هل ادمان الجنس مرض نفسي؟

اقرأ في هذا المقال
  • إدمان الجنس سلوك طبيعي أم اضطراب نفسي؟
  • هل ممارسة العادة السرِّيَّة من أشكال إدمان الجنس؟
  • إدمان الجنس بين الأسباب المباشرة والفرضيَّات
  • أبرز أعراض إدمان الجنس
  • هل إدمان الأفلام الإباحيَّة من أشكال إدمان الجنس؟
  • كيف أعرف أنَّني مدمن على الجنس؟
  • الآثار السلبيَّة العاطفيَّة والجسديَّة لإدمان الجنس
  • هل هناك علاج دوائي لإدمان الجنس؟

إدمان الجنس سلوك طبيعي أم اضطراب نفسي؟

رغم إنَّ إدمان الجنس ما زال يُدرَّس في أقسام الطبِّ النفسي وعلم النفس السريري، إلا أنَّه لم يتمّ إدراجه ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسيَّة بنسخته الخامسة كاضطرابٍ منفصل، وهذا الدليل هو الذي يعتمد عليه الأطبَّاء النفسيُّون في تشخيص الأمراض النفسيَّة، إضافة إلى خبرات تأتي من الممارسة، وخاصَّة في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، ومع ذلك فهنالك تصنيفات أو مراجع أخرى مثل التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشكلات النفسيَّة والذي يعتبر إدمان الجنس اختلالًا أو اضطرابًا، ويُعتبر التصنيف الدولي أكثر شمولًا على مستوى العالم، لكن يبقى الدليل التشخيصي والإحصائي أكثر دقَّة في التشخيص، ورغم عدم ورود إدمان الجنس في الدليل التشخيصي والإحصائي بنسخته الخامسة، إلّا أنَّ الكثير من الأطبَّاء، يستخدمونه لاستبعاد أيَّة أمراض نفسيَّة من التشخيص، عندما يأتيهم شخص يعاني من أعراض إدمان الجنس.

ولذلك فالتعريف الأكثر شموليَّة لإدمان الجنس هو حاجة قهريَّة أو سلوك جنسي قهري يتمُّ تَكراره بشكلٍ مرضيّ من أجل تحقيق مستوى معيَّن من المتعة أو النشوة الجنسيَّة، ولا ينبغي أن يتمَّ الخلط بينه وبين الاضطرابات الجنسيَّة التي تشمل الاعتداء الجنسي على الأطفال أو جماع الحيوانات أو الجثث حديثة الموت، فهذه يُمكن القول، إنَّها اضطرابات نفسيَّة بالمُجمَل.

وخلاصة القول بالنسبة للقارئ، أنَّه يُمكن اعتبار إدمان الجنس اضطرابًا أو خللًا،  كونه شديد الخطورة ويؤد!ِي إلى صعوبات كثيرة على مستوى العلاقات الاجتماعيَّة والأسريَّة والعلاقة الجنسيَّة مع (الزوج/ الزوجة)، كما أنَّه يترافق غالبًا مع سلوكيَّات سلبيَّة أخرى مثل إدمان المخدرات والكحول، وبالتالي فآثاره السلبيَّة تكون على الصحة العقليَّة والجسديَّة، وليس على العلاقات الاجتماعيَّة فقط.

هل ممارسة العادة السرِّيَّة من أشكال إدمان الجنس؟

يميل الشخص الذي يعاني من إدمان الجنس إلى البحث عن تعدُّديَّة بالعلاقات الجنسيَّة خارج إطار الزواج، لكن هذا في حالة متقدِّمة على المستوى الاجتماعي، أمّا على المستوى الفردي وخصوصًا في فترة المراهقة، فقد يكون السلوك القهري والمتكرِّر لممارسة العادة السريَّة ومشاهدة الأفلام الإباحيَّة أحد أنواع إدمان الجنس الذي ينبغي عدم تجاهله وطلب المساعدة الطبيَّة اللازمة للتخلّص منه، وذلك لأنَّ سلوكًا مثل العادة السريَّة على نحو متكرِّر على مدار اليوم، سيؤثِّر على الأنشطة الطبيعيَّة، القدرات الذهنيَّة والقيام بالمهام المدرسيَّة والجامعيَّة الأكاديميَّة، خصوصًا وأنَّنا نتحدّث عن أن ذروة هذا السلوك القهري في ممارسة العادة السريَّة تكون في فترة المراهقة امتدادًا لبداية النضوج، وقد تستمرُّ بعد ذلك أيضًا.

إدمان الجنس بين الأسباب المباشرة والفرضيَّات

لا توجد أسباب واضحة ومباشرة لإدمان الجنس، لكن العديد من الفرضيَّات تدور حول أنَّ إدمان الجنس هو سلوك قهري يأتي كردَّة فعل أو كمحاولة للسيطرة على الانفعالات العاطفيَّة أو بعض الاضطرابات النفسيَّة مثل الوسواس القهري “الاستحواذ القهري على نحوٍ أدقّ من حيث التسمية العلميَّة”، أو يمكن أن يكون وسيلة هروب من الضغوطات النفسيَّة والمشاكل العاطفيَّة، وما يترتَّب عليها من التوتُّر، والقلق، والاكتئاب، والعزلة الاجتماعيَّة، والانسحاب نحو الذات.

مقالات ذات صلة

فرضيَّات أخرى تقترح أنَّ إدمان الجنس يمكن أن يكون نتيجة الصدمات النفسيَّة في سنِّ الطفولة المبكِّرة، والتي تنتج في الغالب عن اعتداء جنسي، أو محاولات تحرُّش بسبب غياب رقابة الأسرة.

في جُملة من الدراسات الحديثة والتي تتناول بعض الأمراض النفسيَّة مثل اضطراب ثنائي القطب، وُجِد أنَّ هناك فرط نشاط جنسي ملحوظ عند مرضى هذا الاضطراب، وخصوصًا في طور الهوس أو نوبات الهوس التي تأتيهم كل فترة، أيضًا لُوحظ أنَّ بعض الأمراض العصبيَّة مثل الصرع، يُمكن أن يصاحبها نوع من فرط النشاط الجنسي أو إدمان الجنس، بالإضافة إلى بعض الآثار الجانبيَّة لبعض الأدوية النفسيَّة التي تؤثِّر على مستويات الدوبامين في الدماغ.

أبرز أعراض إدمان الجنس

المصابون بإدمان الجنس يخفون هذا النوع من الإدمان خشية المجتمع والأفراد حولهم، حتى في حالات معينة ينجح المصاب بإخفاء معاناته مع إدمان الجنس عن (الزوج/الزوجة)، وذلك كونه يتعامل مع سلوكه القهري من خلال علاقات جنسيَّة متعدِّدة خارج المنزل، ورغم السريَّة التي تكاد أن تكون سمة مشتركة بين المصابين بإدمان الجنس، إلّا أنَّه تمَّ تسجيل بعض الأعراض التي يتشارك فيها المصابون من خلال تسجيل اعترافاتهم عند طلبهم المساعدة الطبيَّة، وأبرزها:

– التخيُّلات الجنسيَّة القهريَّة حول الجنس الآخر وعدم القدرة على إيقافها.

– تعدّد العلاقات الجنسيَّة وحالات الخيانة الزوجيَّة.

– تقديم ممارسة الجنس على أيِّ نشاطٍ خلال اليوم، حتى لو كان طارئًا وله الأولويَّة.

– تعريض (الزوج/الزوجة) للخطر الجسدي والنفسي نتيجة إجباره على سلوكيات جنسيَّة غير مألوفة، أو الممارسة الجنسيَّة مدّة طويلة أو بشكل متكرّر.

– الشعور بالندم والذنب بعد ممارسة الجنس.

هل إدمان الأفلام الإباحيَّة من أشكال إدمان الجنس؟

يُعَدُّ إدمان مشاهدة الأفلام الإباحيَّة من أنواع إدمان الجنس، ولكن نعود لنفس المشكلة هنا، بأنَّهُ ليس له وصف تشخيصي منفرد في الدليل التشخيصي والإحصائي بنسخته الخامسة، والذي يعتمد عليه الأطبَّاء النفسيُّون في التشخيص والاستدلال بالأعراض المسجَّلة وتماشيها مع حالة المريض، لكن هذا لا يعني أنَّ إدمان مشاهدة المواد الإباحيَّة لا يترافق مع اضطرابات نفسيَّة أخرى، فالاكتئاب الحادّ واضطرابات القلق التي تفرض نوعًا من العزلة على المريض قد تترافق مع حالات من إدمان مشاهدة الأفلام الإباحيَّة، وذلك يؤثِّر سلبًا على الخطَّة العلاجيَّة الموضوعة لمعالجة هذه الاضطرابات ومساعدة المريض للعودة إلى حياته الطبيعيَّة.

كيف أعرف أنَّني مدمن على الجنس؟

إذا لاحظت أيّ من الأعراض التي تمَّت الإشارة إليها سابقًا يتكرَّر حدوثها معك، ووجدت أنّ هناك تقديم للممارسة الجنسيَّة على أيّ نشاطٍ طارئ أو مَهمَّة مستعجلة في يومك العادي، وأنَّ الرغبة لديك قهريَّة وغير قادر على مقاومتها، فيجدر بك استشارة طبيب نفسي من أجل تقييم الوضع النفسي لديك ولاستبعاد أيَّة اضطرابات نفسيَّة قد تكون مترافقة مع هذه الأعراض، وفيما يأتي بعض العلامات التي يُمكِن أن تلاحظها على نفسك إلى جانب الأعراض السابقة، والتي تجعل استشارة الطبيب النفسي أمرًا واجبًا وليس مُجرَّد خيار:

– العجز الكلِّي عن مقاومة الأفكار الجنسيَّة على مدار اليوم.

– الخجل الشديد من الذات على الأفعال الجنسيَّة التي تقوم بها.

– الانشغال بالجنس وبالوصول إلى لحظة النشوة أو هزَّة الجماع في أيِّ وقت وكيفما اتفق، مع العلم المُسبَق أنَّ العواقب ستكون سيِّئة جدًّا.

– ترافق السلوك الجنسي القهري مع تعاطي مواد مخدَّرة أو شرب الكحول بكميَّات كبيرة.

– محاولة التغيُّر وإيقاف هذه السلوكيَّات ووعد الذات بذلك، لكن دون جدوى.

الآثار السلبيَّة العاطفيَّة والجسديَّة لإدمان الجنس

أبرز ما يتصدّر المشهد من آثار سلبيَّة ويصعد على خشبة الحياة اليوميَّة هو التراجع الشديد في العلاقات الشخصيَّة والاجتماعيَّة والأسريَّة، بالإضافة إلى قلّة شديدة في التركيز وضعف الإنتاجيَّة في العمل، وعلى الصعيد العاطفي فإنّ مشاعر الغربة والاكتئاب والغضب المترافق مع الإهانة هي أولى المشاعر التي يشعر بها (الزوج/الزوجة) جرّاء إجباره على سلوكيات جنسيَّة قهريَّة أو عدد مرّات ممارسة يفوق التحمُّل، خصوصًا في مجتمعنا العربي، حيث إنَّ التوعية الجنسيَّة والثقافة الأسريَّة قليلة لدى العديد من النساء وخاصّة اللواتي يتزوجن وهن صغار في السن، فقد تظنّ أنَّ ما يفعله الزوج طبيعي وهذه هي الحياة الزوجيَّة وقد تخجل من سؤال الآخرين المحيطين بها، تجنّبًا لإحراجها وإحراج الزوج، وهذه الحالات مألوفة جدًّا، خصوصًا في المحافظات النائية والتي لديها حظّ قليل من حملات التوعية الجنسيَّة والتعليم العام.

أمَّا المصاب بإدمان الجنس، فتكون لديه مشاعر الفراغ وانعدام وجود السلام والراحة حتى بعد الوصول للنشوة، وذلك كونه يعلم يقينًا أنَّ العواقب ستكون ذاتها في كلّ مرَّة، وقد يتورَّط في علاقات جنسيَّة أو عاطفيَّة مع أشخاص آخرين خارج إطار العلاقة الزوجيَّة، بغضِّ النظر عن مدى معرفته بهم وهذا ما يجعله فريسة للاضطرابات النفسيَّة، والأمراض المنقولة بالجنس.

تمَّت الإشارة آنفًا إلى أنَّ الآثار الجسديَّة تشمل قلَّة في التركيز، وانخفاض الإنتاجيَّة في العمل والأنشطة اليوميَّة، إضافة إلى حالة من الاستسلام الجسدي نتيجة المحاولات المستمرَّة في ردع الخيالات الجنسيَّة وإيقاف السلوكيَّات الناتجة عنها دون جدوى. أيضًا يُمكن أن يترافق إدمان الجنس مع حالات حمل غير مُخطّط له مع (الزوج/الزوجة)، أو حالات حمل غير شرعي، نتيجة تعدُّد العلاقات في حالة كان المصاب بإدمان الجنس أنثى، بالإضافة إلى ما تمَّ الإشارة إليه من زيادة فرصة الإصابة بالأمراض المنقولة بالجنس، وحالات من العجز الجنسي.

هل هناك علاج دوائي لإدمان الجنس؟

العلاجات المتوفِّرة لإدمان الجنس تتمثّل في برنامج العلاج داخل المصحَّة النفسيَّة خصوصًا في الحالات الشديدة، إضافة للعلاج السلوكي والمعرفي والعلاج الدوائي، وسيتمُّ استعراض كل علاج على النحو الآتي:

العلاج السلوكي والمعرفي:

يُدارهذا العلاج من خلال إخضاع المريض لعدد من الجلسات الفرديَّة مع أخصائي علم نفس سريري أو طبيب نفسي بهدف تحديد الدوافع الجنسيَّة القهريَّة لديه ومدى حدَّة تخيُّلاته، وانعكاسها على سلوكيَّاته الجنسيَّة لتعليمه طرق فعَّالة في السيطرة عليها والحدّ منها.

العلاج داخل المصحَّة النفسيَّة:

في الحالات الشديدة، يُدخل المريض إلى مصحَّة نفسيَّة مدة 30 يومًا كحدٍّ أدنى لمساعدته على استعادة السيطرة على دوافعه الجنسيَّة، ويشمل العلاج هنا الجلسات الفرديَّة التي في العلاج السلوكي والمعرفي، إضافة إلى جلسات جماعيَّة مع مرضى مشابهين في الحالة لتبادل الخبرات وإيجاد طرق للتعامل مع الرغبات الجنسيَّة القهريَّة، لكن للأسف هذا النوع من العلاج محدود جدًّا في مجتمعاتنا لأسباب عدّة أهمّها وصمة العار التي يشعر بها المريض والخجل الشديد ممَّا يعاني منه، تتمُّ هذه الجلسات الجماعيَّة بإشراف طبيب نفسي مختصّ ومؤهَّل بشكلٍ جيِّد.

– العلاج الدوائي:

يمكن استخدام مضادَّات الاكتئاب لخفض مستويات الرغبة الجنسيَّة، حيث إنّ من الآثار الجانبيَّة الشائعة لمضادَّات الاكتئاب خفض الرغبة الجنسيَّة، وتقليل الميل للقيام بالعلاقة الحميمة.

المصدر
Reviewed by Steven Gans, MD - verywellmind - 2022Reviewed by Timothy J. Legg, PhD, PsyD - Healthline - 2018Reviewed by Cleveland Clinic medical professional , clevelandclinic - 2022Reviewed by Janet Brito, Ph.D , medicalnewstoday - 2019
اظهر المزيد

نور الدين حسن

طبيب عام ومقيم أمراض نفسيَّة وعصبيَّة وسلوكيَّة - وزارة الصحة./ كاتب محتوى علمي وطبي مع العديد من المنصات والمواقع الطبية والعلمية./ مدرب في الصحة الجنسية والإنجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى