في العلاقة الزوجيَّة.. لماذا يكون الزوج فعلًا والزوجة ردّ فعل؟

اقرأ في هذا المقال
  • هل لدى المرأة رغبة جنسيَّة؟
  • ما هو الفرق بين الرجل والمرأة في الرغبة الجنسيَّة؟
  • ما هي سلبيَّات عزوف المرأة عن طلب الجنس والمشاركة الفاعلة أثناء العلاقة؟
  • لماذا قد تعزف المرأة عن التعبير حول رغبتها في العلاقة الزوجيَّة، أو تكتفي بالتلقِّي خلالها؟ 
  • كيف يمكن التعامل مع اختلاف الرغبة والأداء الجنسي بين الزوجين، والتشجيع على التواصل الجنسي الفعَّال؟ 

تنتشر في مجتمعاتنا العربيَّة الكثير من المفاهيم والمعتقدات الخاطئة حول الجنس والعلاقة الزوجيَّة، هذا التابوه دائمًا ما يطالب المرأة بالحياء والخجل، وأن تعرف أقل القليل، وأن يكون اعتمادها الأساسي ومرجعيّتها الرئيسة في هذا الأمر هو الزوج والزوج فقط. فيكون الزوج بعد الزواج هو المصدر الأوَّل للمعلومات والثقافة الجنسيَّة للمرأة، ويكون هو دائمًا المبادر الذي يطلب العلاقة ويحدِّد أوقاتها، ويكون هو الفاعل الرئيس على الفراش، وتكون الزوجة وفقًا لهذه المعتقدات المغلَّفة بالجهل، هي ردّ الفعل. بل وقد تُتَّهم أحيانًا بقلَّة الحياء إذا خرجت عن خارطة التوقُّعات.

هل لدى المرأة رغبة جنسيَّة؟

بكل تأكيد. تشير بعض الدراسات إلى أنَّ الرغبة الجنسيَّة لدى الرجل عادةً ما تكون أعلى منها عند المرأة، بفعل هرمون التستوستيرون. ولكن لا خلاف على أنَّ لدى المرأة رغبات جنسيَّة، وأنَّ الرجل والمرأة يتباين نشاطهم الجنسي وفقًا للكثير من العوامل، فكلاهما يمكن أن يكون ذا نشاط جنسي مرتفع أو high sex drive، وكلاهما قد يكون نشاطه الجنسي منخفضًا low sex drive. وهذا أمر تحدِّده الكثير من العوامل، بعضها جينيَّة، وبعضها مرتبطة بالهرمونات، أو بالصحَّة البدنيَّة والنفسيَّة، أو تناول بعض الأدوية أو نقص بعض الفيتامينات والمعادن في الجسم، وغيرها من العوامل التي تجعل الأشخاص مختلفين عن بعضهم.

ما هو الفرق بين الرجل والمرأة في الرغبة الجنسيَّة؟

هناك فرقان أساسيَّان بين الرجل والمرأة في الرغبة الجنسيَّة: 

  • الأوَّل: أنَّه حتى إذا كانت المرأة ذات نشاط جنسي مرتفع، فإنَّ درجة الرغبة الجنسيَّة عندها تختلف على مدار الشهر، متأثِّرة بالدورة الشهريَّة للهرمونات، بعكس الرجل، الذي تتَّسم الرغبة الجنسيَّة عنده بالثبات النسبي سواء مرتفعة أو منخفضة.
  • الثاني: الرغبة الجنسيَّة لدى المرأة أكثر حساسيَّة منها لدى الرجل، فتتأثَّر بشكل أسرع بالضغوط والتوتُّر والوضع النفسي العام. كما أنَّها تحتاج للوقت المناسب والتمهيد الكافي قبل العلاقة، بعكس الرجل الذي عادة تكون استثارته أسهل وأسرع، وهو ما يسمَّى بدورة الاستجابة الجنسيَّة.

ما هي سلبيَّات عزوف المرأة عن طلب الجنس والمشاركة الفاعلة أثناء العلاقة؟

بعكس الشائع في الدوائر الاجتماعيَّة المحافظة، فإنَّ الزوج ينتظر من زوجته المبادرة والإيجابيَّة في العلاقة الزوجيَّة، وعندما يتكرَّر أن يكون هو من يطلب العلاقة الحميمة، وأن يكون هو الطرف الأكثر اهتمامًا وتعبيرًا عن مشاعره ورغبته واحتياجه، فإنَّ الأمر يتحوَّل لإحباط كبير بالنسبة له، بل ويترتَّب عليه عدد من العوامل السلبيَّة الأخرى، مثل:

  • الشعور بالإحباط أنَّه الفاعل الوحيد في العلاقة، وأنَّ الطرف الثاني غير مهتم.
  • الشعور بأنَّه غير محبوب وغير مرغوب.
  • الشعور بعدم الكفاءة، وأنَّه غير قادر على تحقيق السعادة الزوجيَّة.
  • اهتزاز الثقة بالنفس، والقلق بشأن أفكار مثل التشكُّك في القدرة الجنسيَّة.
  •  التقلُّبات المزاجيَّة والميل للتوتُّر والعصبيَّة.
  • الشعور بجرح لكرامته، ومشاعره كزوج وحبيب.

لماذا قد تعزف المرأة عن التعبير حول رغبتها في العلاقة الزوجيَّة، أو تكتفي بالتلقِّي خلالها؟ 

  • الخوف من الوصم: ما زالت الكثير من المجتمعات المغلقة والمتحفِّظة في الوطن العربي، تتَّهم المرأة التي تعبِّر عن احتياجها الجنسي، وتتحدَّث عن أمنياتها في الفراش، أو تبادر بالتغيير والتجديد في العلاقة الزوجيَّة، بأنَّها امرأة وقحة أو جريئة، وتتَّهم في أدبها وأخلاقها، بل وأحيانًا في شرفها. هذا الخوف المتوارث عند المرأة من الوصم قد يجعلها تخفي الكثير من المشاعر والاحتياجات بداخلها، وتتخوَّف من الإفصاح عنها حتى لزوجها، وهو الشخص الوحيد المعني معها بهذا الأمر.
  • الخوف من الرفض: النساء عادة شديدات الحساسيَّة لما يتعلَّق بالقبول، وقد يملن للإخفاء والادِّعاء خوفًا من الشعور بالرفض أو الاستنكار من الزوج، خاصَّة إذا كان يميل للتفكير المتحفِّظ أو التقليدي.
  • الشعور بالقهر أو الإجبار: تحمل العلاقة الزوجيَّة الكثير من الأبعاد الثقافيَّة والاجتماعيَّة والدينيَّة، حتى إنَّ الزوجات مهدَّدات بالعقاب إذا رفضن العلاقة الزوجيَّة، والزوج لديه الحقّ في الزواج الثاني، أو اللجوء لأهل الزوجة إذا هي قصَّرت في علاقتها الزوجيَّة. هذه الضغوط تضع الجنس في الحياة الزوجيَّة لدى الكثيرات بموضع الواجب والمهمَّات، عوضًا عن وضعها في إطارها الصحيح، كواحدة من أهمِّ العلاقات قدسيَّة، ومنفذًا لواحدة من غرائز الإنسان الطبيعيَّة. وعلى صعيدٍ آخر، فإنَّ الدراسات تؤكِّد أنَّ الإجبار على العلاقة الزوجيَّة يقلِّل من مستويات الرغبة الجنسيَّة، واحتمالات الوصول للرعشة، ويزيد من آلام الجماع واحتمالات الجروح المهبليَّة.
  • عدم الاتِّصال العاطفي مع الزوج: والذي يتمّ من خلال التواصل الفعَّال على مدار اليوم، ومن خلاله تُتَبادَل الحميميَّة بدون جنس من احتضان وطبطبة ومسك للأيدي، وكذلك من خلال الحوار وتبادل الأحاديث التي تعكس الاهتمام والعاطفة خلال الأوقات العاديَّة.
  • الإرهاق والضغط اليومي: النسبة الأكبر من النساء لا يستطعن تجنُّب الثقل اليومي للواجبات والمسؤوليَّات والإرهاق الناجم عنهم بسهولة للبدء والانغماس في العلاقة الجنسيَّة.
  • انخفاض النشاط الجنسي: إذا كانت الزوجة بطبيعتها ذات نشاط جنسي منخفض low sex drive، فإنَّها لا تميل لإبداء الاهتمام بالعلاقة الحميمة، بل هو في الغالب بالفعل من آخر أولويَّاتها. ولكن في هذه الحالة ينصح بالتأكُّد من عدم وجود أسباب صحيَّة تستدعي المتابعة والعلاج الطبِّي.

كيف يمكن التعامل مع اختلاف الرغبة والأداء الجنسي بين الزوجين، والتشجيع على التواصل الجنسي الفعَّال؟ 

تشير دراسة إلى أنَّ: 75% من الرجال أقرُّوا بأنَّهم يبادرون بطلب العلاقة الجنسيَّة، بينما 25% منهم يستجيبون لرغبات زوجاتهم، أمَّا النساء فقد أقرَّت 61% منهن بأنَّهن ردّ فعل لمبادرات الزوج ومحاولاته، بينما 22% منهن يقمن بالمبادرة وتولي زمام الأمر، و17% عبَّرن عن مقاومتهن أو رغبتهن في الهروب والتنصُّل من العلاقة أو حتَّى المقدِّمات التي قد تؤدِّي إلها. فكيف يمكن التعامل مع هذا النوع من الاختلافات؟ 

  1. الحوار: للأسف فإنَّ الحديث عن الجنس يظلُّ تابوهًا محرَّمًا حتَّى لدى الكثير من المتزوّجين، رغم أنَّه أقصر وأسرع الطرق لحلّ المشكلات، لا بد أن يتشجَّع الأزواج على طرح الأسئلة والمناقشة حول سلوكهم وأدائهم وتوقّعاتهم من العلاقة الجنسيَّة، يمكنهم طرح أسئلة مثل: 
  • ما هو أكثر شيء يثيرك/يشجّعك على العلاقة؟
  • ما الذي كنت تتمنَّى لو فعلناه أثناء العلاقة؟ 
  • هل أعجبك حين فعلت كذا؟
  • هل تحبّ لو فعلنا كذا في المرَّة القادمة؟ 
  • كيف يمكنني أن أجعلك أكثر سعادة؟
  • هل تحبّ لو جرّبنا شيئًا جديدًا؟

وغيرها من الأسئلة والاقتراحات التي تشجِّع الطرفين على التعبير عن نفسيهما، وتشجِّع بالتالي على الفهم والتواصل الصحِّي.

  1. التشجيع على التعبير عن المشاعر: التعبير عن عدم الرضا بعد العلاقة، أو التعبير عن تفصيلة مزعجة واجهها أحد الزوجين في هذه الأثناء، ليست نهاية الدنيا، بالعكس. كثيرا ما يبتلع الأزواج ضيقهم وشعورهم بالانزعاج من العلاقة، ولا يفهم الطرف الآخر أصلًا وجود مشكلة، حتى تتراكم المضايقات لتشكِّل حاجزًا يجعل العلاقة مهمَّة ثقيلة. ولكن التعبير أوَّلاً بأوّل عن المشاعر، الرضا والسعادة أو الانزعاج والإحباط، يضع الزوجين على مائدة الفهم ومواجهة المشكلات.
  2. التواصل الجسدي غير الجنسي: وهو مسار تمهيدي مهمّ للتأكيد على مشاعر كل طرف، والتأكيد على أنَّ الآخر محبوب ومحط النظر والاهتمام، وأنَّه ليس مجرد شريك متعة فقط.
  3. التعاون في تحديد المشكلة والحل: كما ذكرنا فإنَّ النقاش المفتوح يسهِّل للزوجين وضع أيديهم على المشكلة، والتي لا يمكن حلّها إلا من خلال التعاون المشترك، والتضحية المتبادلة، والتنازل من كلا الطرفين لبعض الوقت. تعكس أحد الدراسات أن 50% من الأزواج يعانين من اختلاف في مقدار وطبيعة الرغبة الجنسيَّة عن زوجاتهن، ولكن 50% من هذه النسبة لا تشكو من مشكلات بسبب الأمر، ما يعني أنَّها مشكلة قابلة للحل لدى كثير من الأزواج بشكل أو بآخر.
  4. زيارة متخصِّص للعلاقات الزوجيَّة: يساعد مستشار العلاقات الزوجيَّة في إرشاد الزوجين لتحسين طبيعة التواصل، وفهم أكبر لمشاعر وتوقُّعات وأفكار بعضهما البعض. كما أنَّه قد يرشدهما إلى برنامج من خطوات تدريجيَّة للتعامل مع المشكلات من منبعها الرئيس وفقًا لكل وضع.

المصدر
intimatemarriage.org
اظهر المزيد

أية خالد

إخصائية نفسية حاصلة ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وعلى الماجستير في علم النفس الإكلينيكي، وكاتبة محتوى مهتمة برفع الوعي بالصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى