الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة البصريَّة؛ أبرز التحدَّيات وأهمّ الحلول
- ذوات الإعاقة البصريَّة في مواجهة تحدِّيات الدورة الشهريَّة
- حلول واقعيَّة لإدارة الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة البصريَّة
- دور المؤسَّسات المجتمعيَّة في تعزيز الوعي والتوعية حول تحدِّيات الدورة الشهريَّة لذوات الإعاقة البصريَّة
تشير الدراسات إلى أنَّ الفتيات والسيِّدات قد يقضين نحو 3000 يوم من حياتهن في الدورة الشهريَّة، وما يترتَّب عليها من آلام جسديَّة ومضاعفات نفسيَّة مثل التقلُّبات المزاجيَّة الحادَّة وعدم الرغبة في فعل أي شيء، ولعلَّ ما أبرز ما يساعدهن في تجاوز هذه الفترة بأمان هو ما يتَّخذنه من تدابير النظافة الشخصيَّة، وتناول المسكِّنات المناسبة، ومحاولات الترويح عن النفس قدر الإمكان. لكن -مع الأسف- قد تفتقد ذوات الإعاقة البصريَّة إمكانيَّة العناية بالنفس خلال فترة الحيض بسهولة ويسر كسائر الفتيات، ولعلَّ ذلك راجع لما يفرضه فقدان البصر عليهنَّ من نمط حياة ذي طابعٍ خاصّ، وتغيُّرات سلوكيَّة غير مقصودة.لذلك نلقي الضوء في هذا المقال “الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة البصريَّة “على العديد من التحدِّيات التي تواجهها كل مكفوفة في فترات الحيض، وأبرز الحلول الواقعيَّة التي يمكن أن تساعدهنَّ في تجاوزها بأقلِّ قدر من المعاناة.
مواجهة تحدِّيات الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة البصريَّة
على مدار 12 حيضة في السنة، لا تمُرُّ هذه الفترات مرور الكرام على أي فتاة، فما بالنا بذوات الإعاقة البصريَّة اللاتي يقفن اضطرارًا في مواجهة مجموعة من التحدِّيات التي قد توقعهن في مشاكل صحيَّة ونفسيَّة كثيرة، إثر عدم حصولهن على الدعم الكافي، سواء من ذويهم أو من المحيطين بصفة عامَّة، فضلًا عن غياب الوعي المجتمعي حول الطريقة المثلى للتعامل مع هذه التحدِّيات، والتي يتضمَّن أبرزها ما يلي:
الحرمان من أبسط حقوقها، التعليم ( الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة البصريَّة )
تضطرّ عدد كبير من المكفوفات إلى ترك الدراسة والمكوث في المنزل بمجرَّد نزول دم الدورة الشهريَّة، إمَّا بإرادتها حرجًا ممَّا تمرّ به، والبعض قد يرغمهن أهلهن على ذلك، لاعتقاد خاطئ في عدم قدرتهن على إدارة فترة الحيض والتعامل مع أعراضها بمفردها، وقد يتخوَّف البعض من فكرة أن تؤذي الفتاة نفسها دون قصد.
ومن ثمَّ -وفقًا لاعتقادهم- هم بذلك يحمونها نفسيًّا، فلا تكون منبوذة من زميلاتها خلال هذه الفترة الحسَّاسة، ولا تتعرَّض في الوقت ذاته إلى السخرية أو الإحراج جراء ما يظهر عليها من أعراض، وفي الحقيقة أنَّ الفتاة بذلك ليست إلا محرومة من أبسط حقوقها، وهي مواصلة التعليم وتحقيق مستقبل أفضل.
عدم معرفة الوقت المناسب لتغيير الفوط الصحيَّة (الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة البصريَّة )
من أشهر التحدِّيات التي تواجهها ذوات الإعاقة البصريَّة أيضًا، هو عدم معرفتها بالوقت المناسب لتغيير الفوط الصحيَّة، ما قد يعرِّضها لخطر التسريب وظهور الروائح الكريهة، ما يضعها في موقف محرج دون أن تدري، ويجعلها محلّ رفض وسخرية من قبل زملائها، هذا علاوةً على زيادة خطر إصابتها بالبكتيريا والفطريَّات إثر عدم توعيتها بطرق التخلّص من الفوط الصحيَّة بأمان.
مشاعر مضاعفة من القلق والتوتّر والخجل
من الطبيعي أن تشعر الفتيات بالقلق والتوتّر بسبب الاضطرابات الهرمونيَّة التي تحدث في أثناء فترات الحيض، لكن ذوات الإعاقة البصريَّة قد يعانين شعورًا مضاعفًا من التوتَّر والقلق جراء الخوف من حدوث أي موقف خارج عن إرادتهن، ومن ثمّ تصير فريسة لتهكّم الآخرين وسخريتهم، ما يفسِّر تفضيل الكثيرات منهنّ للعزلة الاجتماعيَّة خاصَّةً خلال فترات الحيض.
الإصابة بالعدوى والتهابات الجهازين التناسلي والبولي
مع الأسف قد تتعرَّض المكفوفات للعدوى والتهابات في الجهازين البولي والتناسلي خلال أيَّام الدورة الشهريَّة أو بعدها، بسبب عدم درايتهنَّ بالطريقة الصحيحة لتنظيف المنطقة التناسليَّة خلال هذه الفترات، وكيفيَّة استخدام الفوط الصحيَّة.
وقد أثبتت الدراسات، أنَّ مجرَّد المعرفة بالطريقة الصحيحة غيَّرت حياة الكثيرات من ذوات الإعاقة البصريَّة، إذ ظهرن أكثر وعيًا بسبل النظافة الشخصيَّة خلال فترات الحيض، ووُجد أنَّ نحو 73.33٪ منهنَّ قادرات على تنظيف المنطقة التناسليَّة بعناية، وما يقارب 76.67٪ يستحممن يوميًّا، ما يصرف عنهم المخاطر الصحيَّة التي أشرنا إليها سلفًا، وجعلهن أكثر إقبالًا على الأنشطة اليوميَّة.
عدم وجود منتجات عناية مخصَّصة لهنَّ خلال فترة الحيض
تجد الفتيات ذوات الإعاقة البصريَّة صعوبة في التعامل مع منتجات الدورة الشهريَّة التقليديَّة بسبب عدم وجود علامات بارزة يمكنهن تحسّسها ومعرفة طريقة الاستخدام الصحيح لها دون الحاجة للاستعانة بالآخرين، ما قد يزيد احتماليَّة استخدامها بطريقة خاطئة، وما يلي ذلك من عواقب مزعجة.
حرمانهنَّ من الخصوصيَّة والاستقلاليَّة
يؤدِّي عدم وجود مراحيض أو مرافق صحيَّة مناسبة لاحتياجات ذوات الإعاقة البصريَّة إلى زيادة فرصة تعرّضهن لمواقف محرجة ومنافية للخصوصيَّة عند استخدام المراحيض في الأماكن العامَّة، إذ تفتقر لأي علامة بارزة أو إرشادات مكتوبة بطريقة برايل، الأمر الذي يمثِّل تحدِّيًا آخر بالنسبة لهن.
ونظرًا إلى ما تسبِّبه هذه التحدّيات من مشكلات نفسيَّة وجسديَّة للمكفوفات، نطرح فيما يلي بعض الحلول الواقعيَّة لمساعدتهنّ في تجاوز هذه الفترة بأمان وثقة.
حلول واقعيَّة لإدارة الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة البصريَّة
إنَّ إدارة الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة البصريَّة أمر يتطلَّب حلولًا واقعيَّة تراعي احتياجاتهن حتى يتمتّعن بالخصوصيَّة ولا يقفن أمام تحدّيات متكرِّرة شهريًّا، وتتضمَّن تلك الحلول ما يلي:
استخدام بعض التطبيقات الصوتيَّة لمتابعة الدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة البصريَّة
هناك بعض التطبيقات التي يمكن للمكفوفات تحميلها على الهاتف الذكي، وتسجيل كافَّة المعلومات الخاصَّة بالدورة الشهريَّة عليها صوتيًّا، إذ تستطيع هذه التطبيقات توقّع موعد الدورة الشهريَّة في كل مرَّة وإرسال رسائل تذكيريَّة قبل موعد قدومها، وبالتالي تستطيع الفتيات أخذ جميع احتياطاتها.
استخدام الفوط اليوميَّة الخفيفة في فترات ما قبل الدورة الشهريَّة
يمكن للمكفوفات ارتداء الفوط الصحيَّة الخفيفة التي ترتديها بعض الفتيات بصورة يوميَّة لامتصاص العرق والإفرازات خلال فترة ما قبل الدورة الشهريَّة، لتعمل بمثابة حاجز حماية مؤقَّت حال قدوم الدورة الشهريَّة بشكل مفاجئ أو قبل موعدها بيوم أو يومين، وبذلك لا تقع في حرج التسريب أو تصبّغ الملابس على الإطلاق.
ارتداء ملابس داكنة اللون خلال فترة الحيض
يمنح ارتداء ملابس داكنة خلال أيَّام الدورة الشهريَّة الفتاة شعورًا بالأمان والراحة ليس لذوات الإعاقة البصريَّة وحسب، بل للفتيات بصورة عامَّة، إذ تدفع عنهن القلق والتوتّر بشأن ظهور أي تصبّغات على الملابس بسبب التسريب، لذلك قد يكون هذا حلًا مناسبًا للمكفوفات.
الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لقراء منتجات العناية بالدورة الشهريَّة
عند الذهاب للتسوُّق، قد تعجز الفتاة المكفوفة عن معرفة المنتجات المناسبة لها، أو يتعذَّر عليها الوصول إلى ما تريده، لذا يمكنها الاستعانة ببعض التطبيقات التي تقرأ النصوص المكتوبة على العبوات، وبالتالي يمكنها اختيار ما يناسبها بسهولة.
شراء المنتجات الخاصَّة بالدورة الشهريَّة لدى ذوات الإعاقة البصريَّة عبر الإنترنت
إذا وجدت بعض الفتيات حرجًا عند شراء منتجات الدورة الشهريَّة عن طريق الذهاب للمتاجر أو الصيدليات، فيمكنها شرائها أونلاين عبر الإنترنت، وهي خدمة متوفِّرة عبر تطبيقات العديد من الصيدليَّات الكبرى والأسواق التجاريَّة.
تنظيم الفوط الصحيَّة بطريقة يسهل الوصول إليها
يمثِّل تخصيص جزء من الخزانة أو بعض الأدراج لتنظيم الفوط الصحيَّة النهاريَّة والليليَّة وغيرها من منتجات العناية خلال الدورة الشهريَّة أحد أهمّ الحلول التي توفِّر الكثير من الوقت والجهد على الفتيات ذوات الإعاقة البصريَّة، فضلًا عن تخفيف التوتّر.
استخدام التطبيقات الهاتفيَّة لرصد أقرب مكان للمرحاض
يعد استخدام بعض التطبيقات المخصَّصة للخرائط في رصد أماكن المراحيض القريبة في حالة الخروج من المنزل ونزول دم الحيض من الحلول المهمَّة التي تساعد ذوات الإعاقة البصريَّة في التعامل مع الدورة الشهريَّة، إذ يمكنها الوصول بسهولة إلى مكان أقرب مرحاض، إذا شعرت بحدوث تسريب، أو رغبت في تغيير الفوطة الصحيَّة.
تصميم روتين للعناية الشخصيَّة في أثناء الدورة الشهريَّة
بصورة عامَّة، تحتاج الفتيات إلى عناية خاصَّة بأنفسهن خلال فترات الحيض، مثل تطبيق بعض الماسكات الطبيَّة على الوجه لتهدئة حبّ الشباب الذي يظهر خلال هذه الفترة، وتناول بعض الأطعمة التي تساعدهنّ في مواجهة التقلُّبات المزاجيَّة وتمنحهنّ شعورًا بالاسترخاء والسعادة مثل الشكولاتة.
لذلك لا مانع من تصميم المكفوفات لروتين ثابت للعناية الشخصيَّة في أثناء الدورة الشهريَّة، لدعم أنفسهنَّ جسديًّا ونفسيًّا بالقدر الكافي خلال هذه الفترة.
دور المؤسَّسات المجتمعيَّة في تعزيز الوعي والتوعية حول تحدِّيات الدورة الشهريَّة لذوات الإعاقة البصريَّة
تلعب المؤسَّسات المجتمعيَّة دورًا حيويًّا في نشر الوعي بشأن التحدّيات التي تواجهها ذوات الإعاقة البصريَّة خلال الدورة الشهريَّة من خلال عدَّة طرق، وتشمل:
- التوعية والتعليم
تنظيم ورش عمل وندوات تثقيفيَّة لزيادة الوعي المجتمعي -خصوصًا الأهل- حول احتياجات ذوات الإعاقة البصريَّة خلال الدورة الشهريَّة، مع تقديم معلومات دقيقة حول التغييرات الجسديَّة والنفسيَّة في هذه الفترة الحسَّاسة.
- توفير الموارد اللازمة
إعداد مواد تعليميَّة ومصادر موثوقة للمعلومات وإتاحتها بطريقة تتناسب مع احتياجات ذوات الإعاقة البصريَّة، مثل الكتب الصوتيَّة أو المواد المطبوعة بطريقة برايل.
- الدعم النفسي والاجتماعي
يمكن ذلك من خلال إنشاء مجموعات دعم توفِّر بيئة آمنة لتبادل التجارب والمشاعر، ممَّا يعمل على تعزيز الثقة بالنفس والقدرة على التعامل مع التحدِّيات.
- التعاون مع الجهات الصحيَّة الحكوميَّة
ينبغي للمؤسَّسات المجتمعيَّة العمل مع المؤسَّسات الصحيَّة لضمان توفّر خدمات صحيَّة ملائمة للمكفوفات، وتوفير مستلزمات صحيَّة تتناسب مع احتياجاتهن.
- التوعية المجتمعيَّة
عن طريق إطلاق حملات توعويَّة تستهدف المجتمع بشكل عام لتغيير المفاهيم الخاطئة حول الإعاقة البصريَّة، وزيادة القبول والدعم للمكفوفات.
- تقديم التدريب
تدريب الأفراد والعائلات على كيفيَّة دعم فتياتهنّ من ذوات الإعاقة البصريَّة في التعامل مع التحدِّيات المرتبطة بالدورة الشهريَّة.
من خلال هذه الجهود، يمكن للمؤسَّسات المجتمعيَّة، أن تسهم في تحسين جودة حياة ذوات الإعاقة البصريَّة، وتعزيز وعي المجتمع بأهميَّة دعمهن.
وفي نهاية حديثنا، نتمنَّى أن يسهم ما ذكرناه من مقترحات في حلِّ ولو جزء من التحدِّيات التي تواجهها المكفوفات خلال فترات حيضهن، لينطلقن بعدها لممارسة حياتهن الطبيعيَّة دون أي قيود.