ادِّعاء المتعة والوصول إلى الرعشة الجنسيَّة.. هل هو خداع أم إنقاذ للحياة الزوجيَّة؟

تُشير الدراسات إلى أنَّ نسبة كبيرة من الزوجات يدَّعين الوصول إلى النشوة الجنسيَّة أثناء ممارسة العلاقة الزوجيَّة، وأنَّ نسبة كبيرة منهن لا تصل إلى الرعشة فعليًّا خلال العلاقة. ولكن فيما يبدو، هناك اتِّفاق ضمني بين عدد كبير من الزوجات، أو وصيَّة ما توارثتها الأجيال، تمنع المرأة من أن تُحبط زوجها أو تَجرح رجولته بعدم اكتمال نشوتها، لذا تقوم نسبة هائلة من الزوجات تقدَّر بـ 51.8% وفقًا لدراسة حديثة، بادِّعاء الوصول إلى الرَّعشة الجنسيَّة أثناء العلاقة.

الأسباب وراء ادِّعاء الوصول إلى النشوة الجنسيَّة خلال العلاقة الزوجيَّة

  1. الحرص على مراعاة مشاعر الزوج وعدم إحباطه: يُعدُّ هذا هو السبب الرئيس لادِّعاء بعض الزوجات الرعشة الجنسيَّة، حيث أشارت إحدى الدراسات إلى أنَّ 57% من الزوجات يردن أن يشعر أزواجهن بالكفاءة والنجاح في العلاقة الزوجيَّة، وأنَّهن لا يُفضِّلن أن يَكن سببًا إضافيًّا لإحباط الزوج مع ضغوط الحياة اليوميَّة، فيُفضِّلن تمثيل اكتمال النشوة على أن يَكُنَّ سببًا في مزيد من الإحساس بالفشل لدى الزوج.
  2. الشعور بالتَّعب والرغبة في إنهاء العلاقة، خاصَّةً إذا لم تَكن الزوجة مُتورِّطة عاطفيًّا بما يكفي، أو غير مُستمتعة في وقت العلاقة، ولم تكن جسديًّا ونفسيًّا مُستعدَّة للعلاقة بشكل كافٍ. وعبَّرت عن هذا السبب نسبة حوالي 44.6% من السيِّدات اللواتي ادّعين النشوة أثناء العلاقة.
  3. عدم القدرة على الوصول إلى النشوة الجنسيَّة نتيجة لعدم التعرُّف على الجسم واحتياجاته، وهذا السبب تُقدَّر نسبته بـ 33.4% من الزوجات اللاتي يدعين الوصول إلى الرعشة. حيث عَبَّرن عن حُبِّهن لأزواجهن واستمتاعهن في العلاقة الزوجيَّة بشكل عام، ولكنَّهن غير قادرات على الوصول إلى الرعشة في كل مرَّة باختلاف الأسباب. ولكنَّهن يُردن أن يُرسلن لأزواجهن رسالة حبّ وتأكيد على المتعة والرغبة بهذه الطريقة بدلاً من أن تصله رسالة عكسيَّة.
  4. الخوف من الوصم أو الاتِّهام بالبرود الجنسي، خاصَّة في العلاقات التي يكون فيها التواصل ضعيفًا بين الزوجين، أو لدى كليهما درجة ضعيفة من الثقافة والتعلُّم الجنسي، وبالتالي فإنَّه من السهل أن يتَّهم الزوج زوجته بالبرود الجنسي بينما لا يعرف كلاهما السبب وراء عدم وصولها إلى الرعشة الجنسيَّة، والأمر عادةً ما يرجع للجهل الجنسي.
  5. المعاناة من الضغوط النفسيَّة وعدم القدرة على الوصول إلى الرعشة الحقيقيَّة نتيجة لانشغال الذهن بالكثير من الأمور الروتينيَّة والأعباء والمسؤوليَّات اليوميَّة.
  6. ضعف التواصل بين الزوجين وعدم قدرتهما على تطوير لغة مشتركة للتفاهم حول رغبات كل منهما.
  7. الحفاظ على الهدوء والاستقرار الأسري من خلال تجنُّب موضوعات جديدة للخلافات والمشكلات.

ما هي التأثيرات الناتجة عن ادِّعاء الوصول إلى الرعشة الجنسيَّة؟

تُشير بعض الكتابات إلى أنه هناك بعض المزايا والمكاسب المُؤقَّتة التي قد يجنيها الزوجان من ادِّعاء الزوجة الوصول إلى الرعشة الجنسيَّة، إلا أنَّه لا بد من الأخذ في الاعتبار ما يتركه الأمر من تأثيرات سلبيَّة على المدى الطويل، سواء من تأثير نفسي، أو تأثير على جودة العلاقة وروابط الثقة وجودة التواصل بين الزوجين.

أمَّا التأثيرات الإيجابيَّة التي يَجنيها الزوجان -مع التركيز على كونها فوائد قصيرة المدى-:

  • الحفاظ على مشاعر الزوج من الإحباط خاصَّةً اذا كان وضع استثنائي يتطلّبه سياق معين، وليس تقليدًا أو عادة في العلاقة، لأنَّ هذا من شأنه أنه يُقلِّل من قيمة العلاقة ودورها، ويؤثِّر عليها بشكل سلبي على المدى الطويل.
  • وأيضا يفيد في الانتهاء من الوضع المُزعج بشكل مؤقَّت، إذا كان هناك وضع ما ضاغط أو مؤلم أو غيره بأقل قدر من الإحراج للطرفين.

أمَّا التأثيرت السلبيَّة لهذا الأمر فيظهر تأثيرها على المدى الطويل، ومنها: 

  • زيادة الفجوة في التواصل: حيث إنَّ تَجاهل المشكلات وعدم مواجهتها وحلّها بشكل يضمن الصراحة والوضوح، وإيجاد الحلول المُريحة والمُناسبة للطرفين، يزيد من الفجوة بينهما.
  • تحوُّل العلاقة مع الوقت إلى عِبء على الزوجة، لا تحمل مُتعة أو سعادة حقيقيَّة، وإنَّما مجرَّد محاولة لإرضاء الزوج.
  • فقدان الثقة: نتيجة الكذب والتمثيل وعدم الصدق بين الزوجين تَتزعزع الثقة بينهما، وهي أحد أهم محاور العلاقة الزوجيَّة.
  • التمادي والتعوُّد على التمثيل والمبالغة في الادِّعاء تضطر الزوجة في كل مرَّة لإعادة المشهد خوفًا من إحباط الزوج أو توتُّر العلاقة الزوجيَّة وزيادة المشكلات، فتُصبح دائرة لا نهائيَّة من الابتعاد عن التواصل العميق الصادق، والبحث عن سبل لتوطيد علاقة حقيقيَّة وبنّاءه يعبِّر فيها كلا الزوجين عن احتياجاته وتحقيق أمنياته مع الآخر.
  • عدم الرِّضا الزوجي: حيث يلعب الرِّضا الجنسي وتحقيق السعادة أثناء العلاقة الزوجيَّة وزنًا  كبيرًا في تحقيق الرّضا والسعادة بين الزوجين.
  • تضييع فرص السَّعادة الزوجيَّة: لأنَّه هناك دائمًا فرصة لحلِّ المشكلات والتغلُّب عليها، أمَّا محاولة التحايل على المشكلات دون محاولة إيجاد حلول حقيقيَّة من شأنه أن يضيع على كلا الزوجين فرصة لاستكشاف أنفسهما وطرق أبواب السعادة الحقيقيَّة في العلاقة.

كيف يُمكن تجنُّب ادِّعاء الرَّعشة الجنسيَّة أو الاضطرار لها؟

  1. فهم الأسباب ومُصارحة النفس: ما هو السبب الحقيقي والدافع وراء تكرار هذا التصرُّف؟ وكيف يمكن التغلُّب عليه؟ وهل هو سبب يمكن أن تقوم الزوجة وحدها بتجاوزه أم أنَّ الأمر يحتاج للتواصل والحديث بين الزوجين؟ كلُّها أسئلة يجب أن تطرحها الزوجة على نفسها وتُجيبها بصراحة، حتَّى تتمكَّن من الوقوف على أوَّل أسباب الحل وإضفاء مزيد من الشفافيَّة والصدق والصراحة في العلاقة.
  1. تحسين التواصل بين الزوجين: تشير الدراسات التي تناولت هذا الأمر إلى أنَّ عددًا كبيرًا من الزوجات عبَّرن عن احتياجهن للحديث الصريح مع أزواجهن حول احتياجاتهن الجنسيَّة الحقيقيَّة، ولكن هناك دائمًا سبب يَحول دون هذا الحديث الصادق مثل:
  • اعتبار الحديث عن الجنس تابوه وعيب، حتى بين الزوجين.
  • الشعور بالحياء والخوف من عدم التفهُّم والتقدير الصحيح للموقف.
  • الخوف من إحباط الزوج وإشعاره بالتقصير أو عدم الكفاية أو الكفاءة في العلاقة.

وغيرها من العوامل التي يتجنَّب بسببها الزوجان الحديث الصريح والشفَّاف عن الاحتياجات الجنسيَّة لكلٍّ منهما.

  1. محاولة فهم المرأة لجسمها، وطبيعته واختلافها عن غيرها، ومشاركتها لزوجها في رحلة التَعرُّف على نفسها، وتعليمه ما يُسعدها وما تَتوقّعه منه أثناء العلاقة، مثل التمهيد لوقتٍ كافٍ، أو اختيار الوقت المناسب، أو الاستمتاع بطريقة معيَّنة، وغيرها ممَّا يدور في ذهن الزوجة وقد لا يدركه الزوج بمفرده.
  2. تقبُّل وتفهُّم اختلاف المرأة عن الرجل في مراحل الدورة الجنسيَّة بدءًا من الإثارة الجنسيَّة ووصولا إلى النشوة الجنسيَّة، فهي رحلة يختلفان فيها بعضهما عن بعض نتيجة للعشرات من العوامل مثل الهرمونات واختلاف الجهاز الجنسيّ والتناسليّ لكلٍ منهما وغيرها من العوامل.
  3. تحديد مشكلات العلاقة الزوجيَّة وما إذا كان لها تأثير على ممارسة الجنس بشكل ما. إذ غالبا ما تترك مشكلات الحياة اليوميَّة تأثيراتها على العلاقة الزوجيَّة إذا تمَّ تجاهلها ولم تتم مناقشتها ومحاولة حلّها أوَّلًا بأوَّل، فتترك تأثيراتها على العلاقة الحميميَّة، حتى ولو كان بدون وعي من الزوجين.
  4. الصبر والتفهُّم: تَفهُّم أنَّ العلاقة الزوجيَّة نفسها تمرُّ بفترات ومُنحنيات مُختلفة وِفقًا لعشرات العوامل الجسديَّة والهرمونيَّة والنفسيَّة والذهنيَّة، لذا من الطبيعي أن يختلف آداء الزوج وحتى استجابة الزوجة في كل مرَّة عن غيرها، فلا يوجد ما يمنع أن تكون هناك مرَّات أقل متعة وأقل كفاءة، وهو أمر عادي ويجب أن يكون مقبولاً لدى كلا الزوجين لكي يَرفع عنهما حَرج توقُّع العلاقة المثاليَّة في كل مرَّة، وتَكلُّف ادِّعائها.
  5. استشارة متخصِّص زواج: إذا كانت هناك فجوة حقيقيَّة في التواصل الجنسي بين الزوجين، ويجد كل منهما مشكلة في إرضاء الآخر وموافقة توقُّعاته، فلا بأس أبدًا من زيارة متخصِّص نفسي للاستشارات الزوجيَّة، وطلب المُساعدة والتعلُّم. إذ كثيرًا ما يكون الجهل الجنسيّ وعدم التعلُّم الكافي عن العلاقة سببًا في نقص الأدوات وضعف التواصل بين الزوجين، وهو ما يساعدهما الاستشاري في تعلُّمه وفهمه، كما يُساعد الزوجين في تعلُّم آليَّات أكثر فعاليَّة في التواصل وحلّ المشكلات.
اظهر المزيد

أية خالد

إخصائية نفسية حاصلة ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وعلى الماجستير في علم النفس الإكلينيكي، وكاتبة محتوى مهتمة برفع الوعي بالصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى