الحياة الجنسية لذوي الاعاقة
- ذوو الإعاقات والاحتياجات الخاصَّة
- فئات ذوي الاحتياجات الخاصَّة
- الحياة الجنسيَّة لذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصَّة
- حقوق ذوي الاحتياجات الخاصَّة
ذوو الإعاقات والاحتياجات الخاصَّة
مفهوم الإعاقة أو العجز يتمثَّل في كونه قصورًا كليًّا أو جزئيًّا بشكل دائم أو مؤقَّت، ويأتي هذا القصور على شكل اعتلال أو خللٍ عضوي، أو محدوديَّة في النشاط ووجود قيود تمنع المريض من إنجاز مَهامه والاندماج مع الآخرين لتحقيق تفاعل مجتمعي صحِّي.
تعبير “ذوو الاحتياجات الخاصَّة أو ذوو الإعاقات” يُطلَق على فئة من المجتمع والتي يختلف أفرادها اختلافًا ملحوظا عن الأفراد الطبيعيين، الاختلافات هنا ناتجة عن أمراض عقليَّة أو وراثيَّة أو جسديَّة، ومثال على ذلك؛ الصرع أو متلازمة داون، والتي تحدُّ من قدرة المصابين بها على ممارسة النشاطات الأساسيَّة والشخصيَّة والمجتمعيَّة، وذلك يؤثِّرُ سلبًا على تلبية احتياجاتهم الطبيعيَّة، وإكمال تعليمهم بالطرق السليمة.
التعبير بحدّ ذاته يُمكن أن يحمل وصمة أو قالبًا نمطيًّا متحيّزًا ضدّ هذه الفئة، وهذا ما يجب أن يبتعد عنه أفراد المجتمع في التعامل معهم بغضّ النظر عن اختلاف الدرجة العلميَّة أو الثقافيَّة وذلك لتجنّب زيادة معاناتهم وعزلتهم، ولأجل ذلك تسعى الدول المتحضِّرة في التعامل معهم بشكلٍ سليم في البيئات المختلفة، فمثلًا الفرد الذي يعاني من شللٍ في الطرف السفلي ويجد صعوبة في التحرّك والوصول للأماكن، يتمُّ تخصيص مقعد خاصّ به في وسائل النقل، ومكان خاص للاصطفاف.
إنَّ تطوّر الوعي لدى العقل الجمعي في التعامل مع هذه الفئة هو مفتاح اندماجهم مع المجتمع مهما كانت درجة الإعاقة، ففي المجتمعات القديمة عانى ذوو الإعاقات من النبذ والإهمال الشديدين، حيث كانوا يُمنعون من الطعام أو يُقتلون وهم صغار، لكن مع ظهور الدراسات الإنسانيَّة في الجامعات ومؤسَّسات التثقيف المجتمعي في العصر الحديث تغيَّرت النظرة تمامًا، حيث انطلقت غالبيَّة الدراسات الحديثة من تخصُّصات علم النفس وعلم الاجتماع والطبّ النفسي لتُعزِّز قيمة الإنسان مهما بلغت إعاقته، ولتساعده من خلال تثقيف المجتمع المحيط به على تفهُّم ما يعاني منه، وكيف يتمّ تقديم الدعم له لتحسين وتيرة حياته في إنجاز أهدافه وتطلُّعاته.
فئات ذوي الاحتياجات الخاصَّة
يمكن تقسيم أصحاب الإعاقات والاحتياجات الخاصَّة إلى ثلاث فئات رئيسة وهي؛ فئة الإعاقات العقليَّة، فئة الإعاقات السمعيَّة، فئة الإعاقات البصريَّة، فئة الإعاقات الانفعاليَّة، فئة الإعاقات الحركيَّة، فئة صعوبات التعلُّم، فئة اضطرابات التواصل والتفاعل مع الآخرين، فئة اضطرابات طيف التوحُّد، فئة الإعاقات الصحِّيَّة، فئة الإعاقات الحسِّيَّة، بالإضافة إلى فئة أصحاب الإعاقة المتعدِّدة، وسيتمُّ إعطاء نبذة بسيطة عن كل فئة على النحو الآتي:
– فئة الإعاقات العقليَّة: تضمُّ هذه الفئة الأشخاص غير القادرين على تعلُّم المهارات الأساسيَّة الأكاديميَّة مثل: القراءة والكتابة، وبقدرات عقليَّة محدودة، وبالتالي العجز عن أداء الأنشطة الطبيعيَّة.
– فئة الإعاقات الانفعاليَّة: تعاني هذه الفئة من سلوكيَّات سلبيَّة وضارّة أحيانًا على صعيد التحصيل الأكاديمي، بالإضافة إلى صعوبات في الاندماج مع المجتمع وإقامة علاقات صحيَّة مع الأقران، وغالبًا ما يقترن ذلك بمزاجٍ عامّ سيِّء، وعدم توازن في المشاعر العاطفيَّة والانفعالات.
– فئة الإعاقات السمعيَّة: وهم الذين يعانون من ضعفٍ في الجهاز السمعي يحول دون قيامه بوظائفه.
– فئة الإعاقات الحركيَّة: هم الذين يعانون من خللٍ عامّ في القدرة على أداء الأنشطة الحركيَّة، وهذا بدوره يؤثِّر سلبًا على النموّ الاجتماعي والعقلي لديهم.
– فئة اضطرابات التواصل والتفاعل مع الآخرين: تشمل هذه الفئة أصحاب اضطرابات اللغة، وتتمثَّل أبرز الأعراض لديهم في ضعف القدرة على التعبير عن أفكارهم بعبارات وجُمَل سليمة ومفهومة.
– فئة صعوبات التعلُّم: تتمثَّل في وجود اضطرابات في العمليات الفكريَّة في الدماغ والتي تتداخل مع فهم واستعمال اللغة، ومن الأمثلة على ذلك اضطرابات التحدُّث.
– فئة اضطراب طيف التوحُّد: وهي الفئة المصابة باضطرابات في النموّ، والتي تؤثِّر على حياتهم وطريقة كلامهم وتفاعلهم مع المجتمع من حولهم.
– فئة الإعاقات الصحِّيَّة: تشمل هذه الفئة الأشخاص الذين يعانون من أيِّ خللٍ في وظيفةٍ جسديَّة معيَّنة تُؤثِّر على كامل الجسم وليس على جزءٍ منه فقط.
– فئة الإعاقات الحسِّيَّة: يعاني أصحاب هذه الفئة من مشاكل عامَّة في العمليَّات السمعيَّة والبصريَّة على مستوى الجهاز العصبي.
– فئة الإعاقات البصريَّة: وتضمّ المكفوفين؛ وهم الفاقدون لبصرهم تمامًا ويستخدمون لغة بريل في التعلُّم والتواصل.
– فئة أصحاب الإعاقات المتعدِّدة: أصحاب هذه الفئة يكونون مصابين بأكثر من اضطراب أو إعاقة على مستوى الوظيفة السمعيَّة والوظيفة البصريَّة، بالإضافة إلى مشاكل مرضيَّة في بقيَّة الجسم .
الحياة الجنسيَّة لذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصَّة
يمثّل الجنس والحياة الجنسيَّة بشكلٍ عامّ تحدِّيًا للكثير من الناس التي لا تعاني من أيّة إعاقة، وتزداد وتيرة هذا التحدّي عندما يتعلَّق الأمر بالحياة الجنسيَّة لدى أصحاب الإعاقات والاحتياجات الخاصَّة، حيث يعتقد الكثيرون أنَّ أصحاب الإعاقات العقليَّة مثلًا، حتَّى لو أصبحوا في عمر 18 عامًا، إلّا أنَّ عمرهم الإدراكي يكون 7 أو 8 سنوات فقط، وبالتالي فالتثقيف الجنسي المتقدِّم غير ضروري لهم، ويكفي فقط الإشارة إلى بعض المعلومات الجنسيَّة عن أسماء أعضائهم الجنسيَّة، وبعض النصائح والتحذيرات كي يتجنَّبوا محاولات التحرُّش والاعتداءات الجنسيَّة، أمَّا التثقيف الجنسي على صعيد إعدادهم للقيام بعلاقة جنسيَّة زوجيَّة كاملة، فهذا لا يتناسب مع عمرهم العقلي حتى لو كان عمرهم الجسدي ثلاثة أضعاف عمرهم العقلي، وهذه هي أكبر كارثة نفسيَّة يُمكن أن تُرتكَب بحقِّ أصحاب الإعاقات والاحتياجات الخاصَّة على صعيد حياتهم الجنسيَّة.
إنَّ الاعتقاد أنَّ هذه الفئة لا تحتاج إلى أيّة توعيَة وتثقيف على الصعيد الجنسي هو اعتقاد خاطئ، حيث إنَّ أصحاب الإعاقات والاحتياجات الخاصَّة معرضون بشكل أكبر للدخول بعلاقات عاطفيَّة سامَّة وذات عواقب سلبيَّة، ولذلك يجدر التنويه أنَّه لا علاقة للعمر العقلي بالعمر البيولوجي والجنسي لجسم الإنسان، حيث إنَّ الإعاقة لا تُلغي التطوّر الهرموني الحاصل في الجسم مع التقدّم في العمر.
تحدث التغيرات الهرمونيَّة على المستوى البيولوجي بغض النظر عن القدرات المعرفيَّة للشخص، والتحدِّي هنا يتمثَّل في تطبيق التربية الجنسيَّة اللازمة لتتناسب مع المستوى المعرفي للبالغين أصحاب الإعاقات، وفيما يأتي بعض الخطوات التي يمكن أن تكون مفيدة في تحسين آليَّات التثقيف الجنسي للبالغين الذين يعانون من إعاقات في النمو:
– المشاركة الفاعلة في التثقيف الجنسي: يحتاج الأشخاص الذين يعانون من إعاقات في النموّ إلى أن يتمّ تمثيلهم كجزء من التثقيف الجنسي، لذلك ينبغي إشراك الأشخاص الذين يعانون من أي نوع من الإعاقة في عمليَّة التثقيف لتطوير مهارات اتخاذ القرارات المتعلِّقة بأجسادهم وعدم الاعتماد على التلقين، فينبغي أن تشمل دورات التوعية تفعيل دورهم في التعبير عن أسئلتهم ومشاعرهم ونقاط ضعفهم والاشتغال عليها ضمن مجموعات، لكي يتمّ -قدر الإمكان- تجنُّب أي نوع من الإشارة إلى أنَّ الإعاقة تعني نهاية فرصهم في تكوين علاقة حميميَّة سليمة وصحيَّة.
– التوعية وإعادة ضبط المفاهيم: تحتاج هذه الفئة إلى إعادة صياغة المفاهيم المغلوطة لديهم عن الحياة الجنسيَّة للإنسان، حيث إنَّ المفاهيم الجديدة والصحيَّة ستؤثِّر إيجابًا على نظرتهم لأنفسهم وللزوج/الزوجة وللمجتمع، وبالتالي ستقلُّ لديهم المخاوف المتعلِّقة بإقامة حياة زوجيَّة جنسيَّة سليمة، وعلاقة حميميَّة جيِّدة.
– التعرُّف على القواسم المشتركة: ينبغي الاستماع للبالغين أصحاب الإعاقات والاحتياجات الخاصَّة، وخصوصًا الذين تتعلَّق إعاقاتهم بالنموّ الدماغي، حيث إنَّ إعطاءهم فرصة في الحديث عن المواقف والرسائل التي يتعرَّضون لها يوميًّا حول النشاط الجنسي سيخلق بيئة مريحة للتوعية، وزيادة وتيرة التفاهم من خلال استكشاف القواسم المشتركة بين بعضهم البعض، وهذا سيختصر الكثير من الجُهد على مدرِّب الرعاية الصحيَّة والتوعية الجنسيَّة الذي يُدير الدورة أو الجلسة في إيصال الجرعات التوعويَّة المدروسة للجميع.
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصَّة
تشمل حقوق ذوي الإعاقات والاحتياجات الخاصَّة؛ الرعاية الصحيَّة، والخدمات العلاجيَّة التي تضمّ الدوائيَّة منها والجراحيَّة والتأهيليَّة حسب نوع الإعاقة، وذلك ليتمكَّن من إدارة أعراض أيَّة إعاقة لديه ويتعايش معها بأفضل طريقة، ليستطيع أن يكون فردًا فاعلًا بالمجتمع، وقادرًا على القيام بالمهامّ اليوميَّة والأنشطة المختلفة والاندماج مع الآخرين وتكوين علاقات اجتماعيَّة صحيَّة، بالإضافة إلى ذلك هنالك جُملة من الحقوق على أكثر من صعيد، سيتمُّ الإشارة إليها على النحو الآتي:
– توفير البيئة المناسبة والمؤهّلة وذلك في المدرسة والجامعة والعمل وبيئات النشاطات الاجتماعيَّة وغيرها.
– توفير الأمن والحماية من الأفراد غير الواعين، المخرِّبين والمتنمِّرين.
– توفير المناهج الأكاديميَّة بلغة بريل أو أيَّة طريقة تساعدهم في العمليَّة التعليميَّة.
– تهيئة الطرق والمواصلات المناسبة لهم.
– الحفاظ على حقّهم في العمل واختيار الوظيفة التي تتناسب وقدراتهم وتحصيلهم الأكاديمي بناءً على التنافسيَّة مع الآخرين الذين ليس لديهم أيَّة إعاقة.
__________________
*المراجع التي تمَّ الاعتماد عليها في إثراء المقال مُستمدَّة بشكلٍ رئيس من المواقع الطبيَّة والعلميَّة الآتية:
www.kennedykrieger.org “Sexuality and Adults with Developmental Disabilities”
www.apa.org “Sex and intellectual disabilities”
www.cdc.gov “Disability and Health Information for People with Disabilities”
specialneedsplanning.net “What Does it Mean to be a Person with Special Needs?”
www.webmd.com “Intellectual Disability”
www.verywellfamily.com “What to Say Instead of “Special Needs