التربية الجنسيَّة لدى الأطفال
- الثقيف الجنسي للطفل.
- العادة السريَّة والأطفال.
- ماذا أقول عن الجنس لطفلٍ في عمر سنتين؟
- ماذا أقول عن الجنس لطفل في عمر 4 إلى 5 سنوات؟
- ماذا أقول عن الجنس لطفل في عمر 6 إلى 8 سنوات؟
الثقيف الجنسي للطفل
ربما يكون عنوان التربية الجنسيَّة لدى الأطفال غريبًا أو غير مألوف للوهلة الأولى، لكن ما أن تشرع في تناوله واستيعاب إسقاطاته على المجتمع الإنساني عمومًا ومجتمعنا العربي على وجه الخصوص.
كونهُ بداية لسلسلة من المقالات التوعويَّة التي تسعى لنشر المحتوى العلمي المفيد من حيث التطبيق العملي بتعابير بسيطة وسهلة الهضم، سواء من خلال نقل خلاصات الدراسات الغربيَّة المُحكمَة. أو من خلال خبرة الكاتب الذي يتناول عنوان المقال من صُلبِ اختصاصِه، أو بالدمج بين الطريقتين مع الحرص على جعل المقال مفيدًا على الصعيد العملي كما أسلفنا، والابتعاد عن الحشو اللغوي والرَّطانة العلميَّة التي لا تسمن ولا تُغني.
إنّ التربية هي أساس تنشئة الفرد الإنساني في أيّ مجتمعٍ كان، ولها جوانب وتفرُّعات عدَّة، لكن مضمون المقال هو التفرُّع الذي يغيب أو يُغيَّب في كثير من الأحيان وهو التربية الجنسيَّة أو التثقيف الجنسي للطفل في بدايات مراحله العمريَّة، وينطوي ذلك على التحدُّث إلى الأطفال عن الجنس، ونشر التوعية حولَه قبل دخولهم سنّ البلوغ، وبَعده أيضًا وصولًا إلى سنِّ الرُّشد، والذي يمكِّنهم حينها من استكمال المعرفة الجنسيَّة الإيجابيَّة.
عادةً ما تتجلّى آليَّة هذا التثقيف، على شروع الوالدين أو السلطة التربويَّة في المدرسة على تقديم عبارات مبسَّطة عن هذا الجانب. أو من خلال الإجابة على أسئلة الطفل وإشباع فضوله بطريقةٍ تربويَّة، كي يحمي نفسه من الاعتداءات ومحاولات التحرّش الصادرة عن فئات تعاني من تشوّهات نفسيَّة في المجتمع- سواء من الأقارب أو الغرباء-. وكي لا يلجَأ إلى وسائل فاسدة تُعرِّفه على هذا العالم.
تذكر الدراسات، أنَّ مساعدة الطفل في بدايات المشي وتطوُّر قدرته على الكلام، لا تزيد أهميَّة أبدًا عن تعريفه على الأسماء الصحيحة لأعضائه الجنسيَّة. ومحاولة إفهامه أهميّتها وقدسيّتها ووجوب الحفاظ عليها، وعدم السماح لأحد مهما كان قريبًا أو صديقًا أو زميلًا في المدرسة على الإتيان على ذكرها في المزاح، أو محاولة لمسها أو أشياء من هذا القبيل.
ومثال على ذلك، إجابة الطفل عندما يُشير لعضو من أعضائه أثناء الاستحمام مستفسرًا عن اسمه وسبب وجوده، فإجابة الطفل على هذا السؤال من قِبل والدته أو والده اللذين بالضرورة يخافان عليه، يبني جسور الثقة ويحميه من أي مفاسد قد يتعرَّض لها من البيئة المحيطة به.
العادة السريَّة والأطفال
تذكر الدراسات وجوب توضيح السلوكيات الجنسيَّة المبكِّرة لدى الطفل، سواء مع اقتراب بلوغه أو بعد بلوغه، حيث يعبِّر الكثير من الأطفال الصغار عن فضولهم الجنسي بحركات لا يقصدون فيها أيّ إشارة خاطئة. وذلك من مثيلات أن يقوم الطفل الذكر بإمساك قضيبه أمام أبويه أو الضيوف، أو أن تضع الطفلة الأنثى يدها على أعضائها أمام الغرباء، أو ضبط طفلك وهو يمارس العادة السريَّة دون معرفته نوع هذا النشاط وماذا يعني، فقبل البلوغ أو في بدايات البلوغ.
قد يُكرّر الأطفال هذه الممارسة فقط لأنها تعطيهم شعورًا بالسعادة دون أدنى دراية بمقاصدِها. وهنا إذا ضُبِط الطفل يفعل ذلك يجب الجلوس معه وتوعيته أنَّ هذا الفعل له وعليه، والتحدُّث عنه بلغةٍ علميَّة بسيطة، دون استخدام وسائل الردع والترهيب التي يستخدمها الأهل أو المنظومة التربويَّة في المدرسة. والتي يعتقدون أنّها مُستمدَّة من المنظومة الدينيَّة للأسف، بل الجلوس معه والحوار بشكل إنساني وإفهامه أنَّ هذا السلوك هو نشاطٌ إنساني طبيعي لكنَّهُ خاصّ جدًا، وأنَّ تَكراره يمكن أن يكون ضارًّا، وأنَّهُ لا يمكن ممارسته في الأماكن العامَّة.
إنَّ التدخُّل الأسري في هذه الحالات يحمي الطفل من الإصابة بعدوى مشاهدة الأفلام الإباحيَّة وبداية تشوُّه التجربة الجنسيَّة الإنسانيَّة وتأثيرها السلبي مستقبلًا. بالإضافة إلى حمايته من مشاركة أحد زملائه في المدرسة في هذا السلوك، أو تحرُّشٍ أو اعتداءٍ جنسيّ من أحد الأقارب أو الغرباء.
فيما يتعلَّق بالعادة السريَّة، فللطبّ النفسي رأيٌ نأتي على ذكره؛ لأنَّهُ غاية في الأهميَّة، وهو أنَّ ضبط الطفل في حالة الاستمناء المتكرِّر يمكن أن يكون إشارة إلى اضطراب قلق، أو إشارة على أنَّهُ لا يحظى بالاهتمام الكافي في المنزل، أو حتى يُمكن أن يكون علامة على الاعتداء الجنسي، لذلك ينبغي الاستعانة بطبيبٍ نفسيٍّ مختصّ بالتعامل مع الأطفال في هذه المرحلة العمريَّة لمعرفة السبب وبدء إدارته على نحوٍ سليم.
كيف تتحدّث مع طفلك عن الجنس؟
في الفترة العمريَّة بين الـ 3 والـ 4 سنوات، غالبًا ما يُدرك الأطفال سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا وجود أعضائهم الجنسيَّة، وتبدأ حالة من الفضول الطبيعي في هذه الفترة، فقد تجد طفلك يمارس دور الطبيب في فحصِ أعضاءِ طفلٍ آخر.
إنَّ هذا الاستكشاف بعيدٌ كُلّ البعد عن النشاط الجنسي لدى البالغين وهو غير ضارّ لحدٍّ ما، لكن ينبغي التدخُّل في هذه الحالة، وتوعيّة الطفل قدرَ الإمكان على أنّ هذا الفعل غير مسموح. دون معاقبته سلوكيًّا أو استخدام الترهيب الديني لردعه، كي لا تتشكَّل لديه ثنائيَّات نفسيَّة قد تضرّه مستقبلًا على صعيد الشأن الروحاني ورؤيته للدين، وما يتفرَّع عنه في الجانب الجنسي.
ويجدر التنويه أيضًا، إلى أنّ التربية الجنسيَّة ليست مناقشة واحدة شاملة، بل يجب على الوالدين في المقام الأول الاستفادة من الفرص اليوميَّة والمواقف التي قد تحدث مع الطفل من أجل تعريفه وتوعيته. فمثلًا إذا كان هناك حملٌ في الأسرة، فاخبر طفلك أنَّ الأطفال مثله قبل أن يأتوا إلى هذا العالم يكبرون في مكانٍ خاصّ يُسمَّى الرحم، وإذا سأل الطفل مزيدًا من الأسئلة بعد ذلك من مثيلات كيفيَّة ولادة الطفل فقدِّم له مزيدًا من الأجوبة بشكلٍ بسيط، لكن لا تأتِ على شرح وتناول كلّ التفاصيل مسبقًا. يكفي الردّ على السؤال بشكلٍ مختصرٍ كي تُمهّد له الطريق للأحاديث التوعويَّة مستقبلًا، وفيما يأتي جُملةً من الأمثلةِ الأخرى:
“كيف يدخل الأطفال داخل بطن أمّهم؟” فيمكن أن تقول، إنَّ الوالدين يصنعان طفلًا من خلال حمل بعضهما البعض بطريقةٍ خاصَّة مدَّةً من الوقت.
“كيف يُولد الطفل؟” فيمكن أن تُجيب أنَّ الأطبَّاء والممرّضات يساعدون الأطفال المستعدِّين للولادة، وإذا طلب الطفل مزيدًا من التفاصيل، فيمكن أن تقول له، إنَّ الأم تدفع الطفل إلى الخارج كما تنطلق الكرة في ملعب كرة القدم، ويلتقط الطبيب الطفل بمساعدة الممرِّضة كما يفعل حارس المرمى. يمكن أن تكون هذه الإجابة فيها نوعٌ من الدعابة، لكنّها قد تُشبِع فضول الكثير من الأطفال في مراحلهم العمريَّة المبكِّرة، دون أن تكذب عليهم، أو تشوّه لهم الإجابة، أو أن تقمع أسئلتهم البريئة بأسلوبٍ سيِّء كما تفعل الكثير من العائلات على نحوٍ مؤسف.
” لماذا يمتلك الجميع قضيبًا؟” فيمكن أن تقول له إنَّ أجساد الأولاد وأجساد الفتيات مصنوعة بشكلٍ مختلف عن بعضها البعض.
هذه أمثلة مختارة لشرح كيفيَّة إجابة الأطفال عن استفساراتهم الجنسيَّة، لكن مع تقدُّم الفئة العمريَّة يجب استخدام مصطلحات صحيحة وإجابات حقيقيَّة، كي تساعدهم في فهم الحياة الجنسيَّة مستقبلًا، وتُجنّبهم التعرُّض لأي أذى، سواء اعتداء أو تحرّش أو مداعبة غير نظيفة من الأقارب أو الغرباء كما تمَّ الإشارة لذلك سابقًا.
للمزيد: كيف أعلم طفلي عن أعضاءه التناسلية؟
ماذا أقول عن الجنس لطفلٍ في عمر سنتين؟
على نحوٍ عام، فالكثير من الأطفال في هذه الفئة العمريَّة وما يزيد عن ذلك، يجدون أنَّ التحدُّث معهم دون التواصل البصري أسهل وأكثر إفهامًا للفكرة، لذلك فإنَّ الحديث معهم في هذه الجوانب يمكن أن يتمَّ خلال نزهة سيرًا على الأقدام، أو رحلة قصيرة بالسيَّارة.
عند الحديث معهم والتحرُّج من استخدام لفظ قضيب أو مؤخَّرة، فيمكن استخدام كلمة أمام وخلف، قد تكون الألفاظ البديلة أهون على الوالد أو الوالدة في هذه المرحلة العمريَّة. بل وبعد ذلك أيضًا.
أهمّ ما يمكن التركيز عليه في هذه الفئة العمريَّة هو إفهام الأطفال أنَّهُ من غير المسموح لمس الأعضاء الجنسيَّة من قِبل الغرباء أو الأقرباء أو الأطفال الآخرين، وأنَّ هذه الأشياء لا يمكن المزاح بها، وهذا ينصبُّ في حماية الأطفال من التحرُّش أو محاولة الاعتداء الجنسي، ممَّا يجنّبِهم تكوُّن العُقد النفسيَّة والاضطرابات السلوكيَّة في مراحل الحياةِ المتقدِّمة بعدَ البلوغ.
لقد تمَّ التنويه سابقًا، أنَّ استغلال اللحظات اليوميَّة مثل استحمام الطفل قد يكون طريقة لطيفة لتعريفه على أعضائه الجنسيَّة أو إجابته عن استفساراته. فلا عيب في إجابته عن أنّ هذا العضو اسمه القضيب مثلما يتعلَّم أنَّ هذه رأس وهذه قدم، وهذا يُعزِّز التواصل ويُمهِّد للأحاديث المستقبليَّة حول السلوك الجنسي الصحِّي والطبيعي.
ماذا أقول عن الجنس لطفل في عمر 4 إلى 5 سنوات؟
تكون الأسئلة في هذه الفئة العمريَّة من مثيلات “من أين يأتي الأطفال؟” فيمكن الردّ عليهم بأنَّ الطفل ينمو في الرحم، وأنَّ هذا الطفل يحتاج إلى حيوانٍ منويّ والذي يُشبه بذرة صغيرة، وبويضة صغيرة تشبه شكل البيضة المسلوقة التي نضعها على طاولة الفطور لكن بحجمٍ أصغر بكثير. هكذا إجابة قد تكون مُشبِعة لفضول غالبيَّة الأطفال في هذه الفئة العمريَّة.
وقد تكون الأسئلة من مثيلات “من أين أتينا؟” فيمكن إجابته بسؤال “ما رأيك؟”، وهكذا يساعدك الطفل على معرفة ما يقصده من السؤال حقًّا وبناءً على مقصده تجيبه. وذلك لأنَّ هذا السؤال له إجابات على أصعدة فيزيولوجيَّة وميتافيزيقيَّة ودينيَّة وفلسفيَّة، ولا يمكن لأيَّة إجابة أن تُقنع الطفل أو أن يهضمها، فيجب تحرِّي الدقَّة في فهم مقصد سؤال الطفل، قبل تحرِّي الدقَّة في الإجابة.
ماذا أقول عن الجنس لطفل في عمر 6 إلى 8 سنوات؟
تكون الأسئلة في هذه الفئة العمريَّة من مثيلات “كيف وصل الطفل إلى رحم الأم؟”، وهنا نستخدم أيضًا فهم الطفل لمعرفة مراده من السؤال وتضييق دائرة الإجابة، لنجيبه بأبسط طريقة بعد ذلك.
إذا لوحظ أنَّ أسئلة الطفل دقيقة وأنّ استيعابه عالٍ، فيمكن في هذه المرحلة العمريَّة أن نُقدِّم له شرحًا مُبسَّطًا وتمهيديًّا عن الجماع، وعن كيف يلتقي المهبل والقضيب، ولكن بطريقةٍ كرتونيَّة مثل لقاء الحصان مع فارسه، لكن يجب في النهاية أن تؤكِّد على أنَّ هذا الجماع هو فقط للكبار ولا يستطيع الأطفال فعله. كما يمكن أن تُقرِّب الفكرة إلى فهمه هنا فتقول له إنَّ الجماع مثل العمل، فلا يستطيع الصغار أن يعملوا دون أن يكملوا تعليمهم الجامعي، وكذلك الجماع يتطلَّب أن تكون كبيرًا وليس طفلًا.
قد يستمرّ وعي الطفل في التطوّر السريع مع هذه النقاشات، فُيبدي اهتمامًا أكبر مع كل إجابة تُشبِع فضوله، وقد تساهم وسائل التّواصل الاجتماعي في تعريفه على أشياء غريبة بالنسبة له؛ مثل التلقيح الاصطناعي، أو التبنِّي، أو دور رعاية كبار السن. فهنا سيحاول أن يستفسر من الوالد أو الوالدة – اللذين ساهما بتكوين جسور الثقة بإجاباتهما عن أسئلته السابقة – عن هذه الأشياء، لذلك يتوجَّب متابعة تعريفه وإجابته بطريقةٍ بسيطة ومفهومة. استعدادًا لبناء ثقافة جنسيَّة خاصَّة به في المستقبل، من خلال الحفاظ على التواصل المبني على الثقة منذ البداية.
بارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء