عدوى الشيغيلا المُسبِّبة للإسهال، هل تؤثِّر على الصحَّة الجنسيَّة؟

يُصاب الكثير منّا باختلاف أعمارنا بالاضطرابات المعويَّة، ومن بينها الإسهال الناتج غالبًا عن الإصابة بإحدى الجراثيم المُنتشرة في البيئة، والذي يُصنَّف كواحدٍ من الاضطرابات المزعجة، التي تترك أثرها السلبي على الصحَّة الجسديَّة والجنسيَّة، خاصَّةً في حال تفاقم الأعراض، وطول مُدَّة الإصابة. وتأتي جرثومة عدوى الشيغيلا أو الزحار العصوي، كواحدةٍ من مُسبِّبات الإسهال الشائعة، فضلا عن كونها إحدى المُسبِّبات الرئيسة للإسهال في جميع أنحاء العالم، وواحدةً من مشاكل الصحَّة العامَّة المُهدِّدة للبُلدان النَّامية.

بكتيريا الشيغيلا .. ما حقيقتها؟

بكتيريا الشيغيلا (Shigella) وتعرف أيضًا بالشيجلا، هي إحدى أنواع البكتيريا اللاهوائيَّة سلبيَّة الغرام، تظهر تحت الفحص المجهري في شكلٍ عصوي، وتُصيب بطانة الأمعاء، مُسبِّبةً لعدوى إسهاليَّة تُسمِّى عدوى الشّيغيلا، يمكن تقسيم أنواع بكتيريا الشيغيلا المسبِّبة للعدوى إلى أربعةِ أنواع رئيسة، وهي:

  • الشيغيلا الزُحاريَّة (مجموعة A).
  • الشيغيلا الفلكسنيريَّة (مجموعة B).
  • الشيغيلا البويديَّة (مجموعة C).
  • الشيغيلا السونيَّة (مجموعة D).

وتُسبِّب جرثومة الشيغيلا، أو ما يُطلق عليها داء الشيغيلات، أو الزحار العصوي العديد من الأمراض المعدية الشائعة، إذ تُصيب كافة الأعمار، وتشيعُ الإصابة بها لدى الأطفال دون الخامسة، دونًا عن غيرهم من الأعمار.

وعادةً ما تلتصق بكتيريا الشيجيلا في بطانة الأمعاء، ثُم تبدأ في إفراز السموم بداخلها، مُسبِّبةً تهيُّجها والتهابها؛ الأمر الذي يؤول في نهاية المطاف إلى الإصابة بإسهال دموي، وتقلُّصات معويَّة شديدة.

الطعام والتلامُس .. كيف تنتقل عدوى الشيجيلا؟ 

تُعدُّ عدوى الشيجيلا من الأمراض البكتيريَّة التي تنتقل بسهولة من شخصٍ إلى آخر عبر عدَّة طرق. إحدى الطرق الرئيسة لانتقال العدوى هي التلامس المباشر مع الشخص المصاب، وخاصَّةً من خلال التعرُّض لبرازه. قد يحدث هذا عند عدم اتِّباع قواعد النظافة الشخصيَّة مثل غسل اليدين بعد استخدام الحمَّام، أو عند تغيير حفَّاضات الأطفال المصابين.

مقالات ذات صلة

وتنتقل جراثيم الشيجيلا أيضًا عن طريق تناول الأطعمة والمشروبات الملوَّثة بالبكتيريا، مثل الخضروات غير المغسولة جيِّدًا، أو المعلَّبات التي تعرَّضت للتلوث، أو الأطعمة المحفوظة في ظروف غير ملائمة ولا تستوفي معايير السلامة الصحيَّة. كما يُمكن أن تنتقل العدوى عبر المياه الملوَّثة في حمَّامات السباحة أو عن طريق لمس الأسطح الملوَّثة مثل الحمَّامات أو أدوات الطعام، ثمَّ لمس الفم بعد ذلك.

بالإضافة إلى التلامس الجسدي المباشر، يمكن أن تنتقل الشيجيلا عبر الاتِّصال الجنسي مع الشخص المصاب، خاصَّةً في حالة الاتِّصال الفموي أو التلامس مع مناطق الجلد المحيطة بالشرج والأعضاء التناسليَّة، بما في ذلك الفخذين والأرداف. من الجدير بالذكر أنَّ الشيجيلا يمكن أن تكون موجودة في هذه المناطق دون أي علامات مرئيَّة، ممَّا يجعل انتقال العدوى غير ملحوظ بسهولة.

للحدِّ من انتقال العدوى، تُعتبر النظافة الشخصيَّة الصارمة أحد أهمّ وسائل الوقاية. يجب غسل اليدين جيدًا بعد استخدام الحمام أو تغيير الحفَّاضات، وتنظيف الخضروات جيِّدًا، خاصَّةً تلك التي تُتناول نيِّئة. كما ينبغي اتِّخاذ الاحتياطات أثناء ممارسة الجنس، واتِّباع معايير النظافة الشخصيَّة في الحياة اليوميَّة.

ورغم أنَّ أغلب حالات الإصابة تكون طفيفة ولا تتطلَّب علاجًا طبيًّا معقَّدًا، إلَّا إنَّ بعض الحالات قد تتفاقم وتحتاج إلى تدخُّل طبِّي في المستشفيات، خاصَّةً إذا كانت مصحوبة بمضاعفات شديدة مثل الجفاف أو التهابات الجهاز الهضمي الحادَّة.

اقرأ أيضًا: التهاب الأمعاء المزمن وأثره على الصحَّة الإنجابيَّة للمرأة

ما بين طفيفةٍ وحادَّة .. ما أعراض عدوى الشيغيلا؟

عادةً ما تبدأ أعراض العدوى بالظهور بعد انتهاء فترة الحضانة، والتي تكون تتراوح ما بين يومٍ إلى يومين تقريبًا من تعرُّض المصاب للبكتيريا، وتستمرّ الأعراض ما بين خمسة إلى سبعة أيَّامٍ تقريبًا، وقد لا تظهر أعراض العدوى في الحالات البسيطة، وخاصَّةً البالغين، وتشمل الأعراض ما يلي:

  • الإسهال المصحُوب بدم أو مُخاط.
  • آلام وتشنُّجات في البطن المُستمرَّة.
  • الرغبة المُلحَّة في التبرُّز طوال الوقت.
  • ارتفاع درجة حرارة الجسم.
  • الإصابة بالغثيان والقيء
  • المُعاناة من آلام المستقيم.

ما مُضاعفات عدوى الشيجيلا؟

من المُحتمل أن تتسبَّب عدوى الشيغيلا في العديد من المُضاعفات مُتباينة الخطورة، ويُعدُّ الأطفال الأكثر عُرضة للإصابة بالمضاعفات الشديدة، وخاصَّةً الأطفال الذين يُعانون من ضعف جهاز المناعة، أو سوء التغذية، وتتمثَّل أبرز المضاعفات في ما يلي:

  • نقص الوزن الشديد.
  • الجفاف الناتج عن الإسهال.
  • الإصابة بالإسهال الدموي.
  • الحمَّى التي تزيد عن 39 درجة مئويَّة.
  • الغيبوبة في الحالات الخطيرة.
  • مشاكل الجهاز العصبي.
  • التهاب المفاصل التفاعلي.
  • متلازمة انحلال الدم اليوريميَّة

تأثير عدوى الشيغيلا على الصحَّة الجنسيَّة

في الوقت الذي تُشير فيه الدراسات إلى احتماليَّة انتقال البكتيريا المُسبِّبة للإسهال عن طريق الاتِّصال الجنسي، نتيجة التلامس المُباشر مع الشخص المُصاب، يترك الإسهال الناتج عن البكتيريا المعويَّة، ومن بينها عدوى الشيجيلا تأثيرهُ على الصحَّة الجنسيَّة للأزواج.

يُمكن أن تُسبِّب عدوى الشيجيلا ضعفًا في الانتصاب، بالإضافة إلى تأثيرها على جودة الحياة الجنسيَّة لدى السيِّدات، فضلًا عن الشعور بعدم الراحة؛ نتيجة الحاجة المُستمرَّة لقضاء الحاجة طوال الوقت، وخاصَّةً أثناء العلاقة الحميمة، وتتمثَّل أبرز أضرار عدوى الشيجيلا على الصحَّة الجنسيَّة فيما يلي:

  1. انتقال العدوى عبر الاتِّصال الجنسي: من الوارد انتقال عدوى الشيجيلا خلال العلاقة الجنسيَّة، وخاصَّةً خلال مُمارسة الجنس الفموي أو الشرجي، مما يُعرِّض الزوجين لخطر الإصابة بالعدوى.
  2. الشّعُور بالحرج: قد يُؤدِّي انتقال العدوى عن طريق الجنس إلى الشّعور بالقلق والحرج بين الزّوجين، ممَّا يؤثِّر سلبًا على العلاقة الجنسيَّة بين الأزواج، ويزيد من مشاعر التوتّر وعدم الارتياح.
  3. التهابات الجهاز التناسلي: على الرّغم أن الشيجيلا لا تصيب الأعضاء التناسليَّة بصورةٍ مُباشرة، إلا إنَّ مُلامسة الجلد المصاب بالعدوى في منطقة الشرج والأعضاء التناسليَّة، من المُمكن أن تؤدِّي إلى التهاباتٍ مُؤلمةٍ في هذه المناطق.
  4. التأثير سلبًا على الرغبة الجنسيَّة: من المُحتمل أن تؤثِّر الأعراض المصاحبة لعدوى الشيجيلا، مثل الإسهال الحادّ، وآلام البطن، والغثيان، على الرغبة والقُدرة الجنسيَّة، نتيجة الشعور الدائم بالتعب والضعف.

اقرأ أيضًا: الإحباط الجنسي

ما العلاقة بين عدوى الشيجيلا والأمراض المنقولة جنسيًّا؟

تسلِّط إحدى الدراسات التي أجريت في الفترة ما بين عامي 2007 إلى 2016م الضوء على العلاقة الواضحة بين عدوى الشيجيلا والعدوى المنقولة جنسيًّا (STIs)، إذ لُوحظت علاقةٌ طرديَّة ما بين حالات الإصابة بعدوى الشيجيلا بين الذكور، وزيادة مُعدَّلات تشخيص العدوى المنقولة جنسيًّا بين هؤلاء المرضى، وتستنتج الدراسة أنَّ الأفراد المصابين بالـ شيغيلا عادةً ما يكونون أكثر عُرضةً للعدوى المنقولة جنسيًّا.

قنطارُ وقاية .. كيف نحمي أنفسنا من عدوى الشيغيلا؟

يعدُّ اتِّباع سُبل الوقاية من الإصابة بعدوى الشيغيلا أمرًا ضروريًّا لتجنُّب المرض والحدّ من انتشاره؛ من أجل تفادي رحلة الألم الطويلة، وتشمل أبرز أساليب الوقاية ما يلي:

  • اختر طعامك بعناية: ابتعد عن الطعام المُحضّر من قبل الأشخاص المُصابين، مع العناية بغسل اليدين جيِّدًا بالماء والصابون، وتعقيمهما جيِّدًا قبل إعداد الطعام في حال وجود شخص مُصاب بالمنزل.
  • تناول الماء النظيف: احرص على شُرب الماء من مصادر نظيفة، والابتعاد عن المياه المُلوَّثة، وخاصَّةً في حمَّامات السباحة وبرك المياه الراكدة، والتي تُعدُّ موطنًا مهمًّا من مواطن العدوى.
  • تعقيم اليدين: اعتنِ بنظافة يديك وتعقيمهما جيِّدًا بعد تغيير الحفَّاض للطفل، مع التخلُّص الفوري من الحفَّاضات المتَّسخة بالسُبل السلميَّة.
  • اعتنِ بنظافة مرحاضِك: لا تغفل عن تنظيف المرحاض جيِّدًا باستخدام المُنظِّفات المُخصَّصة، مع استخدام المياه والمواد المُطهّرة قبل وبعد الاستخدام.
  • احرص على غسل اليدين جيدًا بالماء الفاتر والصابون، وتعقيمهما باستمرار، وخاصَّةً في حال كُنت مُكلَّفًا برعاية مرضى الزحار العصوي.
  • احرص على نشر التوعية في الأماكن العامَّة، وأماكن التجمُّعات، مثل المدارس والمباني المُكتظَّة بالسكَّان، وتثقيفهم بأهميَّة اتِّباع تعليمات النظافة الشخصيَّة لتجنُّب العدوى والحدّ من انتشارها.

اقرأ أيضًا: العناية الشخصيَّة وارتباطها بالحياة الزوجيّة.

ما سُبل علاج عدوى الشيغيلا؟

في كثيرٍ من الأحيان تختفي العدوى من تلقاء نفسها في غضون أسبوعٍ من الإصابة؛ ويبدأ المريض في التعافي تمامًا بالاعتماد على دفاع الجهاز المناعي، وفي أحيانٍ أخرى قد يُضطرّ المريض إلى الحصول على الرعاية الطبيَّة؛ لتجنُّب تفاقم مضاعفات العدوى، وتشمل أهمّ علاجات الشيغيلا ما يلي:

  • لا تغفل عن محاليل الجفاف: قد يحتاج المرضى إلى تعويض السوائل والأملاح المفقودة، نتيجة الجفاف الناتج عن الإسهال، من خلال التغذية الوريديَّة بالسوائل الغنيَّة بالأملاح.
  • تناول المُضادَّات الحيويَّة: في بعض الأحيان قد يصف الطبيب مجموعةً من المضادَّات الحيويَّة، مثل السيبروفلوكساسين أو الأمبيسيلين، من أجل القضاء على البكتيريا المُسبِّبة للعدوى.
  • تجنّب مضادات الإسهال: يُفيد الإسهال في خروج البكتيريا المُسبِّبة للعدوى إلى خارج الجسم، وهو ما لا يحدث في حال تناول مُضادَّات الإسهال، التي تُسهم في بقاء البكتيريا في التجويف الهضمي لفترة أطول، ممَّا يُفاقم من أعراض الإصابة.
  • تناول الطعام الصحِّي: يلعب الطعام دورًا في التخفيف من أعراض الإسهال، مع الحرص على تعقيمه جيِّدًا قبل تناوله، وخاصَّةً الخضروات والفواكه، والأطعمة النيِّئة.
  • خذ قسطًا من الراحة: احرص على الابتعاد عن الأنشطة الشاقَّة، وأخذ القسط الكافي من الراحة، من أجل التعافي سريعًا.

المصدر
Platts-Mills, J. A., & Kosek, M. (2019). Shigellosis. National Center for Biotechnology Information (NCBI).Giddy, T. (2021). How diarrhea affects sexual health. Giddy. Centers for Disease Control and Prevention (CDC). (2023). Shigella – About. Centers for Disease Control and Prevention (CDC) Centers for Disease Control and Prevention (CDC). (2022). Preventing Shigella infection among sexually active people. Centers for Disease Control and Prevention (CDC).WebMD. (n.d.). What is Shigella? WebMD, Alyson Powell Key
اظهر المزيد

إسراء رجب

حاصلة على درجة البكالوريوس في الصيدلة الإكلينيكية من جامعة الإسكندرية، أعمل في صناعة المحتوى الطبي العربي منذ ما يزيد عن 6 سنوات، لديها خبرة رفيعة في محتوى الصحًّة الجنسيَّة والإنجابيَّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى