اضطراب الهوية الجندرية

اقرأ في هذا المقال
  • الهويَّة الجندريَّة.
  • أسباب اضطراب الهويَّة الجندريَّة.
  • أعراض اضطراب الهويَّة الجندريَّة.
  • تشخيص اضطراب الهويَّة الجندريَّة.
  • علاج اضطراب الهويَّة الجندريَّة.

الهويَّة الجندريَّة


تُعرّف الهويَّة الجندريَّة على أنَّها تصوُّرٌ شخصيّ للنَّفس كذكرٍ أو أنثى (أو نادرًا يكون التصوُّر ذكوري-أنثوي)، ويرتبط هذا المفهوم بالنوع الاجتماعي، والذي يتمُّ تعريفه على أنَّهُ المظاهر الخارجيَّة للشخصيَّة التي تعكس الهويَّة الجنسيَّة، وإنّ الهويَّة الجندريَّة -في جميع الحالات تقريبًا- يتمُّ تحديدها ذاتيًّا نتيجةً لمزيجٍ من العوامل المتأصِّلة أو الخارجيَّة أو البيئيَّة، ومن ناحية أخرى، يتجلَّى دور الجندر في المجتمع من خلال عوامل ملحوظة كالسلوك والمظهر، على سبيل المثال؛ إذا كان الشخص يعتبر نفسه ذكرًا وهو أكثر راحة في الإشارة إلى جنسه الشخصي من الناحية الذكوريَّة، فإنَّ هويّته الجنسيَّة هي الذكوريَّة، والتي تتجلَّى في اللِّباس و/أو السلوكيَّات.

أسباب اضطراب الهويَّة الجندريَّة

إنَّ السبب الرئيس لاضطرابات الهويَّة الجندريَّة مجهولٌ حتَّى الآن، ويجب أن يتمَّ التنويه إلى أنَّ الحالة هنا تتجلَّى في الانزعاج أو عدم الاقتناع بالهويَّة الجنسيَّة عند الإنسان، بمعنى أنَّهُ غير مقتنع بأعضائهِ الجنسيَّة وهويَّته الجسديَّة ويكاد يشعر نفسه أنَّهُ في جسدٍ لا ينتمي إليه، وإنَّ هذه الفكرة ليست مجرَّد تَرفٍ طبيّ أو حالات عرضيَّة شديدة الندرة، حيث أنَّ هنالك حالات غير قليلة تمرُّ باضطرابات الهويَّة الجندريَّة وتعاني منها أشدَّ ما يمكن من معاناة، ورغم أنّ الأسباب الرئيسة لهذه الاضطرابات مجهولة، إلّا أنَّهُ يجب التنويه إلى الاحتماليَّة الكبيرة في تورُّط التأثيرات الهرمونيَّة والهرمونات المختلفة في الرحم في فترات الحمل في تحديد الهويَّة الجندريَّة، وعادةً ما تكون بداية الاهتمامات والأنشطة المشتركة بين الجنسين بين عمر 2 و4 سنوات إشارة إلى وجود اضطرابات في الهويَّة الجندريَّة، ويشير بعض الآباء إلى أنَّ أطفالهم لديهم دائمًا اهتمامات مشتركة بين الجنسين، فقط عدد صغير جدًّا من الأطفال الذين يعانون من اضطراب في الجنس ستظلُّ لديهم الأعراض حتى مرحلة المراهقة أو البلوغ في وقتٍ لاحق، وهنالك مرحلتان أو دورتان لتصنيف تطوُّر السلوكيَّات هنا، وذلك على النحو الآتي:

الدورة الأولى: عادةً ما تكون أعراض الاضطراب موجودة في أواخر مرحلة المراهقة أو مرحلة البلوغ، وهي استمرار لعُسر الشهوة الجنسيَّة التي كان لها بداية في مرحلة الطفولة أو في مرحلة المراهقة المبكِّرة.

الدورة الثانية: تظهر الأعراض هنا بشكلٍ متأخِّر وقد تكون أكثر تقلُّبًا في درجة تحديد الهويَّة بين الجنسين، وأحيانًا أكثر صعوبةً حول جراحة إعادة تعيين الجنس.

أعراض اضطراب الهويَّة الجندريَّة

إنَّ اضطراب الهويَّة الجندريَّة أو النوع الاجتماعي يظهر مختلفًا باختلاف الفئات العمريَّة، وفيما يأتي المعايير التي ينظر إليها الأطبَّاء وخصوصًا أخصائيو اضطرابات الهويَّة الجندريَّة لتشخيص هذه الاضطرابات لدى الأطفال والمراهقين والبالغين.

اضطراب الهويَّة الجندريَّة عند الأطفال: يُلاحظ هنا تناقض بين جنس الطفل المُعبَّر عنه وبين الجنس الذي تمَّ تعيينه عند الولادة، هذا التنافر يستمرّ مدَّة ستة أشهر على الأقل، حيث يُظهِر الطفل رغبة قويَّة في أن يكون من النوع الجنسي الآخر، ويتجلَّى ذلك مثلًا بتفضيل الذكور خلع ملابسهم والتعرِّي في هذا السن، على عكس الإناث اللواتي يفضِّلن ارتداء الملابس الذكوريَّة، وقد يكون هنالك تجليات أخرى من مثيلات تبادل الأدوار الذكوريَّة والأنثويَّة عند ممارسة الألعاب أو الأنشطة الترفيهيَّة.

اضطراب الهويَّة الجندريَّة عند المراهقين والبالغين: هنا يكون تناقضٌ حادّ ومُعبَّر عنه بشدَّة بين الأعضاء الجنسيَّة الموجودة سابقًا والخصائص الجنسيَّة الثانويَّة مثل الثديين وشعر الإبط، حيث إنَّ هذا التنافر أو التناقض يستمرّ مدَّة 6 أشهر على الأقل. يترافق ذلك مع وجود رغبة قويَّة في التخلُّص من الخصائص الجنسيَّة الأوليَّة (الأعضاء التناسليَّة) و/أو الثانويَّة (نمو الشعر أو عدمه، وخشونة الصوت أو نعومته) مع رغبة قويَّة جدًّا في أن يكون الفرد من النوع الجنسي المُخالِف.

تشخيص اضطراب الهويَّة الجندريَّة

الأفراد الذين يعانون من اضطرابات الهويَّة الجندريَّة هم على تضادٍّ يوميّ مع هويّتهم البيولوجيَّة، أيّ أنَّ إحساسهم لا يتَّفق مع ما يمتلكونه من أعضاء جنسيَّة معيَّنة ودوافعهم الجنسيَّة النفسيَّة، هذه النقطة مهمَّة جدًّا في التشخيص، فالاضطراب الحادث نتيجة هذا التضادّ هو من العلامات الأولى التي يراها الطبيب أو حتّى الإنسان البسيط، ومن خلال عدَّة أسئلة بسيطة للمريض عن حياته داخل المنزل وخارج المنزل، يتمّ معرفة علَّته مباشرةً، بعض المرضى يُظهرون غرابةً في التصرُّف، كأن يكون ذكرًا بيولوجيًّا، لكنَّه يأتي لمقابلة الطبيب بزيٍّ أنثوي وخصوصًا الجريء منهم، أمَّا في حالة المريض الذكر، فيميل عادةً للبس الأنثوي المتحرِّر كونه يساعده على الشعور بأنوثته التي لا تستطيع أعضاؤه الذكوريَّة الإفصاح عنها، هو يظنُّ أنَّه من خلال هذا اللباس مع بعض مستحضرات التجميل سيصرِّح للجميع عن هُويته النفسيَّة أو ما يجب أن يكون، لكن للأسف، ففي كثير من الأحيان يكون المجتمع غير متقبِّل لسلوكه المحيِّر هذا، وقد يترافقَ ذلك مع رفضه بل وإشعاره بغرابته الشديدة عن المألوف، ممَّا يجعله يعاني من اضطرابات نفسيَّة كالقلق والاكتئاب الأعظم، وممكن أن يُسبِّب الرفض المجتمعي له عزلةً شبه دائمة في المنزل لتجنُّب الاحتكاك بالآخرين.

ومن الضروري الإشارة لنقطة في غاية الأهميَّة، وهي أنَّ اضطراب الهويَّة الجندريَّة لا يعتبره الكثير من الأطباء (وخصوصًا في الغرب) عبارة عن مرض، إلّا إذا أحدثَ تعطيلًا في حياة الشخص، حيث أنَّ هذه النوعيَّة من الأمراض تتعلَّق بمقدار تعطيلها لحياة الأفراد، فهناك كثير من الذكور مثلًا، والذين يعانون مثل هذا النوع من الاضطرابات، يتعايشون كإناث، على المستوى الشكلي والنفسي وحتَّى على مستوى العلاقات الجنسيَّة، وعندما يتعلَّق الأمر بالأطفال، يعملون على قضيَّة التبني أو أنّهم يكونون من أصحاب المذهب اللإنجابي، هذه القضايا قد تكون شائكة في المجتمع هنا، لذلك سيلجأ المريض على الفور للعلاج الهرموني أو الجراحي بحثًا عن تغيير جذري في حياته حتَّى لا يسبِّب المشاكل لنفسه، وذلك دون إعطاء الفرصة لنفسه في التعايش مع الحالة دون التدخُّل الطبي، ومن الجدير بالذكر أنَّ التشخيص يعتمد على استمرار الأعراض التي تمَّت الإشارة إليها في فقرة الأعراض مدَّة تزيد عن ستَّة أشهر، وهذا ما يخوِّل الأطبَّاء لافتراض التشخيص المناسب والبدء على تطبيق خطَّة علاجيَّة سليمة.

علاج اضطراب الهويَّة الجندريَّة

 يُوصى عادةً، باستشارة أسرة الطفل وأخذ التاريخ المرضي الكامل -إن وجد- للطفل قبل البدء بالمعالجة، ويُوصى أيضًا، بالعلاج الفردي أو للأزواج بشكلٍ ثنائيّ، ويُعدُّ إعادة تعيين الجنس من خلال الجراحة وعلاج اضطرابات الهرمونات خيارًا جيّدًا، ولكن قد تستمرّ مشاكل الهويَّة بعد هذا العلاج، وإنَّ كثيرًا من البالغين الذين يعانون من خللٍ في الجسد يكتشفون طرقًا مريحة وفعَّالة للحياة لا تتضمَّن جميع مكوّنات العلاج الثلاثي (الطور النفسي والجراحي والهرموني)، بينما بعض الأفراد ينجحون في القيام بذلك من تلقاء أنفسهم، إلا أنَّ العلاج النفسي قد يكون مفيدًا للغاية في تحقيق الاكتشاف والنضج الشخصيين اللذين يسهِّلان الراحة الذاتيَّة، وترتبط أفضل النتائج بالتشخيص المبكِّر، والبيئة الداعمة، والعلاج الشامل الذي يحترم رغبات الفرد.

اظهر المزيد

نور الدين حسن

طبيب عام ومقيم أمراض نفسيَّة وعصبيَّة وسلوكيَّة - وزارة الصحة./ كاتب محتوى علمي وطبي مع العديد من المنصات والمواقع الطبية والعلمية./ مدرب في الصحة الجنسية والإنجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى