الحياة الجنسيَّة لدى مريض اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع

اقرأ في هذا المقال
  • ما هو اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع؟
  • هل هناك أسباب واضحة لاضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع؟
  • الأعراض التي تظهر على مرضى اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع
  • الحياة الجنسيَّة لمريض اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع
  • هل هناك علاج لاضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع ؟

تعتبر الحياة الجنسية لدى مرضى اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع موضوعًا معقدًا يتطلب فهمًا عميقًا. حيث يتميز هؤلاء الأفراد بسلوكيات متكررة تشمل عدم الاكتراث لمشاعر الآخرين والتلاعب، مما يؤثر بشكل كبير على علاقاتهم الجنسيَّة. في هذا المقال، سنستكشف تأثير اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع على حياتهم الجنسيَّة وكيف يمكن التعامل مع هذا التحدي النفسي.

ما هو اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع؟

هو اضطراب نفسي يتمثَّل في نمط سلوكي متكرِّر للفرد، يُعبِّر من خلاله عن عدم الاكتراث بالآخرين وبمشاعرهم أو/ وأذيّتهم، ويُمكن أن يصل لحدّ الخروج عن تقاليد المجتمع، والخروج عن القانون أيضًا.

يُظهِر مريض هذا الاضطراب سلوكًا معاديًا تجاه المجتمع، ويفتقر المريض أيضًا، لأيَّة مشاعر لها صلة بالندم أو الشعور بالذنب نتيجة الأفعال التي يقوم بها والتي من الممكن أن تتسبَّب بأذيَّة الآخر.

يُظهِر مرضى هذا الاضطراب أيضًا سلوكيَّات سيِّئة مرافقة لعدم الاكتراث لمشاعر الآخرين ووجودهم، وذلك من مثيلات الكذب المستمرّ والخداع والتلاعب، بالإضافة إلى تجاهل ضوابط المجتمع مهما كان مصدرها، ديني أو قانوني أو أعراف وتقاليد، بالإضافة إلى انعدام التأثّر الوجداني أو العاطفي جرّاء أي سلوك سلبي يمارسونه تجاه الآخر.

هل هناك أسباب واضحة لاضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع؟

تمَّت الإشارة في مقالات فائتة أنَّ هذا النوع من الاضطرابات ليس لها أسباب مباشرة، حيث إنَّ غالبيَّة الدراسات تحاول حصر مجموعة من العوامل التي تزيد من خطورة الإصابة بهذا الاضطراب. وهي على النحو الآتي:

مقالات ذات صلة
  • الجينات والعوامل الوراثيَّة: وذلك يعني أنَّ الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بالاضطرابات النفسيَّة، تزداد لديهم خطورة الإصابة بهذا الاضطراب.
  • البيئة المحيطة بالفرد: وذلك يتمثَّل في البيئة التي تَشكّلَ فيها وعي الفرد ونما وكَبر فيها، حيث إنَّ السلوكيَّات السلبيَّة التي تحصل في مرحلة الطفولة مثل حالات التعنيف والإهمال، يُمكن أن تصنع فردًا لديهم قابليَّة للإصابة بمثل هذا النوع من الاضطرابات النفسيَّة واضطرابات غيرها، خصوصًا في حالات الإساءات الجسديَّة والجنسيَّة.
  • العوامل الاجتماعيَّة: تتمثَّل هذه العوامل في الوضع المعيشي للبيئة التي يعيش فيها الفرد، حيث إنَّ الفقر والبطالة والعوز وبؤس الحياة الاجتماعيَّة كلَّها عوامل تزيد من خطورة الإصابة بهذا النوع من الاضطرابات.

الأعراض التي تظهر على مرضى اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع

سيتمّ فيما يأتي ذكر نبذة عن أهمّ الأعراض التي يُظهرها مرضى اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع، لكن يجدر التنويه أولًا إلى أنَّ هذه الأعراض لا تظهر بشكل منفرد، بل تظهر على شكل نمط سلوكي متكرِّر ومستمرّ يُؤثِّر على علاقات المريض الاجتماعيَّة ككل، أي أنَّ الأعراض لا تظهر كنوبة آنيَّة أو مدَّة معيَّنة وتذهب، بل تنطبع على شخصيَّة المريض طيلة الوقت. ومن هذه الأعراض:

  • التعدّي على خصوصيَّة الآخرين: وذلك يشمل محاولات الاحتيال على الآخرين والتلاعب بهم بغرض السرقة مثلًا، ويُمكن أن يظهر ذلك أيضًا على شكل سلوكيَّات استغلاليَّة وابتزازيَّة.
  • انعدام التعاطف مع الآخرين: وذلك يتمثَّل في كون المريض لديه برود عاطفي ليس تجاه (زوجه/زوجته) -إن وُجِد- فقط، بل تجاه أيَّة قيمة عاطفيَّة إنسانيَّة، أو تجاه أي فرد في المجتمع، أو أي فعل سيِّء يُمكن أن يقوم به.
  • افتقاد الشعور بالذنب أو الندم: وذلك كونهم ماهرين في تبرير سلوكيَّاتهم المؤذية، وجعل الآخرين شمَّاعة لها، كي يتجنَّبوا تأنيب الضمير والشعور بالذنب.
  • التلاعب والخداع: وذلك يتمثَّل في استخدامهم الكذب بشكل مستمرّ، لتحقيق أهدافهم في التلاعب بالآخرين وخداعهم.
  • انعدام الانضباط السلوكي والأخلاقي: وذلك يتمثَّل في تجاهلهم أيَّة قوانين وقيم والضوابط العرفيَّة للمجتمع، فهم يميلون للتصرُّف وفق قواعدهم الشخصيَّة التي تُقدِّم المصلحة الشخصيَّة على الآخر تحت أي ظرف.

الحياة الجنسيَّة لمريض اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع

يُعتبَر اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع من أبرز الأمراض النفسيَّة في فئته، والتي لها تأثير كبير جدًّا على العلاقة مع (الزوج/الزوجة) والحياة الجنسيَّة معه، وذلك كون مرضى هذا الاضطراب لديهم برود عاطفي تجاه كل شيء، ولديهم صعوبة شديدة في التعاطف مع الآخرين مهما كانت طبيعة الصلة معهم، قريب أو زميل أو زوج.

ويجدر التنويه إلى أنَّ صعوبة التعاطف لدى المريض تزيد من صعوبة إقامة أيَّة علاقة عاطفيَّة متوازنة ومستقرَّة مع أيّ شخص، وبالتالي فهم يفشلون في العلاقات قبل الوصول للزواج، أو إقامة علاقة جنسيَّة كاملة.

لُوحِظ في مرضى آخرين، أنّهم يميلون إلى تمثيل دور الطرف العاطفي الطيّب والمتوازن للوصول إلى العلاقة الجنسيَّة، حيث إنّهم يتلاعبون بالآخر ليُظهروا بعد ذلك سلوكيات جنسيَّة متطرِّفة، وقد تصل إلى حالات من الاعتداء الجنسي على الطرف الآخر.

بالإضافة إلى ما تمّ ذكره آنفًا، فإنَّه كون مرضى هذا الاضطراب لا يهتمُّون لعواقب الأمور، ولديهم تبريرات دائمة لإخراج أنفسهم من دائرة الشعور بالذنب والندم، فإنَّهم قد يميلون لتقديم رغباتهم الجنسيَّة على رغبات (الزوج/الزوجة) وإهماله، بل واستخدامه في بعض الحالات كوسيلة للاستمتاع والتفريغ الجنسي، دون الاكتراث بالعواقب النفسيَّة والجسديَّة التي قد تُصيبه.

وتلخيصًا لما تمّ ذكره، فإنَّ مرضى هذا الاضطراب يواجهون متاعب شاقَّة جدا في إنشاء مؤسَّسة زواج سليمة ومستقرَّة مع (زوج/زوجة) صحيح نفسيًا، وذلك للأسباب التي تمَّت الإشارة إليها آنفًا وأبرزها؛ قلَّة التعاطف، لذلك فإنَّ العلاج النفسي والدعم الطبَّي في هذه الحالة لا يوجه لمريض الاضطراب فقط، بل (لزوجه/زوجته) أيضًا، وذلك لمحاولة خلق بيئة صحيَّة يستطيع الطرف السليم فيها أن يتفهّم الطرف المريض، حيث يكون عِماد هذه البيئة تعزيز التواصل العاطفي، بالإضافة إلى تعزيز قيم الالتزام والمسؤوليَّة في العلاقة العاطفيَّة.

هل هناك علاج لاضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع ؟

يستخدم الطبيب النفسي المختصّ، الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسيَّة بنسخته الخامسة في تشخيص الاضطرابات النفسيَّة عمومًا، وبعد تقييم الحالة من الجلسة الأولى أو الثانية، يتمّ وضع خطة معالجة كاملة يُمكن أن تلخَّص على النحو الآتي:

يحتاج المريض لاستخدام العلاج الإدراكي والسلوكي، أو كما يُعرَف بالسلوكي المعرفي، والذي يكون على شكل جلسات مع الأخصَّائي لتحديد الأنماط السلوكيَّة السلبيَّة التي تُشوّه التفكير وتؤدّي إلى السلوكيَّات غير المسؤولة، وبعد تحديد هذه السلوكيَّات، يجري العمل على تغييرها من خلال تعليم المريض مجموعة من المهارات الاجتماعيَّة الخاصَّة، وكيفيَّة إدارة الغضب، وتحفيز التفكير الإيجابي إزاء المجتمع.

يحتاج المريض إلى التدخُّل الدوائي فقط في بعض الحالات التي تُصاحِب اضطراب الشخصيَّة المعادية للمجتمع؛ كالاكتئاب، واضطراب القلق العام، فهنا يُمكن تحسين أعراض هذه الاضطرابات المرافقة من خلال مضادَّات الاكتئاب والمهدِّئات.

في الدول المتقدِّمة تُمارس أنواع فرعيَّة من العلاج السلوكي المعرفي، وذلك من خلال توسيع دائرة الحديث مع المريض من الدائرة التي تشمل مريضًا وطبيبًا مختصَّا إلى دائرة تشمل مجموعة من المصابين بنفس الاضطرابات مع طبيب مختصّ، حيث يتشاركون مع بعضهم الآراء والسلوكيَّات والمهارات التي اكتسبوها أثناء رحلة العلاج.

لُوحِظ أنَّ التفاعل الاجتماعي الصحيح في مثل هذه الجلسات، يعمل على تسريع وتيرة العلاج، وتحسين الحالة النفسيَّة للمصاب، وتسهيل آليَّة إعادة دمجه في المجتمع الخارجي كفرد صحيح نفسيًّا ومتعافٍ من الاضطرابات النفسيَّة تمامًا.

المصدر
Reviewed by Jennifer Casarella, MD - WebMD - 2022Reviewed by Akeem Marsh, MD - verywellmind - 2022Reviewed by Mark Zimmerman, MD - msdmanuals - 2022
اظهر المزيد

نور الدين حسن

طبيب عام ومقيم أمراض نفسيَّة وعصبيَّة وسلوكيَّة - وزارة الصحة./ كاتب محتوى علمي وطبي مع العديد من المنصات والمواقع الطبية والعلمية./ مدرب في الصحة الجنسية والإنجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية