ما بعد الإنجاب؛ أساسيَّات التعامل مع الأطفال واليافعين

اقرأ في هذا المقال
  • بعض النصائح الفعّالة لتعزيز الاتِّصال و التواصل الإيجابي مع الأطفال واليافعين
  • كيفيَّة إدارة العلاقة مع الأطفال و واليافعين

يتراءى لكثير من الآباء والأُمَّهات أنَّهُ يتوجَّب عليهم أن يكونوا حازمين خلال التعامل مع أطفالهم ويافعيهم. إلا إنَّ الدراسات التي أُجريت على مدى الخمسين عامًا المنصرمة أثبتت وبشكل رئيس، أنَّ الآباء والأُمَّهات يحتاجون بناء خوارزميَّات سلوكيَّة للتواصل مع الأطفال واليافعين. للتمكُّن من تربيتهم تربية صحّيَّة وسليمة.

من الضروري في بداية هذا المقال، أن أوضِّح لكم أعزائي القرَّاء بعض النصائح فيما يتعلَّق بالتواصل مع الأطفال واليافعين. إذ  إنَّ أي سلوك تقومون به تجاههم يعدُّ أساسًا للتواصل فيما بينكم. بحيث إنَّ مستوى ونغمة الصوت ونظرات العينين وحتى الأحضان والقبلات التي تقومون بها تجاههم تعدُّ تواصلا. كما تنقل لهم المشاعر والأحاسيس السلبيَّة أو الإيجابيَّة، وذلك بحسب ما تكنُّونه تجاههم. وتنعكس تصرّفاتكم وأفعالكم على الأطفال واليافعين كسلوك يتبنّونه خلال تواصلهم مع الآخرين، كما تجري عمليَّة تنمية بنائهم العاطفي من خلالكم، كوحدة رئيسة وهي العائلة. 

فيما يخصُّ الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، فإنَّ قدرتهم على التواصل والاستماع إلى التعليمات، تمثِّل منحنى تعلُّم شديد في تطورهم. كما في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الأمر محبِطًا إذا لم يستطع البالغ فهم ما يقوله الطفل، أو إذا لم يتمكَّن الطفل من استخدام الكلمات للتعبير عن المعاني أوالاحتياجات، فتعلُّم الاتِّصال و التواصل الفعّال هو جزء حاسم من تطوُّر الطفل، وخلال سنوات ما قبل المدرسة، يتكوَّن لدى الطفل ما يكفي من المفردات للتواصل و للمشاركة في محادثات بسيطة، وكذلك للتعبير عن مشاعره.

بعض النصائح الفعّالة لتعزيز الاتِّصال و التواصل الإيجابي مع الأطفال واليافعين: 

التواصل على المستوى البصري

عندما تتحدَّث مع الأطفال فإنَّهُ ينصح أن تجلس على نفس المستوى البصري للطفل، ممَّا يسهم في خلق حالة من الثقة المتبادلة. ويولِّد شعورًا لدى الطفل بأنَّك مستمع جيِّد ومهتمّ بكل ما يقول، ممَّا يعزز التواصل و يصنع علاقة وطيدة على طول المدى الزمني كما تجعل الطفل أكثر تحمّسًا وتعلُّقًا بك.

الاستماع الفعَّال

استمع لما يقوله الطفل بقصد فهم ما يريد أن يوصله لك وليس فقط بقصد إعطائه مساحة للحديث، حيث إنَّ غالبيَّة الأطفال يمتلكون، بشكل فطري، مهارات استيعاب قدرتك على الاستماع لهم واهتمامك بهم. 

أعطِهم اعترافًا بما يشعرون به

يصنَّف الاعتراف الاجتماعي ضمن أنه من أكثر ما يبحث عنه الفرد في المجتمع، وهي الحالة التي يقوم بها أفراد المجتمع المحيط بالفرد بتقبّله و حبّه و التواصل و التعامل معه على أنَّه فرد مهمّ ومنتج. كما يقودنا ذلك إلى أنَّ الأطفال بشكل عام يحتاجون للشعور بالاعتراف الاجتماعي وتقدير أحاسيسهم واحتياجاتهم من قبل آبائهم وأمّهاتهم بشكل رئيس ومن ثم المشرفين في المدرسة وأقرانهم.

حيث تكمن أهميَّة هذا الاعتراف من انطلاقه من داخل المنزل. ويُعدُّ الأساس الصلب لبداية بناء شخصيَّة الطفل العاطفيَّة بشكل صحِّي وسليم. 

كن أوضح بما يتناسب مع فهمهم

يستخدم الأطفال منطقًا مختلفًا عن منطق البالغين، وينظرون إلى الأمور من نواحٍ يعتبرها البالغون إما أمورًا خاطئة أو غير ملائمة لهم. فعندما تتحدَّث أو تتواصل مع الطفل، كن واضحاً في الإرشادات التي تقدِّمها له، وحاول الابتعاد عن نبرة الأمر فهي تخلق إحساسًا بالتحدِّي لديه في بعض الأحيان، كما عليك أن تكون واثقًا عند تقديمها. إذا شعر الطفل بعدم الثقة أو صيغة أمر في الطريقة التي تتحدَّث بها إليه، فإنَّه في كثير من الأحيان سيبادر إلى عدم التفاعل إيجابيًّا معك. ممَّا قد يؤدِّي إلى أذيّته.

حاول خلق مساحة من الاحترام المتبادل فيما بينكما

إنَّ الطريقة التي تتحدَّث و تتواصل بها مع الأطفال لا تعكس شخصيتّك فقط، بل تقدِّم نموذجًا؛ سيقلِّد الأطفال السلوك الذي يرونه. كن حازمًا في التواصل، حتى يتعلَّم طفلك أن يكون حازمًا عند التواصل مع الآخرين.

أستخدم لغة مفهومة لطفلك ومناسبة لعمره، وكن واضحًا ومحدَّدًا فيما تريد تزويده به من معلومات وتوجيهات.

كما يجب أن تتجنَّب استخدام كلمات مسيئة، إذ إنَّ استخدام لغة لطيفة يساعد في تقديم مثال إيجابي لأطفالك. 

تذكَّر: اجعل الحديث يشعر طفلك الصغير بالاحترام والحبّ.

للمزيد اقرأ: نصائح للتحدُّث مع أطفالك عن التربية الجنسيَّة.

كيفيَّة إدارة العلاقة مع الأطفال و واليافعين

يتوجَّب على الأبوين احتواء الأطفال وفهمهم وتفهّمهم، وتجنُّب تعريضهم للضغوطات التي يعانيان منها قدر الإمكان. وذلك لتفادي جعل الطفل يشعر بالبرود العاطفي، أو لوم نفسه، أو جلد ذاته. كما يتوجب عليهما تجنُّب تعريض الأطفال للتحدِّيات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة المتعلقة بالعلاقة الزوجية بشكل مباشر. وعدم إشعارهم بوجود خلافات و/أو أي نوع من أنواع العنف داخل بيئة العائلة؛ إذ إنَّ عكس ذلك ستكون له آثار بالغة الخطورة والسلبيَّة على الطفل. وتاليًا أعزائي بعض السلوكات الحسنة التي تمكِّن الأبوين من بناء تواصل و علاقة صحِّيَّة وثيقة مع أطفالهم:  

استدامة أوقات المرح

تتَّسم مهمّة تربية الأطفال غالبًا بالجدّيَّة والحزم. ذلك لإيمان الكثير من الآباء بأنَّها تساهم في تعزيز بناء شخصيَّات ملتزمة وخلوقة. إلَّا إنَّ علاقة المربِّي مع أطفاله يتوجب عليها أن تتَّصف بالتسامح والرَّحمة والمرح. ممَّا يقودنا إلى أهمّيَّة التواصل وقضاء وقت مخصَّص مع الأطفال على أساسٍ يومي مُستدام لممارسة أنشطة مرحة والاستمتاع بالمحادثات والمواقف الطريفة. إضافة إلى مشاركة الطفل اهتماماته والضّحك معه. ويتوجَّب تحذيركم أعزَّائي القرَّاء من الاستهزاء بالطفل، أو التنمُّر عليه، أو الضحك على سلوكاته، ولنتذكَّر: نضحك معًا دومًا. 

التوجيه والنقد

يتوجَّب على الآباء توجيه أطفالهم والنقد البنّاء لسلوكاتهم بقصد التواصل والتربية الحسنة بشكل أكثر إيجابيَّة. ممَّا يضع مسؤوليَّة كبيرة على الآباء فيما يقولونه أو يفعلونه أمام أطفالهم.

ينصح أعزائي دومًا في حالة التوجيه أو النقد البناء مراعاة مخاطبة الطفل من خلال توجيه الكلام إلى سلوكه لا إلى شخصه. مثال؛ عوضًا عن: “أنا لا أحبَّك عندما تفعل كذا”. فلنحاول: “فعل كذا من الممكن أن يضعنا في موقف محرج؛  تعال نتعلَّم كيف نتفادى ذلك معًا”. 

استخدم أداة “الملاحظة”

يفعل الأطفال أمورًا إيجابيَّة تشعرنا بالرضا كمُربِّين، فنرغب بتحفيزهم وحثِّهم على تلك التربية الحسنة. ينصح بتجنُّب التصفيق والتهليل للأطفال وإعطائهم الهدايا أو المكافآت. هذا من الممكن أن يخلق عندهم دافعًا دائمًا للحصول على مقابل عند التصرّف بشكل إيجابي. بل أشجّعكم أعزائي القراء على استخدام وصف لفظي يدل على ملاحظتكم لسلوكهم الإيجابي. مثال: ” لاحظت أنَّك تحافظ على غرفتك مرتَّبة ونظيفة، هذا سلوك ممتاز”، “لاحظت بأنَّك ملتزم بالصلوات، شكرًا لك”.

في النهاية أعزَّائي القرَّاء، أودُّ التنويه إلى أنَّ هذا المقال يستعرض بعض الأساسيَّات التي من شأنها أن تلفت أنظاركم إلى سبل ووسائل أكثر صحَّة وإيجابيَّة للتعامل مع أطفالكم، وليس الهدف منه تقديم دليل للتعامل أو مادَّة علميَّة متكاملة. أنصحكم بالبحث المعمَّق في هذا الموضوع والتعلُّم حوله بشكل موسَّع أكثر، وذلك من شأنه أن ينعكس بشكلٍ إيجابي على أدائكم كآباء، وعلى البيئة الداخليَّة لعائلاتكم.

دمتم أنتم وأحبَّاؤكم سالمين دومًا.

مقالات ذات صلة:

الاستغلال الجنسي للطفل والتربية الجنسيَّة كوقاية.

كيف أعلم طفلي عن أعضاءه التناسلية؟

حقوق الطفل ومكافحة التحرُّش الجنسي؛ دور العائلة والمجتمع.

المصدر
Child mind institud-Tips for Communicating With Your Teen by Rachel EhmkeNemours Children's Health - Communication and Your 4- to 5-Year-Old - by: Mary L. Gavin, MDkidshelpline Communication tips CDC Essentials for Parenting Toddlers and Preschoolers
اظهر المزيد

عبد الحميد الخطيب

عبد الحميد الخطيب؛ متخصص في السلوك والإدراك وأدوات التواصل والاتصال. صانع محتوى مرئي ومسموع وناشط مجتمعي.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. You’re so awesome! I don’t believe I have read a single thing like that before. So great to find someone with some original thoughts on this topic. Really.. thank you for starting this up. This website is something that is needed on the internet, someone with a little originality!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى