الاستغلال الجنسي للطفل والتربية الجنسيَّة كوقاية
- التأثيرات العاطفيَّة للاستغلال الجنسي للطفل
- التأثيرات الجسديَّة للاستغلال الجنسي للطفل
- أشكال الاستغلال الجنسي للطفل
- العوامل المسبِّبة للاستغلال الجنسي للطفل
- الأهداف الرئيسيَّة للتربية الجنسيَّة
أخطر أنواع الإساءات التي يتعرَّض لها الطفل، هي التحرُّش الجنسي، لأنَّها من العوامل الفعَّالة في اضطراب الطفل جنسيًّا، فالتحرُّش هنا أشبه بحلقة مفرغة تنتقل عبر الأجيال، فالطفل الذي تعرَّض للتحرُّش في صغره هو الأقرب لممارسة هذا السلوك، إذا توافرت العديد من الدوافع لتحويله إلى مراهق معتدٍ فيما بعد، أو تحويله من طفل ضحيَّة إلى طفل لديه اضطرابات جنسيَّة مُتعدِّدة. أو آثار متعدِّدة تظهر على الطفل سواء أكانت عاطفيَّة، أو جسديَّة، أو اجتماعيَّة.
1- التأثيرات العاطفيَّة للاستغلال الجنسي للطفل:
أظهرت العديد من الدراسات أنَّ عددًا كبير من المشاكل النفسيَّة للأطفال المعتدى عليهم جنسيًّا لها صلة بشكل واضح بالاعتداء الجنسي، مقارنة بغيرهم من الأطفال، وتظهر المشاكل السلوكيَّة كصعوبة التحصيل الدراسي، قلَّة تقدير الذات وضعف الثقة بالنفس، والإحباط والقلق المفرط وإيذاء الذات، بالإضافة إلى احتمال بداية ظهور ملامح السلوك العدواني.
2- التأثيرات الجسديَّة للاستغلال الجنسي للطفل:
الأثر المباشر على الطفل المعتدى عليه جنسيًّا، هو الألم الجسدي والمشاكل الصحيَّة الجسديَّة كالجروح والكسور. إذا تكرَّر الاعتداء البدني على الطفل، ينتج عنه العديد من الإصابات المزمنة والأضرار الدماغيَّة أو التأخُّر في النمو، وفي حالات الاعتداء على الطفل الرَّضيع قد يصل الأمر إلى غيبوبة، وقد يفضي الأمر إلى أمراض عصبيَّة مزمنة أو إلى الموت.
يعدُّ التحرُّش الجنسي في الأطفال مشكلة مستترة، ولأسباب عديدة أهمّها السريَّة نتيجة الشعور بالخزي ومشاعر الذنب وإضافة إلى ذلك صلة النسب التي تربط الشخص المعتدي بالضحيَّة، وهو مايطلق عليه ظاهرة سفاح القربى فهناك دائمًا تردُّدٌ ملحوظ من الكبار أو الأطفال في الإفادة بتعرّضهم للتحرُّش، حيث إنَّ هناك العديد من الأسر تتحفَّظ عن الإدلاء بجريمة التحرُّش وتمتنع عن تقديم شكوى خوفًا من العار والفضيحة، حيث تتعرَّض الفتاة القاصر لحوادث التحرُّش من مراهقين وأطفال أكبر سنًّا ومقرَّبين من الضحيَّة من قبل الشخص المعتدي تحت بند الثقة والحبّ في ممارسات لا تعرف حقيقتها وتجهل آثارها في المستقبل.
ويتضمَّن الاستغلال الجنسي للطفل عدَّة أشكال منها:
- لمس المناطق الخاصَّة للطفل، وإجباره على خلع ملابسه ومشاهدته وهو عارٍ.
- دعارة الأطفال، وتعريض الطفل لممارسة الأفعال الجنسيَّة .
- تشجيع الطفل على الاشتراك في المجلَّات والمواقع الإباحيَّة، أو دعوته لممارسة ألعاب لها طابع جنسي.
- استدراج الطفل عاطفيًّا واستغلال احتياجه سواء المادي أو العاطفي.
ومن الجدير بالذكر، أنَّ الاعتداء الجنسي يحدث للطفل عن طريق الخداع أو الرشوة أو التحريض أو استخدام القوة. عادةً ما يهدأ الألم الجسدي والضرر الناجم عن الاعتداء الجنسي، مع مرور الوقت، لكن الصدمة النفسيَّة تستمرّ إلى مدى طويل، إذا لم تكن هناك معالجة للأمر وتخفيف للأذى.
من العوامل المسبِّبة للاستغلال الجنسي للطفل
- عدم القدرة والجرأة والدّفاع عن النفس؛ نتيجة نمط التربية السلبي المُتَّبع من قبل الأهل.
- الخوف من التعبير وكشف الحقيقة للوالدين خوفًا من شدّة العقاب، وإحساسه بمشاعر الذنب.
- فقدان الحب والحنان، ونقص المحبَّة داخل الأسرة، ممَّا يجعله فريسة سهلة لاستغلاله جنسيًّا.
وفي ذات السياق، فإنَّ الإساءة الجنسيَّة تعمل على توريط الطفل بالقيام بأفعال جنسيَّة منافية للعرف، واستغلال براءة الطفل لعدم فهمه وإدراكه للأمور.
فهناك حاجة ضروريَّة للمزيد من الوعي بطرق حماية الطفل ضدّ التحرُّش والاستغلال الجنسي. ومن هنا أُلقي الضوء على أهميَّة التربية الجنسيَّة للطفل والمراهق. إذ بسبب عدم النضج النفسي، والتسرُّع في الوثوق بالآخرين وتصديقهم، وعدم قدرتهم على التقدير الموضوعي للموقف والتنبُّؤ بخطورة التحرُّش وعواقبه، يتمُّ استغلالهم جنسيًّا واستغلال براءتهم .
لذلك يتَّضح دور التثقيف الجنسي للطفل حيث تبدأ التربية الجنسيَّة منذ مرحلة الطفولة المبكِّرة. وهو ما أكَّدت عليه العديد من الدراسات. حول أهميَّة التربية الجنسيَّة للطفل والمراهق، لدورها في مساعدتهم على التكيُّف السليم في حياتهم والحفاظ عليها من الانحرافات الجنسيَّة.
ونشير هنا، إلى أنَّ التجاهل في هذا الجانب يدفع الطفل للحصول على معلومات بصورة غير تربويَّة ومغلوطة من مصادر غير لائقة. ممَّا يجعله عرضة للانحراف والاستغلال الجنسي. ونشير إلى أنَّ هناك العديد من الأسر في المجتمعات العربيَّة تفتقر إلى المعرفة حول وقاية أطفالهم من الاعتداء الجنسي. وعدم كفاية الوقاية التثقيفيَّة للطفل بمعرفة حدودة الشخصيَّة، واقتحام طرف آخر خصوصيّته واستغلاله .
التربية الجنسيَّة للطفل تُقدِّم معنيين أساسيين هما :
- الأول: التعليم الجنسي للطفل : أي معرفة الأعضاء الجنسيَّة للطفل وتشريحها، وكيفيَّة إدراك واحترام خصوصيَّة جسمه، وكيفيَّة توضيح هذه الحقائق التي تمثِّل أسرارًا للطفل والمراهق وتشغل تفكيرهم.
- الثاني: التربية الجنسيَّة الحقيقيَّة، بحيث يدرك الطفل أنَّ الغريزة الجنسيَّة مثل الغرائز الأخرى، دون تخويفه وإشعاره بالذنب من تلك الغريزة، بل يتمّ تحويلها من الإطار الحيواني للإطار البشري ممَّا يلائم مجتمعنا العربي؛ عن طريق الإعلاء الروحي، والطريقة المُثلى في إشغال أوقات فراغ الطفل والمراهق واستغلال طاقته من خلال ممارسة الرياضة والهوايات المختلفة كالرسم والكتابة والموسيقى، حيث يعدّ أفضل أسلوب لضبط الشهوات الجنسيَّة هو إبعاد تفكير المراهق عنها، عبر انشغاله بأشياء مختلفة وعديدة.
بدء الثقافة الجنسيَّة في مرحلة الطفولة :
التربية الجنسيَّة لا تبدأ منذ مرحلة المراهقة بل تبدأ منذ مرحلة الطفولة المبكِّرة. من خلال الإجابة على أسئلة الطفل القائمة في حدود استيعابه على مبدأ الصدق والثبات. وتعتمد التربية الجنسيَّة على مبدأ الثقة بين الطفل والمربِّي ممَّا ينعكس على تقبُّل المعلومة من الطفل. بالإضافة إلى عدم التهرُّب من أسئلة الطفل حتى لايعتقد أنَّ هناك القضايا الجنسيَّة مُحاطة بالكتمان. مع الحرص على أن تكون الإجابة مناسبة لعمر الطفل ومدى استيعابه.
الأهداف الرئيسيَّة للتربية الجنسيَّة
- تدريب الطفل على ردِّ الفعل والاستجابة السريعة تجاه الخطر، وتدريبه على ضبط الذات ضدّ أي استغلال جنسي.
- تزويد الطفل وتثقيفه بمعلومات صحيحة عن السلوكيَّات الجنسيَّة والتكاثر في الحياة الأسريَّة في إطار القيم الملائمة والسائدة في مجتمعنا العربي.
- إكساب الطفل سلوكيات حماية النفس، والعناية بالذات نحو التحرُّش الجنسي.
- تنمية وعي الطفل بهويّته الجنسيَّة والأدوار المناسبة لها.
وأشير هنا إلى خطوات فعَّالة كدمج أساليب التربية مع التربية الجنسيَّة للطفل :
- الابتعاد عن أسلوب التخويف والعقاب الدائم للطفل. وخلق لغة من الحوار الدافئ مع الطفل للتحدُّث عن مخاوفه وما يثير فضوله في معرفته.
- تعليم الطفل حدوده الشخصيَّة وأن له مسافة شخصيَّة personal Space وليس لأحد أن يتخطَّاها.
- التثقيف الجنسي للطفل فيما يناسب مرحلته العمريَّة، والإجابة على أسئلته بدون تخويف له، أو محاولة إلهائه في أمور أخرى.
- الاهتمام بالجانب العاطفي للطفل وإشباعه عاطفيًّا بالتقدير والتشجيع والاهتمام وعدم المقارنة بينه وبين غيره. حتّى لايصبح فريسة سهلة، وأن يتمّ استدراجه عاطفيًّا من قبل شخص معتدي.
- عدم إهمال الطفل وتركه مع أشخاص أكبر سنًّا أو مراهقين بدون رقابة، وخصوصًا في حالات أطفال الانفصال الأسري.
ولكن ماذا عن ثقافة الأهل فيما يتعلَّق بالثقافة الجنسيَّة للطفل
يواجه معظم الآباء العديد من التحدّيات عند سؤال أطفالهم أسئلة لا يمكن التنبُّؤ بها ولا يمكن الردّ عليها بشكل مناسب. ومن هنا يأتي دور التثقيف الجنسي للآباء للإجابة عن أسئلة الأبناء بشكل صحيح في جميع مراحل نموّهم المختلفة؛ لأنَّ عدم الإجابة بشكل صحيح على أسئلة الطفل يزيد من حدّة فضوله في الحصول على معلومات كافية، وتصبح المواقع الإباحيَّة عبر الإنترنت مصدر معلوماته .