متى يحتاج الزوجان لاستشارة أخصَّائي العلاقات الزوجيَّة؟ 

تمرُّ كل البيوت بمشكلات وأزمات طبيعيَّة، وتُواجه كل زوجين الكثير من التحدِّيات على مدار الوقت، سواء بفعل تَغيُّر الظروف المُحيطة بهما، أو بفعل تَطوُّر وتَغيُّر شخصيَّة كل منهما عبر السنوات، أو حتى بسبب اختلاف نشأة كل منهما واختلاف طريقة تفكيرهما وتوقُّعهاتهما الُمسبقة من العلاقة، بالإضافة لما يُستحدث في الحياة الزوجيَّة من مسؤوليَّات تتعلَّق بالأطفال والتخطيط للأسرة والعبور بها من مَطبَّات وأمواج الحياة المُختلفة. حتى في أصعب وأحلك الظروف والتحدِّيات فإنَّ كثيرًا من الأسر تستطيع الصمود والنجاة بعلاقاتها، سواء بفضل حُسن تواصل أفرادها، أو زيادة وعيهم أو حتى قُدرتهم الأكبر على التأقلم والتَغيُّر والتَغافل من أجل استقرار الحياة، لكن في الوقت نفسه، فإنَّ نسبة كبيرة من الأسر قد يُصبح استقرارها على المحكّ بمجرد مُرورها بأبسط وأصغر التحدِّيات. فلماذا تستطيع أن تَصمد بعض الأسر أمام التحدِّيات بينما تعجز أخرى؟ وما هي العلامات التي تُشير إلى حاجة الزوجين لطلب المُساعدة المُتخصِّصة؟ أو بمعنى آخر، ما هي العلامات المُنذرة التي تُنبِّه الأسرة لضرورة طلب المساعدة وتَدقُّ لها ناقوس الخطر؟ 

متى يحتاج الزوجين إلى استشارة متخصص؟

هذه بعض العلامات المُنذرة التي تنبِّه الزوجين إلى احتياجهما لاستشارة متخصِّص، لكن مع التأكيد على خصوصيَّة كل علاقة وتفرّدها، وأنَّ ما يمرّ به بعض الأزواج ويمكنهم تجاوزه بسهولة، قد تكون مشكلة عضال لدى غيرهم ولا يمكن تجاوزها بدون تدخُّل ومُساعدة خارجيَّة، وليس في الأمر أفضليَّة في المُطلق لبعض الأسر عن غيرها، ولكن هناك عشرات العوامل التي تتداخل لتلعب دورها في قدرة الزوجين على تجاوز المِحَن والمشكلات وحلّها، لهذا السبب لا غضاضة أبداً أن يعترف الزوجان بوجود مشكلة تحتاج للتدخُّل والمساعدة إذ إنَّه اعتراف لا ينتقص من أيٍّ منهما أبدًا.

مشكلات التواصل:

مثل صعوبة التعبير عن المشاعر، وصعوبة مشاركة الأفكار أولاً بأول. فشعور أحد الزوجين بعبء التعبير عن نفسه سواء الشعور بالحرج، أو بالخوف والقلق من ردَّات فعل الطرف الآخر، والتي قد تتمثَّل في النقد المُتواصل، أو الغضب أو السخرية أو عدم الاهتمام والتقدير أو غيرها من ردود الفعل التي قد تؤثِّر على التواصل الآمن والفعَّال بين الزوجين، والذي يُمثِّل حَجر الأساس لعلاقة الزواج. مشكلات التواصل قد تؤدِّي للشعور بالإحباط أو للانفصال العاطفيّ أو تزيد من مساحات سوء الفهم. استشاري العلاقات الزوجيَّة يُعلِّم الزوجين تكنيكات لتحسين كفاءة وفعاليَّة التواصل، كما أنَّه يمرّنهما على إدارة الحوار بشكل أفضل بالإضافة إلى مُمارسة الاستماع الفعَّال.

التفكير في الانفصال:

سواء كان القرار مُشتركًا بين الزوجين، أو قرار أخذه أحدهما نتيجة لزيادة المشاحنات والمُشكلات الأسريَّة، أو حتى نتيجة لشعوره بالنضج والنموّ الذي لم يواكبه ويَقبله الطرف الآخر، أيًّا كان السبب ينُصح بلجوء الزوجين إلى الاستشاري النفسي قبل الإقبال على هذه الخطوة. تبدو بعض المشكلات بين الزوجين بلا حلّ، وأحيانًا بلا اسم أيضًا، ولكن طلب المساعدة المتخصِّصة قد يفيد في إعادة اكتشاف جذور المشكلة وفهمها وتحديد حجمها ومساحتها بالنسبة لكل منهما، والتعرُّف على آليَّات وطرق التعامل معها. حتى في حال إصرار أحد الطرفين أو كلاهما على الطلاق أو الانفصال بشكل نهائي، فإنَّ الاستشاري الزوجي يقوم بمساعدتهما على إدارة الأمر بشكل صحّي، وكيف يُمكن إدارة المرحلة الجديدة بما تَحمله من عقبات على المستوى النفسي والعاطفي والاجتماعي والمادِّي.

التفكير في الانفصال:

سواء كان القرار مُشتركًا بين الزوجين، أو قرار أخذه أحدهما نتيجة لزيادة المشاحنات والمُشكلات الأسريَّة، أو حتى نتيجة لشعوره بالنضج والنموّ الذي لم يواكبه ويَقبله الطرف الآخر، أيًّا كان السبب ينُصح بلجوء الزوجين إلى الاستشاري النفسي قبل الإقبال على هذه الخطوة. تبدو بعض المشكلات بين الزوجين بلا حلّ، وأحيانًا بلا اسم أيضًا، ولكن طلب المساعدة المتخصِّصة قد يفيد في إعادة اكتشاف جذور المشكلة وفهمها وتحديد حجمها ومساحتها بالنسبة لكل منهما، والتعرُّف على آليَّات وطرق التعامل معها. حتى في حال إصرار أحد الطرفين أو كلاهما على الطلاق أو الانفصال بشكل نهائي، فإنَّ الاستشاري الزوجي يقوم بمساعدتهما على إدارة الأمر بشكل صحّي، وكيف يُمكن إدارة المرحلة الجديدة بما تَحمله من عقبات على المستوى النفسي والعاطفي والاجتماعي والمادِّي.

نَقص الحميميَّة والتَغير في العلاقة الزوجيَّة:

كثيرًا ما تمرّ العلاقات -خاصَّةً بعد السنوات الأولى- بفترات من الملل أو الفتور، أو الهدوء السلبي بسبب تراكم المشكلات والضغوط التي لم تُحلّ بين الزوجين. يُؤثِّر الأمر بالتبعيَّة على العلاقة الحميمة بين الزوجين ويتسبَّب في تباعدها وقد يسبِّب حالة من الانفصال العاطفي والنفسي بين الزوجين، والذي قد لا يجري الحديث عنه أو محاولة استدراكه. الفترات الطويلة بدون مُمارسة العلاقة الزوجيَّة أو اعتبارها واجبًا ثقيلًا هي واحدة من أهمِّ العلامات التي تستدعي طلب المساعدة إذ إنَّها مع الوقت تُقلِّل من جودة العلاقة، وتَترك تأثيرات على الوضع النفسي والصحي للزوجين. فهي تزيد من مشاعر الوحدة، والاكتئاب، وتزيد من الإحساس بالشحن والتوتُّر النفسيّ تجاه الآخر، وتستدعي الكثير من المشاعر والأفكار السلبيَّة مثل الشعور بأنَّ الشخص لم يعد محبوبًا، أو مرغوبًا به، أو ليس جميلًا بما يكفي، أو أنَّه يُمكن استبداله. مع التأكيد على أنَّ هذا الوضع قد لا يكون مشكلة إذا تمَّ برضا كلا الزوجين، واتّفاق منهما على المعدَّل المناسب لعلاقتهما، ولم يترتَّب عليه أي توتُّر أو تأثير على شعورهما بالرّضا والسعادة الزوجيَّة، لأنَّ هذا الأمر شخصي تمامًا وتختلف فيه كل أسرة عن غيرها. أمَّا إذا كان له تأثير سلبي وضاغط على أحد الزوجين أو كليهما فهُنا يجب استشارة المتخصِّص الزواجي، والذي قد يساعدهما بنصائح وتكنيكات مختلفة مثل:  

  • تخصيص وقت للتواصل الجسدي والمداعبة.
  •  النوم في الوقت نفسه/ النوم بدون ملابس.
  • الامتناع عن استخدام الموبايل في السرير.
  • مسك الأيدي خلال اليوم .
  • 3 أسئلة يوجّهها كل منهما للآخر لتعميق التواصل والتعبير عن المشاعر. 
  • ممارسة تمارين التنفُّس والاسترخاء معًا.

الانفصال العاطفي:

أو هذه المسافة النفسيَّة التي تجعل كلا الزوجين ضمنيًّا يشعر بالوحدة والفراغ العاطفي، وعدم الاتِّصال نفسيًّا وعاطفيًّا بمشاعر الطرف الآخر واحتياجاته ووجوده. هناك العديد من الأسباب التي قد تكون وراء الانفصال العاطفي، مثل سفر الزوج الدائم، أو عدم ممارسة التقدير والامتنان بين الزوجين، أو الأنانيَّة المُفرطة من أحد الأطراف، أو غيرها من الأسباب التي تدفع أحد الزوجين أو كلاهما لحماية نفسه عن طريق الإغلاق النفسي أو العاطفي. مع الوقت يؤدِّي هذا لزيادة الفجوة بين الزوجين وزيادة المشكلات وسرعة توتّرها مهما كانت بسيطة، وعدم قدرتهما على تجاوزها أو الوصول لطرق مناسبة لحلِّ المشكلات المشتركة. في هذه الحالة فإنَّ زيارة المعالج النفسي تساعد الزوجين في فهم الأسباب والتعرُّف على الجذور التي وصلت بهما لهذه المرحلة من التباعُد النفسي والعاطفي، كما تساعدهما في التعرف على مشاعرهما وأفكارهما، والطرق المناسبة للتعبير عنها، وتساعدهما في إعطاء بعض المفاتيح الأوَّليَّة لإعادة بناء التواصل النفسي بشكل تدريجيّ مع متابعة تطوّر مشاعرهما وأفكارهما تجاه الأمر وتأثيره على حياتهما الزوجيَّة واستقرار الأسرة ككل.

الخلافات والمشاحنات المتزايدة:

خاصَّة عند تكرار السبب دون وجود أدوات وآليَّات واضحة للحلّ والتفاهم والتفاوض بشأنه. وجود بعض المشكلات بلا حلّ وتكرارها على مدار الوقت مع الكثير من الصراخ والخصام والانفعال هو أمر يصيب كلا الزوجين بالإحباط ويزيد من مشاعر العجز والفشل. ربَّما لا تكون مهمّة الاستشاري النفسي حلّ مشكلات الزوجين، وهو ليس من دوره المُباشر، وإنَّما من شأنه أن يُساعد الزوجين على تفكيك المشكلة وفَهمها ومُساعدة كل منهما على فَهم مشاعره وأفكاره تِجاهها، وتوجيههما نحو بناء تواصل أكثر فعاليَّة يُساعد على حل المشكلات وإدارة نقاش مُثمر حولها، وحلّها بوعي أكبر.

غياب أو تناقص الثقة:

غالبًا ما تكون المشكلات المتعلِّقة بالثقة سببًا في عدم شعور أحد الزوجين بالرَّاحة والأمان، وغالبًا ما تُولِّد الكثير من الشعور بالضغط والتوتُّر في العلاقة. سواء كان ذلك نابعًا من مرور الزوجين بتجربة خيانة زوجيَّة، وقرَّرا أنَّ بإمكانهما تجاوزها ومواصلة حياتهما الزوجيَّة، أو كان أحد الزوجين دائم التهديد بالرحيل والانفصال، أو زوج يُلوِّح بالزواج الثاني في كل مشكلة، أو زوجة تُهدِّد بالرحيل أمام أي ضغط يواجه الأسرة. كل هذه قد تكون أسباب كامنة وراء أزمة ثقة تنشأ بين الزوجين وتُعرقل قُدرتهما على الشعور بالاستقرار والهدوء وتُصعِّب عليهما حلّ المشكلات والتواصل بشكل بنَّاء. هنا قد يساعد عرض الأمر على متخصِّص نفسي زواجي، يقوم بدوره في توجيه الزوجين لخطوات نحو إعادة بناء الثقة والشعور بالأمان في العلاقة، كما يوجِّههما للتعرُّف على مشاعرهما وما يستفزّها أو يستثيرها بشكل أكبر وكيفيَّة التعبير عنها وإدارتها.

المرور بإحدى صدمات الحياة أو ظروف كارثيَّة استثنائيَّة:

المرور بالظروف الاستثنائيَّة والأحداث الكُبرى في الحياة يكون لها تأثيرًا كبيرًا على علاقة الزوجين، مثل الحروب أو الهجرة أو وفاة أحد الأبناء أو المُقرَّبين. عادة ما يختلف الزوجين في طريقة استقبالهما للحوادث المُؤلمة والظروف الصعبة، وتختلف طريقة تعافي كل منهما بما يتناسب مع طبيعة شخصيته ونشأته وغيرها من العوامل. في هذه الظروف الاستثنائيَّة قد تصبح العلاقات أكثر هشاشة، ويصبح الاضطراب والتوتُّر النفسي للزوجين عاملًا أساسيًّا في عدم قدرتهما على تحمُّل تغيُّرات بعضهما البعض، أو عدم قدرتهما على التواصل بالشكل المُعتاد. لذا فطلب المساعدة النفسيَّة المتخصِّصة يساعدهما في السير بخُطى متوازنة تجاه الحفاظ على العلاقة وجعلها أكثر كفاءة ودعم وفعاليَّة عوضًا عن أن تصبح عبئًا على أصحابها.أصحابها.

مُعاناة أحد الزوجين من مرض نفسي أو عضوي مُزمن:

إصابة أحد الزوجين بمرض مُزمن سواء كان نفسيًّا أو عضويًّا هو ممَّا لا شك فيه أمر مُربك وصادم ومِحوري في مَجرى العلاقة، وكثيراً ما لا يجد الطرف الآخر المُعادلة الصحيحة للتعامل مع هذا الموقف بالشكل الذي يُحافظ على استقرار الأسرة، وعلى سلامته النفسيَّة الشخصيَّة أيضاً. يختلف تأثير مرض الزوج والزوجة على الحياة الزوجيَّة باختلاف نوعيَّة المرض ودرجة تأثيره على شخصيَّة المريض وصحّته وقُدرته على العطاء ومُمارسة الحياة بشكل طبيعيّ.  إذ يختلف تأثير مرض الاكتئاب عن الفُصام عن الوسواس القهري، ويختلف المرض النفسيّ في تأثيره عن الأمراض العضويَّة التي قد تحتاج لرعاية صحيَّة متواصلة، واحتياطات دائمة في نمط حياة الأسرة. في كلِّ الحالات فإنَّ استشارة المتخصِّص في هذا السياق هو أمر تعليمي واسترشادي يساعد الزوجين معًا على التعامل الأفضل مع الوضع الجديد الذي يواجه الأسرة.

اظهر المزيد

أية خالد

إخصائية نفسية حاصلة ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وعلى الماجستير في علم النفس الإكلينيكي، وكاتبة محتوى مهتمة برفع الوعي بالصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى