ما هي تأثيرات اضطرابات الأكل على الحياة الجنسيَّة؟

اقرأ في هذا المقال
  • ما هي اضطرابات الأكل ذات المنشأ النفسي؟
  • ما هو اضطراب الأكل الأكثر شيوعًا؟ وما هي أعراضه؟
  • الآثار السلبيَّة لاضطرابات الأكل على الحياة الجنسيَّة
  • كيف يمكن التعامل مع (الزوج/الزوجة) المصاب بأحد اضطرابات الأكل الشائعة؟
  • علاجات اضطرابات الأكل ذات المنشأ النفسي

اضطرابات الأكل ذات المنشأ النفسي هي مشكلات صحية خطيرة تؤثر على العلاقة بين الفرد والطعام، مما ينعكس سلبًا على صحته الجسدية والنفسية، وتمتلك تأثيرات عديدة، بما في ذلك تقليل الرغبة الجنسية والثقة بالنفس. في هذا المقال، سنستكشف مجموعة من اضطرابات الأكل، وفهم كيف يمكن أن تؤثر هذه الاضطرابات على الحياة الجنسيَّة. سنتناول أيضًا أعراض وعلاجات هذه الاضطرابات، وكيف يمكن للدعم النفسي والعلاج السلوكي أن يلعبا دورًا حاسمًا في تحسين العلاقة بين الفرد والطعام وبالتالي تحسين الجودة الشاملة لحياته.

ما هي اضطرابات الأكل ذات المنشأ النفسي؟

اضطرابات الأكل ذات المنشأ النفسي هي مجموعة من الاضطرابات التي تتأثّر بها الشهيَّة للطعام ونوعيَّة الطعام أيضًا نتيجة حالات نفسيَّة أو عقليَّة معيَّنة، حيث تضطرب العلاقة بين الفرد والطعام وانعكاس ذلك على المظهر العام للجسد، وقد تنجم هذه الاضطرابات عن عوامل اجتماعيَّة، وحالات من القلق والاكتئاب التي تخلق نظرة مشوَّهة للمريض عن نفسه ووزنه ومظهره العام.

ومن مثيلات هذه الاضطرابات اضطراب الشهيَّة العصابي، والذي يأتي على شكل نوبات متكرِّرة من تناول الطعام بشراهة دون وجود أي ضابط أو سيطرة على حجم الكميَّات التي يتمّ تناولها.

هنالك اضطرابات أخرى تشمل اضطراب التقيُّؤ المتكرِّر، وهذا شائع جدا، ويتمثّل بنوبات متكرِّرة من تناول الطعام بشراهة وبسرعة كبيرة ثمَّ محاولات إخراج هذا الطعام عن طريق التقيُّؤ المُحفَّز، أو عن طريق تناول مليِّنات عشبيَّة أو دوائيَّة لتسريع التبرُّز والتخلُّص من الكميَّات التي تمَّ تناولها، بالإضافة إلى طرق أخرى مثل ممارسة الرياضة بشكل مُفرِط جدًّا لحرق السعرات التي تمَّ تناولها سابقًا، وبالتالي المحافظة على وزن الجسم ومظهره الخارجي.

هنالك نوع من اضطرابات الأكل الشائعة أيضًا لدى النساء ويُسمَّى اضطراب تناول الطعام المتقيِّد بالنظام الغذائي أو anorexia nervosa، وذلك يتمثَّل بتقليل قهري لكميَّات الطعام المتناولة والتحكُّم المرضيّ بالسعرات الحراريَّة التي تدخل الجسم، نتيجة الخوف المفرط من زيادة الوزن وتشوّه المظهر الخارجي للجسد، وإنَّ مضاعفات هذا الاضطراب قد تصل إلى نقصان حادّ في الوزن، ونقص في الفيتامينات والمعادن وسوائل الجسم، بالإضافة إلى تأثيرات صحّيَّة خطيرة أخرى.

ما هو اضطراب الأكل الأكثر شيوعًا؟ وما هي أعراضه؟

تختلف الدراسات في تحديد الاضطراب الأكثر شيوعًا من بين اضطرابات الأكل ذات المنشأ النفسي، لكن بالمُجمَل فإنَّ اضطراب التقيُّؤ المتكرِّر أو bulimia nervosa هو الأكثر شيوعًا، ويتمثَّل في تناول كميَّات كبيرة من الطعام في فترة زمنيَّة لا تتعدَّى الساعة أو الساعة ونصف، ويلي ذلك محاولة المريض التقيُّؤ بشكل متعمَّد للتخلُّص من هذه الكميَّات، أو عن طريق أخذ مليِّنات لتسريع التبرُّز، أو ممارسة الرياضة بشكل مُفرِط لإنتاج حرق أكبر للسعرات الحراريَّة التي تمّ تناولها.

تُشير الدراسات إلى أنَّ هذا النوع من الاضطراب يترافق مع حالات من الاكتئاب والقلق العام، كمّا أنَّه يؤثِّر سلبًا على الدورة الشهريَّة عند الإناث، ويُمِكن تلخيص الأعراض السلبيَّة الأخرى أو المضاعفات لهذا الاضطراب على النحو الآتي:

  • تورُّم الغدد اللمفاويَّة في العنق والفكين نتيجة التقيُّؤ المتعمّد.
  • احمرار الحلق وزيادة تورّمه وتوذّمه.
  • التفكير القهري بوزن الجسم والمظهر العامّ مع أنّه غالبًا ما يكون المريض بوزن صحي أو بوزن أقل من ذلك.
  • الشعور بالندم وجلد الذات بعد تناول الوجبات الكبيرة ومحاولة التخلّص منها بالطرق المذكورة آنفًا، وبالتالي الاستمرار بالدوران في حلقة مفرغة من الشعور السيِّء تجاه الذات.
  • اضطرابات نفسيَّة أخرى مثل الاستحواذ القهري (الوسواس القهري).

الآثار السلبيَّة لاضطرابات الأكل على الحياة الجنسيَّة

تُشير الدراسات إلى أنَّ هذا النوع من الاضطرابات قد تُسبِّب انخفاضًا في الرغبة الجنسيَّة أو ما يُعرَف بال libido بالإضافة إلى أنَّ التغيُّرات الطفيفة في الوزن نتيجة الدوران في الحلقة المفرغة سالفة الذكر (أكل كميَّات كبيرة ثم محاولة التخلُّص منها) تؤثِّر على مستويات الثقة بالنفس أمام (الزوج/الزوجة)، وفيما يأتي توضيح لذلك:

  • التغيُّرات الطفيفة في الوزن:  يعاني مرضى هذا الاضطراب من التغيُّرات الخفيفة إلى المتوسِّطة في الوزن والتي يعتقدون واهمين أنّها تُؤثّر على مستويات الثقة بالنفس أمام (الزوج/الزوجة)، وبالتالي انخفاض القدرة الجنسيَّة والتوتّر نتيجة التفكير القهري بتغيُّر الوزن حتى أثناء العلاقة الحميمة.
  • نقصان الرغبة الجنسيَّةتجاه (الزوج/الزوجة): وذلك نتيجة التأثير السلبي على الثقة بالنفس نتيجة تغيُّر الوزن ومشاعر انعدام الجاذبيَّة، وبالتالي التأثير السلبي على العلاقة الجنسيَّة مع الطرف الآخر.
  • التأثيرات السلبيَّة على الجسد بشكل عام: وتأتي هذه التأثيرات نتيجة قلَّة الأكل، وتتمثَّل في ضعف العضلات والوهن العام والاضطرابات في الدورة الشهريَّة عند النساء، وهذا كلّه ينعكس سلبًا على العلاقة الجنسيَّة أيضًا.
  • ظهور حالات من القلق والاكتئاب المرافقة لتغيُّر الوزن والنظرة السلبيَّة للذات: تتسبَّب حالات القلق والاكتئاب التي ترافق الاضطراب بإعاقة الرغبة الجنسيَّة وانخفاض مستويات الرضا والاستمتاع خلالها. 

كيف يمكن التعامل مع (الزوج/الزوجة) المصاب بأحد اضطرابات الأكل الشائعة؟

يتطلَّب التعامل مع الطرف المصاب بأحد اضطرابات الأكل وعيًا كافيًا بالحالة المرضيَّة، والتي يُمكن تعلُّمها من المقالات الطبيَّة الموثَّقة بالمصادر على الإنترنت، أو من خلال طلب استشارة طبيب نفسي أو معالج نفسي. 

الجلوس مع (الزوج/الزوجة) والاستماع له بكل صدق ورويَّة يُحقِّق فوائد كثيرة، فالمريض في هذه الحالة يحتاج للحديث عمَّا يشعر به دون أن يأتيه أي نقد سلبي أو حُكم مُسبق، فهو بحاجة لبيئة صحيَّة مع الطرف الآخر للحديث عن الأعراض التي يعاني منها بكل صراحة وصدق.

أن تُظهِر لزوجك أنَّك متفهِّم لوضعه الصحِّي ولأعراضه، وأنَّك على استعداد تامّ لتقديم الدعم العاطفي له وعدم هجره؛ لأنَّهُ يُعاني من هذا الاضطراب، هذه قيم عُليا وسلوكيَّات ناصعة البياض بين المريض وزوجه، حيث إنَّ مستويات التفاهم هذه، تُسرّع من وتيرة الشفاء، وتُحسِّن الأعراض السلبيَّة بسرعة أكبر.

ينبغي على الطرف السليم توجيه نظرة المريض إلى القيم الإيجابيَّة غير الماديَّة، مثل الصحَّة والسعادة واستقرار العلاقة بينهما، وذلك في محاولة صرف نظره عن المعايير الماديَّة التي يقيس عليها فقط وذلك مثل؛ الوزن والشكل الجسدي فقط.

إنَّ محاولات فهم المريض السابقة والتقرُّب له والاستماع لمعاناته تُمهِّد الطريق لكي يقوم المريض بطلب استشارة طبيب نفسي مختصّ ليقوم بعمل خطَّة علاجيَّة له، فهو الآن غير مُحرَج من طلب مساعدة طبيَّة وذلك نتيجة الدعم العاطفي والوعي العالي لدى (زوجه/زوجته).

علاجات اضطرابات الأكل ذات المنشأ النفسي

يتطلَّب علاج هذا النوع من الاضطرابات الدمج بين العلاج السلوكي والعلاج الدوائي بالإضافة إلى الدعم النفسي من الوسط المحيط بالمريض، ويُمكن تبسيط آليَّات العلاج على النحو الآتي:

العلاج الإدراكي والسلوكي

ويتمثَّل هذا العلاج بالجلسات الكلاميَّة بين المريض والطبيب النفسي المختصّ، حيث يعمل الطبيب على تغيير الأفكار السلبيَّة والمعتقدات الخاطئة لدى المريض عن شكل الجسم وطبيعة الطعام، ويقوم بتعليمه استراتيجيات صحيَّة وسليمة لتحسين علاقته مع الطعام، وتعزيز نظرته الذاتيَّة لجسده وجعلها نظرة إيجابيَّة في جميع الحالات .

تستخدم في حالات معيَّنة تقنيات التأمُّل والاسترخاء، وخلق تصوّر إيجابي عن الذات، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه الآليَّات ناجعة جدا وليست مضيعة للوقت كما يُشاع عنها، فهي تقوم على استثمار أفكار إيجابيَّة ومعتقدات صحيَّة عن الذات في العقل الباطن، وبالتالي يظهر انعكاس ذلك على شكل سلوكيَّات إيجابيَّة ونظرة أكثر ابيضاضًا للذات وللواقع المُعاش.

العلاج الدوائي 

يتمثَّل هذا العلاج في السيطرة على الأعراض التي قد تكون مصاحبة لاضطراب الأكل وذلك مثل الاكتئاب والقلق المرتبط بزيادة أو نقصان الوزن، حيث يُمكن استخدام طيف واسع من الأدوية في هذه الحالة مثل مضادَّات الاكتئاب والمهدِّئات.

الدعم العائلي 

ويتمثَّل ذلك في توضيح حالة المريض لعائلته ليستطيعوا تفهُّم الحالة وتقديم الدعم والمساعدة والعون، وهذا ما يجعله أقدر وأقوم على تغيير الأفكار السلبيَّة لديه عن الطعام والمظهر الخارجي، وتحسين مستويات ثقته بنفسه أمام الآخرين والمجتمع عمومًا.

الدعم الغذائي

ويتمثَّل هذا النوع من الدعم في استشارة أخصائي تغذية يستطيع إنشاء برامج تغذويَّة تأهيليَّة تتناسب وطبيعة حالة المريض، وذلك من أجل توجيهه نحو الأكل الصحِّي والذي يستطيع تناوله مع المحافظة على مظهره العام.

المصدر
Reviewed by Adrienne Seitz, MS, RD, LDN, Nutrition — By Alina Petre, MS, RD (NL) - healthline - 2022Reviewed by American Psychiatric Association - psychiatry Medically reviewed by Carissa Stephens, R.N., CCRN, CPN — By Melissa A. Fabello - healthline – 2019Reviewed by national library of medicine - NCBI – 2010
اظهر المزيد

نور الدين حسن

طبيب عام ومقيم أمراض نفسيَّة وعصبيَّة وسلوكيَّة - وزارة الصحة./ كاتب محتوى علمي وطبي مع العديد من المنصات والمواقع الطبية والعلمية./ مدرب في الصحة الجنسية والإنجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية