكبر الأبناء، ويقبل الأطفال على المراهقة، وتمتلئ مجموعات الأُمّهات على مواقع التواصل الاجتماعي بالسؤال الحائر: أبدت ابنتي ضيقها من الشعر الزائد، فبمَ أُجيبها؟ وهل أسمح لطفلتي بإزالة الشعر الزائد عن الجسم؟

الشقّ الإيجابي هنا. هو أن تلجأ الصغيرات لسؤال أُمّهاتهن عوضًا عن سؤال قريناتهن في المدرسة أو البحث على الأنترنت أو الارتجال في محاولة إيجاد حلّ بنفسها، وهو ما يحميها من الحصول على إجابات مؤذية أو نصائح غير سليمة، ويضمن وجود إجابة صحيحة، وصحيَّة، ومناسبة لسياقها الثقافي والاجتماعي.

 لذا فامتلاك الأُمّ المعلومات اللازمة للإجابة عن السؤال هو مسؤوليَّة من المهمّ أن تجهِّز نفسها لها، خاصَّة أنَّ الصغيرات يبدأن مبكّرًا جدًّا في ملاحظة أجسادهن، وما يطرأ عليها من تغيُّرات، وتبدأ معها الحيرة والأسئلة والمقارنة بالقرينات.

ما هو الوقت المناسب لإزالة الشعر الزائد؟ 

عادةً ما يكون الشعر الزائد من علامات البلوغ. ويظهر عند الفتيات بين سنِّ 11 إلى 14 عامًا. وهو الوقت المناسب لتعليمهن أكثر عن المرحلة المقبلة. وعن التغيرُّات المحتملة على أجسامهن، وكيفيَّة العناية والاهتمام بها. وشرح هذه التغيُّرات بشكلٍ علمي مبسَّط، مع الحديث عن تغيُّرات الهرمونات، وتأثيراتها الداخليَّة والخارجيَّة على الجسم.

اقرأ أيضا في مقال كيف أتحدث الى أبنائي عن سِن البلوغ؟

لكن يحدث أن تبدأ الصغيرات في ملاحظة الشعر الزائد قبل هذا الوقت. ويبدأن في الإلحاح على إزالته وإبداء الضيق المتكرِّر منه. فما هو التصرُّف المناسب إذا ألحَّت طفلتك قبل سنِّ البلوغ على إزالة الشعر الزائد؟

مقالات ذات صلة

هذا القرار عائد تمامًا لخيارات الأسرة وتقديرها. لكن علميًّا لم تثبت أي أضرار لإزالة الشعر الزائد في سنٍّ مبكرِّة. خاصَّة إذا جرى استخدامه تحت إشراف الأم في البداية مع أخذ احتياطات الأمان اللازمة. ولكن هناك عدد من النقاط التي يجب الانتباه لها أثناء التفكير في هذه الخطوة:

هل هناك أسباب مرَضيَّة لزيادة شعر الجسم؟

السؤال الأوَّل الذي يجب أن تطرحه الأُم على نفسها، هل أماكن وكثافة ظهور الشعر هي مجرَّد علامات مبكِّرة للبلوغ؟ أم أنَّها ظهرت في وقتٍ أبكر من اللازم، وبشكلٍ أكثر كثافة من المتوقَّع؟ 

هناك بعض العلامات المرضيَّة التي من أعراضها ظهور شعر جسم بلون أغمق وأكثر كثافة في أماكن مختلفة مثل الوجه، الظهر، البطن، الذراعين. وعلى الرغم من أنَّ هذا النمط قد يكون راجعًا للعوامل الوراثيَّة. إلا أنَّهُ أحيانًا يكون بسبب خللٍ هرموني، وزيادة في هرمونات الذكورة. وفي هذه الحالة من الأفضل زيارة الطبيب المختصّ، وعمل التحليلات اللازمة للاطمئنان على هذا الوضع وإمكانيَّة علاجه المبكَّر.

التعامل بجديَّة مع مشكلات الأطفال

قد تقع بعض الأُمَّهات في خطأ التقليل أو التسفيه من مشكلات ابنتها. وهو أمر شديد الخطورة على المستوى النفسي، لا سيما في هذه المرحلة العمريَّة التي تتَّسِم بالحساسيَّة الزائدة. لذا يُنصَح بالتعامل بجديَّة مع شكوى ابنتك، ومناقشتها والتفكير العملي معها في الحلول المناسبة. وأن يكون القرار الأخير نابعًا عن اقتناعٍ تامّ منها.

التنمُّر وتعليقات الصديقات

في كثير من حالات مطالبة الصغيرات بإزالة الشعر الزائد. يكون السبب الخفي هو تعليق من هنا أو هناك أُلقي من قبل مجموعة الصديقات. لذا فمن المهمّ أن تتأكَّد الأم أنَّ ابنتها لا تتعرَّض للتنمُّر أو الضغط أو التعليقات السلبيَّة حول شكلها، وجسمها، ولونها، وشعرها، وغيره. 

والأكثر أهمّيَّة هو أن نزوِّد أطفالنا بالميكانيزمات (وسائل) المناسبة للردِّ والدفاع عن النفس ومواجهة التنمُّر. وتغذيتهم بالحبّ والقبول، وهو ما يعزِّز ثقتهم بأنفسهم، ويحول بينهم وبين أن يقعوا ضحايا سهلة للتنمُّر. 

تأثير الميديا ومواقع التواصل الاجتماعي 

عادةً ما تكون القنوات الإعلاميَّة سببًا مباشرًا في رفع معايير الجمال وتنميطها، وللأسف فإنَّ الأطفال غالبًا ما يتعرضون لمحتوى إعلامي مكثَّف، سواء عن طريق التليفزيون، أو مواقع التواصل الاجتماعي باختلافها، الصورة المثاليَّة التي يظهر بها مقدِّمو المحتوى؛ خاصَّة إذا كانوا من الأطفال والمراهقين أيضا، تضع الأبناء تحت ضغط كبير من التشتُّت والمقارنة والرغبة في التغيير، والمبنيَّة عادة على صور غير واقعيَّة يشاهدونها، وحياة تبدو مثاليَّة تعرض عليهم عبر الشاشات. لذا يقع على كاهل الوالدين عبء التوعية والحوار والنقاش المنفتح حول ما يعرض وما يشاهده الأبناء، والتأكيد على أنَّ ما نشاهده على منصَّات التواصل الاجتماعي هي حياة غير حقيقيَّة، وأنَّ الصور والفيديوهات المعروضة مرَّت بتعديلات وتجهيزات، وأنَّهُ حتى جودة الصورة التي تُظهِر الوجه بلا أيِّ عيوب مرَّت بفلترة أو تصحيح للصورة قبل نشرها. 

كيف أجهِّز ابنتي نفسيًّا وجسديًّا للتعامل مع هذه المرحلة؟

أولا: نفسيًّا

من المهمّ تعزيز عدد من الأفكار والقيم عند الأطفال في بداية رحلة تعرّفهم على أجسامهم وتكوين علاقتهم به، مثل: 

  • تفهُّم الاختلاف: أنَّ الله خلقنا مختلفين في الشكل والجسم واللون والطول، ولكل منَّا جسد مختلف لا يشبه أجساد الآخرين، لذا ليس من المنطقي مقارنة أنفسنا وأشكالنا بالآخرين.
  • تقبُّل الذات: كل منا مميز بطريقته، وللجمال أشكال مختلفة، وهو مسألة نسبيَّة، وأنَّ الآخرين يصدِّقون ثقتنا بأنفسنا وما ننقله لهم عن رأينا في ذواتنا، لذا فإنَّ جمالنا الحقيقي أن نحبّ أنفسنا كما هي، لأنَّها مميَّزة، ولأنَّها انعكاس لجمال قلوبنا. 
  • تقديم الدعم: من المهمّ أن يشعر الأطفال أنَّنا في صفّهم دائما، وأنَّنا لن نوافق على التعليقات السلبيَّة حول شكل أبنائنا وأجسامهم من قبل الأقارب والأصدقاء، كما أنَّنا سنكون مدافعين مستعدّين للحرب من أجلهم إذا تعرَّضوا للتنمُّر أو السخرية من أيِّ نوع، ثقة الأبناء في هذا الدعم هي ما تجعلهم أقوى في مقاومة الضغوطات وأقدر على الاختيار واتِّخاذ القرارات بحريَّة. 
  • دائرة القبول: غني عن الذكر أنَّ الأسرة هي دائرة القبول الأولى، لذا فلا يجب أبدا أن تكون هي من يزعزع ثقة الأطفال بأنفسهم سواء عن طريق التعليقات السلبيَّة أو السخرية، أو المقارنة بين الأخوات، أو إطلاق النكات على الشكل بأيِّ طريقةٍ كانت. 

ثانيًا: جسديًّا

من الضروري حصول الفتيات المقبلات على المراهقة على المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب، بما يضمن تصالحها وتقبُّلها لتغيُّرات المرحلة.

  • علامات البلوغ : نتحدَّث معهم باستفاضة عن علامات البلوغ، وأنَّ الشعر الزائد في مناطق الجسم المختلفة هو واحد من تلك العلامات، وأنَّهُ لا بأس  أبدًا من إزالته في الوقت المناسب وباستخدام الطريقة المناسبة.
  • سنن الفطرة: الحديث عن إزالة الشعر الزائد على أنَّها واحدة من سنن الفطرة، ودورها في العناية بالنظافة الشخصيَّة.
  • الطرق الآمنة لإزالة الشعر: يفضَّل أن تعرض الأم على ابنتها الطرق المختلفة لإزالة الشعر مثلا الحلاقة والشمع والكريمات وأجهزة الحلاقة الكهربائيَّة والليزر، مع عرض مزايا وعيوب كل نوع، ولكن عادة لا ينصح الأطباء بعمل الليزر قبل سن 18 سنة، كما أنه يجب توخِّي الحذر عند استخدام شفرات الحلاقة لما قد تسبِّبه من جروح، وقد توفَّرت مؤخَّرًا أجهزة حلاقة كهربائيَّة مخصَّصة للفتيات الصغيرات، أسهل وأسرع في الاستخدام، ومزوَّدة بنظم أكثر أمانا. 

ونهاية، أيًّا كان القرار الذي تتَّخذه الأُم مع ابنتها، فلا بد أن يصبَّ في تعزيز ثقتها بنفسها، والتأكيد على جمالها واختلافها وتميّزها في جميع الحالات، وأن يكون القرار نابعًا من رغبتها واختيارها لا عن خوفها من المجتمع أو تعرُّضها للتنمُّر والضغوط.

اظهر المزيد

أية خالد

إخصائية نفسية حاصلة ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وعلى الماجستير في علم النفس الإكلينيكي، وكاتبة محتوى مهتمة برفع الوعي بالصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية