الجنس الانفرادي وإدمان العادة السريَّة

اقرأ في هذا المقال
  • ما هو الجنس الانفرادي أو العادة السريَّة ؟ 
  • موقف العلم من العادة السريَّة أو الاستمناء 
  • أعراض وعلامات إدمان العادة السريَّة

الجنس الانفرادي وإدمان العادة السريَّة

يعدُّ الجنس الانفرادي ( الاستمناء) أو كما هو متعارف عليه ” العادة السريَّة” موضوعًا خطيرًا يحتاج إلى سعي كبير من الباحثين لمعالجته. فلا يزال عامَّة الناس يعتبرون الجنس الانفرادي موضوعًا حسَّاسًا، سرِّيًّا وغير مريح للمناقشة.

وفقًا لوزارة الصحَّة والخدمات الإنسانيَّة الأمريكيَّة، قد تصل حساسيَّة هذا الموضوع إلى خسارة الحياة المهنيَّة، كما حدث مع طبيبة الجراحة العامة جوسلين إلدرز، التي أُحيلت للاستقالة بعد خطابها عام 1994 الذي اقترحت فيه تعليم الاستمناء في التربية الجنسيَّة. يتمُّ اعتبار الجنس الإنفرادي أو العادة السريَّة فعلًا غير طبيعيًّا لعدم وجود هدف إنجابي من ورائه، ويؤدِّي التعامل مع الاستمناء على أنَّهُ وصمة عار مجتمعيَّة إلى غياب الخطاب العقلاني، وهذا بدوره قد يؤثِّر على الصحَّة الجنسيَّة للأفراد.(Kaestle & Allen, 2011)

ما هو الجنس الانفرادي أو العادة السريَّة ؟ 

العادة السريَّة أو الجنس الانفرادي (ويشار إليه أيضًا بالإشباع الذاتي الجنسي) هو فعل مثير ومحفِّز للأعضاء التناسليَّة مثل القضيب والبظر والفرج والثدي عن طريق الاحتكاك أو التمسيد أو الضغط أو الطي أو أي أشكال أخرى من التلاعب للوصول إلى النشوة الجنسيَّة. (Chowdhury et al., 2019)(Mushy et al., 2021)

يرى البعض أنَّ العادة السريَّة أو الجنس الانفرادي هي جزء من ممارسات السلوك الجنسي التي تعتبر طبيعيَّة أو مناسبة للنموّ منذ الطفولة المبكِّرة. ويُنظر إليه على أنه جزء طبيعي من التطور الجنسي لدى الأطفال والمراهقين وتعد مشاهدة الأعضاء التناسليَّة لشخص آخر ولمس أعضائهم التناسليَّة من السلوكيات الجنسيَّة الشائعة عند الأطفال (Shavega, 2020). بينما يرى البعض الآخر أن الاستمناء سلوك جنسي منحرف ويعد أكثر السلوكيات غير المقبولة اجتماعيًا شيوعًا. أظهر كامكار وجباريان (2007) في دراستهما أن الأطفال الذين يبدؤون ممارسة العادة السريَّة تتراوح أعمارهم بين 8 و 10 سنوات. (Shekarey et al., 2011)

العادة السريَّة على مرّ ِالتاريخ 

اختلفت الدوافع الفرديَّة للامتناع عن ممارسة العادة السريَّة عبر التاريخ الحديث؛ منها دوافع مبنيَّة على الحجج الدينيَّة، وأخرى تدور حول الخوف من العواقب الجسديَّة أو النفسيَّة، والجهود المبذولة لتجنُّب الشعور بالذنب أو فقدان السيطرة. (Zimmer & Imhoff, 2020)(Apei, 2021) 

مقالات ذات صلة

وجهة النظر الدينيَّة رأت أنَّ الاستمناء “خطيئة ضدّ الطبيعة”، في بداية القرن الثامن عشر، بدأ البحث في الأعراض الفسيولوجيَّة للعادة السريَّة، وظهر مفهوم “مرض ما بعد الاستمناء” واعتبرَ فقدان السائل المنوي والعبث بالأعضاء التناسليَّة من الأسباب المحتملة للضعف الجنسي والجنون. (Zimmer & Imhoff, 2020)(Kaestle & Allen, 2011)فأصبح الخوف من العواقب المرضيَّة حافزًا على الامتناع عن العادة السريَّة بالإضافة إلى الدوافع الدينيَّة. في بداية القرن العشرين، بلغ “ذعر العادة السريَّة” ذروته وبدأت التقييمات التقدُّميَّة في الطبِّ وعلم النفس في ازدياد. 

في الآونة الأخيرة، تراجع باحثو الصحَّة الجنسيَّة عن هذه الإدانة الصريحة لممارسة العادة السريَّة، وقام بعضهم بفحص ما إذا كانت العادة السريَّة قد تكون لها نتائج مفيدة.

إجمالًا، على الرغم من أنَّ تاريخ دراسة العادة السريَّة مليء بالأساطير والدلالات السلبيَّة، فإنَّ بعض الأدلَّة تشير إلى أنَّها جزء طبيعي من التطوُّر والسلوك الجنسي الإنساني. وقد أصبح يُنظَر إليه الآن على أنَّهُ شكل مقبول من أشكال التفريغ الجنسي، حيث يعدُّ نشاطًا جنسيًّا آمنًا، يمكن أن يساهم في تحسين الصحَّة الجنسيَّة. (Mushy et al., 2021)

على الوجه الآخر، يرى فرويد أنَّ العادة السريَّة قد تكون ضارَّة من الناحية النفسيَّة والاجتماعيَّة، حيث إنَّها تؤدِّي لتشكيل أنماط نفسيَّة تعيق التنشئة الاجتماعيَّة. حيث إنَّ وجود طريق سهل للوصول إلى اللذة الجنسيَّة، سيثبِّط الفرد عن التوجُّه للعالم الخارجي والتواصل مع (زوج/زوجة). (Shapiro, 2008)

موقف العلم من العادة السريَّة أو الاستمناء 

تهيّء الزيادة في الهرمونات الجنسيَّة خلال فترة البلوغ عند المراهقين للاستمناء، وتعتبر جزءًا طبيعيًّا من تنمية الصحَّة الجنسيَّة للإنسان. تشير الإحصاءات إلى أنَّ أكثر من 90٪ من الرجال و 50٪ من النساء مارسوا العادة السريَّة في وقت ما من حياتهم. في عام 1968 تمَّت إزالة الاستمناء رسميًّا من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقليَّة ( DSM-II) حيث وجِدَ أنَّهُ سلوك شائع للغاية يفتقر إلى أيِّ آثار ضارَّة محدَّدة. 

أظهرت دراسة أنَّه من بين طلاب الطبّ الذكور في مصر، أكَّد 75.2٪ أنَّهم مارسوا العادة السريَّة، بينما اعتقد 11.8٪ فقط أنَّ العادة السريَّة ليست بالشيء الضار. توقَّع معظم الطلبة أنَّ الاستمناء سيؤثِّر سلبًا على الرضا الجنسي المستقبلي في الزواج (64.7٪)، ويؤدِّي إلى سرعة القذف (56.8٪)، وفقدان الرغبة الجنسيَّة (32.6٪)، وضعف الانتصاب والضعف الجنسي (25.2٪). (Mushy et al., 2021)

من جهةٍ أخرى، اعتبر كثيرون أنَّ الاستمناء صحِّي ويستخدم كوسيلة للتعبير عن النشاط الجنسي البشري خاصَّةً لدى الشباب. تشير الدراسات إلى أنَّ الشباب يرون الاستمناء أكثر أمانًا مقارنة بالممارسات الجنسيَّة الأخرى: موضحين أنَّه لا ينطوي على مخاطر الحمل والأمراض المنقولة جنسيًّا، لكنَّهُ قد يصبح مشكلة خاصَّة عند المبالغة فيه ممَّا قد يؤدِّي إلى فرط الجنس أو الإدمان الجنسي؛ والتي قد تسبِّب اضطرابًا سلوكيًّا. يؤدِّي الاستمناء إلى إدمان جنسي مرتبط باستجابات سلوكيَّة لا تكيفيَّة، والتي يمكن أن يكون لها عواقب وظيفيَّة سلبيَّة خطيرة في وقتٍ لاحق من الحياة (Shavega, 2020)

الأضرار الاجتماعيَّة

يفضِّل الشخص المدمن على العادة السريَّة العزلة ولا يستمتع بإشراك نفسه في أنشطة جماعيَّة. لذلك تضعف الهويَّة الاجتماعيَّة والإنسانيَّة لهذا الشخص.(Shekarey et al., 2011)

أخيرًا، لا يمكن اعتبار إدمان العادة السريَّة مشكلة تستدعي العلاج، إلا في حال تأثيرها على حياة الفرد بشكلٍ ملحوظ، ويمكن القول إنها قد تؤثر على الوظيفة الاجتماعيَّة أو الأكاديميَّة او المهنيَّة للفرد، وقد تصبح مستنزفة للوقت من الفرد، إذ أنَّ الاستمرار بها قد يدفع الفرد للبحث عن طرق جديدة للوصول لنفس المتعة، فيلجأ إلى إدمان الإباحيَّة. ولا بد من الإشارة إلى أن إدمان العادة السريَّة يمكن معالجته من خلال الجلسات النفسيَّة، لكن العلاج قد يكون ضاغطًا على الشخص ويحتاج إلى وقت طويل.

المصدر
Apei, S. (2021). “Quit Masturbation, Change Failure”: The Process, Essence, and Reflection of the Identity Construction in the Abstinence Internet Organization. Sexual Addiction and Compulsivity, 27(3–4). https://doi.org/10.1080/10720162.2020.1856739Chowdhury, M. R. H. K., Chowdhury, M. R. K., Nipa, N. S., Kabir, R., Moni, M. A., & Kordowicz, M. (2019). Masturbation experience: A case study of undergraduate students in Bangladesh. Journal of Population and Social Studies, 27(4). https://doi.org/10.25133/JPSSv27n4.024Kaestle, C. E., & Allen, K. R. (2011). The role of masturbation in healthy sexual development: Perceptions of young adults. Archives of Sexual Behavior, 40(5). https://doi.org/10.1007/s10508-010-9722-0Mushy, S. E., Rosser, B. R. S., Ross, M. W., Lukumay, G. G., Mgopa, L. R., Bonilla, Z., Massae, A. F., Mkonyi, E., Mwakawanga, D. L., Mohammed, I., Trent, M., Wadley, J., & Leshabari, S. (2021). The Management of Masturbation as a Sexual Health Issue in Dar es Salaam, Tanzania: A Qualitative Study of Health Professionals’ and Medical Students’ Perspectives. Journal of Sexual Medicine, 18(10). https://doi.org/10.1016/j.jsxm.2021.07.007Shapiro, T. (2008). Masturbation, sexuality, and adaptation: Normalization in adolescence. Journal of the American Psychoanalytic Association, 56(1). https://doi.org/10.1177/0003065108315687Shavega, T. (2020). Intervention Strategies of Excessive Masturbation for a 19-Years Youth: Experience of Counseling Intervention. Open Journal of Therapy and Rehabilitation, 08(03). https://doi.org/10.4236/ojtr.2020.83009Shekarey, A., Sedaghat Rostami, M., Mazdai, K., & Mohammadi, A. (2011). Masturbation: Prevention and treatment. Procedia - Social and Behavioral Sciences, 30. https://doi.org/10.1016/j.sbspro.2011.10.318Zimmer, F., & Imhoff, R. (2020). Abstinence from Masturbation and Hypersexuality. Archives of Sexual Behavior, 49(4). https://doi.org/10.1007/s10508-019-01623-8
اظهر المزيد

ليث عودة

د. ليث عودة، اختصاصي علم النفس الاكلينيكي، مدير مركز الصفصاف للتأهيل النفسي، محاضر غير متفرغ / الجامعة الاردنية، مدرب في مجال التشخيص والعلاج النفسي، حاصل على رخصة مزاولة المهنة كأخصائي نفسي اكلينيكي، مستشار لعدة جهات محلية ودولية، خبير في مجال العلاج النفسي للبالغين والمراهقين والأطفال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية