ناسور الولادة؛ هل هو كابوس مهدِّد للحياة؟

اقرأ في هذا المقال
  • ما المقصود بالناسور؟ وما هو ناسور الولادة؟
  • أنواع ناسور الولادة
  • عوامل تزيد خطر الإصابة بناسور الولادة
  • أعراض ناسور الولادة
  • مضاعفات ناسور الولادة على المرأة نفسيًّا واجتماعيًّا
  • كيف يمكن علاج ناسور الولادة؟
  • هل يمكن الوقاية من ناسور الولادة؟

تتمنَّى كل سيِّدة حامل أن تمرَّ عمليَّة ولادتها بأمان، وتخرج وطفلها من غرفة العمليَّات بصحَّة وعافية دون المرور بأي مضاعفات للعمليَّة، وأن تظل بمنأى عن أي مشكلة قد تهدِّد ولادتها ولا سيما ما يُعرف بناسور الولادة، فما هي تلك المشكلة الصحيَّة؟ وما أسبابها؟ وهل لها علاج؟ .. في مقالنا اليوم تتعرَّفين على كافة التفاصيل حول ناسور الولادة.

ما المقصود بالناسور؟ وما هو ناسور الولادة؟

يُقصد بمصطلح “الناسور – Fistula” بصفة عامَّة وجود اتِّصال غير طبيعي بين منطقتين في الجسم عن طريق ما يشبه النفق أو الفتحة الصغيرة.

تظهر الإصابة بناسور الولادة بنسبة أكبر في الدول النامية لكونها تفتقر للعناية الطبيَّة الصحيحة، فنجد أنَّ السيِّدة الحامل تدخل في آلام المخاض لساعات طويلة دون أن تتلقَّى الرعاية الطبيَّة اللازمة للتخفيف من آلامها ومساعدتها في عمليَّة الولادة.

ويُعدُّ هبوط رأس الجنين إلى منطقة الحوض -عند الأم- في الولادة الطبيعيَّة إحدى مراحل المخاض المهمَّة؛ إذ يشكِّل الجنين ضغطًا على نسيج هذه المنطقة محاولًا الخروج عبر المهبل؛ لكنه إن لم يتمكَّن من الخروج فذلك يكون سببًا كافيًا لإصابة الأم بناسور الولادة إثر الضغط الشديد الذي تتعرَّض له أنسجة الحوض الداخليَّة؛ ممَّا يدفعها للالتصاق بعظام الحوض، ومن ثم يقلّ تدفُّق الدم تدريجيًّا إليها مسبِّبًا تلفها وموتها (Necrosis) ومن هنا تنثقب لتصل بين منطقتين مختلفتين.

أنواع ناسور الولادة

قد يحدث الانثقاب بين المهبل وواحد من الأنسجة المحيطة به؛ لذا تتعدَّد أنواع ناسور الولادة (Obstetric fistula) لتشمل ما يلي:

  • الناسور المثاني المهبلي (VVF)، بين المثانة والمهبل.
  •  الناسور الإحليلي المهبلي (UVF)، بين مجرى البول (مخرج المثانة) والمهبل.
  •  الناسور المستقيمي المهبلي (RVF)، بين المستقيم والمهبل.
  •  الناسور الحالبي المهبلي، بين الحالب (أنابيب الكلى) والمهبل.
  •  الناسور المثاني الرحمي، بين المثانة والرحم (الرحم)

 ومن المؤسف أنَّه في بعض الأحيان قد تُصاب السيِّدة بأكثر من نوع في الوقت نفسه.

عوامل تزيد خطر الإصابة بناسور الولادة 

لا تقتصر أسباب أو عوامل الإصابة بناسور الولادة على ما يسبِّبه الجنين العالق في الحوض من ضغط على نسيج المنطقة فقط؛ بل إنَّ هناك عوامل أخرى قد يكون لها دور في زيادة احتماليَّة الإصابة بناسور الولادة، ومنها:

  • مخاض الولادة الطبيعيَّة المتعسِّرة الذي يستمرّ لعدَّة أيَّام دون تدخُّل طبِّي عاجل، وفيها يكون رأس الطفل أكبر من موضع خروجه من المهبل (Cephalopelvic disproportion)، أو بسبب ضيق الحوض لعدَّة أسباب، منها:
  • سوء تغذية الأم منذ الصغر ونقص بعض العناصر المهمَّة من جسمها مثل الكالسيوم وفيتامين د.
  • غياب ثقافة ممارسة الرياضة في هذه البلدان إثر الفقر والانشغال بتوفير قوت اليوم.
  • الزواج والحمل المبكّران؛ أي في سنٍّ صغيرة تفتقر فيها المنطقة التناسليَّة للزوجة النمو والنضوج الكامل.
  • وضع الجنين واتِّجاه رأسه لا يسمح بالولادة الطبيعيَّة.

أعراض ناسور الولادة

يصف بعض المتخصّصين ناسور الولادة بالكابوس لأنَّه يحوِّل حياة الأم إلى كابوس حقيقي تعاني فيه من عدد من الأعراض المزعجة والمحرجة أيضًا، وعلى رأسها سلس البول أو تسرُّب البراز إلى الخارج باستمرار، ممَّا يعني أنَّ السيِّدة تعاني من الاتِّساخ والرائحة الكريهة طول الوقت، وهذا لا شكّ يضعها في حرج ويجعلها أكثر عُرضة للإصابة بالمزيد من المضاعفات، مثل:

  • الإصابة بأنواع مختلفة من العدوى.
  • الجفاف.
  • أمراض الكلى، مثل:
  • التهاب الحويضة والكليَّة (Chronic pyelonephritis).
  • موه الكلى (Hydronephrosis).
  • حصوات الكلى.
  • الفشل الكلوي.
  • حصوات المثانة.
  • تقرُّح الأعضاء التناسليَّة.
  • تلف الأنسجة المهبليَّة؛ ممَّا يجعل الجماع بعد ذلك يكاد يكون مستحيلًا (عسر الجماع).
  • التهاب الحوض.
  • انقطاع الطمث؛ ومن ثم العقم الثانوي (2ry. Infertility).
  • التهاب عظم العانة.
  • تلف أعصاب منطقة الحوض، وفقدان القدرة على التحكُّم بالنصف السفلي من الجسم بمرور الوقت.

مضاعفات ناسور الولادة على المرأة نفسيًّا واجتماعيًّا

تتسبَّب الأعراض التي تعاني منها المرأة المصابة بناسور الولادة من سوء الرائحة وكآبة المنظر في معاناتها من المزيد من المشاكل النفسيَّة والاجتماعيَّة، ومنها:

  • الشعور بالحرج الشديد الذي يحول بينها وبين زيارة الطبيب لاتِّخاذ ما يلزم نحو العلاج.
  • التوتُّر والقلق المزمن، وقد يصل الأمر إلى الاكتئاب.
  • تجنّب تعامل المجتمع معها، محِّولين مرضها لوصمة عار.
  • استبعادها من أي شعائر دينيَّة باعتبارها نجسة.
  • إذا كانت من منطقة نائية أو صحراويَّة يتم تحصيل الماء فيها بعد قطع أميال، فلن يهدروا الماء في مساعدتها في تنظيف نفسها، ممَّا يزيدها مرضًا.
  • عدم قدرتها على إتمام العلاقة الحميمة إثر الأضرار المهبليَّة والندوب الناجمة عن التقرُّحات يجعلها عُرضة للطلاق في كل لحظة، أو قد يتركها زوجها فريسة للفقر والمرض دون أن يبالي.
  • هنَّ الأكثر عُرضة للإيذاء النفسي بالسباب والشتائم في هذه المجتمعات جرَّاء أعراض ناسور الولادة.
  • لا تستطيع تحصيل أي وظيفة تعينها على أعباء الحياة.

كيف يمكن علاج ناسور الولادة؟

إنَّ التدخُّل الجراحي هو الحلّ الوحيد للتخلص من ناسور الولادة؛ إذ يتمكَّن الطبيب المختصّ من خلاله أن يُعيد التشريح الطبيعي لمنطقة الحوض مرَّة أخرى، وذلك تحت تأثير التخدير الكلِّي.

وبرغم أنَّ العلاج ممكن ومتوفِّر إلا إنَّ هناك تحديات أخرى تواجه هؤلاء السيِّدات، وهي:

  • كونهن من مناطق نائية أو فقيرة فقد لا تعرف كثير منهن أنَّ العلاج ممكن.
  • قد لا تستطيع أغلبهن تحمُّل تكاليف العلاج.
  • قد لا يتمكنّ من الوصول إلى مراكز الرعاية المتخصِّصة في علاج ناسور الولادة.
  • افتقار مثل هذه المناطق إلى الجرَّاحين المتخصّصين، أو عدم توافر الأدوات الطبيَّة اللازمة لإتمام الإجراء.

لذا من المؤسف أن نقول إنَّه برغم ما وصل إليه العالم من تطوُّر في شتَّى المجالات -ولا سيما القطاع الطبِّي- ما تزال هناك مصابات بناسور الولادة يمكن أن يمتن دون أن يبدأن العلاج أصلًا.

هل يمكن الوقاية من ناسور الولادة؟

إنَّ الوقاية هي المفتاح السرِّي للقضاء على ناسور الولادة، وذلك عن طريق:

  • توفير التغذية الصحيَّة الجيِّدة للبنات والفتيات منذ الصغر؛ لضمان نموّهن بصورة طبيعيَّة، ومن ثمّ تحمُّل مسؤوليَّات الزواج من علاقة حميمة وحمل وولادة دون التعرُّض لمشكلات صحيَّة كبيرة مثل ناسور الولادة.
  • الاهتمام بتوعية الفتيات والسيِّدات حول ما يخصُّ صحَّة المرأة، وتعزيز قيمة دورهن في المجتمع.
  • توفير مراكز صحيَّة متخصِّصة، بالإضافة لخدمات تنظيم الأسرة.
  • الاستعداد الكامل لعمليَّة الولادة والتأكُّد من توافر كافة الاحتياطات لتغطية أي طوارئ، أو الحاجة للتدخُّل القيصري العاجل.

في النهاية، قالوا في الأثر من كتم داءه مات به؛ لذا إن كنتِ حاملًا تقرأين مقالنا من إحدى الدول النامية وتشكّين في إصابتكِ بناسور الولادة، فلا تتردَّدي أبدًا في طلب العلاج من أقرب متخصِّص لكِ، وتأكَّدي إنَّه لا يوجد ما يدعو للحرج، إذ يؤسفنا أن نقول لكِ إنَّ شعورًا كهذا سيكلفكِ حياتك، ومن قلوبنا نتمنَّى لكِ الشفاء العاجل.

المصدر
UNFPA, Last updated 23 may 2022WHO, 19 feb. 2018Obstetric Fistula Guiding principles for clinical management and programme development
اظهر المزيد

اسراء سامي

إسراء سامي هي خبيرة في مجال صناعة المحتوى، حازت على درجة البكالوريوس في المجال الطبي. تتميز بخبرتها الواسعة في كتابة المحتوى العلمي والثقافي المتنوع. اهتمامها البارز ينصب في القضايا الصحية وشؤون المرأة، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية. تتقن كتابة مقالاتها باللغة العربية، مستندة إلى خلفيتها العلمية، بهدف تقديم معرفة قيمة وموثوقة للقراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى