هل تسبِّب وسائل تنظيم النسل العقم؟

اقرأ في هذا المقال
  • ما هو العقم؟
  • مغالطات الخصوبة المتعلِّقة بوسائل منع الحمل الهرمونيَّة
  • هل هناك اضطرابات في الدورة الشهريَّة مرتبطة بوسائل منع الحمل الهرمونيَّة
  • ما نوع التأخير الذي تحمله كل طريقة من وسائل منع الحمل الهرمونيَّة؟
  • ماذا تفعلين إذا قررتِ إيقاف تنظيم النسل؟
  • ما هو متوسّط الوقت لحدوث الحمل بعد إيقاف موانع الحمل الهرمونيَّة؟
  • هل هناك علامات على العقم يجب مراقبتها؟

هناك عدَّة أشكال من موانع الحمل أو وسائل تنظيم النسل، تتضمَّن حبوب منع الحمل والحقن والحلقة المهبليَّة واللاصقات المانعة للحمل واللولب الهرموني. وعلى الرغم من اختلاف طرق استخدامها وتأثيراتها الفرديَّة، فإنَّها كلّها تؤثِّر على مستويات الهرمونات لدى النساء، وتمنع البويضات الناضجة من الخروج من المبيضين. في هذا المقال سنناقش المغالطات المتعلِّقة بوسائل تنظيم النسل والعقم.

ما هو العقم؟

يعاني حوالي 15% من الأزواج من العقم. عادةً ما يُعرَّف العقم على أنَّهُ عدم قدرة المرأة على الحمل بعد عامٍ واحد على الأقل من ممارسة الجنس بدون حاجز أو وسائل منع حمل أخرى.

يمكن لبعض الأطبَّاء تشخيص مشاكل العقم، بعد 6 أشهر من ممارسة الجنس بدون استخدام وسائل منع الحمل، إذا كان الشخص يبلغ من العمر 35 عامًا أو أكثر.

لا تُصنَّف حالة عدم القدرة على الحمل أثناء تنظيم النسل على أنَّها عقم، لأنَّ أي ممارسة جنسيَّة للقضيب في المهبل خلال هذه الفترة ستكون “محميَّة” من خلال وسيلة منع الحمل التي يجري استخدامها.

على الرغم من أنّهُ يمكن أن يكون هناك تأخير في الخصوبة بمجرَّد مغادرة هرمونات تنظيم النسل من الجسم، إلا أنَّ المستويات الطبيعيَّة تعود عادةً في غضون بضعة أشهر على الأكثر.

من أين نشأ هذا الاعتقاد الخاطئ بعلاقة وسائل تنظيم النسل والعقم؟

لا يمكن وصف تاريخ تنطيم النسل بأنَّهُ وردي، وبصراحة فإنَّ المخاوف المتعلِّقة بوسائل تنظيم النسل والعقم مشروعة؛ إذ تميَّزت الدراسات الأوليَّة حول تنظيم النسل بعدم الموافقة و الافتقار إلى الإفصاح الكامل والاختيار الصحيح المستنير. كما تمَّ التقليل إلى حدٍّ كبير من أهمّيَّة المعلومات القصصيَّة عن الآثار الجانبيَّة.

في عام 1969، كشف كتاب “The Doctor’s Case Against the Pill” للكاتبة Barbara Seaman عن فضيحة التجارب التي أُجريت دون موافقة مستنيرة على حبوب منع الحمل ذات جرعة الاستروجين العالية. والآثار الجانبيَّة الناتجة عنها، وأنَّ هذا هزَّ ثقة الجمهور في عالم الطبّ.

في ثمانينيَّات القرن الماضي، اكتشف الباحثون أنَّ  جهاز Dalkon Shield تسبِّب في مجموعة من الإصابات الخطيرة. بما في ذلك التهابات الحوض والعقم والحمل غير المقصود والوفاة. وفي نهاية المطاف، قامت شركة Robins بإزالة الجهاز من السوق، ومنعت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيَّة استخدام الجهاز.

جهاز Dalkon Shield

 كان Dalkon Shield جهازًا لمنع الحمل داخل الرحم استخدمته النساء في أوائل السبعينيَّات والثمانينيَّات. كان Dalkon Shield ، الذي أنتجته شركة Robins في الولايات المتَّحدة، وسيلة منع حمل توضع مباشرة في رحم المرأة، وكان من المفترض أن تمنع الحمل. 

جهاز Dalkon Shield

مع مرور الوقت، ازداد استخدام وسائل منع الحمل، بالإضافة إلى إدخال أدوية أكثر أمانًا وذات جرعات أقل. وأصبح لدينا كذلك، فهم أكبر لمخاطر وفوائد وسائل منع الحمل الهرمونيَّة. ولكن بسبب تأخُّر استئناف الخصوبة بعد استخدام بعض الوسائل، لا يزال بعض الناس يعتقدون أنَّ وسائل تنظيم النسل الحاليَّة يمكن أن تؤدِّي إلى العقم.

من الممكن أيضًا، أن تُخفي الدورة الشهريَّة “الزائفة” (والتي تبدو منتظمة) الناتجة عن بعض أشكال تنظيم النسل الحالات المرضيَّة الموجودة مسبقًا، مثل متلازمة تكيُّس المبايض.

عندما يتمُّ إيقاف موانع الحمل، تكشف هذه الظروف عن نفسها، وغالبًا ما تدفع النساء إلى الاعتقاد بأنَّ وسائل منع الحمل هي التي تسبِّبت في المشكلة.

مغالطات الخصوبة المتعلِّقة بوسائل منع الحمل الهرمونيَّة

إذا كانت موانع الحمل الهرمونيَّة  الحديثة لا تؤثِّر على الخصوبة، فلماذا توجد مثل هذه المغالطات المستمرِّة؟ 

يمكن أن تكون لذلك عدَّة أسباب منها: 

  1. تأخير حدوث الحمل بعد توقُّف وسائل منع الحمل الهرمونيَّة.
  1. الظروف الصحِّيَّة المقنَّعة:

تخلق موانع الحمل الهرمونيَّة دورة شهريَّة “زائفة”. يمكن أن تخفي هذه الدورة المشكلات الأساسيَّة. حتى إذا كانت المرأة تعاني من حالة صحيَّة تسبِّب انقطاع الإباضة، فإنَّ الدورة الزائفة توحي لها وكأنَّها تمرُ بدورات شهريَّة منتظمة.

بعض الحالات الصحيَّة التي يمكن أن تؤدِّي إلى عدم التبويض أو عدم انتظام الإباضة تشمل: 

  • مستويات عالية من التوتُّر.
  • فرط برولاكتين الدم (الإنتاج المفرط لهرمون الحليب).
  • فرط نشاط الغدة الدرقيَّة أو زيادة إفراز الثيروكسين.
  • قصور أو خمول الغدَّة الدرقيَّة. 
  • انخفاض وزن الجسم.
  • البدانة.
  • فشل المبايض المبكِّر.
  • متلازمة تكيُّس المبايض. 
  • بطانة الرَّحِم المهاجرة.

هل هناك اضطرابات في الدورة الشهريَّة مرتبطة بوسائل منع الحمل الهرمونيَّة؟

أثناء تناول وسائل منع الحمل الهرمونيَّة، يمكنكِ تجربة عدد من تأثيرات وسائل منع الحمل على الدورة الشهريَّة، وهو الأمر الذي يتوقَّف على نوع وسيلة منع الحمل، والمرأة نفسها.

على سبيل المثال، قد تكون دورتك الشهريَّة أخفّ أو أثقل. في كثير من الحالات، تصبح دورتك الشهريَّة منتظمة، ولكن في بعض الحالات، تصبح الدورة الشهريَّة غير منتظمة أو تختفي تمامًا.

بعد التوقُّف عن استخدام أي من وسائل تنظيم النسل الهرموني، قد تلاحظ بعض النساء عدم انتظام لبضعة أسابيع أو أشهر، وذلك لأنَّ الهرمونات التي تفرزها وسائل منع الحمل توقِف الإباضة، لذلك قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تعود الدورة الشهريَّة إلى حالتها الطبيعيَّة.

إذا كانت دورتك الشهريَّة غير منتظمة بعد التوقُّف عن تنظيم النسل، فقد لا تكون فترة الإباضة منتظمة. لذلك قد يكون الحمل صعبًا. من ناحية أخرى، تحمل بعض السيِّدات بسرعة كبيرة. لذلك كل هذا يتوقَّف على حالتك الفرديَّة.

ومن الجدير بالذكر كذلك، أنَّ أي اضطرابات في الدورة الشهريَّة كانت لديك قبل استخدام وسائل منع الحمل الهرمونيَّة يمكن أن تعاود الظهور بعد إيقافها.

ما نوع التأخير الذي تحمله كل طريقة من وسائل منع الحمل الهرمونيَّة؟

هناك أشكال عديدة من موانع الحمل الهرمونيَّة، وتشمل حبوب منع الحمل، و الحلقة المهبليَّة، ولاصقات الجلد المانعة للحمل، واللولب الهرموني، والحقن، و الغرسة.

على الرغم من استخدامها بطرق مختلفة، إلا أنَّها كلّها لها تأثير مماثل وهو: التأثير على مستويات تركيز الهرمون (الاستروجين والبرجسترون) ومنع البويضات الناضجة من الإفراز بواسطة المبايض (الإباضة).

لكن بعض الطرق يمكن أن تؤدِّي إلى تأخيرات أطول في العودة للخصوبة أكثر من غيرها بعد التوقُّف عن استخدامها.

يمكننا الإشارة إلى الدراسة التي أُجريت في عام 2020 وأظهرت النتائج التالية:

  • النساء اللواتي استخدمن موانع الحمل القابلة للحقن، هنَّ الأطول تأخيرًا في عودة خصوبتهن الطبيعيَّة (خمس إلى ثماني دورات شهريَّة).
  • تليها مستخدمات اللاصقات الجلديَّة كمانعٍ للحمل (أربع دورات شهريَّة).
  • ثم جاءت مستخدمات موانع الحمل الفمويَّة (الحبوب) والحلقات المهبليَّة (ثلاث دورات شهريَّة).
  • أخيرًا، كان لدى اللواتي استخدمن اللولب الهرموني والنحاسي والغرسات أقصر تأخير للخصوبة (دورتان).
  • وجدت دراسة أُجريت عام 2013 تأخيرات مماثلة على المدى القصير بعد إيقاف مجموعة متنوِّعة من موانع الحمل الهرمونيَّة.

ومع ذلك، من المعروف أنَّ الحقنة تستغرق ما يصل إلى عام حتى تعود مستويات الخصوبة المعتادة، لذلك لا ينصح بها للأشخاص الذين يرغبون في الحمل في وقتٍ قريب. من المهمّ أن تتذكّري الفروقات الفرديَّة بين امرأة وأخرى.

ماذا تفعلين إذا قررتِ إيقاف تنظيم النسل؟

نظرًا لأنَّ حبوب منع الحمل هي الشكل الأكثر شيوعًا لتنظيم النسل، فإنَّ معظم المناقشات تدور حولها.

يصف بعض الأطباء الإقلاع عن تناول حبوب منع الحمل، بأنَّه أمر صعب، فقد تواجهين:

  • فترات غير منتظمة من الدورة الشهريَّة.
  • تشنُّجات الحيض.
  • تغيُّرات الوزن.
  • تقلُّب المزاج.

عند إيقاف استخدام حبوب منع الحمل، ينصح بإعادة ضبط هرموناتك قبل محاولة الحمل. في كثير من الأحيان، يعني هذا إجراء بعض التغييرات على نظامك الغذائي ونمط حياتك بشكلٍ عام، مثل الحصول على قسط كافٍ من النوم، والتغذية المتوازنة. بالطبع، تنطبق هذه النصائح أيضًا، على أشكال أخرى من تنظيم النسل الهرموني.

من المهم كذلك، معالجة نقص التغذية (الفيتامينات) المستنفدة من وسائل تنظيم النسل.هذا يتضمَّن:

  • الفيتامينات B2 و B6 و B12.
  • فيتامين .C
  • فيتامين E.
  • حمض الفوليك.
  • مراقبة مستويات الجلوكوز في الدمّ ومقاومة الأنسولين. 

أخيرًا، يجب الانتباه إلى ميكروبيوم (البكتيريا الجيِّدة) في أمعائك، لأنَّه يلعب دورًا رئيسًا في تنظيم مستويات هرمون الاستروجين داخل الجسم.

لاستعادة البكتيريا الجيِّدة، حاولي الحدّ من استهلاك التحلية الاصطناعيَّة، وتناول الأطعمة الغنيَّة بالبريبايوتكس (prebiotics) والبروبيوتيك(probiotics) والبوليفينول(polyphenols). كذلك استبدلي الوجبات الخفيفة السكريَّة بخيارات أخرى، مثل الحبوب الكاملة واللبن والشاي الأخضر والهليون.

ما هو متوسّط الوقت لحدوث الحمل بعد إيقاف موانع الحمل الهرمونيَّة؟

عام واحد. لخصت مراجعة بحثيَّة لأكثر من 20 دراسة إلى أنّ 83% من النساء اللواتي أوقفن استخدام وسائل منع الحمل، حملن خلال الأشهر الـ 12 الأولى.

لخصت أبحاث أخرى أيضًا، إلى أنَّ مدَّة استخدام موانع الحمل لم يكن لها تأثير كبير على وقت الحمل. لذلك، إذا كنت من مستخدمي وسائل منع الحمل على المدى الطويل، فمن المحتمل ألا يكون لديك أي شيء إضافي تقلقين بشأنه.

هل هناك علامات على العقم يجب مراقبتها؟

الأمر الواضح هو عدم القدرة على الحمل بعد عامٍ من المحاولة. لكن قد تلاحظين أعراضًا أخرى للعقم المحتمل. على سبيل المثال، إذا لم تعُد دورتك الشهريَّة أو كانت لا تزال غير منتظمة بعد بضعة أشهر من التوقُّف عن تنظيم النسل، فهذه علامة تشير عليك بالتواصل مع طبيبٍ أو أخصائي رعاية صحيَّة.

بالنسبة للنساء، قد تسبِّب التغيُّرات الهرمونيَّة ما يلي:

  • مشاكل الجلد.
  • زيادة الوزن.
  • انخفاض الدافع الجنسي.

بالنسبة للرجال، فإنَّ الأشياء التي يجب الانتباه لها تشمل:

  • تغيُّرات الرغبة الجنسيَّة.
  • صعوبة في الانتصاب أو القذف.
  • ألم أو تورُّم في الخصيتين.

ما الذي يسبِّب العقم بالضبط؟

على الرغم من أنَّ تنظيم النسل ليس عامل خطر للعقم، فهناك الكثير من الأشياء الأخرى.

تمَّ ربط ما يلي بقضايا الخصوبة:

  • التقدُّم في السن.
  • زيادة أو نقصان الوزن.
  • تاريخ من الأمراض المنقولة جنسيًّا غير المعالجة (STIs).
  • يبدأ انخفاض الخصوبة في سنِّ الثلاثين لدى النساء، ويزداد تسارعه في منتصف الثلاثينيات من العمر.
  • يمكن أن يكون للشيخوخة تأثير كبير على الحيوانات المنويَّة لدى الرجال.

الحالات التي تؤثِّر على الجهاز التناسلي: متلازمة تكيُّس المبايض، وبطانة الرَّحم المهاجرة، وانسداد قناة فالوب.

وبالمثل، فإنَّ أي شيء يمكن أن يؤثِّر على إنتاج الحيوانات المنويَّة، مثل مرض السكَّري ومشاكل الخصيتين ، وقد يؤدِّي إلى مشاكل في الخصوبة.

وفقًا لـهيئة الخدمات الصحيَّة الوطنيَّة البريطانيَّة، فإنَّ العثور على السبب الدقيق للعقم غير ممكن في 25% من الحالات.

اظهر المزيد

نداء رضوان

نداء نجم رضوان حاصلة على درجة البكالوريوس في تخصص الصيدلة من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية و الماجستير في تخصص الصحة العامة من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية و عملت كمدربة في الصحة الجنسية والإنجابية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى