العلاقة بين الفشل الكُلوي والضعف الجنسي
لاحظ مريضٌ بالفشل الكُلوي اضطرابًا متكرِّرًا في رغبته الجنسيَّة تجاه زوجته، وأن الانتصاب لم يعد قويًّا كسابق عهده، ومن ثم بدأ في البحث عن العلاقة بين الفشل الكلوي والضعف الجنسي، وهل يؤثِّر الفشل الكلوي سلبًا في الرجال فقط أم يؤثِّر في السيِّدات أيضًا؟ وكيف يمكن تجاوز الضعف الجنسي الناجم عن الفشل الكُلوي؟
ما هو الفشل الكلوي؟
يتشكَّل الجهاز البولي من الكليتين تعلو كل منهما الغدة الكظريَّة والحالبين وينتهي بالمثانة.
تعمل الكليتان على فلترة الدم وتنقيته من فضلات المواد الغذائيَّة والأدوية والمواد السامَّة؛ إذ تُصفِّي في كل دقيقة نحو نصف كوب من الدم.
تحافظ الكليتان أيضًا على اتزان نسبة السوائل بالجسم، علاوةً على الحفاظ على درجة حامضيَّة الدم (PH)، كما أنهما تلعبان دورًا في إنتاج كريات الدم الحمراء، ونمو العظم عن طريق إنتاج بعض الهرمونات.
ومن ثمّ فإنَّ الفشل الكلوي هو عجز الكليتين وفقدانهما القدرة على القيام بوظيفتهما الحيويَّة بالجسم؛ لذا تتراكم الفضلات وغيرها من المواد السامة بالجسم مسبِّبةً عددًا من المشاكل الصحيَّة، ومنها الضعف الجنسي سواء في الرجال أو السيدات.
أسباب الفشل الكلوي
هناك عدَّة عوامل من شأنها أن تؤدِّي إلى الفشل الكلوي، ومنها ما يلي:
- الإصابة بمرض السكَّري، إذ يمكن للمستويات المرتفعة للجلوكوز بالدم أن تسبِّب فشل الكلى.
- ارتفاع ضغط الدم؛ فهو يسبِّب ضيق الأوعية الدمويَّة ممَّا يقلِّل معدَّل تدفُّق الدم إلى الكلى مسبِّبًا الفشل الكلوى بمرور الوقت.
- التهاب كُبيبات (مُرَشّحات) الكلى.
- الجلطات الدمويَّة أو ترسُّب الكوليسترول في الأوعية الدمويَّة في الكليتين.
- الذئبة؛ هو مرض مناعي يسبِّب التهاب المُرشّحات الصغيرة في الكلى.
- أمراض القلب والأوعية الدمويَّة، وأمراض الكبد.
- فقدان السوائل باستمرار جراء القيء أو الإسهال المزمن.
- الإفراط في تناول بعض أنواع الأدوية مثل مدرّات البول والمسكِّنات وأدوية ضغط الدم.
- إدمان المخدّرات والمشروبات الكحوليَّة.
- الإصابة بالسرطان؛ مثل سرطان المثانة، وعنق الرحم، والقولون، وسرطان البروستاتا.
- تضخُّم البروستاتا.
- إهمال علاج حصوات الكلى.
أعراض الفشل الكُلوي
تختلف الأعراض من حالة لأخرى بناءً على نوع الفشل؛ إذ يمكن تقسيم الفشل الكلوي إلى نوعين، هما:
- الفشل الكلوي الحاد: وفيه تعجز الكليتان عن أداء وظيفتهما بصورة مفاجئة.
- الفشل الكلوي المزمن: ويعني القصور المزمن في وظائف الكليتين ممّا يضطر المريض لإجراء غسيل الكلى بصورة دوريَّة.
قد يصعب ملاحظة أي أعراض في بداية الإصابة بالفشل الكلوي؛ إذ يتمكن المريض من ملاحظة تدهور حالته عندما تضطرب النسبة بين الماء والأملاح في الجسم، ومن أعراض الفشل الكُلوي العامَّة:
- الشعور المستمرّ بالإعياء والخمول.
- تورُّم الساقين أو القدمين بسبب احتباس السوائل بالجسم.
- اضطراب نَظم القلب.
- ضيق التنفُّس والشعور بألم ضاغط في منطقة الصدر.
- جفاف الجلد ونقص كميَّة البول.
- التشنُّجات والغيبوبة في الحالات المتأخِّرة.
ما العلاقة بين الفشل الكلوي والضعف الجنسي؟
يُعدُّ الضعف الجنسي أحد مضاعفات الفشل الكلوي الشائعة؛ إذ يُصيب نحو 80% من الرجال والنساء الذين يعانون الفشل الكلوي.
ولا شكّ أنَّ مريض الفشل الكلوي يكون قلقًا على نفسه بصورة مستمرَّة. ممَّا يجعله مضغوط نفسيًّا معظم الوقت وقد يتحوَّل إلى مريض اكتئاب؛ وهذا يتسبَّب في انخفاض الرغبة الجنسيَّة، وصعوبة بلوغ الزوجين للنشوة الجنسيَّة.
علاوةً على الأثر السلبي الذي يتركه الفشل الكلوي؛ فقد يتسبَّب في تلف عدد من الأعصاب أو انخفاض كميَّة الدم المتدفِّقة إلى الأعضاء التناسليَّة سواء في الزوج أو الزوجة.
لماذا يسبِّب الفشل الكلوي الإصابة بالضعف الجنسي عند الرجال؟
يعاني مرضى الفشل الكلوي، خاصَّةً الأزواج، عددًا من المشاكل الجنسيَّة ومن أهمّها وأبرزها انخفاض الرغبة الجنسيَّة. وفقدان القدرة على الانتصاب بصورة سليمة، وهذا هو أهم ما يشغل الزوج ويؤرِّقه خاصَّةً في أثناء ممارسة العلاقة الحميمة.
ما يحدث بدايةً عند الأزواج المصابين بالفشل الكلوي. هو أنَّهم يصبحون أقلّ قدرة على الحفاظ على الانتصاب طوال المدَّة المعتادة، على الرغم من قدرتهم على القذف.
وبمرور الوقت يشعر الزوج بالإحباط. بل يمكن أن يكون الموقف أكثر إزعاجًا إذا فسَّرت الزوجة المشكلة على أنَّ زوجها قد فقد الاهتمام بها شخصيًّا.
ويعاني الزوج المصاب بالفشل الكلوي ضعفًا جنسيًّا بسبب عدَّة عوامل هي:
- اضطراب الهرمونات:
إذ يسبِّب الفشل الكلوي اختلال توازن الهرمونات بالجسم. ومنها انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون (هرمون الذكورة)، ممَّا يسبِّب ضعف الانتصاب. وانخفاض الرغبة الجنسيَّة لدى الزوج.
- ضعف الإمداد الدموي للقضيب:
في عمليَّة الانتصاب الطبيعيَّة يتدفَّق الدم إلى القضيب ليحافظ على صلابته خلال الإيلاج ولا يخرج منه إلا بعد القذف. فيعود القضيب إلى وضعه الطبيعي كما كان قبل الانتصاب.
- تلف الأوعية الدمويَّة في القضيب الذي يزيد من فرصة خروج الدم مرَّة أخرى بعد تدفّقه إلى القضيب ممَّا يُضعِف الانتصاب ويقلِّل مدّته.
- تناول بعض الأدوية لعلاج الفشل الكلوي قد يسبِّب ضعفًا جنسيًّا؛ إذ تتسبَّب بعض أنواع مدرَّات البول في إصابة الزوج بضعف الانتصاب إثر انخفاض كميَّة الدم المتدفِّقة للقضيب.
تشخيص الضعف الجنسي الناجم عن الفشل الكُلوي عند الزوج
الخطوة الأولى والأكثر أهميَّة تعتمد على المريض نفسه؛ ألا وهي إدراك واستيعاب البصمة السلبيَّة التي يخلِّفها الفشل الكلوي على الصحَّة الجنسيَّة؛ إذ إنَّه غالبًا ما يكون هناك الكثير من المعاناة غير المُجديَّة بسبب إنكار المشكلة، أو الخوف والشعور بالإحراج.
أيضًا بعض متخصّصي الكُلى ليس لديهم خبرة في علاج المشاكل الجنسيَّة عند المصابين بالفشل الكلوي؛ لذا ننصح الزوجين دائمًا بمقابلة خبير في المشاكل الجنسيَّة لتخطِّي مضاعفات الفشل الكُلوي بسلام.
وبمجرَّد أن يدرك مريض الفشل الكلوي إصابته بالضعف الجنسي يكون قد قطع بذلك نصف الطريق إلى العلاج، وعليه بزيارة أقرب متخصِّص ليقوم بالآتي:
- الاطمئنان على صحَّة المريض بصورة عامَّة، وقد يشمل الفحص تقييم المسافة التي يمكن أن يمشيها المريض على أرض مستوية دون توقُّف.
- الفحص البدني: يفحص الطبيب الأعضاء التناسليَّة، ويتحسَّس النبض أيضًا في بعض المناطق في الساقين؛ فإذا كان النبض بها ضعيفًا دلَّ ذلك على ضيق الأوعيَّة الدمويَّة بهما، ممَّا يعني حدوث التضيُّق في الأوعية الدمويَّة بالقضيب ومن ثمّ ضعف الإمداد الدموي به.
- فحوصات الدم: سيطلب الطبيب عمل بعض فحوصات الدم لقياس مستويات الهرمونات بالإضافة إلى فحوصات الدم المعتادة، ومن هذه الفحوصات:
- التستوستيرون.
- الهرمون اللوتيني (LH)، والهرمون المنبّه للجريب (FSH)، وهما هرمونان ينظِّمان عمل الخصيتين.
- البرولاكتين: وهو المسؤول عن إنتاج الحليب عند السيدات، ولكنَّه غالبًا ما يكون موجودًا بنسبة أكبر من المعتاد في مرضى الفشل الكُلوي الذكور، مشيرًا لإصابتهم بالضعف الجنسي.
- ينبغي للمريض أيضًا أن يبلِّغ الطبيب إذا كان يتناول أي أدوية أخرى؛ فقد يكون لها تأثيرًا سلبيًّا على صحّته الجنسيَّة، علاوةً على تأثير الفشل الكُلوي.
- قد يوجِّه الطبيب لمريض الفشل الكُلوي بعض الأسئلة للاطمئنان على صحّته النفسيَّة، واستبعاد أي عامل نفسي قد يؤثّر على الصحَّة الجنسيَّة مثل التوتّر والقلق والاكتئاب.
التمتُّع بصحَّة جنسيَّة في ظلِّ إصابة الزوج بالفشل الكُلوي
تبدأ رحلة تحسين الصحَّة الجنسيَّة للزوج بزيارة الطبيب المتخصِّص الذي سيشرع في استبعاد أيّ عوامل أخرى قد يكون لها دور في زيادة مشكلة الضعف الجنسي، مثل:
- فقر الدم (الأنيميا).
- عدد جلسات غسيل الكلى التي يُجريها المريض.
- أنواع الأدوية اللازمة للتعايُش مع الفشل الكُلوي.
حيث تبدأ مرحلة علاج الضعف الجنسي بصورة أكثر تركيزًا؛ فقد تشمل وسائل العلاج ما يلي:
- وصف بعض الأدوية، مثل: الفياجرا.
- حقن هرمون التستوستيرون بصورة مباشرة في الدم لتعويض النقص الحاصل فيه.
- استخدام جهاز تفريغ (vacuum device) وهو جهاز يستخدم للحفاظ على انتصاب القضيب في أثناء العلاقة الحميمة.
- تركيب الدعامات للقضيب.
ذلك بالإضافة إلى خيارات العلاج الطبيعي المختلفة، أيضًا قد يُنصَح مريض الفشل الكُلوي بالمتابعة مع متخصّصٍ نفسي لحلّ مشكلة الضعف الجنسي من كافَّة جوانبها.
أعراض الضعف الجنسي عند الزوجة المصابة بالفشل الكلوي
- انخفاض الرغبة في ممارسة العلاقة الحميمة مع زوجها وعدم انجذابها له.
- اضطراب الاستثارة الجنسيَّة وصعوبة بلوغ النشوة في أثناء الجماع.
تشخيص الضعف الجنسي لدى الزوجة
يبدأ التشخيص بالسؤال عن التاريخ المرضي والحالة الجنسيَّة للزوجة. لذا ننصح بتنحية الشعور بالحرج جانبًا والإفصاح عن المشكلات التي تشعر بها الزوجة لحلّ المشكلة من جذورها.
بعد ذلك الفحص البدني عن طريق فحص الحوض. والتأكُّد ما إذا كانت الزوجة تشعر بأي آلام في تلك المنطقة أم لا. ثم يطلب إجراء بعض فحوصات الدم اللازمة لمعرفة مستويات الهرمونات مثل الإستروجين (هرمون الأنوثة).
علاج الضعف الجنسي المرتبط بالفشل الكلوي لدى الزوجة
تتعدَّد وسائل علاج الضعف الجنسى للزوجة المصابة بالفشل الكلوي؛ لذا ننصح بالتوجُّه مباشرةً إلى متخصِّص الصحَّة الجنسيَّة ليصف ما هو مناسب لحلّ المشكلة جذريًّا؛ إذ تختلف طريقة العلاج المناسبة من سيِّدة لأخرى.