كيف يمكن أن يؤثِّر الوسواس القهري على حياتك الجنسيَّة؟

يمكن أن يسبِّب اضطراب الوسواس القهري (OCD) مشكلات في ممارسة الجنس بعدَّة طرق. ومع ذلك، تظهر المشاكل بشكلٍ عامّ من خلال الأفكار الوسواسيَّة المحيطة بالجنس، وإجبار الشخص لنفسه لإدارة هذه الوساوس التي قد تشمل تجنُّب ممارسة الجنس تمامًا.

يمكن أن يكون مصدر التحدِّيات الجنسيَّة لشخصٍ مصاب بالوسواس القهري مرتبطًا بالقيم الدينيَّة، أو الصدمات المؤلمة السابقة، أو القلق، أو العار، أو أي شيء آخر. تختلف تجربة كل شخص مع الوسواس القهري والجنس.

بغض النظر عن سبب التحدِّيات في حياتك الجنسيَّة، تتوفَّر خيارات العلاج للمساعدة في إدارة أعراض الوسواس القهري، والشعور براحةٍ أكبر مع العلاقة الحميمة الجنسيَّة.

كيف يمكن أن يؤثِّر الوسواس القهري على حياتك الجنسيَّة؟

يصف الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقليَّة (DSM-5) اضطراب الوسواس القهري (OCD)، بأنَّهُ ينطوي على أفكار أو صور ملحَّة متكرِّرة ومستمرَّة.

يمكن أن يتدخَّل الوسواس القهري في حياتك الجنسيَّة عندما تحدث أفكار تداخليَّة أثناء التجربة أو قبلها. يمكن أن يختلف تأثير الوسواس القهري على الحياة أو التجربة الجنسيَّة من شخصٍ إلى آخر، ويعتمد على نوع الأفكار الوساوسيَّة والأفعال القهريَّة.

قد يكون (الزوج/الزوجة) المصاب بالوسواس القهري غير قادر على التحكُّم في الأفكار القهريَّة أثناء ممارسة الجنس. قد يرغب الشخص في إبعاد هذه الأفكار ولكنَّهُ لا غير قادر على تحقيق ذلك. يؤدِّي هذا أحيانًا إلى تجنُّب ممارسة الجنس لمنع التعامل مع التدخلات القهريَّة.

يمكن أن تكون الأفكار القهريَّة والمتطفِّلة بسيطة مثل التساؤل عمَّا إذا كنت تتذكَّر إطفاءنار الموقد. في أوقات أخرى، يمكن أن تنطوي على أفكار الاشمئزاز الجنسي أو العار أو العنف. بمجرَّد أن تتبادر الفكرة القهريَّة إلى الذهن، من الصعب إبعادها، ممَّا يؤدِّي إلى فقدان التركيز على التواصل الجنسي مع الزوج/الزوجة.

كيف يظهر الوسواس القهري في العلاقة الجنسيَّة الزوجيَّة؟

هناك عدد من الطرق التي يمكن أن يؤثِّر بها الوسواس القهري على العلاقة الجنسيَّة:

1. قلق العلاقة الزوجيَّة

في حين إنَّ الوسواس القهري سيكون له تأثير على الحياة اليوميَّة بشكلٍ عام، ممَّا يؤثِّر على التفاعل الاجتماعي والعلاقات الإنسانيَّة، فقد تمَّ ربطه بشكل أكثر تحديدًا بقلق العلاقة الزوجيَّة. يمكن أن يظهر هذا كتركيز غير صحِّي على ملائمة العلاقة وعدم الثقة في الطرف الآخر ودوافع الزوج/ الزوجة الجنسيَّة. يمكن أن تصبح هذه الشكوك هوسًا، وستؤدِّي بمرور الوقت إلى الضيق لدى الطرف الآخر(الزوج/الزوجة). قد تؤثِّر أيضًا على كل من الصحَّة العقليَّة والأداء الجنسي في العلاقة الزوجيَّة.

2. هواجس غير صحيَّة

بالنسبة لشخص الذي يعاني من الوسواس القهري حالما يبدأ بعلاقة صحيَّة، يمكن أن يتحوَّل بسرعة إلى هوس. يمكن أن تصبح الشراكة الزوجيَّة مستنزفة بالكامل مع تسلُّل الشكوك والمخاوف. يمكن أن يؤدِّي ذلك إلى انخفاض مستويات احترام الذات، أو جنون العظمة، أو حتى مشكلات التعلُّق بالطرف الآخر(الزوج/الزوجة).

3. الأفكار المتطفِّلة أو الدخيلة

عندما تعاني من الوسواس القهري، فإنَّه من السهل أن تجد عقلك يعمل لساعات إضافيَّة، ممَّا يسمح للمخاوف غير المنطقيَّة والصور غير المرغوب فيها بالتطفُّل على اللحظات الحميميَّة الهادئة. يمكن أن تنطوي هذه الأفكار غالبًا على العدوان، أو حتى إيذاء أحد أفراد أسرة، ومن الصعب جدا الحصول على مزاج جيِّد للاستمتاع باللحظات الحميمة مع كل ما يحدث داخل عقل الشخص الذي يعاني من الوسواس القهري.

4.المعتقدات غير الصحيَّة

جزء ممَّا يجعل من الصعب جدًا تجاهل الوسواس القهري هي الأفكار المتعلِّقة بالمعتقدات غير الصحيَّة التي من المحتمل أن تتشكَّل لدى المريض. لكل فكرة قهريَّة أو تظهر على المصاب قد يتوصَّل إلى سلوك مماثل ليساعده على تخفيف القلق الذي يشعر به حتَّى لو كان ذلك مؤقَّتًا.

على سبيل المثال عندما يقلق المصاب بشأن الجراثيم، يستهلك التنظيف طاقة المصاب بالكامل، وكذلك الأمر عندما يساور المصاب القلق بشأن إجراءات السلامة العامَّة في المنزل، فيصبح فحص الأبواب والنوافذ المتكرِّر ليلًا، يستهلك من طاقة المصاب. قد يتوصَّل المصابون إلى قواعد حياتيَّة محدَّدة يتوقَّعون من (الزوج/الزوجة) الالتزام بها.

5.مخاوف بشأن النظافة في العلاقة الجنسيَّة

النظافة أيضًا، يمكن أن تكون مصدر قلق لمن يعاني من الوسواس القهري عندما يتعلَّق الأمر بسوائل الجسم مع مخاوف الإصابة بالجراثيم عند التواصل الجنسي. تشير الدراسات إلى أنَّ ربع مرضى الوسواس القهري، يعانون من مخاوف التلوُّث.

6.مشاكل الوظيفة الجنسيَّة

في دراسةٍ أُجريت عام 2017 على عيِّنة مكوَّنة من 56 من مرضى الوسواس القهري المتزوِّجين في مدينة طهران، وجدت الدراسة أن 80.2٪ من النساء و 25٪ من الرجال، عانوا من اختلال وظيفي جنسي، وانخفاض مستويات الرضا الجنسي. ذهب الباحثون ليجدوا أنَّ أولئك الذين ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالعجز الجنسي.

المشاكل الجنسيَّة الشائعة نتيجة الوسواس القهري هي: انخفاض مستوى الأداء، أو ضعف الانتصاب، أو القذف المبكِّر، أو تأخُّر القذف، والألم الجنسي، أو انخفاض الإثارة الجنسيَّة عند النساء. كذلك القلق بشأن المظهر الخارجي أو الأداء بدلاً من مجرَّد الاستمتاع باللحظة، تعتبر من الشكاوى الأخرى الشائعة لدى مصابي الوسواس القهري.

للأسف يمكن للأدوية المستخدمة لعلاج الوسواس القهري وغيره من الاضطرابات النفسيَّة والمشكلات العاطفيَّة، مثل الأدوية المضادَّة للاكتئاب أو مثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائيَّة (SSRI) أن تضعف الوظيفة الجنسيَّة، وتقلِّل من الإثارة الجنسيَّة والرغبة الجنسيَّة.

ما هي الأساليب العلاجيَّة التي تساعد مصاب الوسواس القهري على تحسين علاقته الجنسيَّة ؟

يمكنَّك تعلُّم الاستمتاع بالعلاقة الحميمة دون الشعور بالارتباك والإرهاق من الأفكار المتطفِّلة. تتضمَّن بعض طرق العلاج ما يلي:

1. الوقاية من التعرُّض والاستجابة (ERP)

هو نوع من أنواع العلاج المعرفي السلوكي (CBT) وعلاج شائع للوسواس القهري. تظهِر الأبحاث أنَّ حوالي 85٪ من المرضى الذين أكملوا تجربة (ERP) قلَّت لديهم أعراض الوسواس القهري.

يساعد هذا الأسلوب على مواجهة مخاوفك وتجربة الأفكار الوسواسيَّة دون اللجوء إلى الإكراه. أثناء تجربة هذا الأسلوب ستختبر التعرُّض لهواجسك وأفكارك القهريَّة، ويجب عليك أن تعمل على تجنُّب السلوكيَّات القهريَّة المخفِّفة لأفكارك القهريَّة. كلَّما قاومت الدوافع كلَّما قلَّ القلق بشكلٍ تدريجي، وسيقلُّ إغراء أداء الأفعال القهريَّة بمرور الوقت.

يساعدك هذا العلاج على فهم أنَّ ما تخشاه من غير المحتمل أن يحدث، وستعرف أنَّهُ يمكنك التعامل مع الأفكار المتطفِّلة والمتداخلة، دون التعرَّض لمثل هذا القلق الشديد.

عندما يتعلَّق الأمر بالوسواس القهري بشأن التواصل الجنسي، فالحلّ الأمثل عوضًا عن تجنُّب ممارسة الجنس والسماح لأعراض الوسواس القهري بالسيطرة عليك، قد تفكِّر في الاستمرار في تعريض نفسك لممارسة الجنس مع الزوج/الزوجة. يمكنك البدء ببطء والقيام فقط بما ترتاح لفعله، وأخذ فترات راحة عند الحاجة.

2.اليقظة (Mindfulness)

يشير الخبراء إلى أنَّهُ عندما تحاول عدم التركيز في أفكارك المتطفِّلة يصبح من الصعب إبعادها. بدلًا من محاولة تجاهلها أو التفكير في شيء آخر، يمكنك ممارسة اليقظة للمساعدة في التغلُّب على الدوافع القهريَّة.

يتطلَّب منك عند استخدام أسلوب اليقظة، أن تظلَّ حاضرًا في اللحظة التي تجيء فيها الأفكار المتطفِّلة والمتداخلة. لاحظ أفكارك عندما تتبادر إلى الذهن، ثمَّ اسمح لها بالمرور بشكل طبيعي. حاول ألَّا تفعل أي شيء لمحاولة تخفيف الفكرة، عوضًا عن ذلك قم بمعالجتها دون الحكم على نفسك.

السماح لها بالمرور دون محاولة دفعها بعيدًا أو انتقاد نفسك، يمكن أن يساعد في تخفيف بعض السلوكيات القهريَّة. يعترف الخبراء بأنَّ المزيد من الأبحاث ضروريَّة لليقظة كعلاج للوسواس القهري، لكن النتائج الأوليَّة جيِّدة.

3. الأدوية

خيار العلاج الشائع الآخر لاضطراب الوسواس القهري هو الأدوية، وعادةً يُلجَأ إلى وصف مضادَّات الاكتئاب. يمكن أن تساعد أدوية الوسواس القهري في تقليل الأعراض وتحسين المشكلات في حياتك الجنسيَّة الزوجيَّة.

يجب أن يصف الطبيب دواء الوسواس القهري الخاصّ بك. ضع في اعتبارك تحديد موعد مع أخصائي طبِّي، إذا كنت مهتمًّا بمناقشة أفضل خطَّة علاج لك. يمكنك أيضًا الجمع بين الأدوية وخيارات العلاج الأخرى.

4.العلاج الجنسي

قد ترغب أيضًا في التفكير في التحدُّث مع معالج جنسي حول كيفيَّة جعل الجنس أقلّ إثارة للقلق بالنسبة لك. ربما تسعى أنت و (زوجك/ وزوجتك) إلى العلاج الجنسي معًا لتعلُّم كيفيَّة التواصل بشكلٍ أفضل حول الجنس، والتعامل مع العلاقة الحميميَّة.