السرطان أثناء الحمل: تعرَّف على تبعاته والآثار المترتِّبة عليه؟
على الرغم من كون السرطان تجربةً قاسية، إلا أنَّ الإصابة به أثناء الحمل من شأنه أن يضاعف من قسوة تلك التجربة، إذ إنَّ التأثيرات النفسيَّة التي يتركها المرض على الأُمّ تتضاعف خوفًا على جنينها الذي لم يرَ النور بعد.
وفي هذا الملف نُجيب لكم عن كافة الأسئلة المتعلِّقة بالإصابة بالسرطان أثناء الحمل، ونتناول بشيءٍ من التفصيل كافَّة ما يتعلَّق بتبعات المرض على الصحَّة الجسديَّة والنفسيَّة للأُمّ، وسُبل التعامل معها.
ما احتمالات حدوث السرطان أثناء الحمل؟
يُعدُّ السرطان أثناء الحمل حدثًا نادرًا، إذ تُصاب به سيَّدةٌ واحدة تقريبًا لكل 1000 حالة حمل سنويًّا، أي ما يعادل 0.07% إلى 0.1% من نسبة جميع الأورام الخبيثة، وتشمل أكثر الأورام الخبيثة انتشارًا وارتباطًا بالحمل تنازليًّا: سرطان الجلد وسرطان الثدي وسرطان عنق الرَّحم والأورام اللمفاويَّة وسرطان الدم. (1)
ما أعراض الإصابة بالسرطان أثناء الحمل؟
يُعدُّ تشخيص السرطان أثناء الحمل أمرًا بالغ الصعوبة، إذ يحدث تداخل ما بين أعراض السرطان وأعراض الحمل ذاته، وهو الأمر الذي يُصعِّب مهمَّة الطبيب في اكتشاف الإصابة، بالإضافة إلى هذا فإنَّ المخاوف بشأن تعرُّض الجنين إلى مخاطر الفحوصات المتعلِّقة بكشف السرطان مثل الإشعاعات المؤيَّنة والإجراءات الجراحيَّة والإجراءات التخديريَّة، من شأنها أن تمنع الأطبَّاء عن التأكُّد من التشخيص وفحص الأعراض بدقَّة. (1)
ما سُبُل تشخيص السرطان أثناء الحمل؟
يُعدُّ تشخيص السرطان أثناء الحمل – كما أسلفنا – أمرًا بالغ الخطورة، لهذا السبب يُفضِّل الأطبَّاء عدم إجراء فحوصات السرطان في تلك المرحلة حفاظًا على صحَّة الجنين إلا في حالات محدَّدة، وخاصَّةً التشخيص من خلال الإشعاع. (2)
وفي حالة الفحص بالإشعاع خلال الشهور الثلاثة الأولى من الحمل يتطلَّب الأمر القيام بحقن الجسم بمادةٍ كيميائيَّة قبل الاختبار، وتشمل أهمّ الفحوصات التشخيصيَّة التي قد يُضطرُّ الطبيب إلى إجرائها خلال فترة الحمل لتشخيص الإصابة بالسرطان ما يلي: (2)
أوَّلًا – الفحص بالأشعَّة السينيَّة:
يُعدُّ الفحص بالأشعة السينيَّة (بالإنجليزيَّة: Mammograms x-rays) واحدًا من الطرق الفعَّالة لتشخيص الإصابة بسرطان الثدي لدى السيِّدات الحوامل، إذ إنَّه أكثر أمانًا من الفحص بأنواع الأشعَّة الأخرى، وهو عادةً ما يتميِّز بنسبة الإشعاع البسيطة دونًا عن غيره، وعادةً ما يُستخدم لملاحظة أي تكتُّلات ناشئة في عدد من الأعضاء، مثل: الكبد، الكلى، المبيضين، الثديين أثناء الحمل. (2)
ثانيًا – الفحص بالرنين المغناطيسي:
الفحص بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزيَّة: Magnetic resonance imaging MRI) هو أحد فحوصات السرطان الآمنة أثناء الحمل، سواءً من خلال حقن مادةٍ كيميائيَّة في الجسم قبل الفحص، أو دون حقنها، وتُسمَّى المادة الكيميائيَّة المُستخدمة في هذه الحالة: الجادولينيوم (بالإنجليزيَّة: Gadolinium)، لكن أثبتت الدراسات احتماليَّة الإصابة بتشوُّهات الأجنَّة في حالة استخدام الجادولينيوم. (2)
ثالثاً – الفحوصات النوويَّة:
تُستخدم فحوصات الطبّ النووي للعظام من أجل الكشف عن علامات انتشار السرطان إلى العظام، وتُعدُّ كميَّة الإشعاع المُستخدمة في فحص العظام صغيرة نسبيًّا، وهو من الاختبارات الآمنة بشكلٍ عام أثناء الحمل، بالإضافة إلى فحص الغدَّة الدرقيَّة نوويًّا للكشف عن سرطان الغدَّة الدرقيَّة، ولا يُنصح عادةً بهذا الاختبار خلال الأسابيع الـ 12 الأولى من الحمل بسبب اليود المشعّ. (2)
رابعًا – التصوير المقطعي المُحوسب:
التصوير المقطعي المُحوسب (بالإنجليزيَّة: PET scans and computed tomography) هو أحد أنواع فحوصات السرطان التي تُجرى خلال الحمل، على الرغم من أنَّه لا يُنصح بها إلا في حالاتٍ نادرة، نظرًا لمدار الإشعاع الكبير الذي يتعرَّض له المولود أثناء الفحص. (2)
خامسًا – الخزعة:
عادةً ما يتمّ اللُّجوء لعمل الخزعة أثناء الحمل بعد إجراء الفحوصات السابقة أحدها أو بعض منها، واكتشاف وجود كتلة صلبة، في هذه الحالة تؤخذ الخزعة لفحصها والتأكُّد من عدم وجود خلايا سرطانيَّة، وتتمّ من خلال قطع عيِّنة صغيرة من الخلايا المُراد التأكُّد منها وفحصها في المختبر. (2)
هل من الآمن الحصول على علاج السرطان أثناء الحمل؟
يندرج علاج السرطان أثناء الحمل ضمن العلاجات غير الآمنة في كثيرٍ من الأحيان، إذ وجد أنَّ العلاج الكيميائي له آثار جانبيَّة محدودة على الجنين إذا تمَّ إعطاؤه في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل، ولكنَّهُ ليس آمنًا في الأشهر الثلاثة الأولى. (2)
أمَّا بالنسبة للعلاج الإشعاعي، فهو من العلاجات الخطيرة أثناء الحمل، إذ يستخدم الأشعة السينيَّة عالية الطاقة لتدمير الخلايا السرطانيَّة، الأمر الذي قد يُشكِّل خطرًا على حياة الجنين، وذلك اعتمادًا على جرعة الإشعاع ومنطقة الجسم التي تحتاج إلى علاج. (3)
وعند الحديث عن علاج السرطان أثناء الحمل، يُمكننا تقسيم العلاجات المتاحة للسرطان وفقًا لما يلي: (3)
أوَّلًا – المسار الجراحي: حيث يستأصل الأطبَّاء الورم وبعض الأنسجة المحيطة به، ويعدُّ العلاج الأكثر أمانًا للسرطان خلال الحمل.
ثانيًا – العلاجات الدوائيَّة: تُستخدم العلاجات الدوائيَّة لتدمير الخلايا السرطانيَّة، وتشمل فترات استخدام العلاج الكيميائي المسموح بها أثناء فترة الحمل ما يلي:
- خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل: ينطوي العلاج الكيميائي على خطر حدوث عيوب خلقيَّة أو فقدان الحمل خلال الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، وذلك عندما تكون أعضاء الجنين ما تزال في طور النمو.
- خلال الثلث الثاني والثالث من الحمل: يمكن للأطبَّاء إعطاء عدَّة أنواع من العلاج الكيميائي مع انخفاض المخاطر على الجنين خلال الثلث الثاني والثالث من الحمل، إذ تعمل المشيمة كجدار يحمي الطفل لمنع مرور بعض الأدوية عبرها.
ما الأسئلة التي ينبغي أن تطرحيها على طبيبك؟
أثناء الذهاب لزيارة الطبيب للاطِّلاع على حالة السرطان لديك أثناء الحمل، فمن الضروري طرح مجموعة من الأسئلة التي يمكنك من خلالها استيضاح وضعك الصحِّي وسبل العلاج المتاحة لك، وتشمل:
- ما مدى خبرتك في علاج النساء الحوامل المصابات بالسرطان؟
- كيف سيكون التعاون مع طبيب التوليد الخاص بي؟
- هل أحتاج إلى إجراء أي فحوصات لمعرفة المزيد عن السرطان؟
- هل يمكن أن يكون هناك خطر على طفلي من هذه الفحوصات؟
- ما هي خيارات علاج السرطان المتاحة بالنسبة لي؟
- ما هي خطَّة العلاج الأفضل؟ ولماذا؟
- هل أحتاج إلى بدء العلاج فورًا أم يجب الانتظار؟
- هل من الآمن مواصلة الحمل؟
- هل سيؤثِّر علاج السرطان على صحَّة طفلي؟
