التحرُّش الجنسي في العمل.. الحدود والحقوق والوقاية

اقرأ في هذا المقال
  • التحرُّش الجنسي في العمل.. الحدود والحقوق والوقاية
  • ما الذي يندرج تحت الاعتداء الجنسي في العمل؟
  • كيف يمكن للعاملات حماية أنفسهنّ من التحرُّش في العمل؟
  • ما هي التصعيدات الممكنة في حال التعرُّض لضغط التحرُّش او الاعتداء الجنسي في العمل؟
  • ما هي المسؤوليَّات التي تقع على المؤسَّسات للحماية والحدّ من التحرُّش الجنسي؟

يُعتبر التحرُّش الجنسي في العمل واحد من أكبر القضايا والمشكلات الشائكة التي تُعاني منها نسبة كبيرة من السيِّدات العاملات في أنحاء العالم المُختلفة، باختلاف الأديان والثقافات والمرجعيَّات. يتفاوت هذا الاعتداء في أنماطه وشدّته، بدءًا من الملاحظات الشفاهيَّة، والتعليقات غير المريحة على الجسد، امتدادًا لما قد تتعرَّض له بعض السيِّدات من مُساومات أو ضُغوطات لتقديم بعض التنازلات، ووصولاً للاعتداءات الصريحة خاصَّة من الرؤساء والمناصب الأعلى، والتي يظنُّ أصحابها أنَّهم بأمان وبمنأى عن العقاب والمُساءلة. كل هذه الضغوطات التي قد تتعرَّض لها المرأة في العمل، من شأنها أن تُؤثِّر على بيئة العمل، وعلى مُستويات الأمان والراحة داخله، بل وأيضًا على درجات الإنتاجيَّة المُتوقَّعة من العاملات.

ومن الناحية الأخرى، فإنَّه صحيح لن تحبّ أي جهة عمل أن تكون بيئة خَطرة أو غير آمنة للسيِّدات، إلا أنَّها قد لا تعترف بسهولة بأنَّ الأفراد داخلها يتعرَّضون للتحرُّش والمضايقات الجنسيَّة، لما يَحمله هذا من خطورة وضغط على سُمعة المؤسَّسة والأفراد، لا سيما إن كانوا من أصحاب الصيت والنفوذ. 

في السنوات الأخيرة، اعتُمدت الكثير من القوانين المحليَّة والدوليَّة الصارمة للسيطرة على هذه الأداءات، لضمان الحماية والسلام للسيِّدات العاملات، وعمل حدود رادعة تضمن الالتزام بمهنيَّة العلاقات، والحفاظ على أمن العاملين وسلامتهم.

ما الذي يندرج تحت الاعتداء الجنسي في العمل؟

يشمل التحرُّش الجنسي في العمل أو الاعتداء الجنسي كل ما يصدر من آداء أو سلوك جسدي أو لفظي له طابع جنسي، بغير رضا من أحد الطرفين، مثل: 

  • اللَّمس: ويشمل التعدَّي باللَّمس أو مسك الأيدي، أو الصفع أو أي تجاوز جسدي، بدون رضا أو راحة من الطرفين.
  • المُلاحظات الصريحة: التعليقات الصريحة على الجسد سواء بالوصف أو بالإعجاب أو بإطراء ذي طابع جنسي، أو حتَّى ولو كانت هذه التعليقات عن طريق السخرية والمِزاح.
  • التحرُّش اللفظي واستخدام الإيحاءات: عن طريق الإشارات أو التلميحات المُلتوية أو الضحك أو الإيماءات التي تحمل مَغزى ومَضمونًا جنسيًّا. وتندرج النكات البذيئة والإحالة المُتكرِّرة لموضوعات جنسيَّة أيضًا تحت الاعتداء الجنسي اللفظي.
  • الطلبات المُباشرة: مثل التعرُّض للضغط أو الابتزاز لتقديم تنازلات جنسيَّة، أو إقامة علاقات من أجل الترقّي أو الحصول على فرص مهنيَّة مميَّزة. أو التفاوض لتحقيق مصالح معيَّنة بمقابل جنسي، أو المساومة لتمرير أخطاء مهنيَّة مقابل تنازلات جنسيَّة.
  • التحرُّش البَصري: بالتجاوز بالنظر وإطالة التحديق للمناطق الخاصَّة بشكل فجّ يتجاوز حدود التواصل البصري المهني العادي أو التقليدي.
  • المطاردة والتحرُّش الإلكتروني: وهو أحد المسارات التي أصبح من السهل التخفِّي وراءها والتعامل بأشكال غير لائقة. سواء عن طرق التعليقات غير اللائقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو المطاردة من خلال الاتِّصال والرسائل بمحتوى غير مناسب، وغيرها من الأداءات السلوكيَّة المزعجة التي تتمّ إلكترونيًّا.

كيف يمكن للعاملات حماية أنفسهنّ من التحرُّش في العمل؟

  • التعرُّف على قانون التحرُّش الجنسي في العمل داخل دولتك ومؤسَّستك: في كل المؤسَّسات وتحت كل القوانين، يُجرَّم التحرُّش الجنسي، ويتعرَّض القائم به لعقوبات تختلف في قانون العمل من دولة إلى أخرى. ومن المهمّ أن يكون كل شخص على وعي بما يُقدِّمه له القانون، وما يَكفُله له من حقوق. هذا الوعي يُعطي مِساحة من الأمان المُؤسَّسي والقانوني، ويُعتبر صمَّام أمان للحفاظ على مِهنيَّة العلاقات. 
  • الالتزام بحدود المهنيَّة في العلاقات: وتَجنُّب الخوض في المساحات الشخصيَّة والمُثيرة للشُبهات، وفقًا لعادات وتقاليد مكان العمل. 
  • التمرين على التعامل مع التجاوزات الجنسيَّة في العمل، والتعرُّف بوضوح على المسارات القانونيَّة في حال التعرّض للمضايقات أو للاعتداء الجنسي.
  • الرفض المُباشر وإغلاق الأبواب أمام أي تمهيدات لهذا النوع من التَجاوز، وعدم التَّغاضي عنها أو تَجاهلها بما قد يُفهم على أنه مُوافقة أو خوف أو خُضوع.
  • التحرُّر التامّ من الشعور بالخجل أو الخزي في حال التعرّض للتحرُّش، والتَحلِّي بالجرأة والشجاعة لتصعيد الإساءة للجهات المسؤولة بكل ثقة. خاصَّة وأنَّ شعور الضحيَّة بالخجل والخوف من هذه المُمارسات يُعطي المُعتدي مزيدًا من الجرأة للاستمرار والتمادي.
  • التوثيق وتسجيل وجمع الأدلَّة التي تبرهن على موقف الضحيَّة، وتثبت تعرُّضها للابتزاز، أو المساومة، أو الاعتداء، أو أيا كان. هذا التوثيق من شأنه أن يزيد قوَّة الموقف القانوني عند تصعيد الشكوى.
  • التصعيد المناسب لرئيس العمل المباشر أو الشخص المعني بهذا النوع من الشكاوى، وطَلب التحقيق في الأمر، والمطالبة بتوقيع العقوبة المناسبة على المتحرِّش.
  • البحث عن دائرة آمنة للدعم النفسي في حال التعرُّض للمضايقات أو التحرُّشات الجنسيَّة في العمل. وذلك لأن التعرّض لهذا النوع من الاعتداء من شأنه أن يترك آثارًا نفسيَّة عميقة على الضحيَّة، ويؤثِّر على آدائها في مختلف مناحي الحياة الشخصيَّة والاجتماعيَّة والعمليَّة. لذا فإنَّ مشاركة ما حدث مع دوائر داعمة من شأنه أن يخفِّف وطأة هذه المشاعر على أصحابها.

ما هي التصعيدات الممكنة في حال التعرُّض لضغط التحرُّش او الاعتداء الجنسي في العمل؟

  • التحذير الحازم والمباشر لصاحب التحرُّش: وتصلح هذه الخطوة إذا كان أسلوب التحرُّش غير مباشر، أو لا يمكن إثباته والتأكُّد منه بسهولة، مثل التحرُّش البصري أو من خلال الإيحاءات التي قد يندرج بعضها تحت بند المزاح أو التلميحات غير المباشرة. هنا قد يفيد توجيه تحذير صارم للمتحرِّش وتهديده بتصعيد الشكوى للشؤون القانونيَّة.
  • التوثيق المكتوب لكل الأفعال أو المواقف التي تتعرَّض لها الضحيَّة، بما في ذلك تسجيل المكان والتوقيت والظرف الذي جرى فيه التحرُّش.
  • التقدُّم بشكوى أو بلاغ للجهة المعنيَّة: وفي أغلب الحالات سيكون الأمر محلّ اهتمام ونظر، قد يتطلَّب الأمر وجود إثبات أو شهود، كما أنّه قد يتمّ البحث عن ملابسات الموقف وطبيعة العلاقة بين الأطراف قبل اتِّخاذ قرار أخير لتفادي الشكاوى الكيديَّة، لكن في كثير من القوانين فإنَّه يتمّ عقاب المتحرِّش بعقوبات قد تصل إلى الإيقاف أو الفصل عن العمل.

ما هي المسؤوليَّات التي تقع على المؤسَّسات للحماية والحدّ من الاعتداء الجنسي؟

  1. التوعية والتدريب: ويتمّ ذلك من خلال عدَّة طرق، مثل:
  • توعية وتدريب العاملين في المؤسَّسة على طرق التصدِّي للتحرُّش الجنسي، والتعرُّف عليه، وتوضيح الحدود اللائقة في العلاقات المهنيَّة وفقا لطبيعة المكان وثقافته وحدود المقبول والمرفوض فيه أخلاقيًّا واجتماعيًّا ودينيًّا.
  • توعية الموظفين بقوانين العمل فيما يخصّ بالاعتداء الجنسي، وتوضيح الحدود المناسبة لبيئة العمل، وتعريف كل فرد بما له من حقوق وما عليه من مسؤوليَّات.
  • التعريف بقنوات الشكوى وطرق التصعيد الرسميَّة المناسبة في حال التعرُّض لمشكلة التحرُّش الجنسي في العمل. الهدف من هذه الخطوة هو أن يعرف كل شخص من هو المسؤول الذي يجب أن يلجأ إليه، أو يبدأ خطوة الشكوى من عنده في حال تعرَّض لهذا النوع من المشكلات.
  1. الجديَّة في التحقيقات: من المهم أن تتعامل المؤسَّسات مع كل شكوى بشكل جدّي، وتبدأ في التحقيق فيها والبحث وراءها والتأكُّد من الأدلَّة والشواهد. هذه الجديَّة من شأنها أن تزيد من مصداقيَّة المؤسَّسة لدى أفرادها، وترسل لهم رسائل طمأنة أنَّ هناك من يُصدّقهم، ويتعامل مع مُشكلاتهم بشكل مناسب، ويأخذها على محمل الجد.
  1. التنفيذ الصارم للقانون: اتِّخاذ الإجراءات القانونيَّة الصارمة تجاه المتحرِّش أو من يقوم بالتجاوز، لا يكفل فقط الشعور بالأمان والراحة في بيئة العمل، ولكنَّه أيضا كفيل بردع الآخرين عن التجاوز والتجرُّؤ على ارتكاب هذا النوع من التجاوزات.

أطلع ايضا على :

مش نمطي بودكاست| كيف نتعامل مع التحرش الجنسي؟

الاعتداء الجنسي؛ الوباء الصامت – منصة مودّة – Mawadda

اظهر المزيد

أية خالد

إخصائية نفسية حاصلة ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وعلى الماجستير في علم النفس الإكلينيكي، وكاتبة محتوى مهتمة برفع الوعي بالصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى