هل يختلف الجنس لدى الأشخاص ذوي الحساسيَّة العاليَّة HSP ؟

- هل يختلف الجنس لدى الأشخاص ذوي الحساسيَّة العاليَّةHSP ؟
- ماذا يعني أن يكون الشخص مفرط الحساسيَّة High sensitive person؟
- ومن السمات العامَّة للشخصيَّات شديدة الحساسيَّة:
- كيف يختلف الجنس مع الشخص مُفرط الحساسيَّة؟
- كيف يمكن بناء علاقة آمنة مع شريك حياة مُفرط الحساسيَّة HSP؟
يختلف الأشخاص عن بعضهم في قُدرتهم على مُلاحظة التفاصيل من حولهم، وكيف يؤثِّر هذا المحيط عليهم ومقدار ما يُهيّجه من حَواسهم المُختلفة، بكل ما يَحمله من منبِّهات سمعيَّة وبصريَّة وحسيَّة. ولكن عندما يأتي الأمر لالأشخاص ذوي الحساسيَّة العاليَّة -أو كما تسمَّى علميًّا بـ High sensitive personality وتكتب اختصارًا HSP – فإنَّ كل تفصيلة في المُحيط تبدو وكأنَّها تحت عدسة المُكبِّر، يتضاعف حجمها عن العادي مرَّات ومرَّات. سواء كانت هذه التفاصيل مُنبِّهات صوتيَّة أو حسيَّة، أو حتى تفاصيل لها علاقة بمشاعر الآخر، وتَعبيرات وَجهه، ورَدود فِعله مُتناهية الصِغر.
وكنتيجة لاختلاف حساسيَّة الأفراد تِجاه المُنبِّهات في السياقات المُختلفة في المُحيط اليَومي التقليدي، فإنَّ استجاباتهم تأتي مُختلفة وعلى درجات مُتفاوتة من الحدَّة، وهذا قد يُعتبر أمرًا طبيعيًّا وشائِعًا. ولكن عندما يأتي الأمر للعلاقة الجنسيَّة، فإنَّ الأشخاص ذوي الحساسيَّة العاليَّة تكون علاقتهم شديدة التعقيد بالجنس، كما أنَّهم غالبًا ما يحتاجون لرحلة تَفهُّم مع الطرف الآخر، حتى تُصبح هذه الحساسيَّة مصدرًا إضافيًّا للتعبير عن الحبّ والتواصل، عوضًا عن أن تكون عبئًا ضاغطًا على العلاقة الزوجيَّة.
ماذا يعني أن يكون الشخص مفرط الحساسيَّة High sensitive person؟
غالبًا ما تشير مُفردة “الحساسيَّة” للدرجة التي يستجيب بها الأفراد حسّيًّا وعاطفيًّا على المنبّهات والأشياء من حولهم، فكلما زادت حدّة انتباههم وتأثّرهم بما حولهم من تفاصيل، كلَّما عَنى ذلك ارتفاع حساسيتهم. وتُعتبر الحساسيَّة المُفرطة مُصطلحًا جديدًا، يصف أحد سمات الشخصيَّة، وبدأ استخدامها من قِبل الإخصائيِّين النفسيِّين في أوائل التسعينات من القرن الماضي، ليصف الشخصيَّات التي تتميَّز بحساسيَّة عميقة تجاه المواقف الاجتماعيَّة والعاطفيَّة والحِسّيَّة، وحتّى تجاه المعلومات من حولهم.
ومن السمات العامَّة للأشخاص ذوي الحساسيَّة العاليَّة :
- الشعور بالإنهاك من البيئات الصاخبة التي تَزيد فيها الضوضاء وتتنوَّع فيها مصادر الإضاءة، وكذلك الانزعاج الشديد من الملابس غير المريحة.
- زيادة الشعور بالقلق والتفكير الزائد في أبسط التفاصيل، والانزعاج بشأنها.
- الاحتياج للانعزال والراحة بين أوقات التواصل الاجتماعي والعاطفي، لمحاولة تَهدئة الجهاز العصبي والعودة إلى وضعيَّة الاسترخاء والهدوء.
- ثراء المشاعر ورهافتها، والقدرة على رؤية الجمال فيما حوله من أدقّ التفاصيل، سواء في الطبيعة أو حتى في الأشخاص من حوله.
لا يُعتبر فرط الحساسيَّة اضطرابًا نفسيًّا أو عقليًّا، كما أنَّه لا يُمكن تشخيصه بشكل إكلينكي صارم، ولكن بعض الاستبيانات قد تساعد على تحديد درجة الحساسيَّة، وهو لا يحتاج للعلاج، كما أنَّه ليس له أسباب واضحة، فقد يكون وراثيًّا أو مُكتسبًا، أو مُجرد صفة شخصيَّة مثل عشرات الصفات التي تنتج عن تفاعل مئات العوامل الجينيَّة والبيئيَّة معًا.
لا يحتاج الأشخاص ذوي الحساسيَّة العاليَّة إلا معرفتهم بأنفسهم، وتعوّدهم على اختيار البيئة المُحيطة المُناسبة لهم، والتعرُّف على مناطق راحتهم، والحرص على التواجد في محيط اجتماعي وعلاقة عاطفيَّة تَتفهَّم طبيعتهم، وتقدِّر حساسيتهم، وتمنحهم التقدير والمساحة الخاصَّة التي يحتاجونها من وقت إلى آخر.
كيف يختلف الجنس مع الأشخاص ذوي الحساسيَّة العاليَّة؟
- شدَّة الانتباه للتفاصيل: يميل الأشخاص مُفرطو الحساسيَّة للانتباه الشديد للتفاصيل المُحيطة، ومحاولة فهمها وإعطائها معنى، وتوظيفها لخدمة السياق، سواء كانت هذه التفاصيل تخصُّ العلاقة الحميمة، أو غيرها. ولكن فيما يخصّ الجنس، فإنَّهم يميلون للانتباه بشدَّة لتوقّعات الطرف الآخر، وما يُمكن أن يسعده أو يضايقه، ويَبذلون جهدًا كبيرًا ليكون كل شيء على مستوى توقّعاتهم، حيث لا يستطيعون بسهولة التغافل أو السكوت عن المنبِّهات أو التفاصيل الخاطئة أو المُزعجة بالنسبة لهم.
- الحساسيَّة العالية للمُنبِّهات: لأنَّ حواسهم تكون أكثر تطوّرًا، وجهازهم العصبي شديد التَحفُّز، فإنَّ أبسط التفاصيل تُؤثِّر فيهم، بما في ذلك الحساسيَّة الزائدة للروائح أو اللَّمس أو الصوت، بشكل قد يكون حادًّا ومُربكًا أحياناً. لذلك عادة ما يحتاجون لتجهيز بيئي عند ممارسة العلاقة، مثل أن يكون مكانًا هادئًا بعيد عن المُشتِّتات، حتى يستطيعوا أن يُعطوا تركيزًا أكبر وأعمق للعلاقة.
- التَأثُّر الشديد بفوضى الحياة: وما بها من مسؤوليَّات وأحداث وروتين ومهامّ لا تنتهي، تصيب كل هذه التفاصيل الأشخاص مُرتفعي الحساسيَّة بالتوتُّر والإنهاك، وربما تعزلهم نفسيًّا عن الاهتمام بالجنس، وقد يَجدون صعوبة كبيرة في الانفصال النفسي والذهني عن هذه الفوضى ليندمجوا في نشاط جنسيّ حميمي ورومانسي.
- الحاجة للتمهيد ولفترة مُلاعبة أطول: يحتاجون غالبًا للتدرُّج الحسِّي قبل العلاقة، حتى يتمكنوا من الانغماس شعوريًّا والشعور بالراحة والمتعة في العلاقة الحميمة، لذا قد تجدهم يُفضِّلون تجهيز المكان، بإضاءة الشموع، أو تعطير الغرفة، أو تجهيز الفراش، والبدء بالخطوات الرومانسيَّة الهادئة قبل القفز إلى العلاقة.
- الرغبة في العزلة بعد الجنس: يُعتبر الجنس بالنسبة لهم تجربة حسيَّة وعاطفيَّة ونفسيَّة عميقة وغامرة، من الصعب أن ينفصلوا منها ويعودوا لروتين الحياة بسرعة، ومن الصعب أيضًا أن يستمرّوا في العطاء أو التواصل العميق بعدها، فغالبًا ما يحتاجون إلى بعض الوقت بمفردهم للاسترخاء والعودة لحالة ذهنيَّة ونفسيَّة أكثر استقرارًا.
- التواصل النفسي والعاطفي ضرورة: حيث يعتبر الجنس خطوة تالية في سلسلة خطوات من الوجود الحقيقي في العلاقة ومن التواصل الفعّال مع الطرف الآخر، إذ لا يستطيعون القَفز على البُعد والمسافات والخلافات بسهولة إلى علاقة جنسيَّة بدون بناء قوي من الروابط العاطفيَّة التي تدعم الحميميَّة.
- الشعور الحادّ بالألم والمتعة: لأنَّ الجنس تجربة حسيَّة قويَّة، فإنَّ حواسهم بما فيها الأعضاء التناسليَّة، تكون شديدة الحساسيَّة بدرجة أكبر من غيرهم نحو الشعور بالألم أو الاستثارة أو المتعة، مع التأكيد على أنَّ الشعور بالألم والمتعة بينهما شعرة.
- الانتباه الشديد لاحتياجات الطرف الآخر: وهي ميزة كبيرة، إذ يكونون شديدي التركيز في مشاعر الطرف الآخر وما قد يدور في رأسه من أفكار، أو ما لديه من احتياجات، مع وجود شعور غامر بالتعاطف والتوحُّد والرغبة في تلبية احتياجاته وإسعاده بناء على فهمهم له.
- الميل للتكرار والبطء والاستقرار في الجنس: إذ لا يفضِّلون غالبًا تجربة أوضاع جديدة، أو المرور بمفاجآت أثناء العلاقة الجنسيَّة، بينما يفضِّلون الجنس الهادئ العميق الحميمي، والذي يتوقّعون فيه ما يمكن أن يحدث.
كيف يمكن بناء علاقة آمنة مع شريك حياة مُفرط الحساسيَّة HSP؟
في المُجمل لا يختلف الأشخاص شديدو الحساسيَّة عن غيرهم في درجة اهتمامهم بالجنس أو شعورهم بالمُتعة من خلاله، كل ما يَحتاجونه هو تَفهُّم الطرف الآخر لطبيعتهم المختلفة نوعا ما، والتعاون معهم من أجل تحقيق تجربة جنسيَّة رائعة وعلاقة عاطفيَّة مستقرَّة ودافئة. ومن أهمّ النصائح فيما يخصّ العلاقة مع شخص مُفرط الحساسيَّة:
- التواصل العاطفي العميق: نظرًا لانتباههم الشديد للتفاصيل، وحساسيتهم نحو تغيُّر الآخر وتعليقاته وأفكاره، ودرجة بعده وقربه ونمط تواصله، وما يتركه ذلك عليهم من تأثير وتفكير ومحاولة للإلمام بكل هذه التفاصيل في صورة واحدة، فإنَّهم يحتاجون إلى تواصل عاطفي ونفسي من النوع المُتَّصل والعميق والواضح.
- تفهُّم طبيعة الشخصيَّة: بحيث يستطيع الطرف الآخر أن يفهم ردود الأفعال في حجمها وبتفسيرها الصحيح. البعض بسوء فهم قد يعتقد، أنَّ الأشخاص شديدي الحساسيَّة يُبالغون في ردود أفعالهم، وأنَّ تقديرهم للمواقف غير واقعي، كما أنَّ احتياجهم إلى بعض الوقت مع أنفسهم قد يُفهم أحيانًا على أنَّه نقص في العاطفة، أو عدم رغبة في قضاء وقت مشترك، لذا فإنَّه من المهمّ أن يكون الطرف الآخر على وعي بطبيعة هذه السمة في الشخصيَّة وتأثيراتها.
- ترك مساحة للراحة والتعافي: حيث غالبًا ما تمثِّل العلاقة الجنسيَّة للشخص شديد الحساسيَّة عبئًا عاطفيًّا وجسديًّا كبيرًا، وغالبا ما يحتاج بعدها للعزلة والراحة، كي يستطيع التعامل النفسي والبدني مع هذه الدرجة من الغمر الشعوري والنفسي والجسدي.