إدارة الدورة الشهريَّة: حلول عمليَّة لذوات الإعاقة الذهنيَّة
- نبذة عن معاناة ذوات الإعاقة الذهنيَّة مع الدورة الشهريَّة
- الأمور المتعلِّقة بتفاصيل النظافة الشخصيَّة والتعامل مع منتجات الدورة الشهريَّة
- لبعض الآباء نظرة أخرى بشأن بلوغ فتياتهم ذوات الإعاقة الذهنيَّة لسنِّ البلوغ!
- إليك أهم 3 مبادئ لإدارة الدورة الشهريَّة لدى ذوات الهمم
- التوعية المسبقة قبل الوصول إلى مرحلة البلوغ بالطريقة المناسبة لدرجة استيعابهن
- استشارة طبيب النساء والتوليد بخصوص الأدوية المعنيَّة بأعراض الدورة الشهريَّة
- مناقشة خيارات منع الدورة الشهريَّة مع الطبيب المتخصِّص
إلى جانب ما قد يتعرَّضن له من سخرية أو تنمُّر، تواجه ذوات الإعاقة الذهنيَّة واقعًا أكثر قسوة بمجرَّد وصولهن إلى مرحلة البلوغ بسبب الصعوبات اللاتي تُلاقينها في التعامل مع الدورة الشهريَّة، فضلًا عمَّا يُفرض عليهن من تحدِّيات أو تضييق مجتمعي، جرَّاء الوصول إلى المرحلة العمريَّة ذاتها.
ومن هذا المنطلق، عزمنا على تناول المشكلات التي تعانيها الفتيات ذوات الإعاقة الذهنيَّة تزامنًا مع قدوم الدورة الشهريَّة، مشيرين إلى أبرز الحلول التي يمكن تقديمها لهنَّ؛ حتى لا يُسلبن الحقّ في عيش الحياة بحريَّة.
نبذة عن معاناة ذوات الإعاقة الذهنيَّة مع الدورة الشهريَّة
بقصدٍ أو بدون، قد تُحرم كثير من ذوات الإعاقة الذهنيَّة -في أغلب الأحيان- تعلم المهارات اللازمة لمساعدتهن في فهم وإدارة الدورة الشهريَّة نتيجة لطبيعة ما أصابهن من أمراض، ولعلَّ أبرز هذه المهارات هي فهم وإدراك ما يدور حولهن، والتواصل مع المحيطين بسلاسة، ومحاولة التعبير عمَّا يشعرن به بصورة صحيحة، ما يترتَّب عليه وقوعهن في مشكلات عدَّة بمجرَّد الوصول إلى سنِّ البلوغ.
وتشمل أبرز هذه المشكلات ما يلي:
الأمور المتعلِّقة بتفاصيل النظافة الشخصيَّة والتعامل مع منتجات الدورة الشهريَّة
عادةً ما تواجه ذوات الإعاقة الذهنيَّة صعوبة في التعامل مع الفوط الصحيَّة واستخدامها بطريقة صحيحة، إضافةً إلى عدم وعيهن بضرورة تنظيف المنطقة التناسليَّة جيِّدًا خلال هذه الفترة، ما قد يُعرِّضهن إلى مخاطر الإصابة بالعدوى، والتهابات الجهازين التناسلي والبولي.
صعوبة فهم واستيعاب طبيعة أعراض الدورة الشهريَّة
نعرف جميعًا، أنَّ الدورة الشهريَّة تصاحبها آلامًا مزعجة، واضطربات مزاجيَّة حادَّة إثر تباين مستويات الهرمونات الأنثويَّة في الجسم، علاوةً على بعض التغيُّرات الجسديَّة المرتبطة بمرحلة البلوغ، لكن الأمر لا يمرّ بنفس السهولة التي قرأنا بها الأعراض للتوّ على ذوات الإعاقة الذهنيَّة، إذ يصعب عليهنَّ فهمها وتقبُّلها والتعامل معها على نحوٍ صحيح، فيشعرن بالارتباك والقلق، وما يزيد الأمر ثقلًا عليهنَّ، هو صعوبة وصف ما يشعرن به، ومن ثم عجزهنَّ عن طلب المساعدة.
الحرج وغياب الخصوصيَّة
لعلَّ نقص الوعي لدى ذوات الإعاقة الذهنيَّة بكيفيَّة إدارة الدورة الشهريَّة، هو ما يجعلهن في حاجة مستمرَّة لمساعدة الآخرين في أدقِّ أمور النظافة الشخصيَّة وأكثرها حساسيَّة، فلا يزيد ذلك عليهن شيئًا، إلا الشعور بالحرج والخجل وافتقاد الخصوصيَّة.
زيادة معدَّل نوبات الصرع
أثبتت بعض الدراسات زيادة معدَّل تعرُّض ذوات الإعاقة الذهنيَّة لنوبات الصرع خلال فترات الحيض، وقد رجَّحوا أنَّ لذلك علاقة بالتقلُّبات الهرمونيَّة التي تمرُّ بها أجسادهن خلال الدورة الشهريَّة.
التنمُّر والرفض المجتمعي
يمثِّل التنمُّر والرفض المجتمعي لبعض المواقف التي يراها البعض مشينة وغير لائقة -مثل تصبُّغ الملابس بالدم- أقسى التحدِّيات التي تواجهها ذوات الإعاقة الذهنيَّة وذويهن على الإطلاق، إذ يَنُم الأمر عن قلَّة وعي بعض أفراد المجتمع بالظروف الصحيَّة الخاصَّة بهن، وسوء تقديرهم لقدرات هؤلاء الفتيات، وكذلك تقليل لما يبذله الأهل من جهدٍ في سبيل تحسين حياتهنَّ قدر المستطاع.
وفي السياق ذاته، هناك ما يدعو للمزيد من الأسف، إذ ينظر بعض الآباء عادةً إلى أمر إدارة الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة الذهنيَّة من بُعدٍ آخر، فكثيرٌ منهم لا يأبه بتلك التحدِّيات التي ذكرناها سلفًا، ولا يشعر بتأثيرها في تفاصيل حياة ابنته اليوميَّة، ولكن تشغلهم قضايا أخرى أكثر تعقيدًا، نتناولها تفصيلًا فيما هو آت.
لبعض الآباء نظرة أخرى بشأن بلوغ فتياتهم ذوات الإعاقة الذهنيَّة لسنِّ البلوغ!
يخشى الآباء تعرُّض فتياتهم من ذوات الإعاقة الذهنيَّة إلى مشكلات أخرى، أكثر تعقيدًا من فكرة صعوبة التعامل مع تفاصيل فترة الحيض، ومن أبرز هذه المشكلات:
زيادة خطر الاعتداء عليهنَّ جنسيًّا وإمكانيَّة الدخول في علاقات غير آمنة
عدم إدراك هؤلاء الفتيات لما يدور حولهن، وصعوبة التعبير عمَّا يشعرن به، قد يُعرِّضهن إلى خطر الاعتداء الجنسي، أو استغلال سذاجتهن للدخول في علاقات جنسيَّة غير آمنة، فتكون كالفريسة التي تقع على حين غفلة في شبكة الصيَّاد الذي لا هدف له سوى الحصول على متعته الجنسيَّة وحبّ التجربة، ما تترتَّب عليه عواقب جسديَّة ومجتمعيَّة وخيمة.
الحمل غير الشرعي
الحمل إثر التعرُّض لاعتداء جنسي من أكثر المشكلات التي تُفزع الآباء عند بلوغ فتياتهن من ذوات الإعاقة الذهنيَّة، إذ يعرِّضها ذلك إلى مخاطر جسديَّة، ويلقي على كاهلهم أعباءً نفسيَّة، ويلحق بهم وصمة العار التي قد تمنعها ممارسة حياته الطبيعيَّة إلى الأبد.
العدوى المنقولة جنسيًّا
لا تقتصر معاناة الفتيات ذوات الإعاقة الذهنيَّة بعد الاعتداء الجنسي على الانهزام النفسي والرفض المجتمعي فقط، فقد تنتقل إليهن بعض أنواع العدوى الجنسيَّة التي توقعهن في وعكات صحيَّة جسيمة، بل قد يصبن بما يودي بحياتهن، مثل فيروس نقص المناعة البشريَّة (الإيدز).
وهذا تحديدًا هو ما يدفع الآباء لاتّباع بعض الأساليب القاسية، مثل منع فتياتهن من الخروج من المنزل أو لقاء أي شخص غريب للحدِّ من فرص تعرُّضهن للمخاطر المذكورة -ومعهم كل الحقّ في ذلك- لكن للأمر سلبيَّاته، إذ يحول في النهاية دون تمتّعهن بحياتهن.
ومن منبرنا هذا، ننصح الآباء بضرورة اتِّخاذ بعض التدابير اللازمة لمساعدة فتياتهن في التعايش مع هذه المرحلة الحسَّاسة بصورة عامَّة، واستيعاب فترات حيضهن على وجه الخصوص، عوضًا عن منعهن من الحياة.
إليك أهم 3 مبادئ لإدارة الدورة الشهريَّة لذوات الإعاقة الذهنيَّة
توصَّلت العديد من الدراسات والأبحاث العالميَّة إلى 3 مبادئ أساسيَّة، يمكن اتِّباعها مع ذوات الإعاقة الذهنيَّة لإدارة الدورة الشهريَّة بأمان.
وتشمل هذه المبادئ ما يلي:
التوعية المسبقة قبل الوصول إلى مرحلة البلوغ بالطريقة المناسبة لدرجة استيعابهن
لا بد من البدء في توعية المقبلات على مرحلة البلوغ مسبقًا بالتغيُّرات الجسديَّة التي قد يتعرّضن لها، وكيفيَّة تقبُّلها وحُسن التعامل معها، وقد يساعد عرضها ببعض الأساليب البسيطة في فهمهن لها بشكل أفضل، ومنها:
- توفير صور أو فيديوهات تمثيليَّة لفترة الدورة الشهريَّة و ما يحدث خلالها من تغيُّرات جسديَّة، وزيادة التوعية بشأن التعامل مع منتجات العناية الشخصيَّة الخاصَّة بفترة الدورة الشهريَّة باستخدام نفس وسائل الإيضاح.
- عمل جلسات تفاعليَّة باستخدام الدُمى لمعرفة كيفيَّة إتمام خطوات النظافة الشخصيَّة بصورة عامَّة، والطريقة الصحيحة لوضع الفوط الصحيَّة، وسُبُل التخلُّص منها بأمان.
- تكرار المعلومات بصورة دوريَّة حتى تصير جزءًا من الروتين اليومي الخاصّ بهن.
استشارة طبيب النساء والتوليد بخصوص الأدوية المعنيَّة بأعراض الدورة الشهريَّة لذوات الإعاقة الذهنيَّة
يمكن تقديم بعض الحلول الطبيَّة لذوات الإعاقة الذهنيَّة للتخفيف من حدَّة التقلُّصات المصاحبة للدورة الشهريَّة والتي يصعب عليهن تحمَّلها، وذلك من خلال استشارة الطبيب المتخصِّص لوصف بعض مسكِّنات الألم التي لا تتعارض مع ما قد تتناوله بعضهن من أدوية خاصَّة بطبيعة الإعاقة.
مناقشة خيارات منع الدورة الشهريَّة لذوات الإعاقة الذهنيَّة مع الطبيب المتخصِّص
في حال عدم نجاح الأساليب السابقة في إدارة الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة الذهنيَّة بالقدر الكافي، وعانى الأهل صعوبات في التعامل معهن خلال هذه الفترة، وبدأ ذلك يقف حائلًا أمام سير الحياة على نحوٍ أيسر، قد تكون خيارات منع الدورة الشهريَّة، حلًّا مطروحًا للنقاش مع الطبيب المتخصِّص.
إذ يمكن أن تسهم الوسائل المعنيَّة بهذا الصدد، في خفض مدّة فترات الحيض أو منعها نهائيًّا، ومن ثمَّ التخفيف من تعرّضهن للآلام المزعجة، وتقليل فترات النزيف الصعبة، والتقلُّبات المزاجيَّة التي قد يتعذَّر على الأهل التعامل معها أحيانًا.
وعادةً ما تتضمَّن هذه الأساليب العلاجيَّة ما يلي:
- الأدويَّة الهرمونيَّة، والتي تؤخذ عن طريق الفم أو الحقن بهدف إيصال الفتيات إلى سنِّ انقطاع الطمث مبكّرًا.
- موانع الحمل الأخرى، مثل اللولب، أو ربط قنوات فالوب.
وفي هذا السياق، نكرِّر التأكيد على ضرورة مناقشة هذه الحلول بموضوعيَّة مع الطبيب المختصّ، وبدوره يُطلع الأهل على كافَّة ما يتعلَّق بها من إيجابيَّات وسلبيَّات، وما يناسب حالة كل فتاة على حدى، وفقًا لما يتَّسق مع الأحكام الشرعيَّة والقانونيَّة.
وفي نهاية حديثنا، نتمنَّى أن نكون قد استطعنا تقديم يد العون وساعدنا -ولو بعض الآباء- في استيعاب فتياتهن من ذوات الإعاقة الذهنيَّة خلال فترات الحيض، وتفهُّم مدى حساسيَّة المرحلة، وأرشدناهم إلى عدَّة حلول واقعيَّة للتعامل مع هذه المشكلة، ليختار كلٌّ ما يناسبه.