اضطراب باراسومنيا .. خلل قد يفقدك السيطرة على حياتك!

كثيرًا ما نسمع عن شخص يتحدَّث في أثناء نومه، أو مارس بعض الأفعال الجنونيَّة؛ مثل الضحك أو الصراخ أو ضرب من ينامون من حوله. وقد يعتقد البعض أنَّ هذه الأحداث طبيعيَّة فالإنسان قد يرى أشياءً في أحلامه تدفعه لفعل ذلك، ولكن حقيقة يشير تكرار هذه الأفعال فترات طويلة إلى أحد أشهر اضطرابات النوم وأكثرها خطورة، وهو اضطراب باراسومنيا.
دعونا نناقش أدقّ التفاصيل عن اضطراب باراسومنيا، ومدى تأثيره على جودة حياة الأفراد من خلال فقرات هذا المقال.
ماذا يعني اضطراب باراسومنيا؟
اضطراب باراسومنيا هو أحد أنواع اضطرابات النوم التي يمارس خلالها المرء بعض السلوكيَّات غير الطبيعيَّة دون وعي، سواء في مرحلة خلوده إلى النوم، أو مرحلة الاستيقاظ.
ولا يُفرّق اضطراب الباراسومنيا بين صغير وكبير، فقد تظهر اضطرابات النوم النَّاتجة عنه عند الأطفال، والمراهقين، وكبار السنّ ممَّن تزيد أعمارهم عن 50 عامًّا خاصَّة الذكور.
ونظرًا لتعدّد الصور التي تظهر عليها اضطرابات النوم عند هؤلاء الأفراد صُنِّف اضطراب الباراسومينا إلى أنواع عدَّة نتناولها تفصيلًا فيما يلي:
أنواع اضطراب الباراسومنيا .. أبسطها يرتبط بالنوم!
إذا لاحظت أنك تعاني من هذه الاضطرابات في أثناء نومك، وبدأ ينعكس ذلك على جودة حياتك وحياة الآخرين من حولك، فلا بد أنَّك تعاني من نوع من أنواع الباراسومنيا الذي يستدعي طلب مشورة طبيب متخصِّص.
وتشمل أبرز هذه الاضطرابات ما يلي:
التحدُّث في أثناء النوم
يحدث هذا الاضطراب في أي جزء من الليل سواء في الساعات الأولى من نومك، أو بعد الدخول في النوم العميق، وقد تتحدَّث بكلمات بسيطة، أو تخوض محادثات طويلة، وفي أغلب الحالات تكون هذه الأحاديث غير مفهومة.
المشي نائمًا
النهوض من الفراش والتجوُّل في المنزل دون استجابة لنداء الآخرين من حولك، أو إبداء أي ردود أفعال هو أحد أشهر صور اضطراب الباراسومنيا، وقد يكون أشدّها خطورة إذا تطوَّر الأمر إلى خروجك من المنزل وقيادة السيارة في هذه الحالة.
الكوابيس المروّعة والمستمرَّة
حين تباغتك الكوابيس المروّعة باستمرار وتجعلك تستيقط في حالة من الغضب والقلق والرعب الذي يمنعك من الخلود إلى النوم مرَّة أخرى، فلا بد أن تخضع للاستشارة الطبيَّة العاجلة، فهي صورة واضحة من صور اضطراب النوم.
التأوّه المستمرّ خلال النوم دون سبب
قد يخبرك من حولك أنّك تصدر أصواتًا تدلّ على التألُّم باستمرار في أثناء نومك، مثل التنهيد أو الهمهمة أو الطأطأة بصوت عالٍ، وهي صورة شهيرة -أيضًا- من صور اضطراب الباراسومنيا.
التبوُّل اللاإرادي
يظهر اضطراب الباراسومنيا -أيضًا- متمثّلًا في التبوُّل اللا إرادي في أثناء النوم دون وجود أي سبب مرضي أو نفسي وراء ذلك، وعادة تُرصد هذه الحالات في الأطفال دون سنِّ 6 سنوات.
الاستيقاظ المُربك فجأة دون سبب
الاستيقاظ المفاجئ في حالة من الرعب والتوتُّر دون سبب، وصعوبة إدراك سبب تواجدك في هذا المكان وفي هذه الساعة قد يشير إلى إصابتك باضطراب الباراسومنيا، وخاصَّة إذا تكررت هذه الحالة لديك وصاحبها بعض الأعراض مثل البكاء، وضعف الذاكرة، وبطء الاستجابة مع الآخرين من حولك.
اضطرابات الأكل المرتبطة بالنوم
لا يمكن أن ينهض الإنسان الطبيعي من نومه ليتناول قطعة كبيرة من الزبدة أو اللحم النيِّء وغيرها من الأشياء غير المنطقيَّة، ولذلك عندما يخبرك من حولك أنَّك فعلت ذلك لعدَّة مرَّات بغير وعي، فلا بد أنَّك تعاني من اضطراب الأكل المرتبط بالنَّوم.
الأرق الجنسي
القيام ببعض الأنشطة الجنسيَّة في أثناء النوم دون وعي أو تذكُّر لذلك عند الاستيقاظ تُعدّ من أشكال اضطراب الباراسومنيا -أيضًا-، وقد تشمل هذه الأنشطة ممارسة الجماع أو الاستمناء أو المداعبة بين الزوجين وغيرها.
الهلوسة
تتمثَّل الهلوسة المرتبطة بالنوم في رؤية أشياء، أو الشعور بها، أو سماع أصوات غريبة وغير حقيقة في أثناء النوم أو قبل الاستيقاظ مباشرة.
إيذاء الجسم في أثناء النوم
الاستيقاظ من النوم مع وجود خدوش أو جروح أو كدمات في أجزاء متفرِّقة من الجسم هو صورة من صور اضطراب الباراسومنيا، ولا بد من أخذ هذه الأمور بقدر عالٍ من الجديَّة منعًا لحدوث إصابات بالغة للمرء أو الآخرين من حوله.
وإجمالًا لما ذكرناه نستنتج أنَّ استمرار التعرّض إلى الصور المختلفة من اضطراب باراسومنيا لا شك يؤثِّر في جودة حياة الإنسان وراحة من حوله، ولكن تُرى إلى أي مدى يمتدّ هذا التأثير؟
ما مدى يمتدّ تأثير اضطراب الباراسومنيا على حياة المريض؟
يمتدّ التأثير السلبي لاضطراب الباراسومنيا إلى جوانب عدَّة من حياة الإنسان لعلّ أهمّها:
الصحَّة الجسديَّة
يؤثِّر اضطراب الباراسومنيا سلبًا في صحَّة الإنسان الجسديَّة ويظهر ذلك متمثِّلًا فيما يلي:
- التعب والإعياء العامّ بسبب الاستيقاظ بكثرة في أثناء النوم أو الشعور بعدم الراحة خلاله.
- وجود كدمات أو جروح مؤلمة في الجسم باستمرار.
- فقدان القدرة على أداء أبسط المهامّ اليوميَّة بسبب انخفاض جودة النوم.
- الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويَّة.
- اضطرابات في مستوى السكَّر وضغط الدم.
الصحَّة النفسيَّة
تتأثَّر الصحَّة النفسيَّة للشخص المصاب باضطراب الباراسومنيا على النحو التالي:
- الاكتئاب بسبب قلَّة عدد ساعات النوم وجودته.
- الخوف والقلق المستمرّ من الخلود إلى النوم بسبب انزعاج الآخرين من أفعاله.
الصحَّة العقليَّة
يعدّ ضعف الذاكرة وصعوبة التفكير وضعف الإدراك من أشهر الآثار السلبيَّة لاضطراب الباراسومنيا على الصحَّة العقليَّة.
استقرار الحياة الزوجيَّة
من أخطر الآثار السلبيَّة لاضطراب الباراسومنيا أنه قد يخلق أجواء من الخوف والتوتُّر والقلق والشكّ بين الزوجين، وخاصَّةً إذا لم يدرك الطرف السليم طبيعة الاضطراب؛ ما يعني أنَّ الشخص المصاب سيُلاقي نفورًا شديدًا من (زوجه/زوجته) خصوصًا إذا عانى المريض من الأرق الجنسي، ولاحظ الطرف الآخر آداءه لبعض الممارسات الجنسيَّة في أثناء نومه.
وعلى صعيد آخر، فإنَّ (زوج/زوجة) المصاب هو من يشاهد كل الأعراض الغربيَّة التي تظهر عليه ويعاني- أيضًا- من قلَّة جودة النوم بسبب ذلك، وعليه فإنَّ العلاقة الزوجيَّة تسير في منحدر خطر إذا لم يخضع المريض للعلاج.
خيارات علاج اضطراب باراسومنيا .. قد تكون أبسط ممَّا تتوقَّع!
تختلف طرق علاج اضطراب باراسومنيا حسب نوعه وشدّته، ولكنَّها بوجه عام تشمل الخيارات الآتية:
العلاج الدوائي
تختلف الأدويَّة التي يوصي بها الطبيب لعلاج اضطراب باراسومنيا حسب الأعراض التي يعانيها المريض، فإذا كان يعاني من قلَّة عدد ساعات النوم فقد يصف له الميلاتونين وهي مادة فعَّالة في تحسين جودة النوم.
قد يستعين الطبيب -أيضًا- ببعض مضادات الاكتئاب ومنشِّطات الدوبامين لإدارة الأعراض التي تُباغت المريض باستمرار.
العلاج السلوكي
يهدف هذا النوع من العلاج إلي التعامل مع الأعراض النفسيَّة التي يسبِّبها اضطراب باراسومنيا مثل القلق والتوتُّر، ويمكن تحقيق ذلك من خلال المواظبة على بعض التعليمات أهمّها:
- توفير بيئة صحيَّة للنوم من خلال إطفاء جميع الأنوار والبعد عن الشاشات فترة كافية قبل النوم وضبط درجة حرارة الغرفة.
- تجنُّب تناول الكافيين قبل النوم بنحو 4 ساعات.
- قفل النوافذ والأبواب جيِّدًا قبل النوم.
- إزالة أي أغراض حادَّة أو خطيرة من المنزل أو في بيئة النوم من حولك.
- ممارسة الاستيقاظ المُجدول، بمعنى التقصِّي عن الوقت الذي تباغتك فيه أعراض اضطراب باراسومنيا، ومحاولة ضبط المنبِّه أو إخبار من حولك لإيقاظك قبل هذا الموعد بنحو 15-30 دقيقة، قد يساعد ذلك في الحدِّ من الأعراض، خاصَّة المشي في أثناء النوم أو الكوابيس.
وأخيرًا، يجب أن ندرك جميعًا أنَّ اضطراب باراسومنيا قد يباغتنا فجأة ونحن لا نشعر، وذلك نتيجة القلق والتوتُّر والانهماك في مسؤوليَّات الحياة أكثر من اللازم، وعليه لا بد لنا من الاهتمام بصحّتنا النفسيَّة وعدم الخجل من طلب استشارة طبيَّة إذا شعرنا أنَّها ليست على ما يرام.