لماذا نقول ‘مفيش’؟ رحلة النساء في التعبير عن الذَّات ورفض الكتمان

نفتح أعيننا على الحياة ونحن نحمل إرثًا ثقيلًا من الصمت. نتعلَّم منذ الصغر أنَّ الإجابة عن سؤال “ما بكِ؟” هي دائمًا “مفيش”. نرتدي هذه الكلمة كدرع نقي أنفسنا به من مزيد من الأسئلة، من أحكامٍ قد تصدر علينا، أو من مواجهة لا نملك أدواتها. لكن ماذا عن الداخل؟ ماذا يحدث حين تتراكم في أعماقنا مشاعر الغضب، والحزن، وحتَّى الحبّ غير المعبَّر عنه؟
نشأنا في بيئات تعلّمنا فيها أن نكتم، أن نتحمَّل، وأن نُرضي الآخرين على حساب أنفسنا. قيل لنا إنَّ الغضب ضعف، وإنَّ التعبير عن الألم مبالغة، وإنَّ رفضنا لما يزعجنا دليل على قلَّة صبر. وهكذا، نحاول أن نُخفِّف من حدّة مشاعرنا، أن نُخبئ انزعاجنا، ونُقنع أنفسنا أن الأمور ستنصلح وحدها. لكن في داخلنا، هناك امرأة تبحث عن صوتها، تشتاق لأن تقول: “هذا يكفيني. هذا يزعجني. هذا حقِّي.”
هذه المقالة ليست مجرَّد تحليل لهذه التجربة، بل دعوة لكلّ امرأة أن تعيد التفكير في إرث الصمت، وأن تتساءل: لماذا أقول ‘مفيش’ عندما يكون داخلي يموج بالكثير؟ وكيف يمكنني أن أُغيِّر هذا النمط؟
دعونا نبدأ رحلة لفهم أنفسنا، ومشاعرنا، وحقوقنا في التعبير، لأنَّ الكتمان ليس الخيار الوحيد.
النشأة والتوقُّعات الاجتماعيَّة:
منذ نعومة أظافرنا، نُلقَّن دروسًا غير مباشرة عن كيف ينبغي أن نكون كفتيات في مجتمعنا. يُقال لنا: “البنت المؤدَّبة لا ترفع صوتها”، “خليكِ لطيفة، الناس يحبُّون البنت الهادية”، أو “مش كل حاجة تحكيها، عيب!”. كلمات بسيطة تُقال بحسن نيَّة، لكنَّها تحمل في طيَّاتها قوالب صُنعت لنُحشر فيها، لنصبح نسخًا متطابقة من توقُّعات المجتمع.
يكبر فينا الخوف من المواجهة، من أن يُقال إننا “عنيدات” أو “صعبات التعامل”. تصبح مشاعرنا عبئًا نحاول التخلص منه بدلاً من التعبير عنه. في كل مرة نشعر بالضيق أو الغضب، نُعلّم أنفسنا أن الأفضل هو السكوت. فنختار أن نبتلع الكلمات، ونقول: “خلاص، مش مشكلة”، رغم أنَّ المشكلة واضحة ومؤلمة.
كم مرة وجدتِ نفسكِ في موقف أزعجكِ، ومع ذلك مرَّرتهِ دون تعليق؟ ربما زميل في العمل ألقى تعليقًا جارحًا، وابتسمتِ بدلاً من الرد. أو ربما كان زوجكِ يتجاهل مشاعركِ، واكتفيتِ بالصمت لأنَّكِ لا تريدين إثارة المشاكل. أو حتى موقف بسيط في عائلتكِ، حين طُلب منكِ تحمُّل مسؤوليَّة إضافيَّة، لأنَّ “أنتِ بنت ويجب أن تساعدي”.
في الواقع، هذه القوالب ليست مجرَّد قيود اجتماعيَّة، بل أصبحت سلوكيَّات راسخة في أذهاننا. نحن نُصوّر لأنفسنا أنَّ الصمت هو السلام، وأنَّ التنازل هو التضحية المطلوبة لنكون محبوبات أو مقبولات. لكنَّنا ننسى أنَّ هذا الثمن لا يدفعه أحد غيرنا. نحن من نحمل عبء الغضب المكبوت والحزن المتراكم، ونعيش في صراع داخلي بين ما نشعر به حقًا وما نسمح لأنفسنا بالتعبير عنه.
وربَّما أسوأ ما في الأمر، أنَّنا نُقنع أنفسنا بأنَّ هذا هو الطبيعي. نرى أنفسنا دائمًا في موقع المذنب، نتساءل: “هل كنتُ مبالغة؟”، “ربما كنتُ حسَّاسة أكثر من اللازم؟”، ونُطفئ شعلة مشاعرنا خوفًا من أن تُعتبر ضوضاءً في عالم يطالبنا دائمًا بالهدوء.
لكن، إذا كان الغضب والحزن والرفض هي مشاعر طبيعيَّة وجزء من إنسانيتنا، فلماذا يُطلب منَّا كبتها؟ لماذا لا نُعلّم منذ البداية أنَّ التعبير عنها هو جزء من احترامنا لأنفسنا، تمامًا كما نُحترم حين نُظهر اللُّطف والصبر؟
الثمن النفسي والاجتماعي
الصمت ليس مجانيًّا، بل يحمل معه أثمانًا باهظة تُدفع من صحَّتنا النفسيَّة، علاقاتنا، وحتى إحساسنا بذاتنا. عندما نختار أن نقول “مفيش”، فإننا لا نخفِّف من أعبائنا، بل نسمح لها بالتراكم داخلنا كحجر ثقيل.
كل مرَّة نكتم فيها مشاعرنا، نعطي رسالة لأنفسنا أنَّ ما نشعر به لا يستحقّ أن يُسمع أو يُؤخذ على محمل الجدّ. هذا الكتمان يتحوَّل مع الوقت إلى غضب مكتوم يلتهم أرواحنا، إلى شعور دائم بالإحباط، أو حتى إلى انهيار نفسي يصعب التعافي منه. قد نجد أنفسنا ننهار على أشياء صغيرة، لأنَّنا لم نواجه الأشياء الكبيرة عندما حدثت.
على المستوى الاجتماعي، يؤدَّي الكتمان إلى تآكل العلاقات. نتوقَّع من الآخرين أن يفهموا ما بداخلنا دون أن نقول كلمة، وعندما لا يفعلون، نشعر بالخذلان. نبدأ في رؤية المحيطين بنا كغير مبالين، بينما الحقيقة أنَّنا لم نعطهم فرصة لمعرفة ما بداخلنا أصلاً. تتحوَّل هذه الفجوة إلى جدار صامت بيننا وبين أحبَّائنا، فنجد أنفسنا محاصرات في دائرة من سوء الفهم والانفصال العاطفي.
قد تكون أكثر اللحظات ألماً هي تلك التي نقف فيها أمام مرآة أنفسنا، نشعر أن شيئًا ما مكسور، لكنَّنا لا نعرف كيف نصلحه. الصمت لا يمحو المشكلة، بل يعمّق الجرح. وربما أكثر ما يوجع هو هذا الصوت الداخلي الذي يصرخ: “لماذا لم أتكلَّم؟ لماذا سمحت لكل هذا أن يحدث دون أن أقول شيئًا؟”
لكن، ماذا لو أدركنا أنَّ هذا الصوت الداخلي يستحقّ أن يُسمع؟ ماذا لو قرَّرنا أن نتعامل مع مشاعرنا كجزء من حقيقتنا، بدلاً من دفنها؟ المشاعر ليست أعباءً يجب التخلُّص منها، بل إشارات تخبرنا بما نحتاجه وما يزعجنا. التعبير عنها ليس فقط حقاً، بل هو خطوة نحو تحرير أنفسنا من سجن الكتمان.
الثمن النفسي والاجتماعي للصمت كبير، لكنَّه ليس نهاية القصَّة. يمكننا أن نبدأ في استعادة أنفسنا، خطوة بخطوة، بكلمة واحدة في كل مرَّة. لأنَّنا نستحقّ أن نعيش بسلام داخلي، وأن تُسمع أصواتنا كما نحن، دون خوف أو تردُّد.
قصص شخصيَّة: ثمن الكتمان وقوَّة التعبير
زوجي المغترب لم يتحدَّث معي لثلاثة أيام، وهذا الأمر أزعجني بشدَّة. في البداية، اتَّصلت به، لكنَّه لم يرد. ظننت أنه سيعاود الاتصال بي لاحقًا، لكنَّه لم يفعل. بعد يومين، أرسل لي مقطع فيديو عبر الرسائل على الإنستغرام، وكأنَّه لا شيء قد حدث. لم أفتح الرسالة حينها، كنت أشعر بمزيج غريب من الغضب والحزن والاشتياق، شعور ثقيل يملأ صدري ويصعب التخلُّص منه.
كنت أفكِّر بيني وبين نفسي: “ربما هو منشغل حقًا، لديّ الكثير من التفهُّم له، أعرف أنَّ العلاقات عن بُعد صعبة، لكنَّني أيضًا إنسانة، لدي مشاعر واحتياجات.” كان من الممكن أن يكون لدي شيء أريد أن أخبره به، ربما مجرَّد شوقي له، وهذا بالنسبة لي ليس أمرًا بسيطًا يمكن تجاوزه.
رغم كل هذا، قرَّرت أن أدفن مشاعري بداخلي. عندما اتَّصل بي لاحقًا، استقبلت المكالمة بكل حبّ وكأنَّ شيئًا لم يحدث، لكن في داخلي كنت أعتصر ألمًا. شعرت أنَّني مجبرة على إظهار الهدوء لتجنُّب أن أبدو “نكديَّة” أو كثيرة الشكوى، لكنني كنت أنهار بصمت.
هذا الموقف ليس الأوَّل، إنَّه نمط يتكرَّر. أجد نفسي دائمًا أختار الكتمان والتظاهر بالقوَّة بدلاً من التعبير عن ما يزعجني. لكنَّني أدرك الآن أنَّ هذه الطريقة ليست حلًّا. إنها تؤذيني وتجعلني أشعر بعدم الأمان، وكأنني لا أستحق أن لا تُسمع مشاعري أو لا تُقدّر احتياجاتي.
كل مرة أسكت فيها على ما أشعر به، أحمّل نفسي عبئًا إضافيًا وأضعف العلاقة. لكن السؤال الذي أواجهه الآن: “كيف يمكنني أن أكسر دائرة الصمت هذه؟ كيف أسمح لنفسي أن أكون حقيقيَّة دون خوف من الأحكام؟”
هذه التجربة علّمتني أن الصمت ليس تسامحًا، بل تنازلًا عن حقي في أن أكون حاضرة ومُقدّرة في علاقتي. وربما حان الوقت لأبدأ بالتعبير عن نفسي، لأكون حقيقيَّة مع زوجي ومع نفسي.
لماذا نخاف من التعبير؟
الخوف من التعبير عن مشاعرنا ليس وليد الصدفة، بل هو نتيجة سنوات من التراكمات الثقافيَّة والاجتماعيَّة التي جعلتنا نعتقد أن الصمت هو الخيار “الآمن”. نحن نخاف أن يُساء فهمنا، أو أن تُعتبر مشاعرنا مبالغ بها، أو أن يتم وصفنا بـ”النكد” أو “الحساسيَّة الزائدة”.
في مجتمع يعلّم النساء أن يُقدِّمن احتياجات الآخرين على احتياجاتهن، يصبح التعبير عن المشاعر وكأنه تحدٍّ للمعايير. قد تسألين نفسك: “هل هذا الوقت مناسب للتحدُّث؟”، “ماذا لو غضب الطرف الآخر؟” أو حتى “هل ما أشعر به فعلًا يستحقّ النقاش؟”
لكن هذا الخوف يحمل تبعات خطيرة. عندما نخاف من التعبير، نخلق فجوة بيننا وبين من نحب. قد نظن أنَّ صمتنا يحمي العلاقة، لكنَّه في الواقع يبني جدارًا غير مرئي يفصلنا عن الطرف الآخر. نحن نكتم مشاعرنا لتجنُّب المواجهة، لكنَّنا في النهاية ندفع الثمن من سلامنا النفسي.
ربما يكون أحد الأسباب الرئيسة لهذا الخوف هو عدم تعلّمنا منذ الصغر كيف نعبر عن أنفسنا بشكل صحِّي. نحن نكبر في بيئات ترى أنَّ الغضب عيب، وأنَّ الحزن ضعف، وأنَّ الاحتياج عار. نُعلّم أن نبتسم حتى عندما نشعر بالألم، وأن نقول “لا مشكلة” حتى لو كنَّا نغرق في القلق.
لكن الحقيقة هي أنَّ التعبير ليس صدامًا، بل هو محاولة للفهم والتقارب. عندما نكتم مشاعرنا، نحن لا نحمي علاقتنا، بل نجعلها أكثر هشاشة. والخطوة الأولى لكسر هذا الخوف هي أن ندرك أنَّ مشاعرنا ليست عبئًا على الآخرين، بل هي جزء من حقيقتنا، وهي تستحقّ أن تُحترم وتُسمع.
في كل قصَّة تختبئ بين سطور الصمت، هناك امرأة تعلّمت أن تتجاوز مشاعرها كي لا تكون عبئًا على أحد. لكنَّها في لحظة ما تدرك أن الصمت لم يكن حماية، بل اختزالًا لقيمتها، وأنَّ التسوية التي اعتقدت أنَّها تضمن لها الاستقرار لم تكن سوى تنازل مستتر عن حقِّها في أن تكون مسموعة. بين علاقة تهتزّ لأنَّ أحد الطرفين اختار ألا يعبّر، وبين فرصة ضاعت لأنَّ الطلب بدا شاقًّا، تكرّس النساء ثقافة الكتمان باسم التفاهم، بينما الحقيقة أنَّ التفاهم لا يكون في الصمت، بل في القدرة على التعبير بوضوح ودون خوف. هنا، تأتي النسويَّة ليس فقط كفكر، بل كأداة تساعد المرأة على إعادة تعريف حدودها، وفهم غضبها، والمطالبة بحقوقها دون اعتذار. لأنَّ الحلّ ليس في التنازل، بل في التفاوض، وليس في التحمُّل، بل في بناء لغة جديدة تسمح لها بأن تكون واضحة، ومسموعة، ومُقدَّرة.
التساؤلات التي تقودنا للتغيير
- كيف يمكننا أن نعيد تعريف فكرة التعبير عن الذات بعيدًا عن الخوف؟
- هل يمكن أن نرى مشاعرنا كجسر للتواصل بدلًا من كونها عائقًا؟
- كيف نبدأ في تحويل الحوار مع أحبَّائنا ليصبح مساحة آمنة للتعبير دون خوف من الأحكام؟
هذه الأسئلة تفتح المجال لنقاش أعمق عن أهميَّة التعبير، وكيف يمكن أن يكون خطوة أولى نحو بناء علاقات أكثر صدقًا وأمانًا.
بين الصمت والتعبير عن الحقوق| حقَّك بوضوح دون حياء
في سياق حياتك اليوميَّة، سواء كانت علاقاتك شخصيَّة أو مهنيَّة، ربما تجدين نفسك تختارين الصمت بدلاً من التعبير. ليس لأنَّكِ لا تدركين أهميَّة مشاعرك أو احتياجاتك، ولكن لأنَّ الخوف من ردود الفعل أو القلق من فقدان ما لديكِ يدفعك إلى التراجع خطوة إلى الوراء. هذا الخوف، الذي نتربَّى عليه أحيانًا، يصبح أكثر تعقيدًا في بيئة العمل، حيث التعبير عن الحقوق يبدو وكأنَّه طلب شائك قد يُساء فهمه.
تخيَّلي أنك فكَّرتِ في طلب زيادة في الراتب لأنَّكِ تدركين بوضوح أنَّ ما تحصلين عليه لا يتناسب مع حجم المسؤوليَّات التي تتحمَّلينها. ورغم ذلك، وجدتِ النقاش يتحوَّل بشكل غير متوقَّع إلى استجواب عن مصاريفك الشخصيَّة، وكأنَّ شخصًا ما يملك الحق في تقييم حاجتك للمال بناءً على معايير لا علاقة لها بكفاءتك وجهدك. وربما ينتهي الأمر بوعد مبهم بـ”رح أزبطك”، دون أي التزام أو تغيير واضح.
بل وربما يُضاف إلى ذلك تحدٍّ آخر: التعامل الجيّد الذي قد يُستخدم كذريعة لتحميلك المزيد من العمل غير المدفوع، ساعات إضافيَّة لا تُحتسب، أو طلبات تبدو وكأنَّها “خدمة شخصيَّة” تحت شعار “بمون عليكي”. تجدين نفسك واقعة بين تقديرك للمعاملة الجيِّدة، ورغبتك في الحصول على حقوقك دون الشعور بالذنب أو الحرج.
هذا الواقع الذي قد يبدو مألوفًا ليس عدلاً. التعامل الجيد في العمل لا ينبغي أن يكون مبرّرًا لتجاوز الحدود المهنيَّة، تمامًا كما أنَّ طلبك لحقوقك لا يعني أنكِ تطلبين إحسانًا. التعبير عن احتياجاتك، سواء كانت زيادة راتب، أو ساعات مدفوعة، أو احترام وقت إجازتك، هو حقّك، وهو جزء من بناء بيئة عمل صحيَّة تعتمد على الاحترام المتبادل.
هذا الموقف أعاد لي التفكير في مهارات التعبير والتفاوض، وكيف أنَّ غيابها يجعلنا نتنازل عن حقوقنا. ليس لأننا لا نستحقّها، بل لأننا نخشى أن يُنظر إلينا كمتطلّبين أو غير ممتنين. لكنَّه أيضًا يطرح تساؤلًا أكبر: كيف يمكننا أن نعبّر عن احتياجاتنا ونفاوض للحصول على حقوقنا دون شعور بالذنب أو الخوف؟ ودون أن نضحِّي بسلامنا النفسي أو احترامنا لذواتنا؟
كسر الحلقة: التعلُّم والتغيير
بينما نفكِّر في الثمن النفسي والاجتماعي للصمت، يمكننا أن ندرك أهميَّة تعلّم أدوات التعبير التي تحرِّرنا من هذا العبء. هنا يأتي دور المهارات العمليَّة التي تساعدنا على تحقيق ذلك.
1.إدراك المشاعر: الوعي الذاتي
- افهمي مشاعرك: الوعي الذاتي هو الخطوة الأولى. خصِّصي وقتًا يوميًّا للتأمُّل في مشاعرك. اسألي نفسك أسئلة بسيطة واكتبيها:
- “ما الذي أشعر به الآن؟”
- “ما سبب هذا الشعور؟”
- “ما الذي أحتاجه للتخفيف من هذا الشعور؟”
- تقبّلي مشاعرك: لا تخافي من الحزن أو الغضب. هذه المشاعر ليست نقاط ضعف، بل إشارات تخبرك بما تحتاجين إليه.
* هذه الأسئلة ليست ترفًا، بل هي المفتاح لفهم ما تحتاجين التعبير عنه.
2. التعبير عن المشاعر:
- التعبير عن الحزن: عبِّري عنه بوضوح، مثل: “شعرت بالحزن عندما لم يتم الردّ على طلبي، وأحتاج إلى دعم أكبر.”
- التعبير عن الغضب: حافظي على هدوئك، واستخدمي عبارات تبدأ بـ”أنا”: “أشعر بالغضب لأنّ هذه المشكلة تتكرَّر، وأتمنى أن نجد حلاً لها.”
- التعبير عن السعادة والامتنان: لا تبخلي بإظهار تقديرك، فهذا يعزِّز العلاقات: “أقدّر جدًا ما فعلته من أجلي اليوم. شكرًا لك.”
3. تعلُّم مهارات التفاوض:
- حدِّدي هدفك: قبل التحدُّث، اسألي نفسك: “ما الذي أريد تحقيقه من هذا الحوار؟” كوني واضحة بشأن رغباتك وتوقّعاتك.
- استخدمي الحقائق: استندي إلى حقائق بدلاً من المشاعر فقط. مثال: “لقد أكملت هذه المهام الإضافيَّة، وأعتقد أنَّ هناك حاجة لمراجعة راتبي ليعكس هذا الجهد.”
- اطلبي وضوحًا: إذا تلقيت وعودًا غامضة، اسألي: “متى يمكننا الاتِّفاق على تفاصيل هذا الموضوع بشكل رسمي؟”
4. طلب الدعم وبناء شبكة قويَّة:
لا تخوضي رحلة التغيير وحدكِ. المجتمع النسائي، سواء كان صديقات، مجموعات دعم، أو حتى زميلات العمل، يمكن أن يكون مصدر قوَّة وإلهام. مشاركة تجاربكِ مع نساء مررن بمواقف مشابهة يمنحكِ شعورًا بأنَّكِ لست وحدكِ، ويشجّعكِ على اتِّخاذ خطوات عمليَّة للتغيير.
5. التدرُّب على قول “لا”:
- ابدأي بمواقف صغيرة: مثل رفض طلب بسيط لا يناسبك، باستخدام عبارات واضحة مثل: “لا أستطيع القيام بذلك الآن.”
- كوني مرنة ومحترمة: قولي: “أفضِّل أن نبحث عن حلٍّ آخر يناسب الجميع.”
6. خطوات صغيرة يوميَّة للتغيير:
- تدرَّبي على التعبير في مواقف غير معقَّدة. قولي “أفضّل هذا الخيار” في حوار بسيط.
- واجهي مخاوفك تدريجيًّا. إذا كنت تخشين التحدُّث عن شيء كبير، جرِّبي تقسيمه إلى خطوات صغيرة.
- احتفي بنجاحاتك، مهما بدت بسيطة، لأنَّها خطوات نحو حياة أكثر حريَّة ووضوحًا.
- ليس عليكِ أن تكوني متحدِّثة بارعة من البداية. ابدأي بجمل بسيطة وواضحة مثل:
- “هذا الشيء أزعجني.”
- “أحتاج أن نتحدَّث عن هذا الأمر.”
- التحكُّم في الحوار: استخدمي لغة محايدة بدلًا من لغة الاتِّهام. على سبيل المثال:
- بدلًا من: “أنت تزعجني دائمًا،” قولي: “أشعر بالإنزعاج عندما يحدث هذا.”
الختام: دعوة للتغيير
التعبير عن النفس ليس ضعفًا، بل هو أعظم أشكال القوَّة. هو إعلان عن وجودكِ، عن قيمتكِ، وعن حقّكِ في أن تُسمع مشاعركِ ورغباتكِ.
الكتمان لم يكن يومًا حلًّا، والصمت لا يعني التسامح دائمًا. مشاعرنا حقيقيَّة، ورفضنا حقّ مشروع، وتعبيرنا عن أنفسنا هو أوَّل خطوة نحو بناء علاقات صحيَّة ومستقبل أفضل.
لكل امرأة تشعر أنها تختنق داخل قفص الصمت، تذكَّري أنَّ التغيير يبدأ بخطوة صغيرة: كلمة واحدة، جملة واضحة، موقف تعبِّرين فيه عن ذاتكِ. لا تخافي من أن تكوني حقيقيَّة، لأنَّ صوتكِ يستحقّ أن يُسمع.
المشاعر التي تكبتينها هي إشارات لقوّتكِ الداخليَّة. التعبير عنها هو بداية جديدة، ليست فقط لعلاقاتكِ مع الآخرين، بل لعلاقتكِ مع نفسكِ. لديكِ الحقّ في أن تعيشي بسلام داخلي، وأن تُقدِّري نفسك كما تستحقِّين.
لكل امرأة تشعر أنَّها تحمل عبء الصمت، هذه دعوة لأن تقولي “كفى.” ابدأي بخطوات صغيرة، وتذكَّري أنَّ التعبير عن ذاتكِ هو أعظم أشكال القوَّة. لأنَّكِ تستحقّين أن تُسمع مشاعرك، وتُحترم رغباتك، ويُقدَّر صوتك. لا تخافي أن تقولي ما بداخلك، لأنَّكِ الأهمّ في حكايتك.