وسائل منع الحمل للرجال؛ طرق تقليديَّة وأخرى حديثة
في مجتمعاتنا العربيَّة جرى العرف على وقوع مسؤوليَّة منع الحمل على عاتق الزوجة فقط، فجميع الوسائل المُطتوّرة لمنع الحمل استهدفت الزوجات بصفة خاصَّة، وأشهرها الحبوب واللولب. لكن ما لا يعرفه الكثيرون، هو أنَّ الزوج من شأنه أيضًا أن يساهم في هذه المسؤوليَّة، وذلك لوجود وسائل منع الحمل للرجال؛ طرق تقليديَّة وأخرى حديثة لمنع الحمل عن طريق الرجل وليس المرأة فقط، وقد أُثبتت فاعليتها في تحقيق هذا الغرض دون آثار جانبيَّة.
تُرى ما الحالات التي يمكن فيها أن يتبع الزوج بعض طرق منع الحمل عوضًا عن زوجته؟ نتناول إجابة هذا السؤال بمزيد من التفاصيل خلال فقرات مقالنا، مشيرين إلى أساليب منع الحمل التقليديَّة والحديثة المخصَّصة للرجال.
متى يكون استخدام الرجل لأحد وسائل منع الحمل للرجال؛ طرق تقليديَّة وأخرى حديثة قرارًا مطروحًا للنقاش؟
في الحقيقة، لا ينبغي أن تكون مسؤوليَّة منع الحمل مُلقاة على كاهل الزوجة فقط، فهو قرار مشترك اتَّخذه كلا الزوجين بكامل إرادتهما، ومن ثمَّ على كليهما المساهمة في تحقيقه كلُّ حسب استطاعته، والخيارات المتاحة له.
فقد تعاني بعض الزوجات من مشكلات صحيَّة تتعارض مع فكرة تناول حبوب منع الحمل أو تركيب اللولب، مثل هؤلاء اللاتي يعانين:
- الجلطات السابقة.
- ارتفاع ضغط الدم غير المتحكَّم فيه.
- أمراض الكبد.
- النزيف الرحمي الشديد مجهول السبب، إذ يتطلَّب الخضوع لفحص شامل، قبل تحديد وسيلة منع الحمل المناسبة.
- اضطرابات القلب.
- الحساسيَّة تجاه أحد المركّبات او العناصر الموجودة، سواء في حبوب منع الحمل أو اللولب.
في مثل الظروف الصحيَّة التي أشرنا إليها للتوّ، يكون الحلّ الوحيد هو مساهمة الرجل في رحلة منع الحمل عن طريق تطبيق الوسائل المناسبة، والتي تمنع وصول الحيوانات المنويَّة إلى البويضات، أو تقلِّل تكوينها من الأساس، وفيما يلي نناقش جميع خيارات وسائل منع الحمل المناسبة للرجال.
وسائل منع الحمل للرجال: الوسائل التقليديَّة
لا يُعدُّ موضوع منع الحمل من خلال الزوج أمرًا مستحدثًا، سواء نظريًّا على الصعيد الطبِّي أو من الناحية التطبيقيَّة، فهو مطروح منذ سنوات عديدة، وقد طُوّرت بعض الأساليب التقليديَّة لتخدم هذا الغرض، ولعلَّ أشهرها:
الواقي الذكري
يُعدُّ الواقي الذكري من أشهر موانع الحمل المتاحة للرجال، وهو عبارة عن غطاء مطَّاطي يوضع على مقدّمة العضو الذكري وقت الجماع -قبل الإيلاج مباشرةً- ليحول دون وصول السائل المنوي إلى المهبل، ومن ثمّ لا يلتقي الحيوان المنوي بالبويضة إطلاقًا، ولا تحدث أي من عمليتيّ الإخصاب والحمل.
وتنطوي أهمّ مميّزات الواقي الذكري على ما يلي:
- تصل نسبة نجاحه في منع حدوث الحمل إلى 98%.
- يتوفَّر بكثرة وبتكلفة مناسبة لأغلب الفئات.
- يخلو من أي آثار جانبيَّة باستثناء هؤلاء الذين يعانون الحساسيَّة ضدّ مادَّة اللاتكس التي تُصنع منها الأوقية الذكريَّة؛ فقد تصيبهم بعض الالتهابات عند ارتدائها.
- يمثِّل حاجز وقاية من الأمراض المنقولة جنسيًّا.
ولتحقيق الاستفادة القصوى والتمتُّع بكافة المميِّزات عند ارتداء الواقي الذكري، لا بدّ من اتِّباع التعليمات الآتية:
- اختيار نوع متين وموثوق، وعدم الاعتماد على الأنواع الرخيصة مجهولة المصدر.
- التأكُّد من عدم وجود أي ثقوب أو شقوق في الواقي الذكري، لمنع تسرُّب السائل المنوي إلى المهبل.
- استخدام واقي ذكري جديد لكل جماع، والتأكُّد من وضعه بالصورة الصحيحة حتى لا يحتبس الهواء بينه وبين القضيب.
- حفظ الواقي الذكري في منطقة باردة وجافَّة، مع التأكُّد من تاريخ صلاحيته.
- إضافة مزلّق حميمي على العضو بعد ارتداء الواقي، وكذلك على منطقة المهبل، حتى لا يتسبَّب الاحتكاك في تمزُّق الواقي الذكري عند الإيلاج.
ولا يمكننا أن نغفل عن أنَّه رغم فاعليَّة وأمان الواقي الذكري في منع الحمل، قد لا يُفضّله بعض الرجال، لما يسبّبه لديهم من تقليل الإحساس بالمتعة الجنسيَّة، لذلك قد يلجأون إلى وسائل أخرى أقل إزعاجًا لهم.
القذف الخارجي
القذف الخارجي من طرق منع الحمل الأكثر سهولة للرجال، إذ تعتمد فكرته على قذف السائل المنوي خارج المهبل عند بلوغ الزوج نشوة الجماع، وبالتالي لا تصل الحيوانات المنويَّة إلى البويضة.
وبينما تتعدَّد مزايا طريقة القذف الخارجي لمنع الحمل، مثل أنَّها غير مكلفة، وسهلة التطبيق، ولا تسبِّب آثارًا جانبيَّة، فإنَّ فاعليتها في منع الحمل ضعيفة للغاية مقارنةً بالأساليب الأخرى، ويرجع ذلك إلى الأسباب التالية:
- عدم قدرة بعض الرجال على التنبُّؤ بتوقيت حدوث القذف، أو مواجهة صعوبة في القذف خارجيًّا بصورة صحيحة.
- احتواء بعض الإفرازات التي تخرج من العضو الذكري قبل القذف على الحيوانات المنويَّة.
لذلك، لا بد أن يكون الزوجان المعتمدان على القذف الخارجي في منع الحمل، على أهبَّة الاستعداد لاستقبال خبر حدوث الحمل في أي وقت.
ربط الحبل المنوي
يُعدُّ ربط الحبل المنوي من الوسائل الفعالة للغاية في منع الحمل، إذ تصل نسبة نجاحها إلى ما يقارب 98%، وتعتمد فكرتها على ربط القنوات التي تنقل الحيوانات المنويَّة من الخصية إلى مكان تخزين السائل المنوي، وبالتالي -عند القذف- يكون السائل المنوي خاليًا من أي حيوانات منويَّة، ومن ثمَّ تنعدم فرص حدوث الحمل.
يمكن الاعتماد على هذه الطريقة في منع الحمل بعد مرور نحو 2-3 أشهر من الخضوع للعمليَّة، وذلك لاحتماليَّة وجود حيوانات منويَّة مُخزّنة في الأنابيب الناقلة.
وبالحديث عن هذه الطريقة، لا داعي للقلق بشأن ما قد يترَّدد حولها من شائعات، مثل أنَّها لا تناسب هؤلاء الراغبين في منع الحمل بصورة مؤقَّتة، وذلك لأنَّه لا يمكن استعادة القنوات الناقلة للحيوانات المنويَّة مرَّة أخرى بعد ربطها، ما يعني أنَّها وسيلة فعَّالة بالنسبة للرجال الذي اكتفوا بعدد معيَّن من الأطفال.
وهذا غير صحيح على الإطلاق، إذ يمكن طبيًّا التخلّص من الرباط وإزالته مرَّة أخرى، وفي أسوأ الأحوال يمكن الاستعانة بإحدى وسائل الإخصاب المساعد (الحقن المجهري، أو أطفال الأنابيب) في حال الرغبة في الإنجاب.
تتبُّع فترات الأمان
تُعدُّ فكرة تتبُّع فترات الأمان من أقدم الوسائل المتَّبعة في منع الحمل، إذ يتحرَّى الزوج مواعيد التبويض عند زوجته، والتي عادة تكون بعد 14 يوم من بداية الدورة الشهريَّة، ويحرص على الامتناع عن الجماع قبل موعد التبويض بيومين وبعده بيومين أيضًا، وما دون ذلك تُعدُّ فترات أمان بالنسبة لهما، لعدم وجود بويضات جاهزة للإخصاب.
وفي حقيقة الأمر، فإنَّ الاكتفاء بتتبُّع فترات الأمان أمر غير مضمون النتائج على الإطلاق، فمن المتوقَّع أن تتغيَّر مواعيد التبويض لدى الزوجة ويحدث الجماع في وجود بويضات جاهزة للتلقيح دون دراية الزوجين.
والآن، بعدما تحدَّثنا تفصيلًا عن وسائل منع الحمل التقليديَّة والقديمة للرجال، نتطرَّق فيما يلي إلى أحدث وسائل منع الحمل التي أحدثت جدلًا كبيرًا بين أوساط الرجال على مستوى العالم.
وسائل منع الحمل للرجال : الوسائل الحديثة لا تزال تحت التجربة ..
تناولت عديد من الدراسات العلميَّة الحديثة أساليب غير مألوفة لمنع الحمل عند الرجال، ومن أبرزها:
حقن منع الحمل
تعتمد فكرة حقن منع الحمل للرجال، على منع الحيوانات المنويَّة التي تصنّعها الخصية من الوصول إلى السائل المنوي، وهي نفس فكرة ربط الحبل المنوي، ولكن ما يُميِّز هذه الطريقة أنَّه يمكن للرجل استعادة قدرته على الإنجاب في أيِّ وقت.
يحدث ذلك من خلال حقن بعض المواد ذات الملمس الجيلاتيتي داخل القنوات الناقلة للحيوانات المنويَّة، وبدورها تُسبِّب انسدادًا مؤقتًا في القنوات المنويَّة وتمنع مرور الحيوانات المنويَّة من خلالها.
ويمكن التخلُّص من هذا الانسداد في أي وقت بسهولة من خلال حقن بعض المواد التي تُذيب المادة الجيلاتينيَّة المشار إليها، وتعود الأمور إلى مسارها الطبيعي مرَّة أخرى.
حبوب منع الحمل
نعم، حبوب منع الحمل ليست للزوجات فقط! فقد طُوّرت العديد من الأدوية في الآونة الأخيرة بهدف منع الحمل من خلال الرجل، وعلى اختلاف طريقة عملها، إلا أنَّها جميعًا تؤثِّر بشكل أو بآخر في إنتاج الحيوانات المنويَّة أو قدرتها على التخصيب.
ولعلَّ أشهر الأمثلة على هذه الأدوية:
- الجينداروزا
وهي حبوب من أصل عُشبي تُبطل مفعول بعض الإنزيمات الموجودة في رأس الحيوانات المنويَّة، وتقلِّل قدرتها على اختراق جدار البويضة.
- حبوب الشراشف النظيفة
نوع من حبوب منع الحمل التي تستخدم قبل ساعتين إلى ثلاث ساعات من الجماع، وتساعد الرجال على الوصول للنشوة الجنسيَّة دون حدوث قذف للحيوانات المنويَّة.
- الحبوب المثبّطة لإنزيم البروتيز البربخي
ترتبط المادة الفعَّالة لهذا الدواء ببعض البروتينات الموجودة على سطح الحيوان المنوي، فتمنع حركته وتعيق وصوله إلى البويضة.
والجدير بالذكر، أنَّه بالرغم من فاعليَّة الوسائل الحديثة المذكورة للتوّ في منع الحمل مقارنةً بنظيرتها التقليديَّة، فهي ما زالت قيد التجارب المعمليَّة والاختبارات الطبيَّة ولم تُكتشف بعد آثارها الجانبيَّة على المدى البعيد، لذلك لا ننصح بتجربة أي من هذه الوسائل، إلا بعد استشارة الطبيب المتخصِّص.