هل تحدث الخيانة الزوجيَّة رغم الحبّ؟

نعم، تحدث. ومن المدهش أنَّ أحد الاستبيانات وضَّحت أنَّهُ 56% من الأزواج الذين اعترفوا بخيانة زوجاتهم، أقرُّوا بأنَّهم كانوا يعيشون حياة زوجيَّة سعيدة جدًّا، وأنَّهم يحملون الكثير من مشاعر الحبّ ناحية زوجاتهم. ممَّا يعني أنَّهُ حتى الزيجات السعيدة والمستقرَّة قد تكون عرضة لموجة عالية من موجات الخيانة الزوجيَّة، بدون سابق إنذار أو خلافات واضحة.

تختلف الأشكال والمراحل التي قد تعتبرها الزوجة خيانة زوجيَّة، بداية من محادثات الإنترنت العابرة، ووصولا للعلاقات الجنسيَّة الكاملة.

فما هي العوامل التي قد تقف وراء الخيانة الزوجيَّة رغم وجود مشاعر حبّ بين الزوجين؟ 

في أغلب حالات الخيانة تكون الأسباب الحقيقيَّة مرتبطة بعلاقة الزوج بنفسه، وليس بزوجته. مثل صحَّته النفسيَّة، أو مخاوفه أو عدم ثقته بنفسه، أو عدم وضوحه مع نفسه، وفي الأغلب تكون ردًّا على بعض صراعاته وأسئلته الداخليَّة. 

  • الملل الزوجي 

بعد فترة من استقرار الزواج وانخراط الزوجين في الروتين اليومي للعمل ورعاية الأطفال ومسؤوليَّاتهم، يحدث أن يشعر الزوج بالملل، والإحباط وعدم الرِّضا، وبوجود طاقة عاطفيَّة ورومانسيَّة غير موظَّفة بالشكل المرضي له. غالبا ما يكون هذا السبب هو واحد من أهمّ الأسباب التي تدفع الرجال للبحث عن مغامرة عاطفيَّة جديدة.

  • حبّ التحدِّي

عادة ما يميل الرجال للبحث عن تحدِّي جديد، لإثبات قدراته، ولشحن ثقته بنفسه، غالبًا ما ينهمك الرجل لسنوات في بداية حياته في إثبات نفسه مهنيًّا واجتماعيًّا وأسريًّا، بعد مرحلة استقرار في هذه النواحي قد يشعر الرجل ببعض الفراغ، ويبدأ في البحث عن مغامرة جديدة، أو تحدٍّ يستفزُّ ثقته بنفسه، وفي هذه الحالات قد يلجأون لعلاقة جديدة.

مقالات ذات صلة
  • عدم تأكيد الحدود

بعض الأشخاص يعانون صعوبات في تأكيد حدودهم، وإلزام الآخرين باحترامها، وهذه هي أحد الثغرات التي تبدأ منها الخيانات الزوجيَّة في النفاد. حتى في أكثر المجتمعات انفتاحًا، فإنَّ الحفاظ على الحدود في التعامل بين الجنسين هو أمر شديد الأهمِّيَّة للحفاظ على الأسر سواء من ناحية الرجل أو المرأة. 

  • أزمة منتصف العمر

ويطلق عليها midlife crisis  وهي فترة غالبًا ما يشعر خلالها الرجل بالرغبة في تجديد شبابه، والتمرُّد على تقدّمه في السن، والندم على المغامرات التي لم يخضها، والعلاقات التي لم يدخلها، ويحاول خلالها أن يثبت لنفسه أن باستطاعتها تجديد شبابه، وإثبات قدراته وتغذية المزيد من غروره وثقته بنفسه. 

  • الهروب

يحيط بالرجل المتزوج الكثير من المهامّ والمسؤوليَّات والأدوار، قد يتولَّد داخل الرجل بسبب هذه المتطلّبات شعور بالرَّغبة في الهروب والتخفُّف إلى علاقة أخرى، لا يكون فيها مسؤولًا ومطالبًا بعشرات المهامّ اليوميَّة، ولكن يكون محورها هو المتعة والراحة والاهتمام بالذات.

  • لأنَّ هناك فرصة

أحيانًا يبدأ الرجل الخيانة لأنه: لم لا؟ إذا توافرت له كل الفرص المناسبة والسهلة بدون مجهود، مثل أن تلحَّ عليه امرأة معجبة به، أو تطارده زميلة في العمل، أو تفرض عليه نفسها إحدى القريبات. إذا لم يكن الرجل على درجة كافية من الوعي والنضج والأخلاق، فإنَّ بإمكانه التمادي بسهولة في خيانة لم يسع إليها. 

كيف يمكن أن تحمِي زواجك من الخيانة الزوجيَّة؟

  • التواصل: يجب أن يحرص الزوجان على تخصيص وقت خاص لهما فقط بعيدًا عن أي عمل أو مسؤوليَّات مشتركة، وبدون وجود الأطفال. وقت مخصَّص فقط للتواصل العميق، وإشباع الجانب العاطفي والرومانسي عند كل منهما.
  • المصارحة: كلَّما زادت مساحة الحوار الصادق والصريح بين الزوجين، كلَّما استطاع كل منهما أن يجد مساحته الآمنة لدى الآخر، واستطاع التعبير عن مشاعره واحتياجاته ورغباته، دون الحاجة للكذب أو المواراة أو التجمُّل، أو اللجوء لفرصة أخرى للتعبير عن نفسه والتنفيس عن احتياجاته ورغباته بالذات فيما يخصّ العلاقة الجنسيَّة.
  • الحفاظ على الحدود: من المهمّ جدا أن يتمّ حوار صريح بين الزوجين عن الحدود المتوقَّع أن يضعها كل طرف منهما مع الجنس الآخر، وأن تكون هذه الحدود مقبولة لكليهما، وهما ملتزمان باحترامها. تجاوز هذه الحدود مع الجنس الآخر أو الوجود في دوائر لا تضع نفس القيود قد يفتح بابًا كبيرًا للمشكلات الزوجيَّة.
  • تجريب أشياء جديدة: ربما تبدو نصيحة تقليديَّة، ولكنها ذات تأثير إيجابي حقيقي، فخوض الزوجين معا لخبرات جديدة مهما كانت بسيطة وصغيرة يجدِّد من دماء العلاقة، وينعش الملل والركود اللذين يفرضا نفسهما بعد فترة زواج ممتلئة بالروتين.
  • عدم أخذ الزواج على أنَّه أمر مفروغ منه: الزواج علاقة تحتاج لمجهود واستثمار وبناء مهما طال عليها الأمد، في الوقت الذي يعتبر فيه أحد الزوجين أن وجود (زوجه/زوجته) مضمون، وأمر مفروغ منه، ويتوقَّف عن الاستثمار في هذه العلاقة، تزداد هشاشتها أمام صعوبات الحياة.

ماذا لو تعرّضت للخيانة الزوجيَّة؟

  • أنت لست السبب

لا بد أن تتأكَّدي تماماً أنَّ اختيار الزوج للخيانة هو خيار غير أخلاقي بالمرَّة. وهو الشخص المسيء في هذا الموقف. أنت لست السبب -حتى لو كان بينكما خلافات-  فلا تشعري بالذنب ولا تحمِّلي نفسك مسؤوليَّة أخطاء لم ترتكبيها. الزوج هو الشخص الذي يجب أن يشعر بالخجل والعار في هذا الموقف وليس أنت.

  • لا تتَّخذي قرارات أثناء الغضب 

من الأفضل دائمًا أن تتمهَّلي قبل اتّخاذ أي قرار محمَّل بالمشاعر. اعط نفسك فرصة للهدوء والتفكير والتأنِّي، قبل أن تتَّخذي أي قرار سواء كان بالطلاق أو الانفصال أو المسامحة. وادرسي جيّدًا العواقب المترتِّبة على كل قرار ممكن. وفي كل الحالات لا توجد إجابة نموذجيَّة ولا موقف مثالي في الخيانة. لكل أسرة ظروفها، ولكل زوجين تفاصيل علاقتهما الخاصَّة جدا، التي لا يستطيع غيرهما تقييمها والقرار بشأنها.

  • الصبر والاهتمام بوقت كافي للتعافي 

تبدأ الجروح كبيرة، ثمَّ تأخذ في التعافي مع الوقت. فالخيانة التي قد تبدو لك جرحًا لن يندمل أبدا. هي موقف صحيح أنَّه شديد الصعوبة والقسوة على أي امرأة، ولكن من المؤكَّد أنَّ الوقت قادر على علاج كل الجروح. 

  • استشارة متخصِّص

اللجوء لمتخصِّص علاقات زوجيَّة هو واحد من أهمّ الخطوات التي تساعد الزوجين في إعادة بناء العلاقة والثقة. والتعرُّف على مشاعرهما، والوصول لقرار مناسب ومرضي لكل منهما.

هل يمكن نجاة الزواج بعد الخيانة الزوجيَّة؟ 

الزواج علاقة شديدة التعقيد. فلا توجد إجابة واحدة نموذجيَّة على هذا السؤال. الزوجان وحدهما يستطيعان أن يقيِّما وضع علاقتهما بعد تعرضهما لمثل هذه الخبرة القاسية. تختار نسبة كبيرة من الزوجات الاستمرار  في الزواج بعد تعرّضها للخيانة، لأسباب ماديَّة واجتماعيَّة مختلفة. من بينها ضمان مصدر للدخل، أو استقرار الأسرة والأبناء، أو غيرها من الأسباب.

ولكن أهمّ ثلاث نصائح يمكن تقديمها في هذا السياق هي:

  • عدم التسرُّع في اتِّخاذ القرار.
  • اللجوء لمتخصِّص نفسي لتقديم الاستشارة والمساعدة.
  • العمل على إعادة بناء الثقة من جديد بين الطرفين.

الانكسارات والخذلان واردة الحدوث في كلَّ تجارب الحياة. ولكن أحيانا تكون التجربة صلبة وتحتمل التغافل والتسامح والنسيان، وأحيانا تكون شديدة الهشاشة. فلا نملك إلا وداعها والبدء من جديد، ولكنَّها في كلِّ الحالات مجرَّد محطَّة في الحياة، ستمرّ ببعض الصبر والأمل.

اظهر المزيد

أية خالد

إخصائية نفسية حاصلة ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وعلى الماجستير في علم النفس الإكلينيكي، وكاتبة محتوى مهتمة برفع الوعي بالصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى