صحَّة الفم وعلاقتها بالحياة الجنسيَّة

لا يجهل أحدنا أنَّ الفم هو أكبر بوابة للوصول إلى الجهازين الرئوي والهضمي، فما مدى تأثير صحَّة الفم على حياتك الزوجيَّة؟ وهل تساءلت أحد المرَّات عن العلاقة بين الفم ودرجة رضاك عن العلاقة الحميمة؟ هذا ما نوضحه، لكن بعد أن نتطرَّق إلى فهم العلاقة بين صحَّة الفم وسائر الجسم.

ما العلاقة بين صحَّة الفم وصحَّة الجسم؟

إنَّ الفم مليء بالفعل بحوالي 700 نوع من البكتيريا، من المؤكَّد أنَّ كثيرًا منها نافع يساعد في هضم الطعام وحماية اللثة، لكن هذا لا يمنع وجود أخرى ضارَّة وتُعد كوارث تنتظر فقط مكانًا لحدوثها، وفيما يلي بعض الاضطرابات الصحيَّة الناجمة عن سوء العناية بالفم، ومنها:

  • الجلطات الدمويَّة الصغيرة والنوبات القلبيَّة والتهاب شغاف القلب والسكتة الدماغيَّة:

وذلك بسبب انتقال البكتيريا التي تصيب اللثة وتسبِّب التهابها والتهاب دواعم الأسنان أيضًا إلى الأوعية الدمويَّة الموجودة في هذه المناطق من الجسم، مسبِّبةً التهابها وتلفها.

وما أيَّد هذا هو اكتشاف بقايا بكتيريا من تلك التي تتواجد بالفم داخل الأوعية الدمويَّة البعيدة عنه، علاوةً على أنَّ العلاج بالمضادَّات الحيويَّة، لم يُجدِ نفعًا في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويَّة في هذه الحالات، لأنَّ السبب الرئيس -الفم- لم يُعالَج.

  • في حالات الحمل قد تتسبَّب البكتيريا الموجودة بالفم في الولادة المبكِّرة، بالإضافة إلى انخفاض وزن المولود.
  • قد تنتقل بكتيريا الفم إلى الرئتين مسبِّبةً الالتهاب الرئوي وغيره من أمراض الجهاز التنفُّسي.

هل يؤثِّر التهاب اللثة ونزيفها على الصحَّة الجنسيَّة؟

كثيرٌ من الأزواج يتحيّرون حول العلاقة بين ما يعانون من التهاب اللثة ونزيفها المتكرِّر خاصةً عند غسل الأسنان، وبين حساسيَّة مشكلته التي تُعرف بضعف الانتصاب، لذا نوضح أنَّ الالتهاب المزمن الناجم عن أمراض اللثة، قد يؤدِّي إلى تلف الخلايا المبطِّنة للأوعية الدمويَّة، ولا سيما الموجودة في القضيب، ومن ثم يُصاب الزوج بضعف الانتصاب (Erectile Dysfunction – ED)، وذلك نظرًا لأنَّ حجم الأوعية الدمويَّة في القضيب يشكِّل حوالي 25 % من حجم الشرايين التاجيَّة إذا قورنت بها (الشرايين المسؤولة عن إمداد القلب بالأكسجين).

مضاعفات أمراض الفم من الناحية الجنسيَّة

كما نعرف جميعًا، أنَّ الجسد بنيان متكامل إذا أُصيب منه عضو تداعى له البقيَّة، ولا سيما الصحَّة الجنسيَّة التي تتأثَّر بالمشاكل الصحيَّة الناجمة عن أمراض الفم في عدَّة نقاط، مثلًا:

  • في حالة أمراض القلب والأوعية الدمويَّة، فإنَّ انسداد الشرايين وضعف الدورة الدمويَّة، يمكن أن يؤدِّي إلى ضعف الانتصاب لدى الأزواج، وانخفاض الرغبة الجنسيَّة للزوجين.
  • كما يمكن أن يؤدِّي ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول إلى تقليل تدفُّق الدم إلى الأعضاء التناسليَّة، وبالتالي تقليل الشعور بالإثارة ورغبة الزوجين في إتمام العلاقة الحميمة والتمتُّع بها.
  • أما بالنسبة للالتهاب الرئوي، فإنَّه يمكن أن يؤدِّي إلى ضعف التنفُّس والشعور المزمن بالتعب والإجهاد المزمن، ومن ثمَّ الخمول والتكاسل عن العلاقة الحميمة.

ولا يتوقَّف الأمر عند ذلك، بل إنَّ المشكلة تبدأ مع أولى خطوات العلاقة الحميمة وهي المداعبة والتقبيل بين الزوجين، إذ تتسبَّب التهابات اللثة إلى عدَّة مشاكل، من أبرزها:

  • جفاف الفم، علاوةً على رائحته الكريهة، ممَّا قد يدفع الزوجين إلى النفور من بعضهما.
  • تجنُّب الجنس الفموي، لأنَّه افتقد الأمان والراحة.

ما المقصود بالجنس الفموي؟

يعني الجنس الفموي أن يستخدم أحد الزوجين الشفتين أو اللسان لتحفيز المناطق الحسَّاسة (القضيب والخصيتين، أو حلمات الثدي والمنطقة المحيطة بالمهبل) لدى الطرف الآخر واستثارتها سعيًا لبلوغ النشوة وتحقيق الرضا عن العلاقة الحميمة.

هل الجنس الفموي آمن؟

لعلَّ هذا التساؤل قد تبادر إلى ذهنك بعد أن علمت بضرورة توخِّي الحذر في حال إصابة الفم أو اللثة بأيِ من المشاكل الصحيَّة، لكن لا داعي للقلق فكلَّما اهتمَّ الزوجان بالعناية بالفم والأسنان كان الجنس الفموي آمنًا إلى حدٍّ كبير، لكن الإصابة ببعض أنواع العدوى يظلّ احتمالًا قائمًا ولو بنسبة ضئيلة، ومن أبرزها:

فيروس الورم الحليمي البشري (HPV):

يصيب الجلد والأغشية المخاطيَّة في المناطق الحسَّاسة في الجسم مثل الأعضاء التناسليَّة، ومنطقة الشرج، ومن أبرز أعراضه ظهور الزوائد والثآليل (بثور صغيرة مستديرة تشبه حبَّة الحمص).

الهربس (Herpes virus):

وتحديدًا الهربس التناسلي، وهو من الأمراض الفيروسيَّة المزعجة التي تظهر في صورة حويصلات تستشري في المنطقة التناسليَّة والشرج، وتلتهب ليتحوَّل ما بداخلها إلى صديد بالإضافة إلى ذلك يسبِّب الحمَّى والإعياء.

داء السيلان، أو ما يعرف بالإنجليزيَّة باسم “Gonorrhea”:

وهو عدوى بكتيريَّة تصيب الأغشية المخاطيَّة سببها بكتيريا Neisseria gonorrhoeae التي تنتقل عن طريق الاتِّصال الجنسي لتستقر في المنطقة التناسليَّة والمستقيم ومجرى البول في كلا الجنسين.

تسبِّب العدوى بالسيلان أعراضًا مثل؛ الحكَّة والحرقة عند التبوُّل والتورُّم والإفرازات غير الطبيعيَّة. ويمكن أن تؤدِّي إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب الحوض والعقم عند النساء، والتهاب البروستاتا والعقم عند الرجال.

التهاب الكبد الوبائي ب (HBV):

يمكن أن ينتقل فيروس التهاب الكبد الوبائي ب بين الزوجين عن طريق الاتِّصال الجنسي المباشر. أو عن طريق الدم أو السوائل الجسديَّة الأخرى مثل اللعاب والسائل المنوي والإفرازات المهبليَّة مسبِّبًا الحمَّى والغثيان والقيء. وقد يتطوَّر الأمر مع الإهمال إلى الفشل الكبدي، أو سرطان الكبد.

مرض الزهري:

هو عدوى بكتيريَّة تسبِّبها بكتيريا الزهريات (Treponema pallidum)، ويصيب كلا الجنسين في أي مرحلة عمريَّة على حدٍّ سواء.

تظهر أعراضه عادةً في غضون بضعة أسابيع إلى شهرين من الإصابة. وتشمل الحمَّى والطفح الجلدي وتورُّم العقد اللمفاويَّة والتهاب الغشاء المخاطي للفم والأعضاء التناسليَّة. ويمكن أن يتطوَّر مسبِّبًا مضاعفات مثل التهاب المفاصل والتهاب الدماغ والأوعية الدمويَّة والعينين، وفي النهاية يمكن أن يؤدِّي إلى الموت.

كيفيَّة الوقاية من مخاطر الجنس الفموي

يمكن اتِّباع النصائح التالية في حال أراد الزوجان تجربة الجنس الفموي مع الحرص على الوقاية من كافة مضاعفاته:

  • استخدام واقي ذكري خلال الجنس الفموي للحدِّ من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًّا.
  • إجراء فحوصات دوريَّة للكشف عن الأمراض المرتبطة بالجنس الفموي، والتأكُّد من عدم الإصابة بها.
  • الحرص على تنظيف الأسنان واللثة واللسان بانتظام للحدِّ من خطر التعرُّض لهذه الأمراض.
  • الكشف المبكِّر في حال ملاحظة أي أعراض غريبة خاصَّةً في المناطق التناسليَّة. والتأكُّد من الحصول على العلاج اللازم في الوقت المناسب.
  • تولية المنطقة التناسليَّة عناية فائقة، لأن النظافة المستمرَّة هي أسهل طرق الوقاية من أي مشكلات صحيَّة.
  • تجنُّب غسل الأسنان بالفرشاة قبل العلاقة الحميمة. لأنَّ ذلك قد يسبِّب جروحًا من شأنها أن تزيد من فرصة الإصابة بالعدوى، ويمكن الاكتفاء بغسول الفم.

أما عن كيفيَّة العناية بصحَّة الفم والأسنان، فيمكن اتباع النصائح التالية:

  • تنظيف الأسنان بعد كل وجبة باستخدام فرشاة أسنان ناعمة ومعجون يحتوي على الفلورايد.
  • التقليل من تناول السكّريات والحلويَّات والمشروبات الغازيَّة للحدِّ من خطر تسوُّس الأسنان.
  • استخدام الخيط الطبِّي لتنظيف ما بين الأسنان وحول اللثة.
  • زيارة طبيب الأسنان بانتظام لفحص الأسنان وتنظيفها والكشف عن أي مشاكل صحيَّة.
  • تنظيف اللِّسان بلطف باستخدام مسحة اللِّسان للحدِّ من تراكم البكتيريا والروائح الكريهة.
  • الإقلاع عن التدخين.
المصدر
Reviewed by mayo clinic medical professionals, myoclinic - 2021 April 22, 2021 By Robert H. Shmerling, MD, Senior Faculty Editor, Harvard Health Publishing; Editorial Advisory Board Member, Harvard Health Publishing Written by WebMD Editorial Contributors Medically Reviewed by Gabriela Pichardo,wbMD on July 02, 2023
اظهر المزيد

اسراء سامي

إسراء سامي هي خبيرة في مجال صناعة المحتوى، حازت على درجة البكالوريوس في المجال الطبي. تتميز بخبرتها الواسعة في كتابة المحتوى العلمي والثقافي المتنوع. اهتمامها البارز ينصب في القضايا الصحية وشؤون المرأة، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية. تتقن كتابة مقالاتها باللغة العربية، مستندة إلى خلفيتها العلمية، بهدف تقديم معرفة قيمة وموثوقة للقراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية