وجود دم في السائل المنوي أو احتباسه؛ الأسباب والعلاج
- أوَّلًا، وجود دم في السائل المنوي وتأثيره على صحَّة الأزواج الجنسيَّة
- ما أسباب ظهور دم في السائل المنوي؟
- متى ينبغي زيارة الطبيب؟
- تشخيص وعلاج أسباب الدم في السائل المنوي
- ثانيًا: احتباس السائل المنوي، ما المقصود به؟
- كيف تؤثِّر مشكلة عدم القذف على الصحَّة الجنسيَّة للأزواج؟
- ما أسباب عدم القذف؟
- كيف يمكن تشخيص مشكلة عدم القذف؟
- علاج عدم القذف
يُعدُّ خروج السائل المنوي بلونه المائل للأبيض في اللحظات الحميمة إشارة إلى نهاية سعيدة للمشهد الرومانسي بين الزوجين؛ لكن هل سبق أن فكَّرت ماذا لو تغيَّر هذا السيناريو المألوف وظهر بعض الدم في السائل المنوي أو احتبس تمامًا؟ وهل يُعدُّ ذلك مؤشِّرًا لمشكلات صحيَّة تحوِّل هذه اللحظات إلى مصدرٍ للقلق والتوتُّر؟
لنستكشف في مقالنا اليوم هذه الجوانب ونلقي نظرة عميقة على مشاكل صحيَّة قد تختبئ وراء هذه التغيُّرات المفاجئة في السائل المنوي.
أوَّلًا، وجود دم في السائل المنوي وتأثيره على صحَّة الأزواج الجنسيَّة
قد يلاحظ الزوج اختلاط السائل المنوي ببعض قطرات الدم أو تحوُّل لونه إلى الأحمر في ظاهرة تُعرف علميًّا باسم هيماتوسبيرميا (Hematospermia) فيُصاب بالذعر والفزع لظنِّه أنَّ هذا مؤشِّر لإصابته بمشكلة صحيَّة خطيرة، ممَّا يؤثِّر سلبًا على أدائه ورغبته الجنسيَّة، وقد يتجنَّب الجماع أصلًا حتى لا يرى تلك القطرات التي تؤرِّقه.
يشير المتخصِّصون إلى أنَّ الأمر ليس بهذه الخطورة، بل إنَّه قد لا يكون دليلًا على الإصابة بمشكلة صحيَّة عند هؤلاء الذين لم يتجاوزوا الأربعين عامًا ما لم تصاحبه أعراض أخرى، إذ يمكن أن يظهر إثر تكرار ممارسة العادة السريَّة أو الإفراط في ممارسة العلاقة الحميمة، إذن ماذا عمَّن تجاوز الأربعين؟
ما أسباب ظهور دم في السائل المنوي؟
يمرُّ السائل المنوي عبر عدد من الأنابيب في طريقه إلى مجرى البول ليخرج عند القذف، لكن هذا الطريق مُحاط بالكثير من الأوعية الدمويَّة التي يمكن أن تتمزَّق أو تنفجر لعدَّة أسباب فيهرب الدم منها ليخرج مع السائل المنوي.
لنعود إلى سؤالنا الذي يطرح نفسه الآن .. ماذا عن من تجاوز الأربعين ولاحظ ظهور بعض قطرات الدم في السائل المنوي؟
إنَّ ظهور الدم في هذه المراحل العمريَّة غالبًا ما تصاحبه بعض الأعراض التي تشير إلى احتماليَّة الإصابة ببعض المشاكل الصحيَّة، مثل:
الالتهابات
تعتلي التهابات غدد الجهاز التناسلي الذكري وأنابيبه قائمة مسبِّبات ظهور الدم في السائل المنوي، وتشمل:
- التهاب البروستاتا والحويصلات المنويَّة (Prostatitis & seminal vesiculitis)
وهي التهابات يعاني صاحبها أيضًا من الألم عند التبوُّل أو الجماع.
- التهابات البربخ (Epididymitis)
وهو عبارة عن التفاف أنبوبي خلف الخصية وظيفته تخزين الحيوانات المنويَّة، وغالبًا ما يلتهب جراء عدوى بكتيريَّة ممَّا يُسبِّب تورم واحمرار كيس الصفن مع تورُّم إحدى الخصيتين أو كلتيهما علاوةً على الألم عند التبوُّل.
- التهاب الإحليل (مجرى البول – Urethritis)
ويسبِّب الألم عند التبوُّل، بالإضافة إلى الرغبة في الحكَّة وخروج بعض الإفرازات الكريهة.
يمكن أن يشير الدم في السائل المنوي أيضًا، إلى الإصابة بالالتهابات الناجمة عن حصوات البروستاتا أو المثانة أو الإحليل، ممَّا يستدعي استشارة طبيب متخصِّص حتى لا تتفاقم المشكلة، ويصبح حلّها أكثر تعقيدًا.
الإصابة بالعدوى
يمكن أن تؤدِّي الإصابة بأحد أنواع العدوى في أي غدَّة أو قناة أو أنبوب أو عضو من الأعضاء التناسليَّة الذكريَّة إلى ظهور الدم في السائل المنوي، ومنها:
- الأمراض المنقولة جنسيًّا (STDs)، مثل:
- الكلاميديا أو السيلان أو الهربس.
- العدوى الفيروسيَّة أو البكتيريَّة أو الفطريَّة.
الانسدادات
يتسبَّب انسداد القنوات أو الأنابيب الناقلة للسائل المنوي في اتِّساع الأوعية الدمويَّة المحيطة بها، ثمَّ انفجارها جرّاء الضغط مسبِّبةً ظهور الدم في السائل المنوي.
وإذا كان الزوج يعاني من تضخُّم البروستاتا، فإنَّه يمكن أن يلاحظ أيضًا تغيُّر لون سائله المنوي إلى الأحمر بسبب خروج الدم من الأوعية الدمويَّة إثر الضغط الواقع على الإحليل.
كما يمكن أن يكون الدم الموجود في السائل المنوي علامةً على ما هو أخطر ممَّا سبق، إذ يشير إلى الإصابة بالأورام الحميدة أو الخبيثة في:
- البروستاتا.
- البربخ.
- الحويصلات المنويَّة.
- الخصيتين.
- يمكن أيضًا أن تفسّر تشوُّهات الأوعية الدمويَّة في الأعضاء التناسليَّة الذكريَّة، مثل الأكياس الوعائيَّة (vascular cyst) وجود دم في السائل المنوي.
الإجراءات الطبيَّة أو الجروح
قد تلاحظ ظهور الدم في السائل المنوي كذلك، إذا تعرَّضَت إحدى الخصيتين أو كلتيهما إلى ضربة قويَّة في أثناء ممارسة الرياضة مثلًا، أو اضطُررت لإجراء فحص طبِّي على البروستاتا أو المسالك البوليَّة، لكنه في هذه الحالة يختفي تلقائيًّا دون الحاجة إلى التدخُّل الطبِّي.
يمكن أن تلعب بعض المشاكل الصحيَّة الأخرى غير المرتبطة بالجهاز التناسلي دورًا -وإن كان غير مباشِر- في ظهور الدم في السائل المنوي، ومن أهمِّها:
- ارتفاع ضغط الدم.
- سيولة الدم.
- سرطان الدم (اللوكيميا).
- أمراض الكبد المزمنة.
- الإيدز.
- كسور الحوض.
متى ينبغي زيارة الطبيب؟
يمكننا القول إنَّ تحديد مدى ضرورة زيارة الطبيب تعتمد على عدَّة عوامل، مثل:
- العمر؛ إذ إنَّ وجود الدم في السائل المنوي بعد الأربعين قد يكون مؤشِّرًا لتطوُّر سرطان البروستاتا -مثلما أشرنا- ومن ثمّ يجب إبلاغ الطبيب في حال ملاحظة الدم.
- استمراريَّة نزول الدم في السائل المنوي، إذ ينبغي استشارة الطبيب في حال استمرَّ نزول الدم أكثر من شهر دون أن يختفي تلقائيًّا.
- ملاحظة أي أعراض أخرى مصاحبة لنزول الدم، مثل:
- الشعور بالألم عند القذف أو التبوُّل.
- تورُّم كيس الصفن.
- الشعور بألم أسفل الظهر.
- وجود تاريخ عائلي أو شخصي للإصابة بالأورام؛ وخصوصًا أورام الجهاز التناسلي، أو الأمراض المنقولة جنسيًّا.
تشخيص وعلاج أسباب الدم في السائل المنوي
لا يعني علاج مشكلة وجود الدم في السائل المنوي مجرَّد التخلُّص من وجوده فقط، بل إنَّ رحلة العلاج تبدأ بالتشخيص الدقيق للأسباب لذا يبدأ الطبيب بالفحص السريري للتأكُّد من وجود أي تورُّم أو احمرار بالخصية، ويمكن أن يطلب إجراء بعض الفحوصات الأخرى مثل:
- فحص معملي للسائل المنوي، وعيِّنة بول للتأكُّد من وجود عدوى.
- فحوصات الدم لتشخيص الأمراض المنقولة جنسيًّا.
- فحص سرطان البروستاتا (PSA).
- تصوير المثانة لتشخيص الانسدادات بواحد أو أكثر من الفحوصات التالية:
- الموجات فوق الصوتيَّة.
- الرنين المغناطيسي.
- التصوير المقطعي المحوسب.
- المنظار.
وبمجرَّد معرفة سبب الدم الظاهر في السائل المنوي قد يصف الطبيب العلاجات التالية:
- المضادَّات الحيويَّة لمكافحة العدوى.
- مضادَّات الالتهابات.
- قد يتطلَّب الأمر تدخُّلًا جراحيًّا في حال وجود انسدادات للتخلُّص من حصوات الجهاز التناسلي أو البولي.
- يمكن كذلك أن يوجِّهك لآخر متخصِّص في علاج الأورام إن كانت هي السبب.
ثانيًا: احتباس السائل المنوي، ما المقصود به؟
هي ممارسة وليست مشكلة صحيَّة، وتعني ببساطة وصول الرجل إلى النشوة الجنسيَّة دون أن يقذف عمدًا، لذا يتطلب قدرًا كبيرًا من التحكُّم في عضلات الحوض ولا يوجد من الأبحاث أو الدراسات ما يشير أنَّ لهذا تأثير سلبي على الصحَّة الجنسيَّة.
لكن هناك بعض الحالات التي يبلغ فيها الزوج نشوة الجماع، لكنَّه لا يتمكَّن من القذف ممَّا قد يسبِّب العقم، وهي حالة تُعرف علميًّا باسم عدم القذف (Anejaculation)، ويقسِّمه المتخصِّصون حسب أسبابه إلى نوعين، هما:
- عدم القذف الأوَّلي (Primary anejaculation):
لا يقدر مريض هذا النوع على القذف نهائيًّا، ويحدث غالبًا جرّاء وجود انسداد في مسار السائل المنوي ممَّا يمنعه من الخروج، وقد يكون سبب ذلك الانسداد خلقيًّا أو مكتسبًا.
- عدم القذف الثانوي (Secondary anejaculation):
ويعني عدم خروج السائل المنوي بعد أن كان يخرج بصورة طبيعيَّة عند بلوغ نشوة الجماع، ويرجع ذلك إلى مشكلة ما قد لا تتعلَّق بالجهاز التناسلي بصورة مباشرة، لكن ما يُطمئِن في الأمر أنَّه أسهل في علاجه من النوع الأوَّل، وكل ما يتعيّن على الطبيب هو معرفة السبب وراء هذه المشكلة وعلاجها بدقَّة.
كيف تؤثِّر مشكلة عدم القذف على الصحَّة الجنسيَّة للأزواج؟
يمكن لمشكلة عدم القذف أن تؤثِّر على عدد من جوانب الحياة الزوجيَّة منها النفسي والبدني، ولا شك أنَّ العلاقة الجنسيَّة الزوجيَّة لن تنجو من هذا التأثير، ومن أبرز مضاعفات عدم القذف:
- القلق والاكتئاب والشعور بالضغط النفسي وعدم الثقة بالنفس، ممَّا يزيد التأثير السلبي على الأداء الجنسي في العلاقة الجنسيَّة الزوجيَّة.
- اضطراب العلاقة بين الزوجين وتوتُّر التواصل بينهما.
- يعاني الزوج من شعور مستمرّ بالإحباط والحرج أمام زوجته مع كل مرَّة للعلاقة الحميمة “الجنسيَّة الزوجيَّة”، علاوةً على انخفاض تقديره لذاته ممَّا يدفعه لتجنُّب الجماع برُمته.
- اضطراب الانتصاب أو ضعفه (Erectile dysfunction)، كما يمكن أن تتورّم الحويصلات المنويَّة.
ما أسباب عدم القذف؟
تتنوَّع أسباب الإصابة بعدم القذف بين العضويَّة والدوائيَّة والنفسيَّة، وهذا ما نوضحه فيما يلي:
الأسباب النفسيَّة:
- التعرُّض للتوتُّر والضغط النفسي الشديد.
- الشعور بعدم قبول الزوجة له.
الأسباب العضويَّة:
- التعرُّض لجراحات سابقة في المثانة أو البروستاتا.
- التهاب البروستاتا.
- انسداد القنوات القذفيَّة (EDO).
- الإصابة بأحد أنواع اعتلالات الجهاز العصبي (Autonomic nervous dysfunction)، مثل:
- مرض باركنسون.
- التصلُّب المتعدِّد (MS).
- داء السكَّري.
- إصابات الحبل الشوكي.
الأسباب الدوائيَّة
يمكن أن يسبِّب تناول بعض أنواع العقاقير احتباس السائل المنوي، مثل: مضادَّات الاكتئاب وأدوية الفصام، وبعض المهدِّئات.
كيف يمكن تشخيص مشكلة عدم القذف؟
بعد استيفاء الأعراض وسؤال الطبيب عن التاريخ المرضي وإجراء الفحص البدني، قد يطلب عمل تحليل بول بسيط، تُجمع عيّنته بعد الوصول إلى النشوة الجنسيَّة لفحص وجود حيوانات منويَّة فيها:
- إذا كانت العيِّنة خالية من الحيوانات المنويَّة، فقد يشير ذلك إلى مشكلة عدم القذف.
- أما إذا وُجدت بعض الحيوانات المنويَّة في العيِّنة، فقد يشير ذلك إلى مشكلة في القذف الرجوعي ويعني أنَّ السائل المنوي يرتدُّ إلى المثانة.
قد يطلب الطبيب أيضًا إجراء فحوصات تصويريَّة مثل الموجات فوق الصوتيَّة أو منظار على المثانة (Cystoscopy) لاستبعاد وجود تشوُّهات في الحويصلات المنويَّة، أو ضيق في مجرى البول أو القنوات القذفيَّة.
علاج عدم القذف
يُنصَح في البداية، بالتشاور مع الطبيب النفسي إذا كان السبب نفسيًّا ولا يرتبط بأي أعراض أخرى تشير إلى وجود مشكلة عضويَّة.
أمَّا إذا كان السبب غير نفسي، فيجب التوجُّه مباشرةً إلى طبيب مختصّ لتشخيص وعلاج السبب العضوي، وقد يتضمَّن العلاج مضادَّات الالتهابات والمضادَّات الحيويَّة أو إجراء تدخُّل جراحي في حالة انسداد القنوات القذفيَّة، وقد يتطلَّب العلاج الالتزام بإرشادات طبيب أمراض الباطنة للسيطرة على تأثير السكَّري.