الحياة الجنسية لمريض متلازمة داون

اقرأ في هذا المقال
  • متلازمة داون وأسبابها
  • أعراض متلازمة داون
  • الحياة الجنسيَّة لمريض متلازمة داون
  • التربية الجنسيَّة لمريض متلازمة داون
  • البلوغ والدورة الشهريَّة عند مريض متلازمة داون

متلازمة داون وأسبابها

تُعرَّف متلازمة داون على أنّها اضطراب على المستوى الجيني يُنتِج خللًا انقساميًّا في الزوج الكروموسومي رقم 21، ويظهر هذا الخلل على شكل تغيُّرات في النمو والصفات الجسديَّة الظاهريَّة، وقد يصاحب ذلك إعاقات ذهنيَّة دائمة، وصعوبات بالتعلُّم، بالإضافة إلى تشوُّهات طبيَّة على مستوى القلب والجهاز الهضمي.

تحتوي الخلايا البشريَّة على 23 زوجًا من الكروموسومات، بمجموع 46 كرموسومًا، حيث يتكوَّن كل زوج من كروموسوم من الأب والآخر من الأم، وفي حالة متلازمة داون فإنَّ انقسامًا خلويًّا غير طبيعي، يحدث على مستوى الزوج الكروموسومي رقم 21، ويؤدِّي هذا الانقسام غير الطبيعي إلى حدوث زيادة بشكلٍ جزئي أو كُلي في الزوج الكروموسومي، بمعنى أنَّ مريض داون، يكون لديه 3 نسخ من الكروموسوم 21 عوضًا من نسختين، وهذا الذي يُسبِّب الصفات الجسديَّة وغيرها من التشوُّهات التي تمَّت الإشارة إليها آنفًا.

بشكلٍ عامّ، فإنَّ متلازمة داون لا تكون ذات سبب وراثيٍّ مباشر، بل إنَّها ناتجة عن خطأ في انقسام الخلايا أثناء التطوُّر المبكِّر للجنين، لكن يُمكن أن تكون ذات سببٍ وراثي في حالات لا تزيد عن 3 إلى 4 بالمئة من مجمل الولادات المصابة بالمتلازمة.

أعراض متلازمة داون

تتمثَّل الأعراض الرئيسة لهذه المتلازمة، بالاضطرابات الذهنيَّة واضطرابات النموّ، والتي تتراوح من خفيفة إلى متوسِّطة، وفي حالات معيِّنة تكون الاضطرابات ذات أثرٍ شديد، بالترافق مع ملامح الوجه التي تظهر على المريض والمعروفة من قِبل الجميع، إلّا أنَّ هنالك نسبة غير قليلة من مرضى داون، يمكن أن يعانوا أيضًا من مشاكل صحيَّة، وعيوب خلقيَّة على مستوى القلب والجهاز الوعائي الدموي.

عادةً ما يتشارك غالبيَّة مرضى داون، بالوجه المفلطح، والرأس الصغيرة، والرقبة القصيرة، والجفون المائلة للأعلى، بالإضافة إلى صغر حجم الآذان أو تكوينها بشكلٍ غير طبيعي، أيضًا يتشاركون بعض الصفات والأعراض الأخرى ومنها:

– الأيادي العريضة والقصيرة مع ثنية واحدة في راحة اليد.

– أصابع اليد القصيرة والأقدام الصغيرة.

– بقع بيضاء صغيرة على قزحيَّة العين.

– تباطؤ النموّ على المستوى الجسماني، بحيث يظهرون أنَّهم أقصر طولًا من أقرانهم غير المصابين في نفس الفئة العمريَّة.

– ضعف إدراكي من خفيفٍ إلى متوسِّط بالإضافة إلى تأخُّر النطق.

– الذاكرة السيِّئة نسبيًّا بنوعيها؛ قصيرة الأمد وطويلة الأمد.

الحياة الجنسيَّة لمريض متلازمة داون

إنَّ من الاعتقادات الشائعة، أنَّ مريض متلازمة داون يكون غير مهتمّ بالجنس، أو أنَّ الرغبة الجنسيَّة لديه منعدمة أو منخفضة جدًّا، لكن الصحيح أنَّ مريض داون لديه احتياجات ورغبات جنسيَّة وعاطفيَّة مثله مثل أي إنسان غير مصاب بهذه المتلازمة، ويكون لديه استعداد في الدخول بعلاقة كاملة عندما ينضج عاطفيًّا.

لكن قبل الشروع في التحدُّث عن الحياة العاطفيَّة والجنسيَّة لمريض داون، يجدر التنويه، إلى أنّ الوالدين في مرحلة طفولته ينبغي عليهما إعداده بثقافة جنسيَّة جيِّدة، والإجابة على أسئلته كافَّة وتعريفه بأعضائه الجنسيَّة -حاله حال الأطفال الآخرين- وذلك ليكون حذرًا في التعامل مع أي حالة اعتداء جنسي، خاصّةً أنّه من الممكن أن يتعرَّض للتحرُّش والاعتداءات الجنسيَّة بنسب أعلىٍ من الأطفال الآخرين، بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الوالدين تحضيره وإعداده سلوكيًّا، بحيث يكون مقبول اجتماعيًّا، وتتلاشى حالة الرهاب من الآخرين، كي يندمج بشكلٍ أكثر سلاسة بالمجتمع، بعيدًا عن العزلة التي من الممكن أن تؤثّر عليه سلبيًّا في كيفيَّة التعامل مع مرضه.

رغم أنَّ الاحتياجات والرغبات العاطفيَّة والجنسيَّة لدى مريض متلازمة داون، تتماثل مع أي إنسان غير مصاب بهذه المتلازمة، إلّا أنَّ التربية الجنسيَّة للمريض من بداية طفولته، ينبغي أن تكون مختلفة بعض الشيء بما يتناسب واحتياجاته والقدرة على التواصل معه. والتي تختلف أيضًا باختلاف حِدّة الإعاقة لديه، ومن الضروري أيضًا تحضيرهم ليكونوا متفهّمين للقوانين والأعراف الاجتماعيَّة، وما يجوز وما لا يجوز في كيفيَّة التعامل مع الآخرين لبناء علاقة صداقة مثلًا في المستقبل، سواء كانت علاقة مع مصاب بالمتلازمة أو غير مصاب، حيث إنَّ البذرة السليمة للعلاقات الاجتماعيَّة، سينتج عنها بالضرورة علاقة عاطفيَّة وجنسيَّة سليمة مع (زوج/زوجة)المستقبل، كون الفرد المصاب، قد أصبح لديه رصيد كافٍ من التعامل السليم مع الآخرين، ومهارات الاندماج السريع معهم.

التربية الجنسيَّة لمريض متلازمة داون

إنَّ بناء الطفل وتعريفه بالجانب الجنسي منذ طفولته يجنّبه الكثير من الإشكالات، وحالات التحرّش من أفراد المجتمع المريضة، أو حتّى حالات الاعتداء الجنسي سواء من الغرباء أو حتى الأقارب كما تمّ التنويه لذلك سابقًا، وذلك يشبه التربية الجنسيَّة الواجب ممارستها مع أي فرد غير مصاب منذ الطفولة، لكن ينبغي التركيز على أنّ الاختلاف هنا يتمثّل بشكل رئيس، في التعامل مع الصعوبات التي تنشأ من التواصل مع الطفل المريض، ولذلك ينبغي أن يكون الوالدين أو الجهة المشرفة على تربيته على دراية كافيَّة بأساليب التواصل معه، وهنالك الكثير من البرامج والكتب العاديَّة والرقميَّة على منصات التواصل الاجتماعي مثلًا يمكن أن تُساهم في إعداد الوالدين للتعامل مع مريض داون، ويمكن اللجوء إلى مراكز عناية خاصة في حال كانت الصعوبات تُشكّل تحدٍّ أكبر من المعتاد.

يمكن البدء مع الطفل باستخدام جمل بسيطة لتعريفه على الجانب الجنسي من جسده، وإعطاء أمثلة ملموسة، لكن ذكرنا في مقال سابق عن التربية الجنسيَّة للأطفال، أنَّ الأمثلة مع الطفل من 3 إلى 4 سنوات يمكن أن تحمل القليل من المجاز، كأن نقول له “عندما يسأل عن كيفيَّة وصوله إلى بطن أمّه” بأنّ هنالك ما يُسمّى بالحيوان المنوي يخرج من الأب، وهنالك ما يُشبه البيضة المسلوقة التي توضع كل صباح على مائدة الإفطار، والتي تُسمّى بويضة وهي لدى الأم، واللذان يتَّحدان عندما يحمل الأب الأم مدّة 10 دقائق مثلًا، لكن في حالة مريض داون في نفس الفئة العمريَّة، فينبغي أن تكون الإجابات أكثر مباشرةً دون تعقيدات المجاز، وذلك لأن الطفل يكون لديه بعض صعوبات التعلُّم والضعف الإدراكي، وبالتالي فعلى الوالدين، أنّ يسمّيا الأشياء بمسمياتها دون التدليل أو استخدام التشبيه، لتجنّب تعقيد الأمر عليه.

إلى جانب الجمل البسيطة والمباشرة، يمكن أيضًا استخدام الوسائل البصريَّة مثل الرسومات ومقاطع الأفلام الكرتونيَّة – الخاضعة لرقابة الأهل – لتسهيل وصول الفكرة، فالعديد من المشاهد الكرتونيَّة السليمة يمكن أن تحتوي على صديقين يسيران مع بعضهما في نزهة، وبعض الرسومات يمكن أن تُشير كيف لمجموعة أصدقاء يلعبون مع بعضهم “الغميضة” ويبتسمون في وجوه بعضهم ويضحكون عاليًا، هذه الطرق ليست مثاليَّة أبدًا أو ضربًا من الخيال، فاستخدام مثل هذا النوع من الوسائل الإيضاحيَّة يعزّز النمو السليم للبنية السيكولوجيَّة لطفل داون، وتخلق حالة من التواصل الناجح بينه وبين الوالد أو الوالدة، أو الجهة المسؤولة عن تربيته.

البلوغ والدورة الشهريَّة عند مريض متلازمة داون

غالبًا ما يكون سن البلوغ عند مريض داون مماثل لسن البلوغ عند الطفل غير المصاب، لكن في حالات معيَّنة تعتمد على درجة الإعاقة، يمكن أن يتأخَّر البلوغ، أمّا في الأنثى المريضة، فغالبًا ما تكون الدورة الشهريَّة غير منتظمة وأطول من المعتاد، وهذا يستوجب متابعة طبيب مختصّ لمراقبة الاضطرابات الهرمونيَّة التي قد تحدث لديها في أي وقت.

وكما أنَّ التربية الجنسيَّة لمريض داون ينبغي أن تبدأ منذ الطفولة، فيجب الاستمرار بها في مرحلة البلوغ والتي يمكن أن تزيد تعقيدًا عندما تُصبح الأسئلة أنضج، وبالتالي يجب أن تكون الإجابات أكثر وضوحًا وأقرب للواقع، لكي يكون المريض على دراية كافيَّة بما سيلاقيه في حياته الجنسيَّة المستقبليَّة، ويتجنّب أيَّة سلوكيَّات قد تكون خاطئة في هذا الصدد، والتي قد تؤثّر عليه سلبًا.

التربية الجنسيَّة في هذه الفترة، يجب أن تركّز على جوانب نموّ الجسم والمراحل القادمة من حياته، وتعريفه بجميع المحطَّات التي من الممكن أن يمرّ بها، سواء على مستوى الحبّ في مرحلة المراهقة وبداية افتتانه بالجنس الآخر، أو على مستوى الصداقة والعلاقات الاجتماعيَّة مع الجيران أو في المدرسة، أو في أيّ تجمّعٍ نشاطيّ يشارك به.

___________

المراجع التي تمّ الاعتماد عليها في إثراء المقال مُستمدة بشكل رئيس من المواقع الطبيَّة والعلميَّة الآتية: 

www.mayoclinic.org ”

www.eparent.com

www.cdc.gov

www.webmd.com

اظهر المزيد

نور الدين حسن

طبيب عام ومقيم أمراض نفسيَّة وعصبيَّة وسلوكيَّة - وزارة الصحة./ كاتب محتوى علمي وطبي مع العديد من المنصات والمواقع الطبية والعلمية./ مدرب في الصحة الجنسية والإنجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية