الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة للمراهقين ذوي الإعاقة الذهنيَّة: إرشادات مهمَّة للوالدين ومقدِّمي الرعاية
- إرشادات لمقدِّمي الرعاية للمراهقين ذوي الإعاقة الذهنيَّة حول الجنس والزواج
- العناصر الرئيسة للتربيَة الجنسيَّة الهادفة للمراهقين ذوي الإعاقة الذهنيَّة
- عوائق أمام التثقيف الجنسي للمراهقين ذوي الإعاقة الذهنيَّة عند بعض الآباء ومقدِّمي الرعاية
إنَّ التثقيف حول الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة أمر مهمّ لجميع المراهقين، المراهقين ذوي الإعاقة الذهنيَّة لديهم نفس الأفكار والمواقف والمشاعر والرغبات والتخيُّلات الجنسيَّة مثل غيرهم من غير ذوي الإعاقة، لكن عندما يعبِّرون عن حاجاتهم الجنسيَّة، فغالبًا ما يُنظر إلى ذلك على أنَّه “مشكلة”، وفي بعض الأحيان لا يحصلون على التثقيف الجنسي من والديهم أو من مقدِّمي الرعاية، وهذا الأمر ليس لصالحهم بالطبع، فمن المهمّ تثقيف جميع المراهقين (سواء كانوا يعانون من إعاقة أم لا) حول التربيًّة الجنسيَّة والزواج، ومنحهم الفرصة لاستكشاف حياتهم الجنسيَّة والتعبير عنها بطرق إيجابيَّة وصحّيَّة، وتعلُّم السلوكيات الوقائيَّة.
وعلينا التيقُّن كذلك، بأنَّ الثقافة والتربية الجنسيَّة الشاملة يمكن أن تساعد الأشخاص ذوي الإعاقات الإدراكيَّة على البقاء في أمان، وتقليل مخاطر الإصابة بالعدوى المنقولة جنسيًّا (STIs)، والمساهمة في منع الحمل غير المخطَّط له.
إرشادات لمقدِّمي الرعاية للمراهقين ذوي الإعاقة الذهنيَّة حول الجنس والزواج
تشكِّل مرحلة البلوغ قلقًا لأي والدين، وبطبيعة الحال، يبدو أن هناك الكثير من المخاوف لدى الآباء تجاه الطفل المتأخِّر ذهنيًّا الذي ينضج جسده بينما يبقى عقله طفوليًّا، حتى مع أن بعض هؤلاء الشباب لديهم نفس الرغبات والدوافع والاهتمامات بالجنس الآخر كالمراهق “الذي لا يعاني من إعاقة”، فإنَّ الكثيرين منهم، بسبب عقولهم الطفوليَّة، لا يرغبون في الحميميَّة ويكتفون بالرفقة دون الانجذاب الجنسي، بالنسبة لأولئك الذين يدركون مثل هذه الدوافع، تكون مهمَّة الوالدين أصعب قليلاً من تلك التي يتولاها والد الطفل “الذي لا يعاني من إعاقة” بسبب الحكم غير الناضج للمراهق المتأخِّر، وافتقاره إلى السيطرة، وسوء فهمه. نظرًا لرغبة هذا المراهق في إرضاء الآخرين وأن يكون مثل “الأطفال الآخرين”، يمكن استغلاله إذا كان الطفل اجتماعيًّا، ولديه الكثير من الأصدقاء والاهتمامات، وليس منشغلًا بالجنس، فمن المحتمل أن يمرَّ بهذه المرحلة دون خطر.
يتم تعليم السلوك الجنسي منذ الطفولة المبكِّرة مثلما يتم تقديم أي تدريب آخر، لهذا السبب، يحتاج الوالدان إلى مراجعة مواقفهما تجاه الجنس وبذل جهد لمواءمة تفكيرهم مع احتياجات الطفل الفعليَّة في هذا المجال، فالاهتمام بجميع أجزاء الجسم هو أمر طبيعي جدًا فمثلا يستكشف الأطفال الأعضاء التناسليَّة كما يلعبون بأصابعهم وأصابع أقدامهم.
يبدأ معظم المراهقين ذو الإعاقة الذهنيَّة سنّ البلوغ في نفس عمر أولئك الذين لا يعانون من إعاقة، ويمرُّون كذلك بالتغيُّرات الجسديَّة والهرمونيَّة نفسها، ومع ذلك، قد يحتاج المراهق ذو الإعاقة الذهنيَّة إلى مزيد من التعليم والدعم لفهم هذه التغييرات وإدارتها، وباعتبارك أحد الوالدين أو مقدِّم الرعاية المسؤول عن المراهق، فأنت حلقة وصل حيويَّة في تزويد ذلك المراهق بالتثقيف والتوعية في مجال الصحَّة الجنسيَّة، قد يكون هذا صعبًا جدًا بالنسبة لبعض الآباء، فيما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في تسهيل الأمر:
- التخطيط: تحدَّث مع (زوجتكَ/ زوجكِ) عن الأمور التي تريد تعليمها لابنك، وقد يكون من المفيد أيضًا استشارة الطبيب أو المختصّ الذي لديه المعرفة بقدرات ابنك وقيوده، وقد يكون بمقدوره مساعدتك في تحديد المعلومات التي ستكون مفيدة لابنك.
- بهدوء ولكن بحزم: غالبًا ما يشعر الآباء بالحرج من فضول أبنائهم بشأن أعضائهم التناسليَّة، ولكن من المهمّ تجنُّب ردود الفعل القاسيَّة، يمكن للأطفال أن يتعلَّموا في سنٍّ مبكّرة أن هناك أوقاتًا وأماكن خاصَّة مثل الحمَّام أو غرفة النوم، ووضِّح له في وقت مبكِّر عن مفهومي “الخاصّ” و”العامّ”، أي التصرُّفات التي لا يمكنه القيام بها إلا عندما يكون وحيدًا فقط، وتلك التي يمكنه القيام بها عندما يكون مع الآخرين.
- اكتشف ما يعرفه ابنك بالفعل: من الممكن أن يكون ابنك قد تلقَّى بعض التثقيف الجنسي الصحِّي، لذلك اعرف ما تعلَّمه وابنِ عليه، واحرص على تصحيح أي معلومات خاطئة.
- كن على دراية بالقيود: بصفتك أحد الوالدين، فأنت تعرف جيّدًا قدرة ابنك على الاحتفاظ بالمعلومات المكتسبة وتطبيقها، لذلك بسِّط المعلومات وقدِّمها بما يتناسب مع مستوى أدائه المعرفي.
- كن متَّسقًا في رسالتك: لتجنُّب إرباك ابنك؛ احرص على إعطاء المعلومة بنفس الصيغة في كل مرَّة.
- استخدم التكرار: التكرار هو استراتيجيَّة تعليميَّة فعَّالة لتدريس المفاهيم للمراهق الذي يعاني من إعاقة ذهنيَّة، احرص على توفير أكبر عدد ممكن من الفرص لابنك لاستيعاب المعلومات واختبار الفهم.
- كن واضحًا فيما يتعلَّق بالأمور العامَّة والخاصَّة: زوِّد ابنك بمعلومات واضحة حول الأجزاء والأنشطة الخاصَّة والعامَّة، وتأكَّد أيضًا من وضع حدود للمناقشة حول الجنس، على سبيل المثال: علّمه أنَّه يمكنه طرح أسئلة حول الجنس على الآباء والأطبَّاء والممرِّضات، وما إلى ذلك، ولكن الجنس ليس موضوعًا يُطرح أثُناء اللَّعب مع الأصدقاء.
- التصرُّف بهدوء ولكن بحزم: غالبًا ما يشعر الآباء بالحرج من فضول أبنائهم بشأن أعضائهم التناسليَّة، ولكن من المهمّ تجنُّب ردود الفعل القاسية، يمكن للأطفال أن يتعلَّموا في سنٍّ مبكّرة أن هناك أوقاتًا وأماكن خاصَّة مثل الحمَّام أو غرفة النوم، ووضِّح له في وقت مبكِّر عن مفهومي “الخاصّ” و”العامّ“، أي التصرُّفات التي لا يمكنه القيام بها إلا عندما يكون وحيدًا فقط، وتلك التي يمكنه القيام بها عندما يكون مع الآخرين.
- علِّمه الفرق بين الحدود الشخصيَّة مع العائلة والأصدقاء المقرَّبين والمعارف والغرباء: من المهمّ بالنسبة لهم أن يفهموا في سنٍّ مبكّرة أنَّ أجسامهم ملك لهم، وأنَّ من حقّهم أن يطلبوا من الآخرين عدم لمسهم، وقدر الإمكان، شجع الاستقلاليَّة في الاستحمام والعناية باحتياجات النظافة الشخصيَّة، ومن المهمّ جدًا مناقشة اللمس المناسب وغير المناسب، وتأكَّد من أن تكون قدوة في احترام الحدود المناسبة في المنزل من خلال طرق الأبواب المغلقة، والسماح بالخصوصيَّة في المرحاض أو الحمَّام، وارتداء رداء خارج الحمام أو غرفة النوم.
- تذكَّر أنك قدوة له: يتعلَّم الأطفال الكثير من سلوك والديهم اليومي، ففي بعض الأسر يختار الناس التصرُّف بشكل أكثر رسميَّة مع بعضهم البعض، بينما في أسر أخرى تظهر المودَّة بحريَّة من خلال العناق والقبلات، انتبه إلى أنَّ هذه التفاعلات هي دروس يتعلَّمها أبناؤك حول كيفيَّة تصرُّف البالغين في العلاقات الوثيقة والشخصيَّة.
- أجب عن أسئلته: كن هادئًا في إجابتك واستخدم المصطلحات الصحيحة لأجزاء الجسم، وتعامل مع أسئلة ابنك في هذا المجال كما تفعل مع أي سؤال حول كيفيَّة عمل شيء ما.
- استخدم مواد مختلفة: استخدم الكتب والصور والفيديوهات التي تعطي معلومات في المستوى الذي يستطيع ابنك فهمه.
وهنا يجب التذكر دوما بأن لكل طفل احتياجات مختلفة فلا يوجد نموذج موحَّد للتربية الجنسيَّة يناسب جميع الأطفال ذوي الإعاقات الإدراكيَّة.
ويجب أن تكون المعلومات متناسبة مع مستوى فهم طفلك،فعلى سبيل المثال، قد يحتاج الأطفال ذوو الإعاقة الإدراكيَّة المتوسِّطة أو الشديدة إلى معلومات أساسيَّة أكثر (وبصيغة صور) مقارنة بالأطفال ذوي الإعاقة الإدراكيَّة الخفيفة، كما يمكن أن تتضمَّن هذه المعلومات التوضيحات البيولوجيَّة حول الاختلافات بين أجساد الذكور والإناث، وماهيَّة اللَّمسات المناسبة وغير المناسبة، وكيفيَّة التصرُّف في مختلف المواقف الاجتماعيَّة.
- ابدأ مبكّرًا: كلما بدأت في مناقشة/تعليم الحياة الجنسيَّة الصحّيَّة في سنٍّ مبكِّرة، كلَّما كان ذلك أكثر فعاليَّة، على سبيل المثال: تحدَّث مع طفلك عن الأعضاء التناسليَّة بمجرَّد أن يتمكَّن من فهمها، وأخبره عن تغيرات البلوغ قبل حدوثها.
- تحدَّث عن أكثر من مجرَّد العلاقة الجنسيَّة: الزواج أكبر بكثير من مجرَّد العلاقة الجنسيَّة الحميمة، لذا تحدَّث مع ابنك عن العلاقات الصحّيَّة، وتحمُّل المسؤوليَّة، وضغط الأقران، وصورة الجسم.
العناصر الرئيسة للتربيَة الجنسيَّة الهادفة للمراهقين ذوي الإعاقة الذهنيَّة
يجب أن تعالج التربية الجنسيَّة للمراهقين ذوي الإعاقة الذهنيَّة كل عنصر من العناصر التالية:
- الرعاية الذاتيَّة: وتشمل استخدام المرحاض وارتداء الملابس والنظافة والعنايَّة الشخصيَّة.
- وظائف الأعضاء: يُقصد بها وظائف الأعضاء التناسليَّة الجنسيَّة وأسماؤها.
- العلاقات: التمييز بين الحدود الاجتماعيَّة للعلاقات المختلفة التي يحتمل أن يقيمها المراهق، وضرورة تعديل سلوكه تبعًا لذلك في مجالات اللمس والحديث والثقة وغيرها.
- المهارات الاجتماعيَّة: يُقصد بها الأخلاق والأدب في التعامل مع الآخرين، وكذلك مهارات التعبير عن المودة للآخرين واستقبال المودة التي يعبر عنها الآخرون له أو رفضها.
- الفرص الاجتماعيَّة: أنواع الصداقات والترفيه والمشاركة المجتمعيَّة المتاحة لكل مراهق.
عوائق أمام التثقيف الجنسي للمراهقين ذوي الإعاقة الذهنيَّة عند بعض الآباء ومقدِّمي الرعاية
هناك بعض الأسباب الشائعة لعدم تثقيف الوالدين ومقدِّمي الرعاية للمراهقين ذوي الإعاقة الذهنيَّة حول الحياة الجنسيَّة، من أبرزها:
- هناك اعتقاد خاطئ سائد بأنَّ الشخص ذوي الإعاقة الذهنيَّة لا يحتاج إلى التربيَّة الجنسيَّة، لأنَّه سيبقى دائمًا “مثل الأطفال”، وأنَّه شخص غير جنسي.
- يخشى بعض الآباء أن يكون المراهق الذي لديه معرفة جنسيَّة أكثر عرضة للتجربة الجنسيَّة أو الحمل غير المخطَّط له أو الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًّا أو “الوقوع في مشكلة” بطريقة ما، معتقدين أنَّ المراهق الذي لا يعرف شيئًا عن الجنس لن يكون لديه الرغبة في التعبير عن رغباته، رغم أنَّ العكس هو الصحيح.
- يجد بعض الآباء صعوبة في مناقشة مواضيع الجنس مع أبنائهم، وقد يكون هذا أصعب إذا كان الشاب يعاني من إعاقة.
- ربَّما حاول الوالدان التحدُّث مع ابنهما عن الجنس، لكنَّهما لم يتمكَّنا من التعبير عن المعلومات بطريقة يمكن أن يفهمها، وقد تؤدِّي المحاولات الفاشلة إلى استسلام الوالدين.
لمن ألجأ؟ أين يمكن الحصول على المساعدة؟
للحصول على المساعدة في تعليم طفلك ذي الإعاقة الإدراكيَّة حول التربية الجنسيَّة، يمكنك اللُّجوء إلى المصادر التالية:
- المدارس والمراكز التعليميَّة: تقدِّم بعض المدارس برامج متخصِّصة أو توفِّر معلّمين مدرَّبين على التعامل مع الأطفال ذوي الإعاقات الإدراكيَّة.
- المراكز الصحيَّة والمستشفيات: يمكن للأطبَّاء والمستشارين تقديم نصائح وإرشادات حول كيفيَّة توجيه طفلك في هذا المجال.
- المنظَّمات غير الحكوميَّة: هناك العديد من المنظَّمات التي تهتمّ بتوفير الدعم والمعلومات للعائلات التي لديها أطفال ذوي احتياجات خاصَّة.
- المستشارون النفسيُّون: يمكن للمستشارين النفسيِّين تقديم توجيهات فرديَّة تتناسب مع احتياجات طفلك الخاصَّة.
- المصادر عبر الإنترنت: هناك مواقع وتطبيقات تعليميَّة متخصِّصة تقدم موارد ومواد تعليميَّة مصمَّمة خصيصًا للأطفال ذوي الإعاقات الإدراكيَّة.
- كما يمكنك اللجوء إلى منصَّة مودَّة .
من خلال الاستفادة من هذه المصادر، يمكنك تزويد طفلك بالمعلومات والدعم الذي يحتاجه لفهم التربية الجنسيَّة بطريقة آمنة وملائمة.