الزواج السامّ.. ما هي علاماته وأهمّ خطوات علاجه؟
هل فكَّرت من قبل أنَّ علاقتك الزوجيَّة تمثِّل عبئًا نفسيًّا كبيرًا عليك؟ و مررت بسببها بنوبات من القلق أو الاكتئاب؟ هل جعلتك تشكِّين في نفسك أو تلجئين للدفاع والتلاعب والتجنُّب بدلا من الشعور بالثقة والأمان والراحة؟ هل شعرت أنَّك مهملة أو تعاملين بطريقة أقل ممَّا تستحقين؟ أنَّه يتمّ تجاهلك وتجاهل كل ما تقدِّمينه للعلاقة ولا يُقدَّم لك التقدير الكافي؟ هل وجدت نفسك مرهقة من محاولات استرضاء زوجك والحصول على بعض السلام في العلاقة دون جدوى؟ هل سمعت أهلك وأصدقائك أكثر من مرة ينبِّهونك لأنَّك تقدِّمين تنازلات أكثر من اللازم أو تتحمَّلين طريقة غير مقبولة في التعامل بين الزوجين؟
كلّ هذه العلامات قد تكون مؤشِّرًا قويًّا على أنَّك في علاقة زواج سامّ أو Toxic marriage ، فما هو الزواج السامّ؟ وما هي مراحله؟ وعلاماته؟ وهل يمكن علاجه أو التعافي منه؟
أولا: مراحل العلاقة السامَّة/ الزواج السامّ
ثلاث مراحل تتمُّ عادة أثناء بناء العلاقات السامَّة/ الزواج السامّ:
- المثاليَّة idealizing
يبدأ عادة هذا النمط من العلاقات بمثاليَّة شديدة، ورومانسيَّة فائقة، وجرعات عالية من المشاعر الفيَّاضة، والتعبير عن الحبّ، والهدايا، والتأكيد على أهميَّة الزوج الذي لا يحلو يوم بدونه، ولا يمكن الاستمتاع بمناسبة بغير مشاركته، مشاعر تغرق الطرف الآخر وتكبّله بشكل يصعب عليه معها الفكاك من هذه العلاقة، أو التشكيك في صدقها.
- خفض القيمة devaluing
مع الوقت، وبعد مرحلة كافيَة من بناء الثقة والوصول لمرحلة استقرار مبدئيَّة في العلاقة، يبدأ الطرف الثاني في التلاعب بمشاعر الطرف الأوَّل، والتعليق مرَّة على شكل جسمك، ومرَّة على ملابسك، وقد يحاول زعزعة ثقتك بأهلك أو أصدقائك المقرَّبين عن طريق نقل بعض الأخبار الكاذبة، أو إعادة تأويل بعض التعليقات والأحاديث بينكما، في محاولة منه لكسب مزيد من ثقتك، وتفريغ دائرتك المقرَّبة، وزيادة اعتماديتك على علاقتكما.
وقد يبدأ طلبات مثل، تغيير نمط الملابس، أو قطع العلاقة بصديق معين، أو عدم الخروج في مكان معيَّن، أو تقليل الزيارات للأهل، في هذه المرحلة، وإذا حاولت الإفلات من هذه التعليمات أو مناقشتها بشكل أو بآخر، فستبدأ نوبات من الغضب والخصام والضغط العاطفي تصل أحيانا كثيرة للإساءات النفسيَّة والجسديَّة. يعود بعدها ليشعرك بالذنب والحاجة للاعتذار، وتبدأ دائرة من الإحساس بالضغط والذنب والتنازلات التي لا يمكن وقفها بسهولة.
- الإهمال والتمهيش discarding
للأسف لا تنتهي عادة هذه الدائرة من الإساءات بسهولة، مع الوقت يزيد النبذ والتجاهل والإهمال، وتزيد التعنُّتتات والطلبات والتنازلات والضغوط، وفي كل مرَّة تعتقدين أنَّك قمت بالانفجار لوضع حدٍّ لهذه المهزلة، يفاجئك بسيل من الدموع والكثير من الوعود بالتغيير والبداية الجديدة، والاعتذارات التي تبدو صادقة، وتعد بفرصة أخرى، ولكن تكون كل هذه محض أكاذيب غالبا، وسرعان ما تبدأ دائرة الإساءة من جديد.
ثانيا: علامات العلاقة السامَّة/ الزواج السامّ
التسلُّط
لا يكتفي زوجك بتنفيذ رأيه في القرارات المشتركة، بل يصرُّ على التدخُّل في قراراتك الخاصَّة، مثل ملابسك، اختياراتك المهنيَّة، الأماكن التي تذهبين إليها، علاقاتك بأصدقائك، وغيرها من التفاصيل التي يعتقد أن له الحق في اتِّخاذ القرار فيها، سواء بزعم قلقه على مصلحتك وأنَّه يخاف عليك، أو لأنَّه هو الرجل وله القرار الأخير، أو غيرها من المبرِّرات التي يمنحها لنفسه.
عدم الاحترام
يسفِّه ببساطة من اقتراحاتك وأفكارك وخطواتك، ويقلِّل من إمكانيَّاتك وطموحاتك، وقد يعطي لنفسه الحقّ في السخرية منك أمام الناس، وتعمُّد عدم الشكر أو إظهار التقدير. الأمر الذي يؤدِّي بك بعد فترة لفقدان ثقتك بنفسك، ومع الوقت يزيد من أعراض القلق والاكتئاب والتوتُّر.
عدم الأمان
يسيطر عليك الاحساس بعدم الشعور في العلاقة، وأنَّ زوجك يخونك، أو قد يخونك في أي لحظة، يزيد هذا الأمر عادة بسبب فقدانك لثقتك بنفسك، وشعورك أنك غير كافية، ولست بالكفاءة المطلوبة وفقًا لتعليقاته وتوقّعاته.
السير على قشر بيض
تشعرين طوال الوقت بأنَّ أي كلمة قد تكون سببًا في انفجار قنبلة من الغضب والتأنيب والخصام، تفكِّرين في كل كلمة مائة مرَّة قبل التفوُّه بها، وتشعرين أنَّك تسيرين بحذر وتأنٍّ على قشر بيض خوفًا من إثارة حفيظته بأي كلمة غير محسوبة، خاصَّة وأن طريقة غضبه وعواقبها غير متوقَّعة ولا مأمونة.
العنف
يستخدم زوجك العنف بنوعيه الجسدي والنفسي، ويعطي لنفسه الحقّ في الغضب معتقدًا أنَّه على صواب دائمًا وأنَّك تستحقِّين العقاب، إذا حاولت اتِّخاذ موقف حاسم ضدّه سينهار ويبكي ويعتذر حتى يحصل على موافقتك، ثم يعود من جديد لنفس طريقته القديمة وهكذا.
موقف الدّفاع الدائم
تكتشفين بعد خبرة في هذه العلاقة أنَّك في وضعيَّة دفاع دائمة، حتى لو لم يكن الموقف يستدعي أي تبرير، أو لو لم ترتكبي أي خطأ من الأساس. يعتمد زوجك على أسلوبه الهجومي الحادّ، ومباغتتك بالاسئلة وطلب التوضيحات والتفسيرات حتى لو لم يكن الأمر له علاقة بك. فتجدين نفسك تحضِّرين مسبقًا قائمة من المبرّرات لأي موقف مهما كان تافهًا وبلا قيمة، وهو سبب إضافي لشعورك بالضغط والتوتُّر والقلق الدائمين في هذه العلاقة.
التلاعب وعدم الوضوح
قد يخفي عنك زوجك تفاصيل دخله وخططه الماديَّة، وقد يخفي عنك قرارات مصيريَّة يعرفها عنه أخوته أو أقرب أصدقائه، وإذا عرفت عن طريق الصدفة قد ينكر أو يبدأ في التلاعب بالحقائق وتقديم معلومات مغلوطة أو يتعمَّد زيادة شعورك باللبس وعدم التأكُّد.
طلب الفرصة الثانية
وهي سمة مميَّزة ومتكرِّرة لهذا النمط من العلاقات، كما ذكرنا. إذا شعر زوجك أنَّه في خطر أو أنَّك على وشك الفكاك من قبضته سيبدأ في البكاء والانهيار والاعتذار، وسيعدك دائما بصفحة جديدة، وبأنَّه سيتغيَّر وسيصبح إنسانا جديدا، وسيغيِّر كل الصفات التي تزعجك. كل هذه الوعود وهميَّة تماما، وهي مجرَّد أسلحة لكسب الجولة ليس أكثر، وسرعان ما يعود لنفس النمط من الإساءات.
العلاج والتعافي من العلاقة السامَّة/ الزواج السامّ
هل يمكن علاج العلاقة السامَّة؟
هذا النوع من العلاقات مؤلم ومؤذي، وغالبًا ما تكون أضراره أكثر من فوائده، ولكن توجد الكثير من الأسباب التي تجعل من الصعب الانفصال من علاقة سامَّة، بعضها أسباب ماديَّة واجتماعيَّة أو متعلِّقة بالمسؤوليَّة خاصَّة في حالة وجود أطفال، أو لوجود عاطفة قويَّة ومشاعر حب ناحية الزوج، أو بسبب الخوف والشعور بالخزي أو الذنب. أو لأنَّ هناك نمط متكرِّر من الحبّ والإساءة والضغط ثمَّ الندم والاعتذار والحبّ، ثمَّ الإساءة والضغط وهكذا…
وفي أحيان أخرى قد تجعلك هذه العلاقة السامَّة تشعرين أنَّك السبب في هذا الوضع المؤلم. وأنك المعيبة، وأنَّ زوجك هو من يتحمّلك والأخطاء هي أخطاؤك أنت.
أيًّا كان الموقف عليك أن تقيِّمي بنفسك العلاقة. وتقرِّري ما إذا كانت تستحقّ محاولات التصحيح والعلاج أم أنَّ الهروب منها هو الحلّ السليم. وفي حالة أردت عمل محاولات للإصلاح وتصحيح المسار يفضَّل زيارة متخصِّص وطلب المساعدة.
كيف يمكن التعافي من العلاقة السامَّة؟
هذه مجموعة من الخطوات التي عليك الانتباه لها في حال كنت تخطّطين للهروب من العلاقة السامَّة والابتعاد بنفسك عنها:
- بناء شبكة دعم قويَّة من الأصدقاء والعائلة. الذين يعرفونك ويثقون بك، ويقدِّمون لك الدعم بدون لوم أو تجريح. وتشعرين معهم بالأمان والراحة دون الخوف من التجريح أو تقليل الاحترام.
- عمل خطَّة للاستقلال سواء المادّي بتأمين مصدر مستقل للدخل. أو للعيش بإيجاد بديل لمكان إقامة آمن ومناسب، أو حتى بالاستقلال بدائرتك الاجتماعيَّة الخاصَّة عوضًا عن دائرتكما المشتركة.
- اطلبي مساعدة متخصِّصة من خلال اللجوء للطبيب أو الإخصائي النفسي ليساعدك في التعافي النفسي من هذه المرحلة.
- توقَّفي عن الحديث مع الزوج السابق. وعن توقُّع الدعم أو الإصلاح من جانبه، خفِّضي توقّعاتك بشأن احتماليَّة تغيّره أو استقبال ردود فعل إيجابيَّة من جانبه.
- لا تخجلي من الحديث عمَّا حدث معك، أنت ضحيَّة ولست مذنبة. فلا تشعري بالخزي أو العار بسبب هذه المرحلة من حياتك، أنت الآن بصدد إعادة بناء نفسك.
- اعطِ نفسك الوقت الكافي اللازم للتغيير والتعافي. وكوني صبورة على هذه الرحلة التي لا تمرُّ بين يوم وليلة. ولكن تحتاج لكثير من المثابرة والدعم والحبّ حتى تمرّ بسلام.