هل ربط قناة فالوب وسيلة آمنة لمنع الحمل؟

تُعدُّ وسائل منع الحمل على اختلافها من أهمّ ما يعتمد عليه كثير من الأزواج حول العالم لعدَّة أهداف. منها تنظيم الأسرة أو التخطيط للحمل التالي مما يُفسِح المجال للأم لتلتقط أنفاسها بين طفلٍ والآخر. أو الاكتفاء بعددٍ معيَّن من الأطفال. وقد ترغب بعض الزوجات في منع الحمل نهائيًّا عن طريق ربط قناتيّ فالوب. فهل يعدُّ ربط قناة فالوب من الوسائل الآمنة؟

ما المقصود بربط قناة فالوب؟

يتكوَّن الجهاز التناسلي للمرأة من مبيضين يتَّصل كل منهما بأنبوبة تُعرف بقناة فالوب؛ تمرُّ من خلالها البويضة شهريًّا لتلتقي بالحيوان المنوي من الزوج ثمَّ يصلان إلى الرحم ليستقرَّا هناك في صورة جنين. ثمَّ المهبل وهو الجزء الذي يربط بين الجزء الداخلي والخارجي للجهاز التناسلي الأنثوي.

ومن ثمَّ، فإنَّ التعامل مع قنوات فالوب عن طريق قطعها أو ربطها أو سدّها يُعدُّ وسيلةً دائمة تمنع التقاء الحيوان المنوي بالبويضة، أي منع حدوث الحمل بصورة نهائيَّة.
يُطلق على عمليَّة ربط قناة فالوب أيضًا ربط البوق أو ربط الأنابيب (tubal ligation)، أو تعقيم البوق
(Tubal / female sterilization).

حالات ربط قناة فالوب

تفضِّل كثير من الزوجات منع الحمل عن طريق ربط قناة فالوب دون غيرها من الوسائل منع؛ إذ يُشكِّل خيارًا مناسبًا في بعض الحالات، ومن أهمّها:

  • الحالات التي أصبح الحمل فيها خطرًا على صحَّة الزوجة.
  • اتِّفاق الزوجين على الاكتفاء بعدد الأطفال لديهم بصورة نهائيَّة.
  • من لا يناسبها تناول مانع حمل هرموني مثل حبوب منع الحمل أو تركيب جهاز اللولب.

مميّزات ربط قناة فالوب

قد يتساءل البعض حول ما يميِّز إجراء ربط قناة فالوب عن غيره من وسائل منع الحمل الأخرى. وتشمل مميزاته ما يلي:

  • الفعاليَّة العالية، إذ تُجرى العمليَّة مرَّة واحدة وبنسبة فعاليَّة تصل إلى نحو 99%.
  • عدم الحاجة للاهتمام بالوقت. على سبيل المثال لا يلزم التذكير بتناول حبوب منع الحمل أو المتابعة الدوريَّة مع طبيب النساء والتوليد للاطمئنان على ثبات اللولب في مكانه.
  • تُعدُّ من العمليَّات غير المؤلمة لكونها تتمُّ تحت تأثير التخدير الموضعي أو الكلِّي حسب الحالة. أو خلال الولادة القيصريَّة إذ لا تزال السيِّدة تحت تأثير التخدير. وشِقّ البطن جاهز لإتمام الإجراء.
  • من الوسائل الآمنة للغاية التي لا تسبِّب أي مشاكل صحيَّة. ولا تؤثِّر سلبًا على الدورة الشهريَّة، كما يمكن أن تقلِّل من احتماليَّة الإصابة بسرطان المبيض.
  • لا تؤثِّر على الرغبة الجنسيَّة للزوجة .
  • لا تحتاج إلى التجديد كل فترة؛ لذا يمكن اعتبارها من وسائل منع الحمل الاقتصاديَّة.

ما هي عيوب عمليَّة ربط قناة فالوب؟

برغم ما عددناه من مميزات إلا أنَّ هذا لا يمنع ضرورة توخِّي الحذر تجاه المخاطر والآثار الجانبيَّة المحتملة لعمليَّة الربط والتشاور مع الطبيب قبل اتِّخاذ قرار إجرائها، ومن أبرز تلك العيوب:

  • فقدان القدرة على الحمل والإنجاب مرَّة أخرى؛ أي أنَّها إجراءٌ لا رجعة فيه، وفي حال الرغبة في التراجع عنه فإن ذلك يتطلَّب الخضوع لجراحة كبرى مع العلم أنَّ نسبة نجاحها ضئيلة جدًا.
  • لا يُعدُّ إجراءً وقائيًّا ضدّ الأمراض المنقولة جنسيًّا.
  • لا تناسب جميع السيِّدات؛ لذا يجب استشارة طبيب النساء والتوليد لمعرفة تفاصيل العمليَّة كاملةً واتِّخاذ القرار بما يناسب الحالة من وسائل منع الحمل المختلفة.
  • زيادة احتماليَّة حدوث الحمل خارج الرحم (Ectopic pregnancy).

مضاعفات ومخاطر عمليَّة ربط الأنابيب

علاوةً على ما سبق، فإنَّ عمليَّة الربط شأنها شأن غيرها من الإجراءات الجراحيَّة، إذ تتضمَّن من المضاعفات المحتملة ما يلي:

  • حدوث ردّ فعل تحسُّسي جراء أدوية التخدير.
  • الإصابة بالعدوى.
  • تلف الأعضاء المحيطة بالأنابيب مثل الأمعاء أو المثانة.
  • حدوث ثقب بالمعدة أو الأوعية الدمويَّة ممَّا قد يؤدِّي إلى النزيف.
  • آلام وتقلُّصات البطن.
  • انثقاب قناة فالوب مما يسبِّب النزيف الداخلي وقد يكون ذلك مهدِّدًا للحياة.
  • عدم غلق الأنابيب بصورة كاملة ممَّا يزيد احتماليَّة حدوث الحمل غير المرغوب فيه.
  • قد يزيد وجود بعض المشاكل الصحيَّة من فرصة الإصابة بالمضاعفات، مثل: السمنة أو السكَّري.

ما هو الوقت المناسب لعمليَّة ربط قناة فالوب؟

إنَّ أفضل وقت لإجراء العمليَّة يكون بعد مدَّة قصيرة من الولادة أو خلال إجراء جراحي آخر في البطن مثل الولادة القيصريَّة.

أما إذا أردتِ إجراءها بعد فترة من الولادة فعليكِ في هذه الحالة استخدام وسيلة منع حمل لمدَّة شهر قبل العمليَّة أو استخدام وسيلة أخرى موثوقة حتى إجراء الربط.

كيفيَّة الاستعداد لعمليَّة ربط قناة فالوب

تتمثَّل أولى خطوات التحضير لعمليَّة ربط قناة فالوب في زيارة الطبيب المتخصِّص، وبدوره سيناقش معكِ عدَّة نقاط، ومن أبرزها:

  • العوامل التي قد تكون سببًا في تراجعكِ عن قرار العمليَّة، مثل:
    • صغر السن.
    • الرغبة في الإنجاب مرَّة أخرى.
    • تغيُّر الحالة الاجتماعيَّة.
  • ما قد يناسبكِ من وسائل منع الحمل طويلة المفعول مثل اللولب أو الشريط أو الحقن السنويَّة أو تلك التي توضع في الذراع إذا رغبتِ في ذلك.
  • كافة التفاصيل حول مخاطر ومضاعفات عمليَّة ربط الأنابيب.
  • الطرق والاحتياطات اللازمة لمنع الأمراض المنقولة جنسيًّا.
  • قد يطلب إجراء اختبار حمل قبل خوض العمليَّة، والصيام لمدَّة ست ساعات قبل العمليَّة استعدادًا للتخدير.

كيف تتم عمليَّة ربط الأنابيب؟

يمكن تقسيم كيفيَّة إجراء عمليَّة الربط إلى ثلاث طرق، هي:

  • بعد الولادة الطبيعيَّة (المهبليَّة)، عن طريق عمل شقّ صغير تحت سُرَّة البطن وتسمَّى في هذه الحالة شقّ البطن المصغَّر (mini laparotomy).
  • خلال الولادة القيصريَّة -مثلما وضَّحنا- كإجراء ثانوي إلى جانب الولادة، إذ يسمح شِقّ البطن حينئذٍ بإتمام الإجراء.
  • إجراء مستقل يتمّ في أي وقت آخر عن طريق منظار البطن والخضوع للتخدير العام قصير المفعول (interval tubal ligation)، ثم تأتي الخطوات الفعليَّة، وهي:
    • يُجري الطبيب شِقًّا جراحيًّا صغيرًا بالقرب من سُرّة البطن أو يُدخِل إبرة في السرَّة نفسها ليتمكَّن من نفخ البطن بغاز مخصَّص (ثاني أكسيد الكربون أو أكسيد النيتروز)، ثم إدخال منظار البطن.
    • يُجري بعد ذلك شِقًّا آخر صغير أسفل البطن يُدخل من خلاله الأدوات اللازمة لتعطيل قناتيّ فالوب عن طريق قطعها أو غلقها بحلقات بلاستيكيَّة أو ربطها بخيوط مخصَّصة لذلك.
    • يسحب الغاز مرَّة أخرى لتفريغ البطن.
    • ثم يُغلِق الشقوق الجراحيَّة عن طريق خياطتها بالغرز الطبيَّة.

التعافي بعد عمليَّة ربط الأنابيب

قد يسمح الطبيب بالعودة إلى المنزل بعد عدَّة ساعات من انتهاء الإجراء، أما إذا تمَّت العمليَّة خلال الولادة أو بعدها فقد يتطلَّب ذلك الراحة لفترة أطول في المستشفى، وقد يصف الطبيب ما يلزم من العلاجات لتجاوز المضاعفات المحتملة بعد العمليَّة بسهولة، ومنها:

  • تقلصات البطن وانتفاخها جراء الغاز المستعمل خلال العمليَّة.
  • الإعياء والشعور بالدوار.
  • آلام الكتف.

وفور الاطمئنان على حالتكِ الصحيَّة يُصبح ما يلي ممكنًا:

  • الاستحمام بعد مرور 48 ساعة من العمليَّة؛ لكن دون فرك مكان الشق الجراحي أو شدّه مع التنشيف جيدًا حتى لا تتراكم البكتيريا والفطريات على موضع الجرح.
  • العودة لممارسة الأنشطة اليوميَّة الطبيعيَّة تدريجيًا، لكن تجنَّبي حمل الأشياء الثقيلة أو ممارسة العلاقة الحميمة دون مراجعة الطبيب.

ختامًا، فإنَّ عمليَّة ربط قناة فالوب من أكثر وسائل منع الحمل المضمونة والآمنة؛ لكن كونها دائمة يُعد ميزةً وعيبًا في الوقت ذاته؛ إذ أنَّ التراجع عنها بعد إتمامها من الأمور المعقَّدة، كما أنه كلما كانت السيِّدة أصغر سنًا كانت فرصة فشل العمليَّة أو حدوث الحمل خارج الرَّحم أكبر.

المصدر
Reviewed by Mayoclinic medical professionals, Mayoclinic, feb.10.2023Medically Reviewed by Neha Pathak, webMD on January 03, 2023
اظهر المزيد

اسراء سامي

إسراء سامي هي خبيرة في مجال صناعة المحتوى، حازت على درجة البكالوريوس في المجال الطبي. تتميز بخبرتها الواسعة في كتابة المحتوى العلمي والثقافي المتنوع. اهتمامها البارز ينصب في القضايا الصحية وشؤون المرأة، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية. تتقن كتابة مقالاتها باللغة العربية، مستندة إلى خلفيتها العلمية، بهدف تقديم معرفة قيمة وموثوقة للقراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى