الإباضة ورحلة المرأة من الحيض إلى الحمل
تُعدّ الدورة الشهرية -التي تمر بها أجسام الفتيات من أول لحظة يصلن فيها إلى سن البلوغ- رحلة بيولوجية معقدة يستعد من خلالها الجسم لحدوث الحمل، ففي كل شهر، تمرّ المرأة بسلسلة من التغيرات الهرمونية لتحفيز نضج البويضة داخل المبيض، وتهيئة بطانة الرحم لاستقبالها في حال إخصابها بالحيوان المنوي من الزوج؛ ومن ثم كان فهم دورة الإباضة وأعراضها وأيام الخصوبة ضروريًا لكل زوجة تسعى للحمل بصورة طبيعية، أو تبحث عن حلول تساعدها في التغلب على تأخر الإنجاب.
في هذا المقال، نُسلط الضوء على رحلة التبويض، ونُشرح مراحلها المختلفة، ونُناقش دورها في الحمل، علاوةً على التطرق بالحديث إلى أدوية التبويض وفحوصاته.
الإباضة، ومسار البويضة من المبيض إلى الرحم
لنرجع خطوة إلى الوراء .. يُعد اليوم الأول في الدورة الشهرية هو اليوم الذي يبدأ فيه دم الحيض في الخروج من المهبل، ومن ثم يكون حساب عدد أيام الدورة الشهرية -بأطوارها المتعددة- والتي تختلف عادةً بين امرأةٍ وأخرى.
يمثل التبويض الطور الذي يلي مرحلة نزول الدم مباشرة، إذ تخرج البويضة الناضجة من حويصلتها على المبيض لتتوجه نحو قناة فالوب استعدادًا لاستقبال الحيوان المنوي من الزوج، وذلك في غضون أيام معدودة من توقف نزول الدم.
إليكِ نبذة عن مراحل التبويض:
- مرحلة الجريبي: تبدأ هذه المرحلة مع نزول دم الحيض، إذ ينمو عدد من الجُريبات أو الحويصلات (أكياس صغيرة تحتوي على بويضات) داخل أحد المبيضين، وفيها يستقبل المبيض الهرمونات المحفزة لنموها وتطورها من الغدة النخامية (FSH, LH).
- مرحلة التبويض: تنفجر الحويصلة عندما تصل إلى ذروة نضجها؛ لتنطلق البويضة إلى قناة فالوب حيث تظل حية وقابلة للإخصاب لمدة تتراوح بين 12 و24 ساعة.
- مرحلة الجسم الأصفر: بعد إطلاق البويضة، تتحول الحويصلة الفارغة إلى ما يُعرف بالجسم الأصفر المسؤول عن إنتاج هرمون الاستروجين والبروجسترون لزيادة سُمك بطانة الرحم وتهيئتها للحمل، وبذلك يكون الجسم الأصفر بصدد أحد احتمالين، هما:
- إخصاب البويضة، ومن ثم يستمر الجسم الأصفر في إنتاج هرمون البروجسترون لاحتضان البويضة المخصبة وتعزيز فرصة انغماسها في بطانة الرحم.
- عدم حدوث الإخصاب، وفي هذه الحالة يتخلص الجسم من بطانة الرحم من خلال خروجها من المهبل في صورة دم الحيض، وبهذا تنتهي الدورة الشهرية لتبدأ دورة جديدة، وهكذا.
كيف أحسب أيام التبويض؟
لعل هذا التساؤل يدور في ذهنكِ الآن؛ لذا نوضح أن أيام التبويض تبدأ في المتوسط بعد مرور أسبوعين على اليوم الأول في الدورة الشهرية -أي يوم نزول دم الحيض- والتي تتراوح مدتها إذا كانت منتظمة بين 28 و35 يومًا، أي إن الإباضة تحدث في اليوم الرابع عشر تقريبَا من بداية دورة الحيض.
أما إذا كانت الدورة الشهرية غير منتظمة، أو كانت مدتها أقل من 28 يومًا، فيمكن حسابها بسهولة، فمثلًا:
إذا كانت الدورة الشهرية لديك تستمر لمدة 24 يومًا، فمن المعتاد أن يكون التبويض في النصف الثاني من الدورة الشهرية.
ولحساب تاريخ التبويض المحتمل، يمكنكِ استخدام الطريقة التالية:
- اطرحي 14 من عدد أيام الدورة الشهرية والتي تبلغ في هذه الحالة 24 يومًا، فيكون الحساب 24 – 14 = 10، ومن ثم يكون اليوم المتوقع لحدوث التبويض هو اليوم العاشر من بداية الدورة.
وكذلك الحال إذا كانت مدة الدورة الشهرية 21 يومًا، إذ يمكن أن تحدث الإباضة في اليوم 7 من بداية الدورة.
وبالحديث عن حساب أيام التبويض لا بد أن ننوّه أن هذه الطريقة تعد تقديرًا عامًا وقد تختلف بين النساء؛ لذا من الأفضل استخدام أدوات مساعدة لمعرفة فترة التبويض على نحو أكثر دقة، ومنها:
- مراقبة مخاط عنق الرحم يوميًا؛ إذ يتغير قوامه ومظهره مخاط عنق الرحم خلال فترة التبويض، فيصبح أقل سُمكًا وأكثر شفافية.
- قياس درجة حرارة الجسم الأساسية والتي تزداد بصورة طفيفة (حوالي 0.5 درجة مئوية) بعد إطلاق البويضة.
- استخدام أجهزة اختبار التبويض إذ إنها تقيس مستوى الهرمون الموجّه للغدد التناسلية (LH) في البول، والذي يرتفع قبل 24-48 ساعة من إطلاق البويضة.
- تسجيل بيانات الدورة الشهرية على التطبيقات الخاصة بها في الهواتف الذكية، فهي تحسب أيام التبويض تلقائيًا بناءً على معلومات الدورة الشهرية و أعراض التبويض.
كيف يمكن حساب أيام التبويض بعد الإجهاض؟
قد يتغير نمط الدورة الشهرية أو يصبح غير منتظم بعد الإجهاض، لكن في العادة، يعود الجسم إلى نمطه الطبيعي للتبويض خلال 4-6 أسابيع في حالة الإجهاض الطبيعي أو الكيميائي، وتطول المدة قليلًا في حالات الإجهاض الجراحي، ويمكن حساب التبويض باتباع نفس الطُرُق المذكورة سلفًا.
والجدير بالذكر أنه حتى بعد استعادة الدورة الشهرية، قد يكون هناك تباين في مواعيد التبويض بين الحيضة والتي تليها، ما يعني أن الجسم قد يستغرق فترة قليلة حتى يستقر النمط الطبيعي للتبويض؛ لذا يُنصح باستشارة طبيب النساء والتوليد للحصول على مشورة دقيقة وتوجيهات تناسب حالتكِ على وجه التحديد.
هل يمكن حدوث الحمل بعد انتهاء فترة التبويض؟
نعم، يمكن أن يحدث الحمل بعد انتهاء فترة التبويض -ولكن فرصته تكون أقل- إذ يمكن أن تعيش الحيوانات المنوية في الظروف الطبيعية داخل جسم المرأة لمدة تصل إلى 5 أيام، ما يعني أن الحمل قد يحدث إذا مارس الزوجين العلاقة الحميمة في الأيام القليلة قبل أو بعد فترة التبويض.
وإذا كنتِ تخططين لتجنب الحمل من خلال الجماع في غير أيام التبويض، فلا نوصيكِ بالاعتماد على هذه الطريقة فقط إذ يُنصح باستخدام وسائل منع الحمل المناسبة لكونها الأكثر فاعلية وضمانًا في منع الحمل غير المرغوب.
ضعف التبويض وعلاقته بتأخر الإنجاب
تُعاني النساء المصابات بضعف التبويض إثر اضطراب الهرمونات نقصًا في عدد البويضات وانخفاض جودتها، الأمر الذي يقلل فرص حدوث الحمل طبيعيًا.
ويرجع اختلال التوازن الهرموني إلى:
- متلازمة تكيس المبايض (PCOS)
- تقدم العمر، والاقتراب من فترة انقطاع الطمث.
- اضطرابات الغدة الدرقية.
- النحافة أو السمنة المفرطة.
- التدخين.
- العوامل الوراثية.
- التعرض للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي الأمر الذي قد يتسبب في تلف المبايض.
كيف أعرف أني مصابة بضعف التبويض؟
تتضمن أعراض ضعف التبويض ما يلي:
- عدم انتظام الدورة الشهرية أو غيابها لفترات طويلة.
- ضعف أو انعدام أعراض التبويض.
- جفاف المهبل.
- التقلبات المزاجية.
ما علاج ضعف التبويض؟
يختلف بروتوكول علاج ضعف التبويض باختلاف سببه، وبصورة عامة تتضمن الخيارات العلاجية ما يلي:
- تغيير نمط الحياة والتخلص من العادات السيئة واتباع نظام غذائي صحي.
- الأدوية: مثل منظمات الدورة الشهرية و منشّطات المبايض البسيطة (simple induction).
- تقنيات الإخصاب المساعد، مثل: التلقيح الصناعي أو الحقن المجهري (IVF).
أدوية تنشيط المبايض، جرعة أمل للحالمات بالأمومة
تعتمد فكرة تنشيط المبايض على العلاج الهرموني لتحفيز المبيضين على إنتاج أكبر عدد ممكن من البويضات الناضجة ذات الحجم المناسب للإخصاب.
كيف تعمل أدوية تنشيط المبايض؟
تستهدف أدوية تنشيط المبايض الغدة النخامية في الدماغ، إذ إنها المسؤولة عن إنتاج الهرمونات المحفزة لنشاط المبيضين (LH, FSH)، والتي تلعب دورًا هامًا في نموّ البويضات ونضجها ومن ثم إطلاقها من المبايض.
أنواع أدوية تنشيط المبايض
تتنوع صور أدوية تنشيط المبايض بين الحبوب، والحقن وغيرها، وينبغي تناولها في إطار الجرعات والمواعيد التي يقرها الطبيب المختص لتفادي آثارها الجانبية، وتتضمن موادها الفعالة ما يلي:
- مُضادات الاستروجين، مثل
- الكلوميفين (Clomiphene).
- ليتروزول(Letrozole).
- منشطات المبايض مباشرةً،مثل
- المينوتروبين (Menotropins).
- الجونادوتروبين(Gonadotropins).
- الهرمون الموجه للغدد التناسلية (HCG)، والذي يُستخدم لتحفيز إطلاق البويضة بعد نضجها.
ويحدد الطبيب جرعة وطريقة استعمال أدوية التنشيط بناءً على حالة المرأة ونوع الدواء الموصوف، وذلك لأن تناولها -إن وجدت دون وصفة طبية- قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة وعلى رأسها متلازمة فرط التنشيط (OHSS).
ختامًا
يُعدّ ضعف التبويض من أهمّ أسباب تأخر الإنجاب، ولكنّه ليس نهاية المطاف، إذ إنه بالتشخيص والعلاج المناسبين، يمكن للعديد من النساء المصابات بهذه المشكلة تحقيق حلم الإنجاب بسهولة.