متلازمة تيرنر؛ الأسباب والأعراض وسُبُل العلاج
- ما هي متلازمة تيرنر؟
- كيف تؤثِّر متلازمة تيرنر على الإناث؟
- لماذا تُصيب متلازمة تيرنر الإناث؟
- تأثير متلازمة تيرنر على أجهزة الجسم المختلفة
- هل يمكن تشخيص متلازمة تيرنر خلال الحمل؟
- ماذا عن تشخيص متلازمة تيرنر بعد الولادة؟
- هل يمكن علاج متلازمة تيرنر؟
نرث جميعًا -ذكورًا وإناثًا- صفاتنا الوراثيَّة من الأبوين بالمناصفة، أي نصفها من الأُمّ والنصف الآخر من الأب، وتحمل كل خليَّة من خلايا الجسم المادَّة الوراثيَّة كاملةً في هيئة كروموسومات عددها 46 كروموسومًا، من بينهم زوج مسؤول عن تحديد النوع، فيكون في الإناث (44 كروموسوما + كروموسومان XX)، بينما يحمل الذكور نفس العدد بالإضافة إلى الكروموسومين (XY)، لكن تُرى ما الذي يحدث في متلازمة تيرنر؟ وهل تصيب الجنسين؟ .. هذا عين ما نتناوله في مقالنا اليوم.
ما هي متلازمة تيرنر؟
هي اضطراب أو طفرة جينيَّة نادرة تولد بها واحدة من كل 2000 إلى 2500 أنثى، ولا تظهر إلا في الإناث بسبب فقدان أحد الكروموسومين (XX) كليًّا أو جزئيًّا كما أشار هنري تيرنر ورفاقه في عام 1937.
كيف تؤثِّر متلازمة تيرنر على الإناث؟
يختلف تأثير متلازمة تيرنر وما تسبِّبه من أعراض بين حالةٍ وأخرى، إذ يكاد يكون غير ملحوظ في بعض الحالات بينما يظهر واضحًا جليًّا في حالات أخرى، وقد تبدأ خفيفة أو تتأخَّر إلى مرحلة المراهقة أو البلوغ، ثمَّ تتفاقم تزامنًا مع التقدُّم في العمر، ومن أهمِّ أعراض متلازمة تيرنر:
قبل الولادة:
قد يلاحظ طبيب النساء والتوليد عند فحص الأُمّ الحامل بالموجات فوق الصوتيَّة (السونار)، بعض الأعراض التي تشير إلى احتماليَّة إصابة الجنين بمتلازمة تيرنر، ومنها:
- ظهور سوائل متجمِّعة عند نهاية الرقبة.
- وجود تشوُّهات في القلب.
- نموّ الكُلى بصورة غير طبيعيَّة.
بعد الولادة (في مرحلة الرّضاعة):
تلاحظ الأُمّ في هذه المرحلة على طفلتها بعض العلامات المثيرة للقلق، وهي ممَّا يميِّز متلازمة تيرنر، ومن بينها:
- الرقبة العريضة التي توصف بالمُجنَّحة.
- انخفاض الأذنين عن مستواهما الطبيعي على الرأس أو تمدُّدهما.
- تباعد الحلمتين أكثر من المألوف.
- ارتفاع سقف الحلق.
- تورُّم الأطراف، وقصر الأصابع، وصغر حجم الأظافر.
- تراجع خطّ الشعر في الجهة الخلفيَّة للرأس.
- صدر منتفخ يشبه صدر الحمام.
- طول أقل من الطول الطبيعي عن الولادة.
- بطء معدَّل النمو إذا قورن بالمعدَّلات الطبيعيَّة.
- اضطرابات القلب والتنفُّس إذا ولدت الطفلة بعيوب خلقيَّة في القلب.
من الطفولة إلى المراهقة:
تبرز الأعراض والعلامات المُصاحبة لمتلازمة تيرنر في هذه المرحلة، وتشمل:
- قِصَر واضح في القامة لا يتناسب مع المرحلة العمريَّة، ويعدُّ السمة الرئيسيَّة لمتلازمة تيرنر وعادةً ما يتَّضح في سن الخامسة ولا يزيد عن 145 سم عند البلوغ أي أقل من متوسّط الطول بنحو 20 سنتيميترًا.
- تعطُّل قفزات النموّ المتوقَّعة في مرحلة الطفولة.
- غياب التغيُّرات الجسديَّة المرتبطة بمرحلة البلوغ، فقد لا ينمو الثدي دون علاج هرموني، ممَّا يعني تأخُّر التطوُّر الجنسي المرتبط بالمرحلة.
- قصور في نشاط المبيضين أو فشل قد يؤدِّي إلى انقطاع الطمث مبكّرًا أو عدم نزوله أصلًا، ومن ثم عدم القدرة على الإنجاب بصورة طبيعيَّة أو الإصابة بالعقم.
- انخفاض مستويات هرمونات الأنوثة، من بينها الإستيروجين.
لماذا تُصيب متلازمة تيرنر الإناث؟
لم يتمكَّن الباحثون والمتخصِّصون في علوم الوراثة من معرفة السبب الحقيقي وراء الطفرة التي تصيب أحد الكروموسومين (XX) أو تسبِّب غيابه بالكامل، لكنَّهم قسَّموا المتلازمة إلى عدَّة أنواع وفقًا للتغيُّرات التي تطرأ على الكروموسومين المذكورين، وتتضمَّن هذه الأنواع:
- أُحادي الصبغة (Monosomy X)
وهي الحالة التي تحمل فيها الخلايا كروموسوم (X) واحد فقط بينما يغيب الثاني نهائيًّا. وتمثِّل هذه الحالة 45% من المصابات بمتلازمة تيرنر.
- متلازمة موزاييك تيرنر (Mosaic turner syndrome)
تشغل ما يقرب 30% من نسبة المصابات بالمتلازمة، وتُعرف أيضًا بالفُسيفساء الجينيَّة وذلك وصفًا لما يحدث في الخلايا، إذ تحمل بعضها الكروموسومين كاملين، بينما يغيب أحدهما عن خلايا أخرى.
- متلازمة تيرنر الوراثيَّة (Inherited Turner syndrome)
في حالات نادرة قد يحدث خلل في المادة الوراثيَّة التي يحملها الحيوان المنوي أو البويضة، بحيث تحتوي كلّ الخلايا على نسختين من الكروموسوم X لكن إحداهما كاملة، والأخرى قد تغيَّرت لسبب غير معروف.
تأثير متلازمة تيرنر على أجهزة الجسم المختلفة
من المؤسف أن نقول إنَّ تأثير متلازمة تيرنر السلبي يمتدّ ليصل إلى أجزاء الجسم المختلفة، مثل:
- اعتلالات القلب والأوعية الدمويَّة.
- ارتفاع ضغط الدم.
- ضعف السمع وقد ينتهي الأمر بفقدانه.
- اضطراب الرؤية وحركة العين.
- تشوُّهات في الكليتين.
- اضطرابات المناعة الذاتيَّة، مثل قصور الغدَّة الدرقيَّة المعروف باسم (هاشيموتو).
- انحناءات العمود الفقري (الجنف) أو تقوّسه لأعلى فيصير أحدب، فضلًا عن هشاشة العظام.
- صعوبات التعلُّم الدراسي، خاصَّةً علوم الرياضيات وما يتعلَّق بالذاكرة والانتباه، بالإضافة إلى تحدِّيات الانخراط في المجتمع، وصعوبة التصرُّف في المواقف المختلفة.
هل يمكن تشخيص متلازمة تيرنر خلال الحمل؟
نعم، إذ يمكن للمتخصِّصين اكتشاف إصابة الجنين بمتلازمة تيرنر عن طريق إجراء واحد أو أكثر من الفحوصات التالية:
- فحص الحمض النووي الخالي من الخلايا، إذ يمكن اكتشاف التشوُّهات في كروموسومات معيَّنة لدى الجنين من خلال سحب عيِّنة دم من الأُمّ.
- الموجات فوق الصوتيَّة (السونار) خلال متابعات الحمل.
- الفحص الجيني (genetic test) أو تحليل الكروموسومات المعروف بالتنميط النووي (chromosome analysis – Karyotyping) عن طريق:
- أخذ عيِّنة من السائل المُحيط بالجنين (Amniocentesis – السائل السَّلَوي أو الأُمّنيوسي)، لفحص ما يتسرَّب فيه من خلايا الجنين وراثيًّا، ويُجرى عادةً بعد مرور ثلاثة أشهر ونصف من عمر الحمل.
- أخذ عيِّنة من نسيج المشيمة (الزغابات المشيميَّة – chorionic villus) إذ تحمل نفس المادَّة الوراثيَّة للجنين ومن ثمَّ يمكن فحصها في أحد مختبرات الوراثة في الفترة بين 11 إلى 14 أسبوعًا من الحمل.
ماذا عن تشخيص متلازمة تيرنر بعد الولادة؟
يُعدُّ الفحص الجيني وتحليل الكروموسومات هما الفحصين القادرين على تأكيد الإصابة بمتلازمة تيرنر، بالإضافة إلى ما يلاحظه الطبيب من أعراض.
هل يمكن علاج متلازمة تيرنر؟
في الحقيقة لا يمكن علاج متلازمة تيرنر بصورة نهائيَّة، أي إنَّه لا يمكن إصلاح ما يحدث من عيوب في الكروموسوم X أو تعويض غيابه في الخلايا، لكن العلاج يعتمد في المقام الأوَّل على التعامل مع الأعراض الظاهرة والتي تختلف بين حالة وأخرى -كما أشرنا سلفًا- ومن ثم يصف الطبيب العلاجات المناسبة لكلِّ حالة على حدة، وعلى رأسها:
أوَّلًا العلاج الهرموني، مثل:
- هرمون النمو، ويُحقن يوميًّا ابتداءً من الطفولة المبكِّرة وحتى البلوغ والمراهقة لزيادة الطول قدر المُستطاع وتعزيز نموّ العظام.
- هرمون الإستيروجين، وغالبًا ما يبدأ العلاج به في بداية مرحلة البلوغ، أي عند 11 أو 12 عامًا، ليعمل على تعزيز نموّ الجسم في مرحلة المراهقة والمساعدة في إبراز الصفات الأنثويَّة، مثل نموّ الثدي وتحسين حجم الرَّحم بالإضافة إلى تقوية العظام، وقد يلعب دورًا في زيادة الطول.
كما يمكن أن تحتاج الفتاة المصابة بمتلازمة تيرنر إلى علاجات أخرى علاوةً على ما سبق، لإدارة المضاعفات المصاحبة للمتلازمة وتأثيرها السلبي على أجهزة الجسم المختلفة، مثل: اضطرابات الغدَّة الدرقيَّة، وهشاشة العظام، ومشكلات ضعف البصر.
في الختام، متلازمة تيرنر هي حالة طبيَّة تتطلَّب رعاية شاملة ومتعدِّدة التخصُّصات لتلبية احتياجات الفتيات والنساء المصابات بها، فمن خلال الرعاية الطبيَّة والنفسيَّة المنتظمة، يمكن تحسين صحتهن، وتعزيز تطوّرهن الشخصي والاجتماعي، وتقليل المضاعفات المحتملة.