اتِّخاذ أحد الزوجين أمرًا مفروغًا منه؛ ناقوس خطر يهدِّد الزواج

اقرأ في هذا المقال
  • فما معنى أن يكون وجود أحد الزوجين مأخوذًا بشكل مُسلَّم به؟
  • ومن أشهر العلامات أنَّ هناك من يتَّخذ وجود زوجه كأمر مُسلَّم به:
  • لماذا قد يتَّخذ أحد الزوجين الآخر أمرًا مَفروغًا منه؟
  • التأثيرات السلبيَّة على العلاقة الزوجيَّة
  • كيف يُمكن التعامل مع شعور أنَّ وجودك في العلاقة الزوجيَّة أمر مفروغ منه؟

مع مرور الوقت، وبعد سنوات من الحياة الزوجيَّة، تبدأ العلاقة بين الزوجين في اتِّخاذ شكل اعتيادي، وتبدأ توقّعات كل منهما من الآخر في الاستقرار بناء على نمط العطاء والتضحيات الذي اعتاداه مع مرور السنوات. هذا الاستقرار قد يُسرِّب إلى أحدهما، مع الوقت، أنَّ الآخر يتعامل مع وجوده على أنَّه أمر مفروغ منه، ومع عطائه على أنَّه واجب لا نِقاش فيه، ومع تضحياته على أنَّها بديهيَّات. إذا تسرَّب هذا الإحساس إلى أحد الزوجين، فإنَّه يكون بمثابة طعنة في عظم التقدير الذي لا تستقرّ ولا تستقيم علاقة زوجيَّة من دونه و في المقال نتناول الحديث عن هل اتِّخاذ أحد الزوجين أمرًا مفروغًا منه؛ ناقوس خطر يهدِّد الزواج .

فما معنى أن يكون وجود أحد الزوجين مأخوذًا بشكل مُسلَّم به؟

يَعني أن يتعامل أحد الطرفين مع اتِّخاذ أحد الزوجين أمرًا مفروغًا منه، لا يحتاج إلى مجهود للحفاظ عليه، ولا لتقديره. وأن يعتقد أحد الزوجين، أنَّ تنازلات الطرف الآخر وتضحياته ومجهوده تجاه الأسرة، هي شيء بديهي مُستحقّ، لا يستوجب النظر أو التقدير أو التوقّف عنده. وهو أحد الأخطاء المُتكرِّرة في العلاقات والتي قد لا ينتبه لها الزوجان، ولكن مع الوقت قد تؤدِّي إلى ذبول العلاقة وفُتورها، وعدم شعور الطرفين بالرِّضا الزواجي الكافي.

ومن أشهر العلامات أنَّ هناك من يتَّخذ وجود زوجه كأمر مُسلَّم به :

  • عدم التقدير: أو تجاهل التعبير عن الشكر والامتنان عند تقديم المساعدات أو التضحيات، أو حتَّى القيام بالمسؤوليَّات أو المهام الأسريَّة المُرهقة. صحيح أنَّ القيام بالتزامات الأسرة هي مسؤوليَّة لا جدال فيها، إلا أنَّ شعور كلا الزوجين بالتقدير يعني أنَّهما محطّ نظر واهتمام، وأنَّ الآخر يبادله الشعور، ويقدِّر مجهوده من أجل الأسرة والعلاقة الزوجيَّة.
  • عدم وضع الزوج أو الزوجة كأولويَّة في قضاء الوقت والمشاركة: أو اعتباره في ذيل قائمة الاختيارات بعد الأصدقاء والعمل والعائلة الكبيرة أو الهوايات، أو غيرها من الأشياء التي تشعر أحد الطرفين، بأنَّ احتياجاته ومشاركته في الحياة اليوميَّة والمسؤوليَّات لم تعد ذات أهميَّة. هذا الترتيب، قد يخلق فجوة عاطفيَّة بين الزوجين، ممَّا يؤثِّر سلبًا على استقرار العلاقة وتوازنها.
  • توجيه اللّوم بشكل دائم على الآخر كأنه المسؤول الوحيد: إلقاء اللوم باستمرار على الطرف الآخر وتحميله المسؤوليَّة الكاملة، يُعزِّز اعتقادًا ذهنيًّا خاطئًا، بأنَّ أحدهما هو المسؤول الوحيد عن تقديم التضحيات والقيام بالواجبات، بينما الطرف الآخر يكتفي بالتلقِّي وكأنَّه يستحقّ ذلك دون نقاش. هذا التصرُّف يُضعف التوازن في العلاقة، ويُقلِّل من مشاعر التقدير والاحترام الضروريَّة لاستمرار الحياة الزوجيَّة.
  • شعور الزوج أو الزوجة بأنَّه أكثر ممَّا يستحقّ الآخر: بعض الأزواج أو الزوجات قد يشعرون باستحقاق أكبر، نتيجة لإحساسهم أن وجود الطرف الآخر الراهن أمر مُستحقّ ومَفروغ منه. هذا الشعور من شأنه أن يؤثِّر على الرضا الزواجي لدى الطرفين، وأن يقلِّل من مقدار السعادة في العلاقة.

تنصُّل أحد الزوجين من مهامّه اليوميَّة ومسؤوليَّاته، وإلقاؤها على عاتق الطرف الآخر، انطلاقًا من قناعة داخليَّة بأنَّ الآخر سيتولَّى القيام بها ولن يتمّ إهمالها، يُشكِّل عبئًا إضافيًّا ويُكرِّس عدم التوازن في العلاقة. هذا السلوك يُشعر الطرف الآخر بالاستغلال والإجحاف، ممَّا يؤثِّر سلبًا على التفاهم والانسجام بين الزوجين.

لماذا يتم التعامل مع اتِّخاذ أحد الزوجين أمرًا مفروغًا منه؟

  • الاعتياد والروتين: قد يخلق التعوُّد بعد سنوات -وربما بدون وعي- إحساسًا بالاطمئنان له جانبين، أحدهما إيجابي وهو الشعور بالثقة والأمان مع الزوج/الزوجة، ولكن الوجه الآخر السلبيّ هو شعور أحد الزوجين بالاستحقاق المُطلق وعدم الحاجة لإبداء الاهتمام والتقدير للآخر، وأنَّ وجوده أمر بديهي لا جِدال فيه، وهو شعور مُحبط وذو تأثير سلبي على العلاقة.
  • العطاء الزائد عن الحدّ: إذا لم يكن لدى الزوجين قدرة كافية على إدارة حدود العلاقة وتوضيحها، وقدرة على التواصل الواضح والصريح حولها، فإنَّ كفَّة التضحيات والتنازلات قد تَميل لأحد الأطراف على حساب الآخر. ثم يستقرّ هذا الوضع غير العادل حتى يُصبح اتِّخاذ أحد الزوجين أمرًا مفروغًا منه منه بالنسبة للطرف الذي يتلقَّى التضحيات، بينما يصبح مع الوقت عبئًا لا يُحتمل على الآخر.
  • ضعف التواصل: عدم وجود قنوات تواصل واضحة بين الزوجين، يُعبِّران فيها عن احتياجاتهما وأفكارهما ومشاعرهما، من شأنها أن تخلق بينهما فجوة كبيرة بين الواقع والتوقُّعات. جزء من هذه الفجوة هو غياب التقدير والامتنان، وشعور أحد الطرفين أنَّ الآخر لا ينتظر الشكر أو الثناء على ما يبذله من أجل الأسرة، أو حتَّى شعوره بأنَّ عطاءه أمر حتمي لا جِدال عليه.
  • التوقُّعات العالية أو المبالغ فيها: أحيانًا ما يبدأ بعض الأزواج بتوقُّعات مُبالغ فيها من الطرف الآخر، قد تكون هذه التوقُّعات ناشئة من المُقارنة ببيت المنشأ ودور الأمّ فيه، أو بالإعلام والدراما، أو بتجارب الأصدقاء، أو حتى بالروايات الرومانسيَّة. هذه التوقُّعات قد تُسيء للآخر من حيث عدم القدرة على قراءة الواقع، والقيام بالتقدير الحقيقي لقيمة وجود الآخر ولما يُقدّمه للأسرة والعلاقة، وبالتالي عدم الشعور بالكفاية أو موافقة توقّعاته بشكل مُرضي.

التأثيرات السلبيَّة على العلاقة الزوجيَّة بسب اتِّخاذ أحد الزوجين أمرًا مفروغًا منه

  1. الشعور بالإهمال ونقص التقدير: النتيجة الحتميَّة لعدم شعور أحد الزوجين بأهميَّة الآخر ووجوده، هي انخفاض التقدير، ومهما مرّ من عمر العلاقة، فإنَّ الامتنان هو أحد المفاتيح الأساسيَّة للرضا والسعادة الزوجيَّة.
  2. زيادة المُشاحنات: نتيجة عدم وجودهم على صفحة مشتركة لقراءة الوضع، فكل منهما يرى العلاقة بشكل مُختلف، أحدهما يقوم غالبًا بالبذل والعطاء والاستثمار في العلاقة، بينما يستقبل الآخر بأقل مجهود منه، ويعتقد أنَّ هذا العطاء أبدي وأنَّ هذا الآخر هو شخص مُستَحَقّ بلا مقابل. وبالتالي تزيد التوتُّرات والمشاحنات والشعور بالغضب الذي قد ينفجر لأتفه الأسباب.
  3. عدم الرضا عن العلاقة: لأنَّها غير مشبعة ولا تُغطِّي الاحتياجات النفسيَّة الأساسيَّة لأصحابها.

اقرأ أيضًا مقال : سيكولوجية الجنس بين الرجل والمرأة

كيف يُمكن التعامل مع شعور أنَّ وجودك في العلاقة الزوجيَّة أمر مفروغ منه؟

  1. التواصل الصريح: والذي يحاول فيه الزوجان مُشاركة الأفكار والمشاعر أوّلاً بأوّل، وعدم ترك العلاقة للتأويل والتخمين في منطقة ضبابيَّة غير واضحة، فيزيد الالتباس وتحدث فجوة في توقّعات كل منهما من العلاقة.
  2. التعبير الواضح عن الاحتياجات: إذا كان أحد الزوجين في حاجة إلى الاستماع لمزيد من عبارات التقدير والامتنان، أو في حاجة لمعرفة مشاعر الآخر بشكل مُعيَّن، ويُحبُّ أن يتلقَّى الاهتمام والحبّ بطريقة معيَّنة، فالأفضل دائما هو أن يكون صريحًا مع الطرف الآخر بشأن احتياجاته.
  3. الانتباه للحدود والتأكيد عليها: غياب الحدود قد يُحدث فجوة كبيرة في التوقُّعات، وقد يُؤدِّي إلى تقنين وضع غير عادل في العلاقة والتعوّد عليه. لذا من المهمّ أن يعمل الزوجان على التأكيد على حدودهما، وذلك ليس فقط من أجل حماية أنفسهما، بل لحماية العلاقة ذاتها والحفاظ على صحّتها.
  1. الاهتمام بالذات: بذل الوقت والمجهود في العناية الشخصيَّة له تأثير كبير على شعور الشخص بالثقة والراحة، وعلى إحساسه بالامتلاء بنفسه، ممَّا يُقلِّل نوعًا ما من اعتماده على الطرف الآخر في الشعور بالاهتمام والتقدير. لا يعني هذا، أنَّ الإنسان يمكن أن يَكتفي بنفسه ليشعر أنَّه مرئي ومُقدَّر، ولكن هذا هو طرف الخيط المهمّ، الذي لا يسدُّ احتياجات المرء فقط، بل أيضاً يُعطي زوجه رسالة ضمنيَّة مفادها، أنَّه مُهمّ ومُستحِقّ للحبّ والتقدير والتضحية.
  2. المبادرة بالتقدير: قد يكون أحد الطرفين أضعف من الآخر في التواصل أو في القدرة على التعبير عن مشاعره، لذا قد يَحثّه الآخر من خلال التعبير بالطريقة التي ينتظرها وبالمشاعر التي يتوقَّع أن يُبادله إياها، فيقوم بدور القدوة لتشجيع الآخر على إبداء الامتنان أو التعبير عن الحبّ والرعاية بطرق مختلفة.

إقراء أيضاً مقال : متى يحتاج الزوجان لاستشارة أخصَّائي العلاقات الزوجيَّة؟ 

اظهر المزيد

أية خالد

إخصائية نفسية حاصلة ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وعلى الماجستير في علم النفس الإكلينيكي، وكاتبة محتوى مهتمة برفع الوعي بالصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى