فقدان الرغبة الجنسيَّة بسبب الأدوية النفسيَّة
- هل الأدوية النفسيَّة تُسبّب ضعفًا جنسيًّا؟
- ما هو الاكتئاب الذي تُسبّبه أدوية الاكتئاب ؟
- كيف يساعدك الطبيب في تجنُّب الآثار الجنسيَّة لأدوية الاكتئاب؟
- المهدِّئات وفقدان الرغبة الجنسيَّة
- أدوية الذهان وفقدان الرغبة الجنسيَّة
هل الأدوية النفسيَّة تُسبّب ضعفًا جنسيًّا؟
تشير الدراسات المُحكمة إلى أنَّ هنالك علاقة بين الكثير من الأدوية وحالات من الضعف أو العجز الجنسي، وذلك عند الرجال والنساء على حدٍّ سواء، وذلك بسبب الآثار الجانبيَّة التي تُسبِّبها، لكن سيكون محور تناولنا اليوم عن الآثار الجانبيَّة للأدوية النفسيَّة فقط على مستويات الرغبة الجنسيَّة.
الاضطرابات الجنسيَّة تُعرّف على أنّها وجود إشكال في العلاقة الحميمة تمنع أحد الطرفين من الوصول لهزَّة الجماع أو لحظة النشوة، وهذا ما يُسبِّب نوعًا من التوتُّر وانعدام الرضا في العلاقة، بالطبع هنالك أسباب عديدة للاضطرابات الجنسيَّة منها أسباب فيزيولوجيَّة ومنها أسباب سيكولوجيَّة، لكن ما سيتمّ تناوله في هذا المقال هو الأسباب الدوائيَّة، وتحديدًا الأدوية النفسيَّة، وتأثيرها سلبًا على جودة العلاقة الحميميَّة ووتيرة لذة الجماع والنشوة عند الزوجين.
ينتج عن الاضطرابات النفسيَّة عند الكثير من المرضى مشاكل جنسيَّة يصعب في الكثير من الأحيان التمييز بينها وبين المشاكل الجنسيَّة الناتجة عن الأدوية، إلا أنَّه من المعروف أنَّ عددًا من الأدوية النفسيَّة قد تسبِّب تطوُّر المشاكل الجنسيَّة، وتعدُّ الأدوية النفسيَّة من أكثر الأدوية تأثيرًا على القدرة الجنسيَّة، وذلك لتأثيرها سلبًا على النواقل الكيميائيَّة والهرمونات.
لذلك يجد مريض الاكتئاب الذي يتناول هذه العقاقير صعوبة بالغة في إقامة علاقة حميمة مع الزوجة، وتُصبِح هذه العلاقة موضع قلق بالنسبة له وليست موضع سكينة واسترخاء، ممَّا يجعله عُرضة لزيادة في حدّة الاكتئاب ممَّا يُدخله في حلقة مفرغة؛ الاكتئاب، ثمَّ تناول مضادَّات الاكتئاب، ثمَّ قلق الأداء الجنسي أمام الزوجة وصعوبة الانتصاب، ثمَّ اكتئاب أيضًا على نحو مضاعف، وهُنا يجب استشارة الطبيب لتغيير الدواء لعائلة أخرى من الأدوية بحيث تكون أقلّ تأثيرًا على القدرة على إقامة العلاقة الحميمة، وأخيرًا ينبغي الإشارة إلى أنّ أحد الأدوية المذكورة سابقًا وهو السيتالوبرام، يُمكن أن يُؤثّر سلبًا على مستويات الحيوانات المنويَّة عند الرجل، ممَّا يزيد من خطورة حدوث عقم.
ما هو الاكتئاب الذي تُسبّبه أدوية الاكتئاب ؟
تحدَّثنا سابقًا عن الحلقة المفرغة التي يدخل بها مرضى الاكتئاب خصوصًا من الذكور وذلك على النحو الآتي: الاكتئاب، ثمَّ تناول مضادَّات الاكتئاب، ثمَّ قلق الأداء الجنسي أمام الزوجة نتيجة قلَّة الرغبة الجنسيَّة بالترافق مع صعوبة الانتصاب، ثمَّ زيادة حدَّة الاكتئاب على نحو مضاعف، لذلك يُعتبَر الاكتئاب أيضًا بحدّ ذاته أحد الأسباب الرئيسة للإصابة بالضعف الجنسي، وذلك نتيجة قلّة الرغبة الجنسيَّة وضعف الانتصاب كآثار جانبيَّة لمضادَّات الاكتئاب، وبالتالي تتفاقم حالة الاكتئاب لدى الرجل نتيجة توتُّر العلاقة مع الزوجة، خصوصًا إذا لم تكن الزوجة بالوعي الكافي لتفهّم حالته المرضيَّة.
ويجدر التنويه إلى أنَّ الآليَّة التي تشتغل عليها مضادَّات الاكتئاب وهي زيادة مستوى السيروتونين بمناطق التشابك العصبي بالدماع تتناسب عكسيًّا مع النشاط الجنسي، أي أنَّ زيادة جرعات غالبيَّة مضادَّات الاكتئاب التي تنتمي لعائلة مثبِّطات امتصاص السيروتونين الانتقائيَّة، تُقلّل الرغبة الجنسيَّة والقدرة على ممارسة علاقة حميمة صحيَّة وفاعلة.
غالبًا ما تبدأ أعراض الضعف الجنسي عند مريض الاكتئاب بالظهور بعد أسبوع إلى ثلاثة أسابيع من لحظة بدء العلاج بمضادَّات الاكتئاب، وتعتمد شدَّة الآثار الجانبيَّة الجنسيَّة على المريض – أي أنّها تختلف من مريض لآخر – وعلى نوع مضادّ الاكتئاب وجرعته، وفي حالات معيَّنة قد تخفّ هذه الآثار أو/ و يتكيَّف الجسم على نحوٍ جيِّد مع الدواء، ولكن هنالك نسبة غير قليلة تستمرُّ معها آثار الضعف الجنسي، ويجب استشارة الطبيب مرَّة أخرى في هذه الحالة، لتغيير الدواء إلى آخر أكثر ملائمة مع طبيعة جسم المريض.
كيف يساعدك الطبيب في تجنُّب الآثار الجنسيَّة لأدوية الاكتئاب؟
إنَّ استشارة الطبيب النفسي لتغيير مضادّ الاكتئاب أو تعديل الجرعة عند ملاحظة أي ضعف جنسي أمر مهمّ جدا، وتكون خطّة عمل الطبيب في هذه الحال مرتَّبة على النحو الآتي:
- تعديل جرعة مضادّ الاكتئاب إذا كان المريض قد مرّ بتجربة الضعف الجنسي الناجمة عن تناول مضاد الاكتئاب عدّة أسابيع.
- يمكن إضافة مضادّ اكتئاب ثانٍ لخطَّة العلاج لتخفيف الآثار الجانبيَّة على الصعيد الجنسي وذلك مثل دواء بوبروبيون.
- استبدال الدواء كاملًا وإخضاع المريض لمضادّ اكتئاب من عائلة أخرى تكون آثاره الجانبيَّة على الصعيد الجنسي أقل حدّة.
- إذا استمرَّت الآثار الجانبيَّة الجنسيَّة حتّى بعد تغيير الدواء، فيقوم الطبيب بإضافة دواء لتحسين الأداء الجنسي مثل سيلدينافيل (فياجرا) أو تادالافيل (سياليس).
المهدِّئات وفقدان الرغبة الجنسيَّة
المهدِّئات الأكثر شيوعًا في حقل أدوية الطبّ النفسي هي عائلة تُسمّى البنزوديازيبين، وأفراد هذه العائلة كُثر، ومنهم ديازيبام، كلونازيبام، لورازيبام وغيرهم، وتُستعمل على نطاق واسع في علاج اضطرابات القلق والأرق بالإضافة إلى الوقاية من نوبات التشنُّج، ولكن كما هو الحال مع مضادَّات الاكتئاب، فإنَّ تأثير هذه العائلة على العلاقة الجنسيَّة سيّء بعض الشيء، حيث تعيق هذه الأدوية عمليَّة إنتاج هرمون الذكورة ممَّا يُسبّب عُسرًا في عمليَّة الجماع عند الرجل بالإضافة إلى مشاكل في الانتصاب والقذف.
ومثلما هو الحال مع مضادَّات الاكتئاب، يجب اللجوء للطبيب النفسي عند ملاحظة حدَّة زائدة في الضعف الجنسي وصعوبة الانتصاب وتأخُّر شديد بالقذف، حيث يعمل الطبيب في هذه الحالة على إضافة أدوية لتحسين القدرة الجنسيَّة، أو محاولة تبديل الدواء من الأساس، أو تخفيض الجرعة الموصوفة سابقًا، أو تحويل المريض للعلاج الإدراكي والسلوكي وإيقاف الدواء تمامًا، لكن يجدر التنويه إلى أنَّ إيقاف الدواء أو التقليل من جرعته، يجب أن يكون تحت إشراف الطبيب -وليس من المريض وحده- كي لا تحدث انتكاسات نفسيَّة، خصوصًا في حالة اضطرابات القلق.
أدوية الذهان وفقدان الرغبة الجنسيَّة
تُستخدَم مضادات الذهان في علاج العديد من الأمراض النفسيَّة وليس اضطراب الذهان فقط، لذلك يُشاع استخدامها ووصفها من قبل الأطبَّاء النفسيِّين، وتشتغل على تثبيط الدوبامين المسؤول عن الاستجابات العاطفيَّة ومراكز النشوة ونظام المكافأة في الدماغ، وهذا بدوره يزيد من مستويات هرمون البرولاكتين في الجسم، ممَّا يُسبِّب آثارًا جانبيَّة سلبيَّة على الصعيد الجنسي، وخصوصًا لدى الذكور والتي تتمثَّل في قلَّة الرغبة بالقيام بالعلاقة الحميمة، بالإضافة لحالات من ضعف الانتصاب والصعوبة في الوصول للقذف ورعشة الجماع، ومن الأمثلة على هذه الأدوية؛ دواء الثيوريدازين و دواء الهالوبيريدول.