العادات الشخصيَّة المستترة خلف الانزعاج من العلاقة الجنسيَّة
تكون فترة الخطوبة والتعارف هي الفترة الذهبيَّة التي يحاول فيها كل من الرجل والمرأة إظهار أفضل ما لديه للآخر، هذا هو الوقت الذي يبذل فيه كل منهما كل جهده ليبدو مثاليًّا بما فيه الكفاية، مُرضيًا وجذَّابًا لشريك حياته المُتوقَّع، ثم ما تلبث الحقائق أن تنكشف بعد الزواج، وبمرور الأيَّام يبدأ كل منهما في التخلِّي عن الأقنعة ومحاولات التجمُّل والتأنُّق والتستُّر خلف المثاليَّات من الطباع أو الأقوال والأفعال. ثم تقع تحت الاختبار قدرة الزوجين الحقيقيَّة على التعايش والتقبُّل والتغيير والتفاهم في كل تفاصيل الحياة اليوميَّة.
يتشارك الزوجان مئات التفاصيل اليوميَّة، والتي لا يمكن فيها الادِّعاء أو المواراة، ولا يصلح فيها غير مراقبة الفرد لنفسه ومراعاته للطرف الآخر، وتقييمه الذاتي وحرصه على أن يكون انضباطه داخليًّا، وعاداته الحقيقيَّة نابعة من وعيه والتزامه بها. هذه العادات اليوميَّة والروتينيَّة التلقائيَّة لها دور كبير في التأثير على ما يتركه كل من الزوجين من انطباعات عن الآخر، ولأنَّ هذه العادات والسلوكيات تتقاطع على مدار اليوم، وتتدخَّل في أدنى التفاصيل مثل الأكل والشرب والاستحمام والعلاقة الجنسيَّة بل وحتى قضاء وقت الراحة أو الاستلقاء أمام التلفزيون في هدوء. كلّها عادات بسيطة تحتمل الاتِّفاق والانسجام والانجذاب، ولكنَّها من الممكن أيضًا أن تكون سببًا رئيسًا في الخلاف أو النفور أو الانزعاج، وأحيانًا إثارة مشاعر القرف أو التقزُّز من الطرف الآخر.
اقرأ في تحضير القلوب والعقول | دليل المخطوبين لبناء علاقة زواج متينة -العلاقة الحميمة-
العادات الشخصيَّة المزعجة
انتشرت من قريب أخبار متفرِّقة على وسائل التواصل الاجتماعي عن حالات طلاق كان السبب فيها نقص النظافة الزوجيَّة للزوج، وشعور الزوجة المتراكم بالإنزعاج والتقزُّز من رائحة زوجها ونقص اهتمامه بالعناية الشخصيَّة، خصلة لم يستطع الزوج تغييرها، ولم تستطع الزوجة التعايش معها، ولم يستطيعا معاً الوصول فيها لحلٍّ مُرضٍ ومُنقذ للحياة الزوجيَّة، فهل يمكن أن يكون اختلاف العادات ودرجات الاهتمام بالعناية الشخصيَّة عاملاً مُفجّرًا وراء انهيار الأسرة أو تفكُّكها؟
ومن أمثلة العادات الشخصيَّة المختلفة التي تتعلَّق بالنظافة أو بالسلوكيَّات الشخصيَّة العاديَّة التي قد لا ينتبه لها أحد الزوجين، ولكنها في الحقيقة لها تأثيرها على الطرف الثاني، ودرجة انجذابه الجنسي، وشعوره بالحماس للعلاقة والرِّضا عنها:
- مثل الانتفاخ وإطلاق الغازات والتجشُّؤ بصوتٍ عالٍ.
- إخراج البلغم بصوت عالٍ، والبصق في الشارع.
- اللَّعب في أصابع القدمين وتنظيفها بدون أدوات النظافة المخصَّصة لذلك.
- تنظيف الأنف باستخدام أصابع اليد.
- مسح اليدين في الملابس أو في الأثاث بدلًا من غسلها.
- عادات استخدام دورات المياه.
- عادات العناية الشخصيَّة بالشعر والبشرة.
- عادات الأكل والشرب.
- الاهتمام بسنن الفطرة وإزالة الشعر الزائد سواء عند الرجل أو المرأة.
- عادات الاستحمام وما حولها من عادات استخدام دورات المياه.
- الاهتمام برائحة الفم ونظافة الأسنان.
النفور الجنسي والشعور بالقرف أو التقزُّز من الجنس
النفور الجنسي والهروب من الجنس بسبب مشاعر التقزُّز أو القرف ليسا نفس الشيء، فالنفور الجنسي يُصنَّف كاضطراب نفسيّ، أهم أعراضه هو تجنُّب أي نشاط جنسيّ والهروب من أي مقدِّمات له، والشعور بالقلق والتوتُّر عند الاضطرار للإقبال على العلاقة الجنسيَّة، قد يكون هذا الموقف من العلاقة الجنسيَّة عمومًا، أو مع شخص بعينه. وغالبًا ما ينشأ هذا الاضطراب نتيجة عدَّة عوامل مثل:
- التعرُّض للتحرُّش أو الصدمات الجنسيَّة المُبكِّرة.
- التشوُّه والاضطراب في العلاقة مع الجنس الآخر.
- ضعف الرغبة الجنسيَّة أو غياب التواصل الجنسي مع الطرف الثاني.
- التشنُّج المهبلي ووجود صعوبة في العلاقة خاصَّة في مراحلها الأولى وبداية الحياة الزوجيَّة.
أمَّا الهرب من الجنس نتيجة للشعور بالتقزُّز من الجنس أو مشاعر القرف تجاه الزوج فهو الحالة التي تُصيب البعض، خاصَّة ممن لديهن عتبات متقدِّمة من النظافة والاهتمام بالتفاصيل الصحيَّة والمثاليَّة، فيشعرن بالتقزُّز من التفاصيل المُحيطة بالجنس، مثل اللّعاب والشعر والعرق والإفرازات المُختلفة، وغيرها من الفوضى المحيطة بمُمارسة الجنس.
ومن الأسباب التي تزيد التقزُّز من العلاقة الجنسيَّة:
- الحديث المسكوت عنه بين الزوجين، مثل سكوت الزوجة على بعض التفاصيل المُزعجة بالنسبة لها ومحاولاتها لتمريرها مرَّة بعد مرَّة رغما عنها حتى يتحوَّل هذا الانزعاج إلى حالة من التقزُّز أو القلق أو الاشمئزاز من الممارسة الجنسيَّة نفسها.
- الخوف المبالغ فيه من العدوى أو انتقال الأمراض، والذي يبدأ بتحويل كل العادات المزعجة إلى احتمالات انتقال العدوى وفرصة مُستترة للمرض.
- التقزُّز من الأشكال غير التقليديَّة في الممارسة الجنسيَّة، مثل الجنس الفموي وغيره، لما في ذلك من فوضى وتعرّض لإفرازات وروائح مختلفة قد تكون مثيرة للإزعاج لدى البعض.
- التفكير المبالغ في الفوضى المحيطة بممارسة الجنس، مثل الإفرازات المختلفة والعرق والشعر واللّعاب والشعور بالتقزُّز والاشمئزاز من هذه التفاصيل.
- الهوس بالنظافة ووجود بعض أعراض الوسواس القهري وعدم القدرة على التخلِّي ذهنيًّا وعمليًّا عن احتياطات ذات معايير عالية من النظافة الشخصيَّة ونظافة الأعضاء التناسليَّة، والتقزُّز من روائح العرق والنَفس. أوالتفكير في مكان المُمارسة سواء بالرغبة في الحفاظ عليه نظيفاً أو الخوف من ألا يكون نظيفًا ومُعقّمًا بما يكفي عند النوم عليه.
ما هو التأثير المحتمل لهذه العادات المزعجة على العلاقة الزوجيَّة؟
- النفور الجنسي والشخصي والشعور بالاشمئزاز والانزعاج من الطرف الثاني.
- تراكم الأسباب الصغيرة للضغط النفسي والمُشاحنات بين الزوجين.
- التباعد وضعف التواصل بين الزوجين.
- فُقدان الشعور بالثقة والراحة والأمان، خاصةً عندما يشعر أحد الزوجين أنَّه ليس محلّ اهتمام كافٍ، وأنَّ احتياجاته ليست أولويَّة للطرف الآخر ولا تستحقّ الانتباه أو التغيير.
كيف يحمي الزوجان العلاقة من التأثُّر بالعادات المزعجة؟
يحتاج التقزُّز من الجنس إلى العمل عليه تدريجيًّا، مبدئيا للوصول لحقيقة أسبابه القابعة داخل ذهن الفرد وأفكاره، ونهاية بما قد تتركه هذه المشاعر بالنفور أو التقزُّز من آثار بالغة على العلاقة الزوجيَّة وعلى الحالة النفسيَّة للزوج أو الزوجة. قد يحدث هذا العلاج من خلال:
- جعل النظافة الشخصيَّة أولولَّة يتَّفق عليها الزوجان بشكل واضح.
- الحديث الصريح حول التفاصيل المُزعجة التي قد لا يستطيع أحدهم تجاوزها أو التعايش معها أو التغافل عنها.
- الاستجابة بدون كِبر لملاحظات الطرف الآخر لتجنُّب عمل تراكمات نفسيَّة تؤثِّر على العلاقة.
- المتابعة النفسيَّة المتخصِّصة مع المعالج النفسي، ويفيد هذا الخيار خاصَّة في حالة لم يتبيَّن الشخص السبب الحقيقي وراء الشعور بالنفور أو التقزُّز وعدم قدرته على التعرُّف على مصدر هذه المشاعر، والتي قد تكون كما ذكرنا نابعة من أحد صدمات الطفولة المُرتبطة بالتعرُّف على الجسد، أو الخبرات الجنسيَّة المُبكِّرة، أو التعرُّض للتحرُّش في الطفولة، كما أنَّها قد تكون نابعة من بداية ظهور أعراض لاضطرابات نفسيَّة مثل الوسواس القهري، والتي بعلاجها يتحسَّن الأمر.
- التدريج والتأنِّي مع الزوج أيضا والحديث المنفتح هي واحدة من أهمِّ مفاتيح العلاج، خاصَّة في الحالات التي يكون فيها الزوجان على مسافات مختلفة من التربية والعادات الشخصيَّة واليوميَّة، وهنا يكون عليهما بذل الجهد معًا من أجل تقريب المسافات والوصول لمنطقة مشتركة يجد عندها كل منهما مفتاح السعادة الجنسيَّة للآخر.