كيف يمكن استعادة الثقة بالنفس بعد الانفصال؟

اقرأ في هذا المقال
  • ما هي علامات فقدان الثقة بالنفس؟ 
  • ما هي الخطوات اللازمه لإعادة بناء الثقة بالنفس بعد الانفصال؟

مع نهاية العلاقات، سواء بالطلاق أو حتَّى بالانفصال في فترة الخطبة أو العلاقات العاطفيَّة السابقة لها، يختبر الشخص مزيجًا مركَّبًا من المشاعر في أعلى مستوياتها، وقد يطغى عليه شعور مُلحّ بأنَّ هذه نهاية الدنيا، وغالبًا ما ينتابه الكثير من المشاعر السلبيَّة تجاه نفسه، فيشعر مثلا أنَّهُ شخص سيِّء، أو غير كافٍ، أو غير جدير بالحبّ، أو غير جميل أو غيرها من الأفكار التي تصبّ في درجات تقدير الشخص لنفسه، وشعوره بالثقة. 

من المهمّ أن يدرك كل فرد أنَّ زيادة ونقصان الثقة بالنفس هو أمر طبيعي جدا على مدار حياته، وأنَّ تقدير الفرد لذاته هو أمر يتغيَّر مع أحداث الحياة ونجاحاتها وإحباطاتها. إذا لم يدرك الإنسان هذه الحقيقة، فإنَّه من الممكن أن يصبح أكثر عرضة للاكتئاب والقلق المرضيين.

ما هي علامات فقدان الثقة بالنفس؟ 

  • الهروب من المسئوليَّة والفرص والتحدِّيات الجديدة.
  • الاعتماد على الآخرين في اتِّخاذ القرارات.
  • الشعور بعدم استحقاق الحبّ والرعاية والاهتمام.
  • العزلة وتجنُّب الناس وتجنُّب المناسبات الاجتماعيَّة.
  • الحساسيَّة الشديدة، والانفعال والبكاء لأتفه الأسباب.

ما هي الخطوات اللازمه لإعادة بناء الثقة بالنفس بعد الانفصال؟

  1. عدم مقاومة الألم: انتهاء العلاقات أمر مؤلم، يترك جرحه على الفرد لأيَّام وشهور، والألم هو أحد المشاعر الطبيعيَّة، لا يجب مقاومتها ولا الهروب منها، بل يجب إعطاؤها الوقت الكافي وتفهّمها، وإعطاء الحزن أيضًا حقّه ووقته ليمر. أي محاولة لادِّعاء القوَّة والثقة قبل أوانها يُؤتي بنتائج عكسيَّة، لأنَّه مجرَّد غطاء هشّ للحقيقة، ولكن الوقت يكون كفيلًا بذوبان الألم وظهور معدن الثقة الحقيقي.
  1. تقبَّل من أنت: عادة ما تنتهي العلاقات بأخطاء وصراعات متبادلة بين الطرفين، وكثيرا ما تتطاير الاتِّهامات والوصم بأصعب الخصلات والصفات في وقت الانفصال، واجب الفرد تجاه نفسه في هذا الموقف هو أن يتقبَّل نفسه، حتى بعيوبه وأخطائه، لا بد أن يوافق على من يكونه، وأن يعترف بأنَّ هناك أشياء يجيدها وأشياء لا، وخصلات يمكن التأقلم معها وخصلات يجد الصعوبة في التعايش معها، وأنَّ البشر مختلفون عن بعضهم البعض في الأفكار والقيم والدوافع والأولويَّات، وأنَّ الانفصال يحدث وفقط، وهذا لا يستلزم أن يكره الشخص بسببه من يكون، وأن كلّ إنسان جميل بطريقته الخاصَّة.
  1. وقت للعناية بالنفس self-care : في الفترة الأولى ينصح العلماء بأن يكون تركيز الفرد الأول على نفسه وعلى مشاعره، ومن أفكار ممارسة العناية بالنفس أو الـ self-care  : 
  • ممارسة الرياضة: تزيد الرياضة من توازن الهرمونات، وتساعد على إفراز هرمون السيروتونين أو هرمون السعادة، وترفع الثقة بالنفس، وتساعد في تقليل الضغط والتوتُّر، كما أنَّها تساعد على تنظيم النوم.
  • الأكل الصحِّي: الاهتمام بنمط تغذية صحّي ومفيد يساعد على اتِّزان الجسم وحصوله على كفايته من الفيتامينات والمعادن، ويجعل الجسم في وضع صحِّي ونفسي أفضل، كما أنَّ هذا النوع بالذات من العناية بالنفس يزيد من شعور الاستحقاق والراحة في الجسم.
  • ممارسة هواية: هذا هو الوقت المناسب للتفكير في الهواية التي من خلالها تفرِّغ كمًّا كبيرًا من الطاقة، مع الشعور بقدر عالٍ من الثقة والإنجاز، وفي الوقت نفسه هو أمر يزيد من تواصل الشخص مع نفسه.
  • مزيد من الدلال: لا بأس بكسر الروتين، الأفضل أن يتسامح الشخص مع نفسه، ويسمح بوقت أطول أمام الأفلام، أو زيارات متكرِّرة لمصفِّف الشعر، أو الحصول على بعض جلسات العناية في منتجع صحِّي. هذه التفاصيل البسيطة أيضا تزيد من شعور الفرد بأنَّه يستحقّ الدلال والسعادة والاهتمام.
  1. ممارسة التدوين اليوميّ: هذه واحدة من الممارسات التي تساعد في تنظيم الأفكار والمشاعر، وهي بمثابة مرآة يضعها الفرد أمام نفسه فيكتشف في نفسه ما يحاول إنكاره، أو ما يصعب مصارحة الآخرين به. في هذه العادة يقوم الشخص بتخصيص دفتر للتدوين اليومي، وتخصيص ولو خمس دقائق يوميًّا للكتابة عن المشاعر والأفكار، أو حتى عن الأحداث التي مرَّت خلال اليوم. هذه الخطوة لا تساعد فقط في التعافي، ولكنَّها ترفع من قدرة الشخص على التواصل مع نفسه، واكتشاف رحلته والتطوُّر الذي يمرُّ به يوما بعد يوم. هناك الكثير من الأفكار التي يمكن أن تيسِّر التدوين، كما أنَّه من الممكن تثبيث أسئلة تحاول الإجابة عليها يوميًّا، مثلًا: 
  • اكتب ما هي أفضل صفة تحبّها في نفسك؟ 
  • اكتب ما هي موهبتك؟
  • اكتب ثلاثة أشياء تجيد فعلها بكفاءة.
  • اكتب شيء تحبُّه في شكلك أو جسمك.
  • اكتب ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان لوجودها في حياتك.
  • اكتب خطابًا تشكر فيه نفسك على مجهودك في العلاقة المنتهية.
  • اكتب خطابًا تواسي فيه نفسك على خسارتك.
  1. التركيز على شبكة تواصل داعمة: من المهمّ في الفترة التالية للانفصال، أن يركِّز الفرد على التواصل مع العلاقات الداعمة والآمنة، والابتعاد عن العلاقات المرهقة أو المتطلِّبة أو التي تكثر اللوم وتمارس الضغط بشكل أو بآخر. الدائرة الآمنة هي دائرة العلاقات من الأهل أو الأصدقاء التي تستطيع تقديم الدعم والحبّ غير المشروطين، وتعكس للفرد من يكون، وما يستحقّه، وتقبله كما هو، دون ضغط ليكون صورة أخرى لا تشبه حقيقته.
  1. خلق تحدٍّ جديد: حتى ولو كان تحدّيًا بسيطًا، مثل تعلّم طريقة طبخ وجبة جديدة. وجود تحدّيات بسيطة جديدة كل فترة يدعم زيادة الثقة بالنفس، والشعور بالقدرة والتمكُّن والرضا عن الذات، لذا ليس من الضروري أن يكون تحدِّيًا ضخمًا أو يحتاج إلى تخصيص وقت كبير، يمكن ممارسة هواية جديدة، مثل تعلُّم الرسم، أو تعلّم آلة موسيقيَّة جديدة، أو التدرُّب على رياضة ما، أو تعلّم الطبخ، أو تبنِّي مشروع صغير لتجديد ركن في المنزل، أو حتى استكشاف أماكن مجهولة ومُثيرة للتعرُّف على المدينة.
  1. نهاية العلاقات لا تعني الفشل: يُفهَم أنَّ العلاقات تنتهي لأسباب كثيرة، أو حتَّى أخطاء كثيرة، ولكن هذا لا يعني أنَّ المنفصلين هم أشخاص فاشلين أو سيئين بالضرورة. ولكن يحدث الانفصال لأنَّ الأشخاص لم يُوفَّقوا في التفاهم، أو التواصل بشكل مناسب أو حتَّى لأنَّهم فشلوا في إدارة علاقتهم وحلّ صراعاتهم، وهذا الفشل لا يُوصمهم أو يجعل منهم فاشلين، ففشل التجربة ليس هو نفسه فشل الشخص، والذي يفشل في علاقة مرَّة، باستطاعته أن ينجح في عشرات الأشياء الأخرى، وأن ينجح أيضًا في علاقة أخرى.
  1. زيارة متخصِّص نفسي: يمكن للحديث مع الاختصاصي النفسي أن يساعد في التعرُّف على المشاعر والأفكار الأساسيَّة التي تؤسِّس لحالة فقدان الثقة في النفس، ومن دوره أن يقوم بتعليم تكنيكات للاستماع للأفكار التلقائيَّة وما تثيره من مشاعر، وكيفيَّة التعرُّف عليها وإدارتها، كما أنَّ مجموعات الدعم النفسي للمجتمعات المتشابهة التي تمرُّ بنفس التجربة تلعب دورًا كبيرًا في تقديم الدعم، إذ غالبًا ما يشعر الفرد بمزيد من الراحة والثقة إذا كان يعرف أنَّ هذه الأفكار والمشاعر، وحالة الألم والغضب والحزن وفقدان الثقة بالنفس التي يعيشها بعد الانفصال، يعيشها معه معظم الذين مرُّوا بهذه التجربة تقريبًا. 

اظهر المزيد

أية خالد

إخصائية نفسية حاصلة ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وعلى الماجستير في علم النفس الإكلينيكي، وكاتبة محتوى مهتمة برفع الوعي بالصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية