الكورتيزول والحياة الجنسيَّة: الرابط المخفي بين التوتُّر والرغبة الجنسيَّة

هل سمعت من قبل بمصطلح الكورتيزول؟ من المحتمل أنك تعرف أنَّه مرتبط بجهازنا العصبي والإجهاد المزمن، والتوتُّر والقلق، لكنَّه أكثر من ذلك بكثير.

الكورتيزول هو أحد أهمّ هرمونات الجلوكوكورتيكويد التي تنتجها الغدد الكظريَّة، حيث يؤثِّر على كثير من العمليَّات الأيضيَّة واستجابات الجهاز المناعي، كما يُعرف هذا الهرمون بشكل عام بهرمون القلق والتوتُّر في الجسم، وهو المسؤول عن تنظيم مزاجك واستجابتك للمواقف المجهدة.

الجميع يتحدَّث عن مدى تأثير التوتُّر على صحّتك، لكن هل تعرف إلى أيِّ مدى يمكن أن يؤثِّر بالتحديد على هرموناتك؟

سواء كنت تعاني من اختلالات هرمونيَّة مثل فترات حيض كثيفة، ضعف الانتصاب، انخفاض الرغبة الجنسيَّة، أو حتى حالات أخرى مثل سرطان الثدي أو سرطان بطانة الرحم، يجب عليك التأكُّد من تقييم مقدار التوتُّر الذي تعاني منه والأهم من ذلك، كيفيَّة إدارة التوتُّر في حياتك.

علاوة على ذلك، يلعب الكورتيزول دورًا رئيسًا في أداء العديد من الوظائف الجسديَّة، ففي الواقع، يؤثِّر هذا الهرمون على معظم أجهزة الجسم، بما في ذلك الوظائف الجنسيَّة، ونظرًا للدور المحوري الذي يلعبه الكورتيزول في أجسامنا، من المهمِّ أن نعرف كيف يمكن للمستويات المرتفعة وغير الطبيعيَّة منه أن تؤثِّر على رغبتنا الجنسيَّة.

ستستكشف هذه المقالة خلفيَّة الكورتيزول وكذلك تأثيره على حياتك الجنسيَّة،  وسنتطرَّق أيضًا إلى الطرق التي يمكنك من خلالها الحفاظ على مستويات الكورتيزول مستقرَّة.

الكورتيزول وتأثيراته على الجسم

 كما ذُكر سابقًا، الكورتيزول هو هرمون الإجهاد/ التوتُّر الذي تنتجه الغدد الكظريَّة، والغدد الكظريَّة هي غدتان على شكل مثلَّث مسؤولتان عن إنتاج العديد من الهرمونات الأخرى مثل الأدرينالين والألدوستيرون.

بالإضافة إلى تنظيم الإجهاد، للكورتيزول العديد من الوظائف الأخرى في الجسم، بما في ذلك:

  • تقليل الالتهاب.
  • تعزيز وظيفة الجهاز المناعي.
  • زيادة الطاقة.
  • تنظيم دورة النوم والاستيقاظ.
  • تنظيم الأيض.
  • التحكُّم في مستويات السكَّر في الدم.

العلاقة بين الكورتيزول والصحَّة الجنسيَّة

 الكورتيزول مرتبط بشكل وثيق بصحَّتنا الجنسيَّة، ومن المهمّ أولًا أن نؤكِّد أنَّ الحياة الجنسيَّة هي مسألة متعدِّدة الأوجه، تشمل العمليَّات الجسديَّة والنفسيَّة والعقليَّة.

وبما أنَّ الكورتيزول يؤثِّر أيضًا على هذه المناطق من الجسم، فإنَّ الحفاظ على حياة جنسيَّة صحيَّة يعتمد غالبًا على وجود مستويات متوازنة من الكورتيزول، فإذا كان هناك اختلال في توازن الكورتيزول، فمن المحتمل أن يؤثِّر ذلك على الصحَّة الجنسيَّة أيضًا، فعندما نعاني من فترات طويلة من التوتُّر، سينخفض إنتاج الأندروجينات والإستروجينات لدينا، ممَّا قد يساهم في حدوث أشياء مثل الهبَّات الساخنة، وانخفاض الرغبة الجنسيَّة، وزيادة التوتُّر، وقدرتنا على إدارة التوتُّر.

بعبارة أخرى، فإنَّ الكورتيزول، الذي يتأثَّر بقدرتنا على إدارة التوتُّر، سيؤثِّر بشكل مباشر وغير مباشر على هرموناتنا الجنسيَّة.

إليك بعض تأثيرات الكورتيزول على الصحَّة الجنسيَّة، خاصَّة عند الرجال:

  • تقليل مستويات التستوستيرون: زيادة إنتاج الكورتيزول تقلِّل بشكل مباشر من إنتاج التستوستيرون، وهو هرمون جنسي رئيسي لدى الرجال.
  • زيادة التوتُّر وضغط الدم: يمكن أن تؤدِّي مستويات الكورتيزول المرتفعة إلى زيادة ضغط الدم.
  • تقليل الإثارة الجنسيَّة والرغبة: ينشِّط الكورتيزول استجابة “الكرّ أو الفرّ”، ممَّا يجعلنا نشعر بالتوتُّر والانشغال بالتهديدات، هذا يشير إلى جسمنا بعدم الرغبة في الانخراط في الأنشطة غير الضروريَّة مثل النشاط الجنسي.
  • التسبُّب في ضعف الانتصاب: غالبًا ما تكون مستويات الكورتيزول المرتفعة مؤشِّرًا على مشاكل نفسيَّة، ممَّا قد يؤدِّي إلى ضعف الانتصاب النفسي، المعروف أيضًا بالعجز الجنسي و يمكن أن يؤدِّي ذلك إلى مزيد من الاكتئاب، ممَّا يجعل الخروج من هذه الحالة العقليَّة والجنسيَّة السلبيَّة أكثر صعوبة.
  • زيادة الكسل: يمكن أن يجعلك الكورتيزول المزمن أكثر تعبًا، ممَّا يجعلك غير راغب بممارسة الجنس.
  • تقليل إنتاج الحيوانات المنويَّة والخصوبة: يؤثِّر التوتُّر بشكل سلبي على إنتاج الحيوانات المنويَّة والخصوبة، ممَّا يقلِّل من فرص الحمل الناجح.

كما يظهر أعلاه، يمكن أن يكون التوتُّر مدمِّرًا لحياة الشخص الجنسيَّة، كما يمكن أن يأتي التوتُّر أيضًا بالعديد من المخاطر الصحيَّة العامَّة، لذا من المهمّ طلب المساعدة من مختصٍّ بالصحَّة النفسيَّة لحلّ الموقف.

الكورتيزول هو هرمون يسبِّب للرجال الكثير من التوتُّر النفسي، فإذا كانت لديك مستويات غير طبيعيَّة منه، فقد يتسبَّب ذلك في خلل وظيفي جنسي.

لكن تذكَّر دائما أنَّ أفضل طريقة لعلاج مستويات الكورتيزول غير الطبيعيَّة بشكل دائم هي التحدُّث مع الطبيب المختصّ والحصول على العلاج المناسب لذلك.

التعامل مع التوتُّر وانخفاض الرغبة الجنسيَّة

 حتى إذا كنت تشعر بالتوتُّر المستمر، هناك عدة طرق للتعامل مع هذا التوتُّر والحفاظ على حياة جنسيَّة جيدة، خاصة إذا استثمرت الوقت والجهد،إليك بعض الاستراتيجيات التي يجب أخذها في الاعتبار:

ممارسة إدارة الضغط والتوتُّر

 إذا كنت تشكّ في أن التوتُّر يقلِّل من رغبتك الجنسيَّة، يجب أن تنظر أولًا في إدارة التوتُّر بشكل عام، إذا تمَّ عكس استجابتك للتوتُّر بتقنيات استرخاء فعّالة، فلن تعاني من العديد من الاضطرابات الهرمونيَّة.، بعض تقنيات إدارة التوتُّر التي يمكن النظر فيها تشمل:

  1. العلاج بالروائح.
  2. تمارين التنفُّس.
  3. التخيُّل الموجَّه.
  4. كتابة اليوميَّات.
  5. التأمُّل.
  6. الاسترخاء التدريجي للعضلات.

التحدُّث مع معالج متخصِّص في إدارة الضغط والتوتُّر، يمكن أن يساعدك كذلك في اكتشاف تقنيات المواجهة المناسبة لوضعك.

ممارسة الرعاية الذاتيَّة

 من الصعب أن تشعر بالرغبة في ممارسة الجنس إذا لم تشعر بالراحة تجاه نفسك، فممارسة الرعاية الذاتيَّة تعني اتِّباع نظام غذائي صحِّي، وممارسة الرياضة، والحصول على نوم جيِّد، وممارسة تقنيات إدارة الضغط والتوتُّر، وتدليل نفسك، والاستمتاع بوقت للتأمُّل الذاتي.

بالإضافة إلى ذلك، حاول التخلُّص من العادات الضارَّة مثل؛ التدخين والشرب الزائد التي تعرِّض صحّتك للخطر، وتقلِّل من رغبتك الجنسيَّة، فمن خلال تخصيص وقت للرعاية الذاتيَّة، فإنَّك تخصِّص وقتًا لبناء الثقة والشعور بالجاذبيَّة والنشاط والاستحقاق لمودَّة زوجك/ زوجتك.

كيف يمكن للرعاية الذاتيَّة أن تقلِّل من مستويات التوتُّر لديك

أوَّلًا: افحص علاقتك مع زوجتك/زوجك

عند التعامل مع انخفاض الرغبة الجنسيَّة، من المهمّ النظر في صحَّة علاقتك الزوجيَّة، تظهر الدراسات أنَّ التوتُّر والصراعات في العلاقات يمكن أن يكونا عاملًا أقوى في انخفاض الرغبة الجنسيَّة من أنواع التوتُّر الأخرى، و ينطبق هذا على كل من الرِّجال والنِّساء.

كما يؤثِّر رضا الزوج/الزوجة عن العلاقة على رغبتهم الجنسيَّة، ويمكن أن يؤدِّي نقص الاهتمام من أحد الزوجين إلى نقص الاهتمام من كلا الطرفين.

من ناحية أخرى، التعامل مع صعوبات العلاقة مهمّ للعديد من الأسباب، والدافع الجنسي هو واحد منها، كما يجب أن تكون الخطوة الأولى هي التأكُّد من أنّك تستخدم تقنيات التواصل التي تدعم العلاقة بشكل عادل وأن تحاول رؤية المشاكل كتحدّيات تواجهانها معًا، بدلًا من رؤية بعضكما البعض كـ”عدو”، وإذا وجدت صعوبة في القيام بذلك بنفسك، يمكن للمعالج أو مستشار الزواج أن يساعدك في تطوير مهارات العلاقات بشكل أكثر فعاليَّة والعمل على حلِّ بعض القضايا العميقة.

 ثانيا: بعض الاستراتيجيَّات التي تخفِّف التوتُّر والضغط بين الزوجين

التمرين معًا 

ممارسة الرياضة هي طريقة رائعة للحفاظ على التوتُّر بعيدًا وزيادة ثقتك بنفسك، ممَّا يمكن أن يعزِّز من رغبتك الجنسيَّة. إذا كنت تشعر بأنَّك لا تحصل على وقت كافٍ بمفردك مع زوجك/ زوجتك، فكِّر في التمرين معًا.

مثل:

–  الجري السريع أو المشي المسائي، حيث يمكن أن يساعدك على الشعور بالتواصل معا، بينما تزداد إفرازات الأندورفين. 

– تجربة اليوغا، فإنَّ الممارسة معًا قد تجلب طاقة جديدة إلى غرفة النوم.

–  ابحث عن كتاب أو فيديو مخصَّص لليوغا الزوجيَّة، أو ابحث عن دروس محليَّة يمكنك تجربتها معًا.

تخصيص وقت لبعضكما البعض

 الانشغال المستمرّ والتوتُّر يمكن أن يعنيا قلَّة وقت الراحة، ممَّا يمكن أن يستنزف طاقتك ويجعل العلاقة الحميمة بين الزوجين غير جذّابة.

يمكن أن يعني الجدول المزدحم أيضًا عقلًا مشغولًا، وعندما يكون لديك الكثير في ذهنك، قد يكون من الصعب الاسترخاء والدخول في مزاج لممارسة العلاقة الحميمة، وفي بعض الأحيان قد تكون الجداول المزدحمة حتى تحديًا في العثور على وقت لذلك، أو ببساطة تجعلها تبدو وكأنَّها مهمَّة على قائمتك الطويلة.

بينما قد لا تبدو جدولة ممارسة العلاقة الحميمة بين الزوجين فكرة رومانسيَّة للغاية، يمكنك أن تكون مبدعًا وتجعلها مثيرة.

ابدأ بالمغازلة في الصباح الباكر، وابذل قصارى جهدك لالتقاط الهاتف في منتصف النهار لإعلام زوجك /زوجتك بأنَّك تتطلَّع إلى خططكما برسالة نصيَّة سريعة أو مكالمة هاتفيَّة، و يمكن أن يساعد إضافة بعض الموسيقى أو العلاج بالروائح أيضًا في تهيئة الأجواء للاسترخاء والرومانسيَّة.

المصدر
Cortisol: What It Is and How It Affects Sexual Health January 17, 2024How stress affects your sex hormones Posted on May 4, 2022, by Arianne MissimerHow Stress Can Cause a Low Libido, By PhD, Updated on December 17, 2023
اظهر المزيد

نفين سمهوري

خبيرة في مجال الصحَّة الإنجابيَّة والجنسيَّة، مدربة معتمدة في مواضيع الصحَّة الإنجابيَّة والتدابير السريريَّة لحالات الناجين من الاغتصاب والاعتداء الجنسي ، ومحاضرة سابقة في جامعة الملك سعود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى