التبخيرة المهبليَّة؛ هل هي مفيدة حقًا، أم أنَّها خرافة تتوارثها الأجيال؟
التبخيرة المهبليَّة
- التبخيرة المهبليَّة؛ هل هي مفيدة حقًا، أم أنَّها خرافة تتوارثها الأجيال؟
- ما هي التبخيرة المهبليَّة؟ وما أشهر الأعشاب المستخدمة فيها؟
- فوائد التبخيرة المهبليَّة لا حصر لها بالنسبة للعديد من النساء!
- هل حقًّا التبخيرة المهبليَّة تحمل لكِ الفوائد العديدة؟
- بدائل التبخيرة المهبليَّة، حلول علميَّة فعَّالة للمشكلات التناسليَّة
قديمًا، كانت زيارة طبيبة أمراض النِّساء من الأمور غير المحبَّبة للكثيرات، خاصَّة غير المتزوِّجات، ولذلك كُنّ يعتمدن على الوصفات الطبيعيَّة المتوارثة من الجدَّات والأمَّهات لمداواة أمراض الجهاز التناسلي، ولعلَّ أشهر هذه الوصفات هي التبخيرة المهبليَّة.
تُرى ما هي التبخيرة المهبليَّة؟ وهل هي حقًا مفيدة لعلاج الأمراض التناسليَّة أم أنَّها مجرَّد خرافة؟ هذا ما نتناوله تفصيلًا في مقالنا، فتابعي القراءة.
ما هي التبخيرة المهبليَّة؟ وما أشهر الأعشاب المستخدمة فيها؟
التبخيرة المهبليَّة (Vaginal steaming) هي إحدى الممارسات التي اتَّبعتها النساء قديمًا بغرض تنظيف المهبل، وذلك عن طريق الجلوس فوق إناء من الماء الساخن يحتوي على بعض الأعشاب، ولفّ الجزء السفلي من الجسم ببطانيَّة أو لُفافة، لمنع بخَّار الماء من التطاير خارجها، ومن ثمَّ تعريض المهبل لأكبر قدر ممكن من هذه الأبخرة.
ولعلَّ أشهر الأعشاب التي استُخدمت في التبخيرة المهبليَّة هي البابونج، والشِّيح، والخزامى، واللبان الدكر، والريحان، والشاي الأخضر والزعتر، وذلك للاعتقاد بأنَّ لها مفعولًا قويًّا في تطهير المهبل، وتسكين آلام الرَّحم، وغير ذلك من مشكلات الجهاز التناسلي الأنثوي.
هي ممارسة تقليديَّة تمَّ توارثها عبر الأجيال في العديد من الثقافات والمناطق حول العالم، حيث لعبت دورًا مهمًّا في العناية بصحَّة المرأة وتعزيز راحتها الجسديَّة والنفسيَّة. في شرق آسيا، تُعدُّ شائعة في كوريا حيث تُعرف باسم “تشاي-يوك” (Chai-yok) وتُستخدم لتنظيف الرَّحم وتحسين الدورة الدمويَّة. أمَّا في أفريقيا، خاصَّة في إثيوبيا، فكانت تُمارس لتحسين الخصوبة والعناية بصحَّة المرأة بعد الولادة. وفي أمريكا اللاتينيَّة، تُعتبر جزءًا من الرعاية التقليديَّة للمرأة بعد الولادة لتسريع عمليَّة التعافي. في منطقة الكاريبي، استُخدمت ضمن طقوس تهدف إلى تنظيف الجسم والروح، بينما في أوروبا التقليديَّة، وخصوصًا في المناطق الريفيَّة، كان يُعتقد أنَّ هذه الممارسة تساهم في تقليل الالتهابات وتخفيف الآلام. تعكس هذه الممارسة التنوُّع الثقافي في الطرق التقليديَّة التي اعتُمدت للعناية بصحَّة المرأة باستخدام الموارد الطبيعيَّة المتاحة.
فوائد التبخيرة المهبليَّة لا حصر لها بالنسبة للعديد من النساء!
استعانت النساء بالتبخيرة المهبليَّة في كثير من الأمور، وقد زعمن أنَّ لها فائدة سحريَّة في كثير من المشكلات الجنسيَّة والتناسليَّة، ومن أشهر هذه الفوائد المزعومة:
- تنظيف المهبل بعد العلاقة الزوجيَّة، أو بعد انتهاء الدورة الشهريَّة.
- تخفيف آلام الحيض خاصَّةً في حالة غزارة النزيف.
- تسريع فترة التعافي بعد الولادة، وتسكين الآلام المصاحبة لها.
- تضييق المهبل مع تكرار الولادات الطبيعيَّة.
- إصلاح الاضطرابات الهرمونيَّة، وزيادة فرص حدوث الحمل.
- القضاء على الالتهابات البكتيريَّة والفطريَّة.
- علاج التشنُّجات المهبليَّة في الأيَّام الأولى بعد الزواج.
- المساعدة في الولادة الطبيعيَّة، وتهيئة الرَّحم لمراحل المخاض.
- الحدّ من التهاب وتورُّم فتحة الشرج الناتج عن البواسير، وتخفيف الآلام الناتجة عنها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو كم تبلغ نسبة الحقيقة حول فوائد التبخيرة المهبليَّة المذكورة حسب اعتقاد الأجيال السالفة؟
هل حقًّا التبخيرة المهبليَّة تحمل لكِ الفوائد العديدة؟
لم تُثبت الدراسات أو الأبحاث العلميَّة المتخصِّصة وجود أي فائدة من الفوائد التي ذكرناها سالفًا للتبخيرة المهبليَّة.
وقد أكَّد ذلك إجماع الأطباء على كونها خرافة أوهمت الأجيال المتتابعة بإمكانيَّة الشفاء والتعافي بمجرد تطبيقها، وذلك لأنَ البخار لا يصل سوى للجزء السفلي من المهبل، كما أنَه لم يُثبَت علميًا أي فائدة لاستخدام الأعشاب الشهيرة في علاج الالتهابات المهبليَّة، أو حتى تسكين الآلام.
وبناءً على ذلك، نستنتج أن تعدُد فوائد التبخيرة المهبليَّة أمر خالٍ تمامًا من الصحَة، بل على النقيض، قد يتسبَّب الإفراط في استخدامها دون وعي، في إصابة السيِِّدات بمضاعفات عديدة، وهي ما نتطرَّق إليه فيما يلي:
أضرار التبخيرة المهبليَّة .. ممنوعة نهائيًّا للحوامل!
أقرَّ الأطبَّاء بوجود أضرار عديدة للتبخيرة المهبليَّة، ومن أبرزها:
- إصابة جلد المهبل بالحروق والقُرَح، وذلك لأنَّها منطقة ذات جلد شديد الرقَّة والحساسيَّة، ومن ثمّ قد يؤدِّي تعرّضه للبخَّار الساخن لفترات طويلة إلى الإصابة بالحروق والالتهابات.
- زيادة فرص التعرُّض للالتهابات المهبليَّة عوضًا عن علاجها، وذلك لأنَّ ارتفاع درجة حرارة المهبل جرَّاء البخَّار، يحفِّز تكاثر ونموّ البكتيريا ويغيِّر من سلوكها، ما يزيد من حدوث الالتهابات المهبليَّة.
- تغيُّر حموضة المهبل بسبب المواد الكيميائيَّة المنبثقة من الأعشاب المستخدمة في التبخيرة المهبليَّة، ما يُحفِّز نموّ وتكاثر أنواع معيَّنة من البكتيريا أو الفطريَّات التي تسبِّب ظهور الالتهابات المزعجة.
- انتقال بعض أنواع العدوى من المقاعد والأدوات المستخدمة في تبخير المهبل إلى الجلد أو المهبل.
أمَّا عن الحوامل، فقد تظهر التشوُّهات أو يضطرب نموّ الجنين بسبب تعرُّض منطقة الحوض والمهبل مباشرةً إلى الأبخرة الساخنة لفترات طويلة، وقد ينتهي الأمر في بعض الحالات الاجهاض.
ونظرًا للحقائق المذكورة، أوصى الأطبَّاء بضرورة الامتناع عن مثل هذه الممارسات أو الموروثات الخاطئة، التي ربَّما توقِع السيِّدات في مشكلات لم تكن لديهنَّ من الأساس، إذ توجد بدائل صحيَّة وآمنة للتعامل مع معظم مشكلاتهن، والتي نستعرضها تفصيلًا فيما تبقَّى من حديثنا حول التبخيرة المهبليَّة.
بدائل التبخيرة المهبليَّة، حلول علميَّة فعَّالة للمشكلات التناسليَّة
تشمل أهمّ البدائل التي يمكن للسيِّدات الاستعانة بها لعلاج مشكلات الجهاز التناسلي عوضًا عن استخدام التبخيرة المهبليَّة ما يلي:
تنظيف المهبل بالماء فقط بعد الجماع
المهبل عضو ذاتي التنظيف، بمعنى أنَّه يتخلَّص من جميع السوائل أو الإفرازات من تلقاء نفسه بعد العلاقة الزوجيَّة، ولا يحتاج إلى مطهّرات خاصَّة لتنظيفه، لذا يُنصح بالاكتفاء بشطف المنطقة بالماء فقط.
أخذ حمَّام ماء دافئ لتخفيف آلام ما بعد الولادة
يساعد أخذ حمَّام ماء دافئ في إرخاء العضلات وتحفيز تدفُّق الدورة الدمويَّة إلى كافَّة أجزاء الجسم، كما يُخفِّف من التوتُّر والضغط العصبي أيضًا، لذلك يمكن الاستعانة به خلال فترة ما بعد الولادة للتخلُّص من الآلام والتوتُّر والتعافي بصورة أسرع.
وضع كمَّادات دافئة على منطقة أسفل البطن لتخفيف آلام الدورة الشهريَّة
تعدُّ كمَّادات الماء الدافئة من الوسائل الفعَّالة في تخفيف آلام أسفل البطن والظهر التي تعانيها النساء خلال فترات الدورة الشهريَّة، فهي تسهم في إرخاء التشنُّج العضلي في منطقة الحوض، وتحفيز تدفُّق الدورة الدمويَّة إليها ومن ثمَّ يقلّ الألم.
أداء تمارين “كيجل” لتضييق المهبل بعد الولادة
وُجد أنَّ لبعض التمارين البسيطة التي يمكن للنساء ممارستها يوميًّا في المنزل تأثيرًا إيجابيًّا على عضلات المهبل التي ترهَّلت إثر الولادة الطبيعيَّة.
ولعلّ أشهر هذه التمارين هو تمرين “كيجل” الذي يُقوِّي عضلات الحوض وبدورها تشدّ عضلات المهبل وتضيّقه.
يمكنكِ ممارسة هذا التمرين على النحو التالي:
- إفراغ المثانة قبل البدء في التمرين.
- الاستلقاء على الظهر أو الجلوس.
- شدّ عضلات الحوض لمدَّة 3-5 ثواني تمامًا كما نفعل عند الرغبة في حبس البول.
- إرخاء عضلات الحوض لمدَّة 3-5 ثواني.
- تكرار هذا التمرين 10 مرَّات في ثلاث مجموعات، أي إنَّ الإجمالي يكون 30 حركة يوميًّا.
من المتوقَّع أن تشعري بتحسُّن بعد المواظبة على أداء هذا التمرين لمدَّة 4-6 أسابيع متتالية.
والجدير بالذكر، أنَّ تمارين كيجل ليست التمارين الوحيدة المعنيَّة بتقوية عضلات الحوض والمهبل، بل هناك العديد من التمارين الفعَّالة في هذا الصدد، مثل تمارين القرفصاء، واليوجا، ورفع الساقين.
الاستعانة بطبيب النساء والتوليد لعلاج الالتهابات المهبليَّة وتأخُّر الإنجاب
للتخلُّص من الالتهابات المهبليَّة، يجب زيارة طبيب النساء والتوليد، حتى يتقصَّى عن أبرز الأعراض التي تعانيها السيِّدة ويعرف مدَّة ظهورها، ومن ثمَّ يرشِّح طرق العلاج المناسبة لحالتها.
وقد تتطلَّب معظم أنواع الالتهابات المهبليَّة، تناول كورس مكثَّف من المضادَّات الحيويَّة ومضادَّات الالتهاب، للتعافي تمامًا من الأعراض.
أما إذا كنتِ تعانين من تأخُّر الإنجاب، فلا بد أن تكون استشارة الطبيب هي قرارك الأول، وذلك لاكتشاف السبب من خلال الخضوع للفحوصات التي يطلبها الطبيب، والبدء على الفور في رحلة العلاج على نحو علمي سليم، وليس الخرافات التي تتناقلها النساء فيما بينهنَّ دون وعي، مثل التبخيرة المهبليَّة.
وخلاصة القول، ننبّهكِ -عزيزتي- إلى أنَّ معظم الوصفات الطبيعيَّة المتَّبعة والمتداولة بين النساء غير مبنيَّة على أي أساس علمي، وقد تفوق أضرارها منافعها، لذلك إذا عانيتِ أي مشكلة تتعلَّق بالجهاز التناسلي، فعليك التوجُّه إلى الطبيب المختصّ في أقرب فرصة، ويمكنكِ تخفيف الحرج، من خلال الاستعانة بطبيبة عوضًا عن طبيب، وحتمًا ستحصلين على الاستشارة الطبيَّة المناسبة لحالتك، دون حاجة لاتِّباع أي وصفات طبيعيَّة غير موثوقة.