الاستغلال الجنسي للأطفال في النِّزاعات “انتهاك البراءة”
- انتهاك البراءة؛ الاستغلال الجنسي للأطفال في النِّزاعات
- مفهوم الاستغلال الجنسي للأطفال .. نظرةٌ عامّة
- الاغتصاب أشهرها .. أشكال الانتهاكات في الحروب
- الاستغلال الجنسي للأطفال .. بالأرقام
- التبِعات النفسيَّة للاستغلال الجنسي تجاه الأطفال
- الآثار العضويَّة للعنف الجنسي تجاه الأطفال
- كيف نحمي أطفالنا من الاستغلال الجنسي؟
- توصيات مُنظَّمات رعاية الطفولة
في الوقت الذي يتجرّع فيه عالمنا العربي ويلات الحروب، ومرارة النزاعات، يقع الآلاف من أطفالنا تحت وطأة أحداثها المأساويَّة، التي سلبت منهم طفولتهم وأحلامهم، وحرمتهم من أبسط حقوقهم الإنسانيَّة، وجعلتهم عُرضةً للانتهاكات النفسيَّة والجنسيَّة. ويومًا تلو الآخر، ووفقًا للتقارير، تتزايد الفواجع التي تصل إلينا حول الانتهاكات بحقّ الأطفال، وتحديدًا الاستغلال الجنسي للأطفال في النِّزاعات، بصورةٍ تجعل من طرح القضيَّة، والتوعية تجاهها، ضرورةً لا بُدّ منها.
مفهوم الاستغلال الجنسي للأطفال .. نظرةٌ عامّة
يُعرّف الاستغلال الجنسي للأطفال على أنَّه كُل فعلٍ ذو طبيعةٍ جنسيَّة يُمارس ضدّ الأطفال، أو المُراهقين، سواءً بالقول أو الفعل، واستغلال ضعفهم أو عدم إدراكهم، أو إعاقتهم، سواءً على أرض الواقع أو إلكترونيًّا، وحتى لو كان بموافقة الطفل ذاته، بحسب تعريف منظَّمة الصحَّة الدوليَّة (WHO).
وتوجد العديد من أشكال الاستغلال الجنسي المُوجَّهة للأطفال، يتمثَّل أشهرها في المواقعة الجنسيَّة، أو تزويج القاصرات، العنف الجنسي والذي قد يتضمَّن تشويه الأعضاء التناسليَّة لدى النساء والأطفال، فضلًا عن التسخير الجنسي واستغلال الأطفال جنسيًّا لكسب المال، أو إنتاج المواد الإباحيَّة.
اقرأ أيضًا: أجسادُ النِّساء سَاحاتُ مَعارِك
الاغتصاب أشهرها .. أشكال الانتهاكات في الحروب
في الوقت الذي يأتي فيه الاغتصاب على رأس أشكال الانتهاكات الجنسيَّة المعروفة والشائعة بحقّ الأطفال والقُصّر خلال الحروب والنزاعات المُسلَّحة، تغيب عن أذهان الكثير منّا العديد من صور الاستغلال الأخرى، وعلى رأسها:
- التجنيد الإجباريّ: يُعدُّ التجنيد القسري واحدًا من الجرائم الشائعة بحقّ القُصّر خلال أوقات النزاعات، من خلال إشراكهم قسرًا في الأعمال المُسلَّحة أو بعضٍ منها، وتدريبهم على ارتكاب الأفعال الإجراميَّة تجاه الفصائل الأخرى من المدنيِّين والنساء والأطفال.
- الاتّجار بالبشر: يأتي الاتِّجار بالبشر ضمن أهمّ سمات الأفعال الإجراميَّة بحقّ الأطفال خلال الحُروب، إذ يقع الأطفال ضحيَّة السماسرة الذين يجعلون منهم سلعةً في دهاليز هذا العالم المُظلم.
- الزواج والبغاء القسري: يقع الأطفال وخاصَّةً الفتيات ضحيَّة لتلبية الرغبات الجنسيَّة للمُقاتلين والمُعتدين أثناء الحروب والنزاعات المُسلّحة، من خلال إجبارِهنّ على الزواج أو البغاء القسريّ.
- الاستعباد الجنسيّ: يقاد الكثير من الأطفال والقُصّر خلال الحروب إلى الاستعباد الجنسي من قبل الجماعات المُسلّحة، بعد ترهيبهم بشتّى الطُرق من أجل تلبية مُتطلّباتهم، الأمر الذي قد يصل أحيانًا إلى القتل.
اقرأ أيضًا: التربية الجنسيَّة لدى الأطفال
الاستغلال الجنسي للأطفال .. بالأرقام
أعلنت الأمم المتَّحدة يوم الثامن عشر من شهر نوفمبر من كل عام يومًا عالميًّا للتصدِّي لحالات العنف الجنسي تجاه الأطفال، آملةً بذلك إيقاف حالات الاستغلال الجنسي للأطفال، وداعية قادة العالم، والمُنظّمات الأمميَّة إلى الوقوف جنبًا إلى جنب في سبيل التصدِّي إلى هذه الظاهرة.
وقد أشارت منظَّمة اليونيسيف في أحد تقاريرها إلى تعرض ما يزيد عن 104,100 طفلًا خلال الفترة الزمنيَّة ما بين عامي 2005م و 2020م إلى القتل، أو الإصابة خلال النزاعات المُسلَّحة، فضلًا عن تعرّض ما يزيد على 93,000 طفلًا آخر للتجنيد خلال الحروب في الفترة الزمنيَّة ذاتها.
كما أشار التقرير إلى تعرّض حوالي 25,700 طفلًا للاختطاف على يد الأطراف المُختلفة للنزاع خلال فترات الحروب، بينما تعرّض حوالي 14,200 طفلًا للاغتصاب خلال الفترة الزمنيَّة ذاتها.
التبِعات النفسيَّة للاستغلال الجنسي تجاه الأطفال
يترك العنف الجنسي تجاه الأطفال خلال فترات الحروب والنزاعات آثارهُ النفسيَّة البالغة على سلامتهم النفسيَّة بصورةٍ لا يُستهان بها، وتشمل أبرز الآثار النفسيَّة المرصودة ما يلي:
- إصابة الطفل باضطراب القلق العامّ.
- اضطراب الاكتئاب السريري الحادّ والمُزمن.
- تعرّض الطفل لنوبات الصرع والتشنُّجات الحركيَّة.
- فقدان الطفل ثقته بنفسه واهتزاز صورته الشخصيَّة.
- تعرّض الطفل لاضطرابات النوم، واضطرابات الأكل.
- تعرّض الطفل لاضطراب ما بعد الصدمة.
مع مُراعاة أنَّ إصابة الطفل بأحد هذه الأعراض أو بعضٍ منها يختلف بحسب عُمر الطفل، ودرجة وعيه، ومدى حساسيته، وسماته الشخصيَّة.
اقرأ أيضًا: لننهض معًا ضدّ العنف الصامت
الآثار العضويَّة للعنف الجنسي تجاه الأطفال
يُعاني أطفال الحروب والنزاعات من آثارٍ عضويَّة عديدة جرّاء التعرّض للعنف الجنسي، والتي تختلف شدّتها من طفلٍ إلى آخر، ومن أبرزها:
- آلام الحوض المُزمنة للفتيات.
- الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًّا.
- المُعاناة من اضطرابات الجهاز الهضمي.
- آلام الأعضاء التناسليَّة لكلا الجنسين.
- التهابات مجرى البول وخاصَّةً للفتيات.
- الإصابة بالنزيف الدائم أو المُتقطِّع.
اقرأ أيضًا: العنف الصامت
كيف نحمي أطفالنا من الاستغلال الجنسي؟
لا شكّ بأنَّ الحماية من الاستغلال الجنسي للأطفال في النِّزاعات هي مهمَّةٌ مُجتمعيَّة، وليست أسريَّة فحسب، وخاصَّةً خلال أوقات النزاعات والحروب، والتي ينبغي أن يتكاتف فيها المُجتمع من أجل التصدِّي لهذه الظاهرة، وتشمل أهمّ الإجراءات:
- الانتباه إلى العلامات: عادةً ما تظهر بعض العلامات على الأطفال الذين تعرّضوا للعنف الجنسي، والتي ينبغي على الآباء مُراعاتها، ومن بينها العلامات التي تظهر على جسد الطفل، وإصابة الطفل بالشرود طوال الوقت، وظهور علامات الصدمة على ملامحه وتصرّفاته.
- التكاتف المُجتمعي: خلال الحروب، يفقد الكثير من الأطفال أحد أبويهم أو كلاهما، ممَّا يُفقدهم الحماية اللازمة خلال فترات المُداهمات، والنزوح، لهذا السبب ينبغي على المحيطين، من أقرباء، وجيران، اتِّخاذ التدابير اللازمة لحمايتهم حال التعرُّض للخطر.
- الاحتماء بمقار مُنظَّمات المُجتمع الدولي: قد يكون من المفيد البحث عن مقار آمنة للاحتماء بها خلال فترات النزاعات والحروب، مثل مدارس الإيواء، ومقار الجمعيَّات والمُنظَّمات الأمميَّة، والتي عادةً ما تُصنَّف على أنَّها أكثر أمانًا من الاحتماء بمنازل المدنيِّين.
- الانتباه إلى الأطفال ذوي الإعاقة: يُعدّ الأطفال أصحاب الإعاقة الجسديَّة والفكريَّة هم الأكثر عُرضةً، والأقل حماية من مخاطر العنف والاستغلال الجنسي في النِّزاعات و الحروب، لذا يوصى بمنحهم رعاية خاصَّة من قبل الأشخاص المُحيطين بهم.
- مُساعدة ضحايا العنف: من المهمّ أن يحرص المُجتمع على تقديم التأهيل، ومدّ يد المُساعدة للأطفال الذين تعرَّضوا للاستغلال الجنسي خلال الحروب والنزاعات، ومحاولة العبور بهم نحو التعافي الجسدي والنفسي، وذلك بالتعاون مع هيئات المجتمع المدني.
اقرأ أيضًا: العنف قد يكون صامتاً
توصيات مُنظَّمات رعاية الطفولة
تُشير توصيات المُنظَّمات الدوليَّة إلى أهميَّة توفير الدعم اللازم للفئات المُستضعفة خلال الحروب، ولا شك بأنَّ الأطفال واليافعين على رأس هذه الفئات، فالأطفال النازحين، واللاجئين، والمُهجَّرين، والأطفال الذين فقدوا ذويهم هم الأشدّ احتياجًا لخدمات منظَّمات المُجتمع المدني بكافة توجّهاتها، من أجل حمايتهم من أشكال العُنف الجنسي خلال الحرب.
كما يجدر كذلك بمنظَّمات المُجتمع المدني مُراعاة التحديث الدوري للبيانات الخاصَّة بها، والحرص على الكشف عن الأرقام الحقيقيَّة لحالات الاستغلال الجنسي للأطفال، إذ إنَّ هذه المُكاشفة المُستمرَّة من شأنها أن تلفت أنظار المُجتمع الدولي لهذه لظاهرة، وتقف حائط سدٍّ أمام الاستغلال الجنسي للأطفال خلال الحروب والنزاعات المُسلّحة.