الصحَّة الجنسية والإنجابية والصرع

غالبًا ما يتمتَّع المصابون بالصرع بصحَّة جنسيَّة جيِّدة، إلا أنَّهُ قد يسبِّب أحيانًا مشكلات في الجنس والخصوبة لدى الرجال والنساء على حدٍّ سواء، وفي هذا المقال سنتطرَّق إلى توضيح ذلك:

كيف يؤثِّر الصرع على الصحَّة الجنسيَّة عند الرجال؟

يتمتَّع العديد من الرجال المصابين بالصرع بصحَّة جنسيَّة جيِّدة وينجبون أطفالًا أصحَّاء، ومع ذلك، قد يعاني هؤلاء الرجال من مشكلات في الجنس والخصوبة من وقتٍ إلى آخر، أكثر من أولئك غير المصابين بالصرع، وفيما يأتي توضيح لكيفيَّة حدوث هذا التأثير:

التغيُّرات الهرمونيَّة

يرتبط الصرع بالتغيُّرات الهرمونيَّة، إذ يعاني حوالي 40% من الرجال المصابين بالصرع من انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، وهو الهرمون الذي يحفِّز نموّ الأعضاء الجنسيَّة الذكريَّة والسمات الجنسيَّة والحيوانات المنويَّة، وقد يكون كل من مرض الصرع نفسه والأدوية المضادَّة له المستخدمة للسيطرة على النوبات مسؤولة عن هذه التغيُّرات الهرمونيَّة.

أمَّا عن تسبُّب الصرع بالتغيُّرات الهرمونيَّة، فيحدث بسبب تغيير النوبات لإفراز هرمونات الغدَّة النخاميَّة وغدَّة تحت المهاد، وقد تؤثِّر نوبات الصرع التي تبدأ في الفص الصدغي تحديدًا تأثيرًا سلبيًا على وظيفة الغدد الصمَّاء في الخصية.

الرغبة الجنسيَّة

قد يعاني الرجال المصابون بالصرع من انخفاض الرغبة الجنسيَّة؛ وقد يُعزى ذلك إلى العوامل الآتية:

التعرُّض لأدوية الصرع 

تنتج الأدوية المضادَّة للصرع تأثيرات مباشرة على مناطق الدماغ التي تنظِّم النشاط الجنسي، وقد تسبِّب أيضًا ضعفًا جنسيًّا بسبب التأثيرات الثانويَّة على الهرمونات الإنجابيَّة، وبعض مضادَّات الصرع لها تأثير أكبر على الرغبة الجنسيَّة من غيرها، وغالبًا ما يكون تناقص الرغبة الجنسيَّة  أكثر وضوحًا عند أولئك الذين يتناولون الأدوية المهدِّئة مثل دواء الباربيتوات.

المشاعر السلبيَّة

يمكن أن تتأثَّر الرغبة الجنسيَّة بسبب عوامل نفسيَّة مثل الاكتئاب والقلق، ورغم وجود بيانات محدودة عن الاكتئاب بين الأشخاص المصابين بالصرع، إلا أنَّ الإحصاءات تكشف أنَّ معدل الانتحار بين هؤلاء الأشخاص أكبر بخمس مرَّات من معدَّل الانتحار لدى عامَّة الناس، ممَّا يشير بقوَّة إلى أنَّ معدل الاكتئاب أعلى أيضًا لديهم.

القلق بشأن نوبات الصرع

يشعر بعض الأزواج بالقلق حيال تعرُّضهم لنوبة صرع أثناء ممارسة الجنس، ورغم أنَّه من المستبعد جدًّا أن تؤدِّي ممارسة الجنس إلى حدوث نوبات، كما أنَّ معظم الرجال المصابين بالصرع لا تصيبهم  نوبات أثناء العلاقة، إلا أنَّ مجرد القلق من هذا الأمر، قد ينعكس سلبًا على حياتهم الجنسيَّة الزوجيَّة. 

الخصوبة

قد تتسبَّب بعض أدوية الصرع (مثل دواء الفينيتوين، ودواء الكاربامازيبين) بتناقص عدد الحيوانات المنويَّة التي ينتجها الزوج أو تؤثِّر على جودتها، ومن ناحية أخرى، قد تتأثَّر خصوبة الرجل بسبب انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون الناجم عن أدوية الصرع، أو الصرع نفسه.

كيف يؤثِّر الصرع على الصحَّة الجنسيَّة عند النساء؟

قد يؤثِّر الصرع والأدوية المستخدمة للسيطرة على نوباته سلبًا على الصحَّة الجنسيَّة للمرأة، وفيما يأتي توضيح لذلك:

تأثير الصرع نفسه

يعتمد تأثير الصرع على صحَّة الزوجة الجنسيَّة على نوع النوبات التي تعاني منها، والمنطقة المتأثِّرة من الدماغ، وحتى الآن لا توجد دراسات كافية في ما إذا كانت النوبات في أجزاء معيَّنة من الدماغ تنطوي على مخاطر أكبر للإصابة بمشكلات جنسيَّة، باستثناء دراسة واحدة ربطت ذلك بنوبات الفصّ الصدغي للدماغ.

قد تشعر بعض الزوجات بالقلق بشأن حدوث نوبة أثناء ممارسة العلاقة الجنسيَّة، والتفكير في أنَّ هذا قد يضرّ بحياة المرأة الجنسيَّة الزوجيَّة، وإقبالها على العلاقة. 

الصرع والحمل

إنَّ الصرع نفسه لا يؤثِّر على قدرة المرأة على الحمل، ولكن هذا التأثير قد ينجم عن بعض الأدوية المستخدمة في علاج النوبات، لذا تحتاج أي زوجة تعاني من الصرع وترغب بالإنجاب، أن تسأل طبيبها عمَّا إذا كانت بحاجة إلى إجراء أي تغييرات على أدويتها.

تحتاج الزوجات المصابات بالصرع إلى تناول فيتامينات متعدِّدة يوميًا تحتوي على 0.4 ملليغرام من حمض الفوليك لحماية الجنين من تشوُّهات الدماغ والحبل الشوكي، وقد يوصي الطبيب بجرعة أعلى بناءً على الحالة، ويُنصح بالبدء بتناول مكمِّل حمض الفوليك قبل الحمل بثلاثة أشهر.

كيف يؤثِّر الصرع على الحمل؟

أثناء حمل الزوجة المصابة بالصرع، قد يكون هناك خطر حدوث بعض المشكلات أثناء النوبة، والتي تعتمد على نوع النوبة، ومن هذه المشكلات:

• الولادة المبكِّرة.
• تباطؤ معدَّل ضربات قلب الجنين.
• نقص إمدادات الأكسجين للجنين.
• انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
• تعرُّض الأم لصدمة معينة كالسقوط، والتي قد تلحق الضرر بالجنين، أو تتسبَّب بفقدانه.

كيف يؤثِّر الحمل على الصرع؟

من الصعب التنبُّؤ بمدى تأثير الحمل على الصرع، فقد لا يتأثَّر أبدًا، أو قد يتحسَّن أحيانًا، ومع ذلك، ونظرًا لاحتماليَّة تسبُّب الحمل بضغوط جسديَّة وعاطفيَّة، فقد تصبح النوبات أكثر تكرارًا، وإذا حدث ذلك، فلا بدّ من مراجعة الطبيب.

مرحلة الولادة وما بعدها

يجب على الزوجة المصابة بالصرع إحضار أدوية الصرع معها إلى المستشفى في موعد الولادة والاستمرار في تناولها كما تفعل عادةً، وبعد ولادة الطفل، فإنَّهُ سيُحقن بجرعة من فيتامين ك لمساعدة دمه على التجلُّط، ورغم أن جميع الأطفال حديثي الولادة لديهم مستويات منخفضة من فيتامين ك، إلا أن بعض أدوية الصرع يمكن أن تخفِّض مستويات فيتامين ك بشكل أكبر.

عادةً لن يكون هناك سبب يمنع الأم من إرضاع طفلها حتى لو دخلت بعض الأدوية في الحليب، ويمكن لطبيب التوليد تقديم المشورة للأم بناءً على ظروفها.