الحبُّ في زمن السوشيال ميديا: كيف يختلف جيل Z عن الألفيَّة في نظرته للزواج؟

اقرأ في هذا المقال
  • الحبُّ في زمن السوشيال ميديا: كيف يختلف جيل Z عن الألفيَّة في نظرته للزواج؟
  • نشأة الجيلين ومفهوم مختلف بشأن الاستقرار
  • عوامل أثَّرت بقوَّة في نظرة جيل الألفيَّة وجيل Z تجاه الزواج
  • أيّهما يتمتَّع بنظرة صحيحة للعلاقات الزوجيَّة؛ جيل الألفيَّة، أم جيل Z؟ 

يُعدُّ جيلا الألفيَّة و Z من الأجيال الرقميَّة، ونعني بالرقميَّة نشأتهم التي تزامنت مع بداية التطوُّر التكنولوجي وظهور الإنترنت، ما جعلهم -في نظر الأجيال السابقة- الأكثر حظًّا؛ فقد توفَّرت لهم العديد من المزايا التي سهَّلت عليهم حياتهم، وجعلتها أكثر رفاهيَّة. لكن من زاوية أخرى، صادف صعود هذه الأجيال كثير من الأحداث والتغيُّرات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة الصعبة، الأمر الذي كان له أثره وانعكاسه على مناحي حياتهم المختلفة، وغيّر نظرتهم إلى كثير من الأمور، من بينها فكرة الزواج التي لم يكن لها مفهوم آخر على مرِّ الأجيال، سوى إنَّها ميثاق غليظ بين الرجل والمرأة، وأنَّ الأسرة هي لبنة المجتمع مهمَّا تبدَّل حاله. ومن هذا المنطلق، عزمنا أن نركِّز في حديثنا اليوم على مناقشة الفروقات الجوهريَّة “إختلاف جيل Z عن الألفيَّة في نظرته للزواج” ، ونسلِّط الضُّوء على أبرز العوامل التي ساهمت في تشكيل نظرة كل منهم للزواج، وأحدثت مثل هذه الفروقات.

نشأة الجيلين ومفهوم مختلف بشأن الاستقرار..

اختلف جيلا الألفيَّة و (Z) في التعبير عن مدى تقديرهم للزواج ومفهوم الاستقرار، ولعلَّ ذلك يرجع إلى بعض الفروقات التي طرأت على حياتهم في نشأتهم مقارنةً بأسلافهم، إذ ولد جيل الألفيَّة في بداية عصر الإنترنت -بين عامي 1981 و1996- والذي وصل إلى مرحلة البلوغ تزامنًا مع بدء انتشار الإنترنت بين العامَّة كأحد شبكات الاتِّصال المهمَّة في أواخر التسعينات تقريبًا، ومع انتشار الهواتف الذكيَّة وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح الإنترنت جزءًا لا يتجزَّأ من الحياة اليوميَّة لأبناء الألفيَّة، بل إنَّه تحوَّل إلى بنية تحتيَّة عالميَّة تؤثِّر على جميع جوانب الحياة. 

وكانت العائلات حينئذٍ في حالة من التحفُّظ والتحوُّط تجاه هذا الانفتاح المفاجئ، وبرغم الانفتاح، ظلَّ مفهوم الزواج وتكوين أسرة لديهم ومحتفظًا بقدسيّته متأثِّرًا بطريقة تربيتهم، وما ترسَّخ فيهم من مفاهيم الأجيال السابقة فيما يتعلَّق بفكرة تأسيس بيت وأسرة.

وهذا عكس ما حدث مع أجيال الألفينات وZ، والتي شهدت منذ نعومة أظفارها انفتاحًا غير مسبوق على العالم وعايشت عصرًا سريع التطوّر وسريع التغيُّر أيضًا، فكان مصير العلاقات بالنسبة لهم أكثر واقعيَّة ليتناسب مع سرعة تقلُّبات ومتطلّبات هذا العصر.. فيا ترى كيف كانت نظرتهم إلى الزواج؟ هذا ما نناقشه تفصيلًا في الفقرات القادمة.

جيل الألفيَّة، الأكثر تقديرًا للعاطفة في العلاقات الزوجيَّة

كما أشرنا سابقًا، قد تأثَّر جيل الألفيَّة قليلًا بعادات وتقاليد ومعتقدات الأجيال السابقة حول العلاقات الزوجيَّة، لذلك وُجد أنَّه يقدِّر الجانب العاطفي والرومانسيَّة في الزواج، ويحرص دائمًا على فعل ما بوسعه لصنع علاقة قويَّة تعتمد على الحبّ والتفاهم ومشاركة الأحلام والطموحات، واحترام استقلاليَّة الطرف الآخر، والمساواة في الحصول على الحقوق، وتبادل الواجبات.

جيل Z، يتمتَّع بنظرة أكثر عمليَّة وواقعيَّة بشأن الزواج

في الجهة الأخرى من المقارنة، ساهمت نشأة جيل Z في تكوينه نظرة أكثر عمليَّة وواقعيَّة تجاه الحياة الزوجيَّة، إذ شهدت ظروف نشأتهم هذه، الكثير من الأزمات الاقتصاديَّة، والحروب، والتغيُّرات المناخيَّة الحادَّة وغيرها.

ومن ثمَّ بدا جيل Z أكثر اهتمامًا بالعلاقة الزوجيَّة التي يمكنها أن تقف صامدة أمام هذه العوائق، فهم يهتمّون بإيجاد زوج أو زوجة على قدر كبير من المسؤوليَّة، ومدرك لقيمة الاستقرار المادي والعملي والنفسي في العلاقة الزوجيَّة.

وهو ما أكدَّته العديد من الدراسات التي أجريت حول متوسّط سنّ الزواج بين الجيلين، فقد أكَّدت معظم النتائج، أنَّ متوسّط سنّ الزواج لدى جيل Z أعلى بكثير مقارنة بجيل الألفيَّة، وذلك لانشغالهم بتحقيق الاستقرار المادّي، والتطوُّر المهني، قبل الإقدام على خطوة الزواج.

ولعلَّ إختلاف جيل Z عن الألفيَّة في نظرته للزواج و العلاقة الزوجيَّة لم يأتِ من فراغ، بل نجم عن تأثّرهما ببعض العوامل المحيطة بهم، والتي نشرحها تفصيلًا فيما هو آت.

عوامل أثَّرت بقوَّة في نظرة جيل الألفيَّة وجيل Z تجاه الزواج

تشمل أهمّ العوامل التي شكَّلت وجهات النظر المتباينة بين جيليّ الألفيَّة وZ عن العلاقة الزوجيَّة ما يلي:

  • انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكيَّة

ساهم انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وتطوّر الهواتف الذكيَّة المتسارع في تغيير نظرة الأجيال و إختلاف جيل Z عن الألفيَّة في نظرته للزواج ، فقد أصبح لدى جيل زد مفاهيم متعدِّدة عن العلاقة بالجنس الآخر غير الزواج أو الحبّ وغيرها، إضافة إلى أنَّ طبيعة الحياة الأكثر عمليَّة وواقعيَّة جعلتهم حريصين على تكوين علاقات تمكّنهم من تحقيق أحلامهم المهنيَّة والمادّيَّة دون النظر في فكرة الزواج نفسها كأحد سُبل الاستقرار النفسي والعاطفي، وهو ما تتيحه وسائل التواصل الاجتماعي بكل سهولة.

إقرأ ايضاً مقال : كيف تمنع وسائل التواصل الاجتماعي من تدمير زواجك؟

  • اختلاف الأولويَّات بين الجيلين

في الحقيقة، يعدُّ الأمان المادِّي والمهني هو الأولويَّة السائدة بين جيل Z، على عكس جيل الألفيَّة الذي عادةً ما أعطى الأولويَّة للدفء العائلي والاستقرار الأسري، وقد يُفسِّر ذلك نتائج بعض الإحصائيَّات التي أُجريت عن مدى إقبال الجيلين على خطوة تأخير الإنجاب في أوَّل الزواج، إذ وجد أنَّ جيل Z هو الأكثر إقبالًا على هذه الخطوة خوفًا من تعطُّل مستقبلهم المهني، وخطط أحلامهم التي بنوها سويًّا، وخوفًا حتى من استمراريَّة الزواج نفسه!

إقرأ ايضاً مقال : قرار تأجيل الإنجاب.. لماذا؟ ومن هو صاحب الحقّ في القرار؟ – منصة مودّة – Mawadda

  • التحدِّيات الاقتصاديَّة 

نظرًا إلى أنَّ التحدّيات الاقتصاديَّة التي واجهها جيل Z كانت أكثر حدَّة وتعقيدًا مقارنةً بجيل الألفيَّة، فقد عزف كثير منهم عن قرار الزواج بسبب صعوبة حصولهم على عمل أو مسكن، أو حتى صعوبة تحقيق الاكتفاء المادِّي، الذي يمكِّنه من إنشاء بيت سعيد وأسرة مستقرَّة ماديًّا ومعنويًّا.

  • التغيُّرات الاجتماعيَّة 

بالنسبة لجيل الألفيَّة، فقد كان للزوجة دور قوي في استقرار أسرتها نفسيًّا إلى جانب تقديمها بعض الإسهامات البسيطة لدعمها ماديًّا، وهو الحال الذي تبدَّل تمامًا بالنسبة لجيل Z، إذ زادت فرص عمل المرأة، وصارت أكثر فعاليَّة في دعم الأسرة ماديًّا، إن لم تكن عمودًا من أعمدة استقرارها المادِّي في بعض الحالات، ومن ثمَّ أصبح دورها لا يقلّ أهميَّة أبدًا عن دور الرجل في هذا الصدد، وذلك لما فرضته ظروف المعيشة الصعبة فصار كلا الزوجان يبذل قصارى جهده لتوفير متطلّبات الحياة اليوميَّة.

إقرأ ايضاً مقال : التغيُّرات الاجتماعيَّة وتأثيرها على العلاقات الحميميَّة بين الزوجين

  • الانفتاح على الثقافات الغربيَّة 

نظرًا إلى التطوُّر التكنولوجي، وما أتاحه من فرصة كبيرة سهَّلت فكرة الاطِّلاع على الثقافات الغربيَّة، فقد ظهر جيل Z أكثر تأثُّرًا وتأييدًا لأفكار هذه الثقافات، وقد انعكس ذلك على نظرته للعلاقات وتحديده للأولويَّات، فقد وجدوا أنَّه يمكنهم إعطاء أولويَّات لأشياء أخرى على العلاقة الحميمة والإنجاب مثل الدراسة والعمل. كما أيَّدوا الآراء التي لا تهتمّ بالزواج في سنٍّ مبكِّر، أو الزواج من العرق أو البلد نفسه.

بنهاية حديثنا عن العوامل التي أثَّرت في نظرة الجيلين -Z والألفيَّة- للزواج، وفكرة بناء الأسرة، قد يتبادر إلى ذهنك الآن بعض التساؤلات حول أيّهما أصح في تقديره للعلاقات؟، وهل سيندم جيل Z في المستقبل لنظرته الأكثر عمليَّة للأمور؟ أم أنَّ هذا هو التصرُّف المناسب مع ظروف الحياة المتغيِّرة؟ .. ونجيبك فيما يلي.

أيّهما يتمتَّع بنظرة صحيحة للعلاقات الزوجيَّة؛ جيل الألفيَّة، أم جيل Z؟ 

في الحقيقة لا يمكننا الحكم بالصواب أو الخطأ على نظرة كلا من الجيلين للحياة الزوجيَّة، ولا يمكننا القول أنَّ النظرة الأكثر عمليَّة للأمور سوف توقع أصحابها في ندم محقّق في المستقبل، وذلك لعدَّة أسباب:

  • اختلاف الظروف المجتمعيَّة والاقتصاديَّة التي يعيشها كل فرد في جيله، وبناءً عليها يحدِّد أولويّاته في الحياة عمومًا، وفي الزواج على وجه الخصوص.
  • اختلاف طبيعة الأفراد، فقد نجد أنَّ شخصين من جيل الألفيَّة، يُفضّل أحدهما الزواج في سنٍّ مبكِّر، بينما يرى الآخر، أنَّ تحقيق الاستقرار المادِّي أوّلًا هو الخيار الأفضل بالنسبة له.

ولذلك كل ما علينا فعله بشأن نظرة أجيالنا والأجيال السابقة إلى الحياة الزوجيَّة، هو احترام وجهة نظر كل جيل، ومحاولة تفهُّم أسبابه ودوافعه وراء ذلك، وتجنُّب الحكم المسبق على تجاربهم بالفشل، لمجرَّد عدم الاتِّفاق مع آرائهم ومعتقداتهم، ممّا قد يجعلنا نصل جميعًا إلى مستوى كبير من السلام النفسي، والرقيّ المجتمعي.

اظهر المزيد

اسراء سامي

إسراء سامي هي خبيرة في مجال صناعة المحتوى، حازت على درجة البكالوريوس في المجال الطبي. تتميز بخبرتها الواسعة في كتابة المحتوى العلمي والثقافي المتنوع. اهتمامها البارز ينصب في القضايا الصحية وشؤون المرأة، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية. تتقن كتابة مقالاتها باللغة العربية، مستندة إلى خلفيتها العلمية، بهدف تقديم معرفة قيمة وموثوقة للقراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى