جوع اللَّمس وتأثيره على العلاقة الزوجيَّة
- تأثير اللَّمس على الصحَّة الجسديَّة والنفسيَّة
- ماذا يعني جوع اللَّمس؟
- الحرمان من اللَّمس بين الزوجين
يشير مفهوم جوع اللَّمس إلى الحاجة الملحَّة إلى اللَّمس أو الاتِّصال الجسدي من الكائنات الحيَّة، ويحدث هذا عادةً، عندما يفتقد الشخص التَّواصل الجسدي، أو يتعرَّض له في حدِّه الأدنى على مدى فترةٍ طويلةٍ من الوقت.
البشر كائنات اجتماعيَّة إلى حدٍّ كبير، إذ تشير بعض الأبحاث إلى أنَّ العديد من الناس يشعرون بالراحة والأمان والرضا من خلال التَّواصل الجسدي، وقد يؤدِّي الحرمان من اللَّمس الجسدي إلى تجربة الأشخاص لأحاسيس سلبيَّة، مثل الشعور بالفراغ والوحدة. قد يشير الشخص إلى هذه المشكلة من خلال مفاهيم مثل جوع اللَّمس، أو اكتئاب اللَّمس، أو الحرمان من اللَّمس، أو الحرمان من المودَّة، أو التوق للَّمس، أو الجوع الجلدي.
ستناقش هذه المقالة ماهيَّة جوع اللَّمس، وأثرهُ على الصحَّة النفسيَّة، ونصائح للتعامل معه إذا عانى أحد الزوجين من حرمان اللَّمس في العلاقة الزوجيَّة.
تأثير اللَّمس على الصحَّة الجسديَّة والنفسيَّة
حتى نوبات اللَّمس القصيرة تؤدِّي إلى تحسين الصحَّة الجسديَّة والعاطفيَّة. يمكن أن يخفِّض النوع الصحيح من اللَّمس ضغط الدم ومعدَّل ضربات القلب ومستويات الكورتيزول وقد تمَّ ربطه بالعواطف الإيجابيَّة والارتقاء. أيضًا، يمكن للأشخاص الذين يعانون من اللَّمس على أسسٍ منتظمة مقاومة العدوى بشكلٍ أفضل، ولديهم معدَّلات أقلّ من أمراض القلب والتقلّبات المزاجيَّة. كلَّما تعلمنا المزيد عن اللَّمس، أدركنا مدى أهمّيّته في صحَّتنا الجسديَّة والعاطفيَّة.
تُظهِر الأبحاث أنَّ اللَّمس، يعزِّز التَّواصل الفعَّال، ويحافظ على العلاقات، كما ينشِّط مناطق الدماغ التي تؤثِّر على ردود الفعل، والاستجابات الفسيولوجيَّة، وعمليَّات التفكير. يشجِّع الاتِّصال الجسدي أيضًا، على التعلُّم واتِّخاذ القرار.
و يُعتقَد أنَّ اللَّمس أمرٌ حاسم لبناء علاقات صحّيَّة من خلال تحفيز مسارات الأوكسيتوسين، والسيروتونين الطبيعي المضادّ للاكتئاب، والناقل العصبي الدوبامين. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها معالجة الشعور بالوحدة، كما تقلِّل اللَّمسة اللطيفة من الألم والعزلة، ومشاعر الإقصاء الاجتماعي.
ماذا يعني جوع اللَّمس؟
يشير جوع اللَّمس إلى الرغبة في التَّواصل الجسدي التي قد يحتاجها الناس بعد تلقِّي القليل من التفاعل الجسدي مع الآخرين لفترة من الوقت، ويقارنه بعض الناس بالرغبة في الطعام أثناء الجوع.
وجدت الأبحاث أنَّ اللَّمس مهمّ للبشر عندما يتعلَّق الأمر بتوصيل المشاعر والحفاظ على العلاقات، وتؤكِّد العديد من الدراسات على أهميَّة اللَّمسة الاجتماعيَّة في التنمية البشريَّة.
يمكن أن ينشِّط اللَّمس مناطق معيَّنة من الدماغ، وقد يؤثِّر على عمليَّات التفكير وردود الفعل والاستجابات الفسيولوجيَّة. على سبيل المثال تشير الأبحاث إلى أنَّ اللَّمس العاطفي ينشِّط القشرة الأماميَّة المداريَّة (orbitofrontal cortex)، وتشارك هذه المنطقة من الدماغ في السلوكيَّات العاطفيَّة والاجتماعيَّة، والتعلُّم، واتِّخاذ القرار.
يمكن أن يكون اللَّمس أيضًا مهدِّئًا ومطمئنًا للأشخاص الذين يعانون من الضيق. تشير إحدى الدراسات إلى أنَّ احتضان الأطفال والتربيت عليهم عندما يعانون من الضيق يؤثِّر إيجابيًّا على تهدئتهم، وتشير دراسة أخرى أجريت عام 2015 إلى أنَّ اللَّمسة البشريَّة قد تساعد في محاربة العدوى.
وفقًا لدراسة أجريت عام 2017، يمكن أنَّ تُخفِّض اللَّمسة اللطيفة من الألم ومشاعر الإقصاء الاجتماعي. و يُعتقد أنَّ اللَّمس أمر حاسم لبناء علاقات صحيَّة من خلال تحفيز مسارات الأوكسيتوسين، والسيروتونين الطبيعي المضادّ للاكتئاب، والناقل العصبي الدوبامين. لكن بحثًا من عام 2014 وجد أنَّ فقدان اللَّمسة البشريَّة العاديَّة، يمكن أن يكون له بعض الآثار الخطيرة وطويلة الأمد.
تختلف الثقافات في قبولها للَّمس و قد يكون ذلك بسبب الزيادة في استخدام التكنولوجيا، أو الخوف من أن ينظر إلى على أنَّها غير مناسبة، أو لعوامل ثقافيَّة. لذلك، قد يؤدِّي الافتقار إلى الاتِّصال الجسدي إلى تجربة بعض الأشخاص لما يشير إليه الكثيرون بجوع اللَّمس.
كيف تعرف أنَّك تعاني من جوع اللَّمس؟
لا توجد طريقة محدَّدة لمعرفة ذلك. ولكن باختصار، قد تشعر بالوحدة الشديدة أو الحرمان من المودَّة.
يمكن الجمع بين هذه الأعراض:
يمكنك أيضًا القيام بأشياء لا شعوريَّة لمحاكاة اللَّمس من خلال:
- أخذ وقت طويل في الاستحمام.
- لفّ نفسك بالبطانيَّات حتَّى عندما تكون درجات الحرارة معتدلة.
- احتضان الوسائد.
- التشبُّث بحيوانك الأليف.
ما هي آثار جوع اللَّمس على الصحَّة النفسيَّة؟
يمكن أن يؤثر جوع اللَّمس عليك عاطفيًا بعدَّة طرق:
وفقًا للخبراء، فإنَّ جوع اللَّمس قد يسبِّب الشعور بالتوتُّر والقلق والاكتئاب. يمكن أن تؤدِّي هذه التأثيرات إلى مزيد من المشكلات، حيث يفرز الجسم الكورتيزول للتغلُّب على الإجهاد، وتثبيط الجهاز الهضمي والجهاز المناعي، وزيادة:
- معدَّل ضربات القلب.
- ضغط الدَّم.
- التنفُّس.
- الشدّ العضلي.
يمكن أن تؤثِّر هذه المشكلات على جودة النوم وتزيد من فرص الإصابة بالعدوى. كما أنَّه يؤدِّي إلى تفاقم حالات مثل:
- الربو.
- ارتفاع ضغط الدَّم.
- ارتفاع سكَّر الدَّم.
الحرمان من اللَّمس بين الزوجين
غالبًا ما يتخلَّى الأزواج المنهكون عن عادة اللَّمس. نحن نعلم أنَّ الأزواج الذين لا يلمسون بعضهم البعض لفترة طويلة يعانون من جوع اللَّمس. إذا لم يتمّ لمس الأزواج لبعضهم بشكلٍ منتظم، فيمكن أن يصبحوا عصبيِّين أكثر. يمكن أن يؤدِّي الحرمان المستمرّ من اللَّمس إلى الغضب والقلق والاكتئاب والتهيُّج.
عندما يكون أحد الزوجين في حالةٍ مزاجيَّة سيِّئة أو أنَّ أحد الزوحين يفعل شيئًا يزعج الآخر، فقد لا يشعر بالرغبة في استقبال أو إرسال اللَّمس.أيضا إذا كان أحد الزوجين يعتقد أنَّ أيَّ شكل من أشكال اللَّمس سيؤدِّي إلى نشاطٍ جنسي إضافة إلى الحالة المزاجيَّة السيئة، فقد يتجنب الآخر اللَّمس،فيتوقف الزوجان عن العودة إلى التَّواصل الحميمي اللَّمسي ويصبحان أكثر غضبًا، وهذا بدوره قد يجعل العلاقة بين الزوحين أقلّ مرحًا وتصبح العلاقة أكثر توتّرًا، وتصير الرغبة في لمس الآخر أو استقبال اللَّمس من الآخر أقل من قبل، ممَّا يجعلك العلاقة بينهما أكثر انزعاجًا أو عصبيَّة.
إذا كان هذا يبدو مألوفًا لك فقد دخلت في حلقة مفرغة قد تؤدِّي إلى الحرمان من اللَّمس. في بعض الأحيان، يكون من الصعب معرفة من أو ما الذي يبدأ هذه الحلقة أو الدورة، لكن الواضح أنَّ هذه ليست وصفة جيِّدة لعلاقة ناجحة.
يتطوَّر نوع آخر من الحلقة المفرغة عندما يعتبر أحد الزوجين أنَّ اللَّمس شكل أدنى من الحميميَّة، لصالح الأشكال الأخرى، التي تعتبر أفضل من اللَّمس، مثل قضاء وقت ممتع معًا أو العلاقة الحميمة اللفظيَّة. في الواقع، لا يوجد تسلسل هرمي للألفة، فقط أشكال مختلفة من العلاقة الحميمة.
ولكن إذا كنت تعتبر “اللَّمس” شكلًا أقل أهميَّة، فقد لا تمنح زوجك/زوجتك لمسة، وتتوقَّع وقتًا ممتعًا أو علاقة حميمة لفظيَّة عوضًا عن ذلك. الحلقة المفرغة التي تلت ذلك واضحة؛ فكلَّما قلَّت اللَّمسة الجسديَّة، قلَّت العلاقة الحميمة اللفظيَّة أو قضاء وقت ممتع معا كزوجين.
مفهومان خاطئان بخصوص اللَّمسة الجسديَّة بين الزوجين (مغالطات)
1.المغالطة الأولى: يجب أنَّ تؤدِّي اللَّمسة الجسديَّة دائمًا إلى اللَّمس الجنسي وإلى الجماع.
العلاقة الحميمة البشريَّة والمتعة الجنسيَّة هي أنشطة معقَّدة وليست طبيعيَّة كما نعتقد. يشعر الكثيرون بالقلق حيال مشاركة أجسادهم. بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الكوكتيل الهرموني الذي يغذِّي العاطفة والرغبة الجنسيَّة في المراحل الأولى من العلاقة لا يدوم. علاوة على ذلك يختلف الأشخاص في مقدار النشاط الجنسي واللَّمسة التي يريدونها. البعض يريد المزيد والبعض يريد أقلَّ و هذا أمر طبيعي.
تتعقَّد الأمور عندما يبدأ الأزواج الذين لديهم مستوى مختلف من الرغبة الجنسيَّة في تجنُّب لمس بعضهم البعض، ويتوقَّف المرح في العلاقة مع توقُّف لمس وجوه أو أكتاف أو شعر أو أيدي أو ظهور بعضهم البعض.
هذا أمر مفهوم: إذا كنت تعتقد أنَّه إذا لمست زوجك/زوجتك، سوف يتبعه علاقة جنسيَّة بالضرورة، وأنت الشخص الذي لديه رغبة أقل، ستتوقَّف عن اللَّمس لتجنُّب ممارسة الجنس. وإذا كنت صاحب رغبة أكبر فقد تتوقَّف عن لمس زوجك/زوجتك لتجنُّب المزيد من الرفض، ولتجنُّب الجماع يتوقَّف العديد من الأزواج عن اللَّمس تمامًا.
2.المغالطة الثانية: يجب أن تكون كل العلاقات الجسديَّة الحميمة أو الأنشطة المثيرة متبادلة ومطلوبة بنفس القدر في نفس الوقت.
لا تتطلَّب كلّ الأنشطة الحسيَّة أو الجنسيَّة المعاملة بالمثل. يتعلَّق الكثير من النشاط البدني بمعرفة ما تريده والراحة في طلب ذلك، ومعرفة ما يريده (زوجك/زوجتك)، والراحة في إعطائه.
هل يمكنك التفكير في نفسك كشخص يمكنه التَّواصل لبضع دقائق دون توقُّع الحصول على أي شيء مقابل ذلك؟ هل يمكنك أن تتسامح مع تلقِّي لمسة جنسيَّة ممتعة وغير جنسيَّة دون ضغوط لتقديم أي شيء في المقابل؟
مجرَّد أنك تشعر بالحاجة إلى عناق طويل، أو أنك تريد من (زوجك/زوجتك) أنَّ يلمس ظهرك أو وجهك أو شعرك، فهذا لا يعني أنَّه يريد نفس الشيء الذي تريده. والأهمّ من ذلك، أنَّه لا يعني بالضرورة أن يؤدِّي إلى الجماع.
نصائح للزوجين لاسترجاع اللَّمس في علاقتهما الزوجيَّة:
- غيِّر مفهوم اللَّمسة في عقلك واجعلها منفصلة عن الجماع .
- امنح (زوجك/زوجتك) لمسة ممتعة، حتى عندما لا تكون في حالة مزاجيَّة جيِّدة لاستقبال لمسة ممتعة من الطرف الآخر.
- استقبل لمسة ممتعة من (زوجك/زوجتك) دون التفكير في أنَّك بحاجة إلى تقديم أي شيء في المقابل.
- امنح لمسة حتَّى عندما لا يريدها الطرف الآخر في نفس الوقت.
من الأمثلة على لمسات غير جنسيَّة يمكن الاستعانة بها:
- عناق.
- احتضان.
- لمس الشعر.
- قبلات طويلة على الخدّ.
- لمس الوجه.
- حكّ الظهر.
- ملامسة الأكتاف.
- لمس الخصر.
- الإمساك باليدين في وضعيَّة الجلوس.
- الإمساك باليدين خلال المشي.
- تحريك اليد لأعلى ولأسفل الظهر.
- تمشيط الشعر.
- تدليك الظهر.
- تدليك القدمين.
- لمس أو تدليك كل إصبع من اليد.
- تدليك الكتف.
- المداعبة أو تدليك الساقين.
- لمس أو تدليك أصابع القدم.
- تدليك الذراعين.