الحلقة الثانية بودكاست “صحِّيَّات”| تأثير السياق المجتمعي على الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة
في هذه الحلقة من بودكاست “صحِّيَّات” مع روان بركات، استضفنا الدكتورة أمل عوادة من مركز دراسات المرأة من الجامعة الأردنيَّة، والسيد محمود النابلسي مدير البرامج في الجمعيَّة الملكيَّة للتوعية الصحَّيَّة، للحديث حول تأثير السياق المجتمعي على الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة.
بدأ الحديث بسؤال للدكتورة أمل حول تأثير السياق المجتمعي على إمكانيَّة الوصول إلى خدمات الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة والحصول عليها، حيث أشارت إلى أهميَّة هذا السياق نظرًا لتأثير المعتقدات وهويَّاتنا المجتمعيَّة على سلوك الفرد في المجتمع.
تأثير السياق المجتمعي على تلقِّي النساء لخدمات الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة:
لفتت الدكتورة أمل إلى وجود بعض المفاهيم في المجتمع، تجعل من المرأة شخصًا لا يحظى بحقوق القرار فيما يتعلَّق بصحَّتها وقراراتها الإنجابيَّة، حيث يُفترض اجتماعيًّا أن يجري تقييدها في اتِّخاذ هذه القرارات، سواء من قبل الرجل أو بسبب تقييدات المجتمع المتعلِّقة بسنِّ الزواج، وعدد الأبناء، وسنِّ الإنجاب.
وفي هذا السياق، أشارت إلى أنَّ هذه القيود تؤثِّر على قدرة المرأة على الحصول على خدمات الصحَّة الجنسيَّة والإنجاب، حيث تعكس المرأة تلك المعتقدات على نفسها وتتبنَّاها، ممَّا يؤدِّي إلى إهمال احتياجاتها الصحيَّة وتجاهلها للعناية بنفسها، خاصَّةً في ظلِّ التحدِّيات الاقتصاديَّة التي تعيق قدرتها الماليَّة على الوفاء بتكاليف الخدمات الصحيَّة. ورغم توفُّر بعض هذه الخدمات بشكل مجاني، إلا أنَّ قيود الوصول والجغرافيَّة وعدم السماح للمرأة بالتنقُّل بحريَّة تعيق الحصول عليها.
وأضافت أنَّ الاعتماد على موافقة الرجل، يحول دون قدرة المرأة على اتِّخاذ قراراتها الخاصَّة بشأن صحّتها. كما أشارت إلى أنَّ بعض الخدمات؛ مثل خدمات تنظيم الأسرة، تعتمد على موافقة الزوج الذي لا يتواجد غالبًا في مثل هذه القرارات.
وختمت بالتأكيد على أنَّ الهويَّة الجندريَّة وعدم تكافؤ الفرص، تسهمان في إهمال القضايا المتعلِّقة بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة، وتعيقان الوصول الفعَّال إلى الخدمات الصحيَّة للمرأة.
تأثير السياق المجتمعي على تلقِّي الرجال لخدمات الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة:
استنادًا إلى تجربة الأستاذ محمود ومراقبته، يظهر أن السياق المجتمعي يلعب دورًا سلبيًّا في استجابة الرجال لخدمات الصحَّة الاجتماعيَّة والجنسيَّة. إذ يشير إلى وجود عدَّة عوامل تسهم في هذا التأثير السلبي، حيث تشيع فكرة أنَّ هذه الخدمات مخصَّصة للنساء فقط، وأنَّ الرجل ليس شريكًا في هذه العمليَّة. وفي ظلِّ حاجته إلى استشارة ومعلومات وخدمات، يظهر تردُّد الرجال في الاقتراب من مراكز الخدمات، إذ يعتبرونها مكانًا مخصَّصًا للنساء.
وفي هذا السياق، يبرز نقص الخدمات المتاحة للرجال، حيث تظهر قلَّة الخيارات المقدَّمة إليهم، كما يشير الأستاذ محمود إلى أنَّ العاملين في مراكز تلك الخدمات يتألَّفون أساسًا من الإناث، ممَّا يعزِّز اعتقاد الرجل بأنَّ هذه الخدمات ليست موجَّهة إليه.
تأثير السياق المجتمعي على تلقِّي الفتيات غير المتزوِّجات لخدمات الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة:
أفاد النابلسي بأنَّ الفتيات غير المتزوِّجات يعانين من اعتقاد سائد يفترض أنَّ هذه الخدمات مُخصَّصة للنساء المتزوِّجات والحوامل فقط، وأوضحت “روان” أنَّ هذا الاعتقاد يشكِّل تهديدًا لحياتهن، حيث يعرِّضهن للإصابة بالالتهابات والأمراض التي قد تتطلَّب تدخُّلًا طبيًّا للعلاج. وأشارت إلى أنَّ هذا التقييد المجتمعي يشكِّل عقبة أمام الوصول إلى الخدمات والحصول عليها.
الخدمات المتاحة في الجمعيَّة الملكيَّة للتوعية الصحَّيَّة المتعلِّقة بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة
بخصوص الخدمات المتاحة في الجمعيَّة الملكيَّة للتوعية الصحَّيَّة، أفادنا السيد محمود بوجود برامج متخصِّصة تستهدف جميع الفئات العمريَّة والتي تنفَّذ في عدَّة مواقع منها الجامعات والمجتمعات والمراكز الصحيَّة. وأشار إلى مشروع توعية مقدِّمي الرعاية لليافعين في مجال الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة المنفَّذ في 4 مراكز، بدليل يتناول 10 مواضيع مهمَّة للصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة في سنِّ البلوغ واحتياجات الشباب في هذا السياق. كما تغطِّي المواد قضايا مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي والزواج المبكِّر. يُشدِّد أيضًا على أنَّ الدليل تقدِّمه وزارة الصحَّة لتدريب الكوادر الصحيَّة لديها على تقديم الدليل لمقدِّمي الرعاية والأهالي.
كيف يمكن تغيير السلبيَّات الحاليَّة في المجتمعات؟
أشارت الدكتورة أمل إلى أهميَّة عمليَّة التغيير التي تستهدف المفاهيم المترسِّبة في المجتمع، والتي تشكِّل عقبات وعوائق في تقديم الحصول على خدمات الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة. للتغلُّب على هذه العقبات، تقترح الدكتورة أمل ضرورة تنفيذ نظام شمولي يضمُّ جميع القطاعات والأنظمة التعليميَّة والصحيَّة والدينيَّة والاجتماعيَّة. يجب توجيه الخدمات والبرامج للجنسين ولفئة الشباب، وينبغي أن تشمل مرحلة التعليم بشكل كبير. كما تؤكِّد على أهميَّة توفير الخدمات في جميع المناطق ولجميع الفئات العمريَّة، وضرورة توجيه الخطاب لتحقيق توافق مع إدراك واحتياجات الجماهير المستهدفة.
من جانبه، ركَّز الأستاذ محمود على نقص الثقافة الجنسيَّة في المجتمع الأردني. وأكَّد على أهميَّة تضمين التثقيف الجنسي في المناهج التعليميَّة، لافتًا إلى دور المعلِّمين والمعلِّمات والمرشدين والمرشدات. كما شدَّد على أهميَّة دور المؤسَّسات العاملة في مجال الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة للتوجُّه إلى الرجال كفئة مستهدفة، وشجَّع على إجراء الدراسات اللازمة لفهم الأبعاد التي تؤثِّر على مشاركة الرجال، ومبرزًا أهميَّة تشجيع المشاركة الرجاليَّة في البرامج، وتوجيه رسائل توعية لهم بشأن الخدمات والمعلومات.
في الختام، أكَّدت روان على أهميَّة التجربة في إحداث التغيير الإيجابي في مجتمعاتنا.
عن بودكاست “صحّيَّات”
هذا البرنامج من إنتاج مؤسسة رنين، يقدم صحّيَّات رنين مواضيع في الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة مع المقدمة روان بركات بأسلوب حواري مفتوح وصريح، مستضيفًا خبراء في المجال لتقديم رؤى علميَّة وعمليَّة. يهدف البرنامج إلى كسر الصمت المحيط بمسائل الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة وتعزيز ثقافة الوعي والمعرفة بين المستمعين.
يمكنك الاستماع للحلقات عبر القنوات السمعيَّة الخاصة براديو النجاح