القلق من العلاقات الجنسية
- مفهوم القلق الجنسي
- القلق الجنسي والرِّضا عن الجسَد
- القلق الجنسي والخبرة الجنسيَّة
- القلق الجنسي والقيم الدينيَّة
- القلق الجنسي والحوار الجنسي داخل العائلة
يُعدُّ الجنس أحد أهم الدوافع الإنسانيَّة التي تؤثِّر بشكل عميق على نوعيَّة حياة الفرد وجوانبه الوظيفيَّة. ركَّزت العديد من الدراسات، منذ مدَّةٍ طويلة، على أثر النشاط الجنسي في تحسين جودة الحياة العامَّة للرجال. ومؤخَّرًا، أظهرت الدراسات نتائج مماثلة لدى النساء، فمثلًا، وُجِدَ أنَّ النساء اللواتي يشعرن برضا جنسي، يتمتعن برفاهيَّة أعلى من أولئك اللواتي يعانين من عدم الرِّضا جنسي(Stephenson & Meston, 2015)(El-Hadidy et al., 2016).
على الرغم من دوره الكبير في تحسين جودة وكفاءة الحياة، إلا أنَّ البعض يعاني من قلقٍ وخوف كبيرين من العلاقات الجنسيَّة، فقد يشعر هؤلاء بالخوف من ممارسة أي سلوك جنسي، أو الشعور بالخوف من الجماع فقط (El-Hadidy et al., 2016).
مفهوم القلق الجنسي
بشكلٍ عام، تتشكَّل الاستجابة الجنسيَّة للإنسان نتيجة التفاعلات المعقَّدة بين العوامل البيولوجيَّة والنفسيَّة الاجتماعيَّة، بين الثقافات والأفراد، بل وتختلف داخل الفرد نفسه حسب الوقت والمكان والظروف (Girard et al., 2020). يُعدُّ القلق الجنسي شكلًا من أشكال الإستجابة الجنسيَّة ويختلف تعريفه وكيفيَّة ظهوره على الأفراد.
يعرِّف البعض القلق الجنسي على أنَّهُ “ميل الفرد إلى الشعور بالتوتُّر وعدم الراحة والقلق بشأن الجوانب الجنسيَّة في حياته” (Girard et al., 2020)(Brassard et al., 2015). وقد يرتبط القلق الجنسي بتوقُّع التعرُّض للعقاب الخارجي، نتيجة لعدم تلبية المعايير المقبولة اجتماعيًّا التي تخصُّ الجنس. (Dang et al., 2018) (Ali-Faisal, 2016).
ويعبَّر عنه فسيولوجيًّا من خلال الاضطرابات أوالاختلالات الجنسيَّة مثل؛ التشنُّج المهبلي وضعف الانتصاب، ولكن معالجة هذه الاعراض غالبًا ما تفشل في معالجة أصل القلق. ويمكن أن يُعرَّف القلق الجنسي، بأنَّهُ القلق العام من المناقشة والعرض والتعبير عن الجنس. نظرًا لأنَّ معظم الدراسات تركِّز على القلق من الأداء الجنسي، وليس القلق الجنسي بشكلٍ عام، فهناك القليل من المعلومات حول انتشاره (Jayne et al., 2021).
القلق الجنسي والرِّضا عن الجسَد
يبرز الجسم بشكلٍ لافت من الناحية الجماليَّة والوظيفيَّة أثناء ممارسة الجنس، لذا فإنَّ عدم الرِّضا عن الجسد، يعدُّ سببًا من أسباب القلق الجنسي، حيث إنَّ عدم الرِّضا عن الجسد مرتبط بعدم الرِّضا الجنسي الذي يحمل معه توتُّرًا وقلقًا وعدم راحة بشأن التفاعلات الجنسيَّة، والتي قد تتعارض مع الجودة الجنسيَّة.
إذًا، نظرًا لأنَّ عدم الرِّضا عن الجسم يتنبَّأ بشكلٍ إيجابي بالقلق الجنسي، والقلق الجنسي يتنبَّأ بشكلٍ سلبي بالرِّضا الجنسي، فإنَّ القلق الجنسي قد يتوسَّط الارتباطات بين عدم الرِّضا عن الجسم والرِّضا الجنسي، بالتالي عدم الرِّضا لدى الزوجين. فعلى سبيل المثال، قد يواجه الأفراد صعوبة في الاهتمام بالأحاسيس الجسديَّة، وقد يتجنَّبون السلوكيَّات التي يمكن أن تزيد من المتعة الجسديَّة، أو قد يتجنَّبون الجنس تمامًا لأنَّهُ يسبِّب القلق. قد تؤدِّي هذه العوامل إلى تآكل الإشباع الجنسي وتزيد من عدم الرِّضا في الجنس.
أظهرت دراسات أجراها سانشيز وكيفر (2007) وستير وتيجمان (2008) إلى أنَّ الوعي الذاتي بالجسم يربط بين الشعور بالعار من الجسد وبين المتعة والإثارة والأداء الجنسي، ممَّا يشير إلى أنَّ الشعور بالخجل والعار من صورة الجسد، قد يثير الانزعاج والقلق في المواقف التي تنطوي على تعرُّض الجسد (لزوج/لزوجة) بشكلٍ حميمي، ويمكن أن يتداخل الانزعاج والقلق مع المتعة الجنسيَّة والأداء الجنسي.
إلى الان، تمَّ اكتشاف آليتين محتملتين للربط بين صورة الجسد والنتائج الجنسيَّة: الأداء الجنسي للرجال، والوعي الذاتي بالجسد أثناء التفاعلات الحميمة بشكلٍ عام (Bowsfield & Cobb, 2021).
قد يعود القلق الجنسي لدى الرجال المرتبط بالجسد إلى أحد احتمالين: الأداء الجنسي والوعي بالجسد أثناء ممارسة الجنس. أمَّا المرأة، فيمكن أن تؤثِّر الجوانب النفسيَّة، بما في ذلك صورة الجسد، واحترام الذات والانشغال بمظهر الأعضاء التناسليَّة والرائحة المتصوَّرة، سلبًا على قدرة المرأة على الاسترخاء. هذه الصعوبات يمكن أن تدفع النساء إلى إدراك أنَّ افتقارهن للنشوة الجنسيَّة هو فشل، ممَّا يولِّد لديهن شعورًا بالعار والذنب والاكتئاب والقلق، وتعزيز المعتقدات السلبيَّة حول القدرة على إدامة النشوة الجنسيَّة (Clayton & Valladares Juarez, 2019).
القلق الجنسي والخبرة الجنسيَّة
وجدت دراسة أُجرِيت على مسلمي أمريكا وكندا، أنَّ الافراد الذين يتمتَّعون بتجربة جنسيَّة كبيرة يحظون بمستويات منخفضة من الذنب الجنسي والقلق الجنسي، فضلاً عن مواقفهم الجنسيَّة الليبراليَّة. ممَّا يعني أنَّ القلق قد ينخفض بفعل استمراريَّة العلاقة واكتساب الخبرة.
وجدت دراسة طويلة، تابعت المراهقات الأمريكيَّات من أصلٍ أفريقي على مدى أربع سنوات، أنَّهُ مع اكتساب هؤلاء الشابات خبرة جنسيَّة، انخفضت مستويات القلق الجنسي لديهن. تكهَّن الباحثون بأنَّ هؤلاء الشابَّات اكتسبن الثقة الجنسيَّة مع اكتسابهن تجربة جنسيَّة (أي الحصول على تقييمٍ إيجابي للنشاط الجنسي، والأفكار الجنسيَّة، والمشاعر، والسلوكيَّات، والجسَد في السياق الجنسي)، ممَّا قد أدَّى إلى انخفاض مستويات القلق الجنسي. قد تكون هذه المستويات المنخفضة من القلق الجنسي، خلقت بيئة إيجابيَّة شعرت فيها النساء بالراحة عند الانخراط في المزيد من السلوكيَّات الجنسيَّة (Ali-Faisal, 2016).
القلق الجنسي والقيم الدينيَّة
غالبًا ما يتمّ تصوير الجنس على أنَّهُ إحدى الكبائر والمحرَّمات في المجتمعات والجماعات الدينيَّة. تشير الأبحاث المتعلِّقة بالجنس إلى أنَّ التديُّن مرتبط باتِّخاذ المواقف تجاه الجنس، فعلى الرغم من وجود تباين بين المجموعات الدينيَّة وداخلها، إلا أنَّ التنشئة الاجتماعيَّة الدينيَّة العامَّة، يمكن أن يكون لها نتائج سلبيَّة فيما يتعلَّق بالجنس والصحَّة الجنسيَّة. فرفض الجنس باعتباره وصمة عار لا يجب التحدُّث عنها أو الشعور بها، يخلق قلقًا وخوفًا عند أبناء هذه المجتمعات، ينعكس على معرفتهم السليمة للسلوك الجنسي الصحيح، وهذا ما يخلق قلقًا جنسيًّا على المدى البعيد.
تشير الأبحاث أيضًا، إلى أنه يمكن للجماعات الدينيَّة، أن تؤدِّي دورًا ايجابيًّا كبيرًا في تصحيح المفاهيم المتعلِّقة بالجنس وممارسات الصحَّة الجنسيَّة. على سبيل المثال، بعض المجتمعات الدينيَّة قادرة على توفير التعليم للعائلات وأفراد المجتمع (كما يحدث في خطب الجمعة أو الملتقيات الدينيَّة المختلفة)، والذي يمكن أن يتضمَّن مناهج تتعلَّق بالصحَّة الجنسيَّة. بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث إلى أنَّ الايمان الديني، يمكن أن يساهم في توفير آليَّات للتعامل مع التوتُّر والقلق المتعلِّقين بالجنس(Jayne et al., 2021).
القلق الجنسي والحوار الجنسي داخل العائلة
يمكن تعريف التواصل الجنسي بين أفراد الأسرة، بأنَّهُ رغبة العائلات في تفعيل خطوط اتِّصال مفتوحة حول الجنس والموضوعات المتعلِّقة بالجنس. هذا الانفتاح من قبل الوالدين أو مقدِّمي الرعاية، يمكِّن الأطفال من الاستفادة من وحدة الأسرة كمصدرٍ أساسي للتعلُّم الجنسي.
إنَّ التواصل الجنسي المنفتح داخل المنظومة الأسريَّة، من شأنه أن يعزِّز التجارب الإيجابيَّة مع الطفل. وعلى العكس، يمكن أن يساهم الرفض والخلل في مشاركة معلومات الصحَّة الجنسيَّة إلى زيادة الجهل والتفاوت في الصحَّة الجنسيَّة بما فيها القلق الجنسي. بعبارةٍ أخرى، قد يُظهر الأطفال الذين لديهم فهم متزايد للصحَّة الجنسيَّة والمواضيع المرتبطة بها، تحسُّنًا في الصحَّة الجنسيَّة.
تشير الأبحاث التي تفحص الاتِّصال الجنسي الأُسري، إلى أنَّ العائلات نادرًا ما تناقش الجنس، إن حدث ذلك، وحتى عندما يعتقد الآباء أنَّهم أوفوا بمسؤوليَّاتهم الأبويَّة في نقل المعلومات، غالبًا ما يكون هناك نقص في الانفتاح فيما يتعلَّق بمناقشة النشاط الجنسي بعد الحمل والأمراض المنقولة جنسيًّا.
الأطفال من العائلات الذين مارسوا التواصل المفتوح هم أكثر استعدادًا وانفتاحًا لمناقشة المخاوف والممارسات الصحيَّة مع أزواجهم، وأكثر عرضة للانخراط في الممارسات الجنسيَّة الصحِّيَّة. بالإضافة إلى ذلك، يؤدِّي النقاش حول الجنس داخل الأسرة، إلى زيادة الحوار الإيجابي والأسئلة بين الأطفال والآباء(Jayne et al., 2021).
Good information. Lucky me I ran across your site by accident (stumbleupon).
I’ve book marked it for later!