خرافات شائعة حول الزواج والإنجاب عند الأشخاص ذوي الإعاقة
إنَّ الزواج والإنجاب جزء طبيعي من حياة الناس جميعًا، بمن فيهم أولئك الذين يعانون من إعاقة أو احتياجات شخصيَّة، وغالبًا ما يربط الزواج بالنشاط الجنسي فقط، لكنَّه في الواقع أوسع من ذلك بكثير، إنه يشمل الاستقرار والراحة والوقوع في الحبّ وتكوين أسرة، ونادراً ما يُنظر إلى الأشخاص ذوي الإعاقة على أنَّهم كائنات لها رغبات وحاجات جنسيَّة، ممَّا يؤدِّي إلى مجموعة من الخرافات والمفاهيم الخاطئة حول الإعاقات والجنس.
خرافات حول الصحَّة الجنسيَّة لذوي الإعاقة والحقيقة وراءها
الأشخاص ذوي الإعاقة ليس لديهم رغبات جنسيَّة
يعتقد الكثيرون أنَّ ذوي الإعاقة ليس لديهم رغبات أو حاجات جنسيَّة ولا يحتاجون إلى الزواج، لكن الحقيقة هي أنَّهم مثل أي شخص آخر، لديهم رغبات ومشاعر وحاجات جنسيَّة، وأحد أكبر العوائق التي تحول دون تعبير الأشخاص ذوي الإعاقة عن حياتهم الجنسيَّة هو الموقف المجتمعي السلبي تجاههم والافتراض بأنَّهم ليسوا جنسيِّين، وهناك عائق آخر يتمثَّل في أنَّ بعضهم قد لا يكونون مستقلّين، وقد يعتمدون على الآخرين لرعايتهم، في مثل هذه الحالة، قد يُنظر إلى الشخص على أنَّه طفل، وبالتالي يُعتقد أنَّه لا جنسي، ومع ذلك، بغض النظر عمَّا إذا كان الشخص يختار التعبير أو عدم التعبير عن حياته الجنسيَّة أو رغبته بالزواج، فإنَّهم قد يكونوا جنسيُّون.
الأشخاص الذين يعانون من إعاقة ليسوا جذابين أو مرغوبين
العقل الجمعي يرى غالبًا أنَّ الزواج مخصَّص للأشخاص “الجميلين” أو “الجذابين”، وهذا يجعل البعض يظنون أنَّ الشخص ذوي الإعاقة قد لا يُعتبر “جميلاً” وفقاً لمعايير الجمال الجامدة والزائفة الموجودة في المجتمع، وبالتالي قد تراودهم أسئلة مثل: هل هذا الشخص مرغوب فيه؟ هل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة هم كائنات جنسيَّة بشريَّة بالكامل على الرغم من عدم ظهورهم في الإعلانات التلفزيونيَّة مثلا؟ ما يجب أن يدركه الناس حقًا أنَّ الانجذاب بين شخصين هو الأساس للارتباط والزواج، وهو يرتبط بعوامل مختلفة، مثل الشخصيَّة وتوقيت اللِّقاء، وقد لا يكون لفكرة “الجمال” أي علاقة به في الواقع.
لا يمكن لذوي الإعاقة ممارسة علاقة جنسيَّة حقيقيَّة
لا تقتصر العلاقة الجنسيَّة بين الزوجين على الإيلاج فقط، فهناك العديد من الطرق المختلفة التي يمكن للناس من خلالها ممارسة الجنس مثل التقبيل واللمس والاستمناء المتبادل والجنس الفموي، وحتى لو لم يتمكَّن الشخص ذوي الإعاقة من ممارسة أحد الاوضاع الجنسيَّة بسبب إعاقته، فربما يناسبه شكل آخر، فالزواج للجميع، ولا توجد قواعد تحكم ما يمكن أو لا يمكن أن يكون عليه الجنس، إلا أنَّه يجب أن يتضمَّن الموافقة المتبادلة والاحترام والسلامة.
الأشخاص من ذوي الإعاقة لا يحتاجون إلى تثقيف جنسي
إذا كان الأشخاص من ذوي الإعاقة ليست لديهم رغبات واحتياجات جنسيَّة، فلماذا يحتاجون إلى تثقيف جنسي؟ غالبًا ما يُساء فهم التثقيف الجنسي على أنَّه تعليم الناس كيفيَّة ممارسة الجنس أو السماح بتجربته، لكن الأمر ليس كذلك، فهو يشمل أكثر من مجرَّد آليَّات الجنس، وهو ضروري لجميع الناس، ويمكنه أن يمكّن الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال تزويدهم بالمعرفة والمعلومات لممارسة الجنس الآمن والممتع، وإمكانيَّة الزواج والوقاية من الأمراض المنقولة جنسيًّا، وتنظيم النسل، وحماية أنفسهم من الأزواج المسيئين، ويمكن للتثقيف الجنسي أيضًا أن يمكّن الأفراد من الاستمتاع والتواصل مع الآخرين على مستوى أعمق.
الأشخاص ذوو الإعاقة غير قادرين على الإنجاب وتربية الأطفال
يعتقد البعض أنَّ ذوي الإعاقة غير قادرين على ممارسة الأبوَّة والأمومة، وهذا خطأ كبير، فالأبوَّة والأمومة هي سلوكيَّات مكتسبة ومهارات يمكن دعمها، ويتمتَّع الأشخاص ذوو الإعاقة بنفس الحقوق الجنسيَّة والإنجابيَّة التي يتمتَّع بها الآخرون، لكن هناك عوامل أخرى قد تشكِّل عائقًا مثل الصحَّة العقليَّة وانخفاض الدخل.
تقع على عاتق الوالدين أو مقدِّمي الرعاية مسؤوليَّة اتِّخاذ القرارات المتعلِّقة بالمعاق بخصوص الزواج والإنجاب
إذا كان الشخص ذوي الإعاقة وصل السن القانوني ولديه القدرة على الموافقة، فمن حقّه اتخاذ قراراته الخاصَّة، ويتمثَّل دور مقدِّم الرعاية أو الوالدين في دعم اتِّخاذ القرار فيما يتعلَّق بخياراتهم الجنسيَّة والإنجابيَّة.
لا يتعرَّض الأشخاص ذوو الإعاقة لخطر الاعتداء الجنسي لأنَّهم ليسوا جنسيِّين أو نشطين جنسيًّا
كما ذكرنا سابقًا، أنَّ الأشخاص ذوي الإعاقة لديهم نفس الرغبات والاحتياجات الجنسيَّة مثل باقي الناس، ونظرًا لانتشار هذه الخرافة، يتمّ تعليم عدد قليل من الأطفال والشباب ذوي الإعاقة عن نموّهم الجنسي وصحَّة أجسامهم وكيفيَّة التعامل معها، وإنَّ نقص المعلومات هذا يجعلهم أكثر عرضةً للاعتداء.
الاعتداء الجنسي على الأشخاص ذوي الإعاقة أمر نادر الحدوث
يتعرَّض ذوو الإعاقة للاعتداء الجنسي أكثر بكثير مقارنةً مع بقيَّة الناس، معظم النساء ذوات الإعاقة (83% منهن) يتعرَّضن للاعتداء الجنسي في حيواتهن.
أي نشاط جنسي مع شخص ذوي الإعاقة يعدّ اغتصابًا لأنَّ هؤلاء الأشخاص غير قادرين على إعطاء الموافقة
الموافقة على الزواج مسألة معقَّدة تعتمد على عوامل كثيرة. بما في ذلك قدرات الفرد المعرفيَّة والتواصليَّة، وفهم الموقف، ومستوى الراحة والأمان، في حين إنَّ البعض قد يواجه صعوبة في التواصل أو اتِّخاذ القرار، فإنَّ هذا لا يعني أنَّهم غير قادرين على الموافقة، تمامًا مثل أي شخص آخر، من المهمّ التأكُّد من أنَّ جميع الأطراف قادرة على إعطاء موافقة مستنيرة.
الأشخاص الذين يعانون من إعاقات في النموّ لا يمكنهم التواصل بشأن الاعتداء الجنسي أو فهم ما يحدث لهم
الحقيقة أنَّ معظم الذين يعانون من إعاقات نمائيَّة يستطيعون التواصل بشأن الاعتداء الجنسي –سواء بشكل مباشر أو غير مباشر- وقد يتواصل البعض بطرق غير لفظيَّة. مثل الإيماءات أو تعبيرات الوجه أو لغة الإشارة أو باستخدام التكنولوجيا المساعدة. من المهمّ لمقدِّمي الرعاية أن يكونوا على دراية بطرق التواصل هذه، وأن يأخذوها على محمل الجدّ، ومن المهمّ أيضًا إدراك. أنَّ الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنيَّة أو الإعاقات النمائيَّة قد يفهمون ما يحدث لهم، حتى لو كانوا يجدون صعوبة في إيصاله، وللأسف، قد يكون الأفراد ذوو الإعاقة من الفئات الهشَّة في مجتمعنا، وقد يتم استغلالهم في العلاقات، كما أنَّهم أكثر عرضة للتعرُّض للاعتداء الجنسي مقارنةً بالآخرين. لذا، تقع على عاتقنا جميعًا مسؤوليَّة معالجة هذه القضيَّة، ومن المعروف أنَّ التثقيف الجنسي الشامل يساهم في تقليل احتماليَّة تعرُّض الفرد للاعتداء الجنسي، كما يجب أن تكون لديهم المعرفة الكاملة بكيفيَّة الإبلاغ عن مثل هذه الاعتداءات.
لا يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة أن يكونوا معتدين جنسيًّا
يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة أن يكونوا ضحايا ومرتكبي الاعتداءات الجنسيَّة. أي أنه يمكن لشخص ذوي الإعاقة ارتكاب اعتداء جنسي على شخص آخر.
يجب أن يكون الجنس عفويًّا
إنَّ فكرة أن الجنس يمكن أن يحدث دون تفكير أو حديث أو تخطيط هي فكرة غير واقعيَّة عمومًا. وخصوصًا بالنسبة لشخص يعاني من إعاقة والذي قد يحتاج إلى مساعدة إضافيَّة عند الاستعداد لممارسة الجنس. فالعلاقة الجنسيَّة في الواقع هو عمليَّة تواصل بين الزوجين تتطلَّب التفكير، فالهدف منها الحصول على المتعة والاقتراب. وهو ما يعني في بعض الأحيان أنه يتعيَّن علينا التخطيط لها.
الأشخاص ذوو الإعاقة ليسوا معرَّضين لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًّا
هناك فكرة خاطئة مفادها أنَّ الأشخاص ذوي الإعاقة ليسوا معرَّضين لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًّا (STIs). لكن الحقيقة هي أنَّه أي شخص يمارس الجنس قد يكون معرَّضًا لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًّا. ويجب على الأشخاص الذين يعانون من إعاقة اتِّخاذ الاحتياطات اللازمة، بما في ذلك استخدام الأساليب العازلة وإجراء فحوصات منتظمة.
لا يستطيع الأشخاص ذوو الإعاقة الوصول إلى خدمات الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة
رغم أنه قد تكون هناك تحدّيات تتعلَّق بإمكانيَّة الوصول والإقامة. إلا أنَّ مقدّمي الرعاية الصحيَّة والمنظّمات يعملون قدمًا لجعل هذه الخدمات أكثر شمولًا وأسهل في الوصول إليها.
نصائحنا لك:
التحدُّث عن الجنس هو أمر طبيعي وصحِّي، ولكن قد يبدو مخيفًا في البداية. إليك بعض الأفكار المتعلِّقة بالإعاقة والجنس لمساعدتك على البدء.
- التَّواصل مع محترف: يمكنك البدء بالتحدُّث إلى طبيبك الموثوق، أو الأخصَّائي، أو طبيب نفسي يمتلك الخبرة في هذا المجال، هؤلاء المحترفون سيكونون دليلك في رحلتك الزوجيَّة وحياتك الجنسيَّة، سيساعدونك على فهم الحواجز التي قد تواجهك، ويوجهِّونك نحو حياة زوجية مُرضية وممتعة.
- ابحث عن شبكة دعم: تذكَّر أنَّك لست وحدك في هذا الموقف، فهناك آخرون قد مرُّوا بتجارب مشابهة ولديهم نصائح يمكن أن تكون مفيدة لك، أحيانًا يكون من الصعب التحدُّث مع محترف، لكن التفاعل مع شبكة من الأقران يمكن أن يجعلك تشعر بالأمان والراحة.
- تواصل معنا: إذا وجدت نفسك تفكِّر في مفهوم الإعاقة والجنس بعد قراءة هذا المقال وترغب في الحصول على نصيحة أو إحالة عميل، فلا تتردَّد في الاتِّصال بنا، نحن هنا لنقدِّم لك الدعم والمشورة التي تحتاجها.