التفكير الجنسي القهري بشخص معيَّن
- ما هو الوسواس الجنسي القهري؟
- هل هناك أسباب مباشرة للوسواس القهري الجنسي؟
- أبرز الأعراض التي تظهر على مريض الوسواس القهري الجنسي
- هل يوجد علاج فعلي للوسواس القهري الجنسي؟
ما هو الوسواس الجنسي القهري؟
الوسواس الجنسي القهري يُعرَّف على أنَّهُ تخيُّلات جنسيَّة أو/ وسلوكيَّات جنسيَّة يتمُّ تَكرارها بشكلٍ مرضيّ تُعطِّلُ حياة الفرد عن القيام بأنشطته اليوميَّة، وتتقاطع مع المهامّ الرئيسة، ويُعتبَر التفكير الجنسي القهري بشخصٍ معيَّن أحد أشكال هذا الوسواس، ويكون تركيز المريض في هذه الحالة على التفكير الجنسي المرضيّ بشخصٍ موجود بالبيئة المحيطة به أو شخصيَّة عامَّة، لكن في الأشكال الأخرى من الوسواس الجنسي يُمكن أن يفكِّر الشخص بشكلٍ جنسيّ مرضيّ بالجمادات والحيوانات أو حتّى الأطفال، وهي شذوذات جنسيَّة يجدر التدخُّل الطبِّي السريع لإيقافها.
بالإضافة إلى تعطيل الفرد عن مَهامِّه اليوميَّة وتضييع وقته بهذه الخيالات والسلوكيَّات الجنسيَّة، فإنَّ مشاعر أخرى مثل القلق وإهانة الذات والضيق والتأثير على العلاقة مع (الزوج/الزوجة) في حال وجوده/وجودها، جميعها تنتابه على نحوٍ متكرِّر ومترافق لمرحلة ما بعد الخيالات، أو ما بعد ممارسة سلوك جنسي معيَّن لتهدئة هذه الخيالات كالاستمناء أو غيرها من السلوكيَّات.
هنالك حالات من التخيّلات والسلوكيَّات الجنسيَّة شديدة التطرُّف تكون مقبولة طبيًّا بين االزوجين في حالة لم تُسبِّب ضررًا نفسيًّا أو جسديًّا، أي أنَّها تكون بالاتِّفاق والتفاهم بين الزوجين وذلك بناءً على قاعدة صلبة من الحبِّ والتفاهم، ويجب عدم الخلط بين هذه السلوكيَّات والوسواس الجنسي القهري، وهذه ليست دعوة أو رُخصة لهذه الممارسات، لكن أتحدَّث هنا من وجهة نظر طبيَّة، فكثير من السلوكيَّات الجنسيَّة والتي يَظنُّ العقل الجمعي أو غير المطَّلِع أنّها مرضيَّة أو غير مقبولة اجتماعيًّا، يمكن أن تكون طبيعيَّة إذا مورست بين الزوجين شريطة الاتِّفاق وعدم الإجبار، وعدم وجود أي ضرر نفسي أو جسدي كما أسلفنا.
وخلاصة القول، إنَّ التفكير الجنسي القهري بشخصٍ معيَّن هو شكل من أشكال الوسواس القهري الجنسي، والذي يُعدّ نوعًا خطيرًا من أنواع الوسواس القهري أو الاستحواذ القهري، وذلك كونه لا يُسبِّب ضررًا نفسيًّا وصحيًّا على المريض فقط، بل إنَّهُ يتعدَّى ذلك ليؤثِّر على علاقات الفرد مع البيئة المحيطة به وشبكة علاقاته الاجتماعيَّة سواء على صعيد الصداقة أو الزمالة في العمل، ويُمكن في الحالات المستعصية أن تصل الخيالات فيه -إذا لم يكن هناك تدخُّل طبِّي سريع- إلى ارتكاب جرائم أخلاقيَّة كالتحرُّش والاغتصاب.
هل هناك أسباب مباشرة للوسواس القهري الجنسي؟
كعادة هذا النوع من الأمراض النفسيَّة، فإنَّ الأطبَّاء لم يستطيعوا تحديد الأسباب المباشرة للوسواس القهري الجنسي وما يتفرَّع عنه من التفكير الجنسي القهري بشخصٍ معيَّن، وهو موضوع المقال الرئيس، لكن جرى إحصاء مجموعة من العوامل التي تزيد من خطورة الإصابة بهذا النوع من الوسواس وهي على النحو الآتي:
– العوامل البيولوجيَّة: ومثال على ذلك حدوث اختلالات في نسب السيروتونين والدوبامين في الدماغ وغيرها من النواقل العصبيَّة.
– العوامل التي تتمثَّل بوجود أمراض نفسيَّة سابقة: وتشمل الأمراض النفسيَّة السابقة الصرع والذهان والاكتئاب الحادّ.
– الدوائر العصبيَّة في الدماغ: حيث إنَّ إدمان الممارسات الجنسيَّة يُحدِث تغييرًا في الممرَّات العصبيَّة في الدماغ، ممَّا يجعل سعادة المريض الجنسيَّة مرتبطة فقط بالممارسات المتكرِّرة للجنس، بينما عدد الممارسات الطبيعيَّة لا تكفيه ولا تشعره بالسعادة والرضا.
– تاريخ المريض في تناول أنواع محدَّدة من الأدوية: ومثال على ذلك أدوية مرض الباركنسون أو شلل الرعاش.
– العوامل الاجتماعيَّة والبيئيَّة: وتشمل الصدمات النفسيَّة التي يُمكن أن يتعرَّض لها الفرد في طفولته مثل الاعتداء الجنسي أو التحرُّش.
أبرز الأعراض التي تظهر على مريض الوسواس القهري الجنسي
يتسبِّب هذا الاضطراب في مجموعة من الأعراض التي تتداخل مع الحياة اليوميَّة، وتؤثِّر على علاقة المريض مع الآخرين والبيئة المحيطة به، وذلك على النحو الآتي:
– سيطرة الأفكار والخيالات الجنسيَّة على المريض بشكل مبالغ به لتصبح المحور الأساسي في حياته، ممَّا يجعلها تؤثِّر سلبًا على عمله وعلاقاته الاجتماعيَّة.
– مشاهدة الأفلام الإباحيَّة على نحوٍ مرضيّ وبتَكرار عالٍ، ويترافق ذلك مع الإفراط بالاستمناء.
– فقدان القدرة على التحكُّم بالدوافع الجنسيَّة.
– الشعور الدائم بالتوتُّر والضيق والقلق ومشاعر الندم والذنب وقد يترافق ذلك مع توارد أفكار انتحاريَّة.
– زيادة خطورة الإصابة بالاكتئاب.
– الرغبة بالانطواء والانعزال والانسحاب من المجتمع.
– زيادة فرصة الإصابة بالأمراض المنقولة بالجنس، إذا وصل المريض لمراحل غير منضبطة على الصعيد السلوكي، ودخل في إطار العلاقات الجنسيَّة المتعدِّدة خارج إطار العلاقة مع (الزوج/الزوجة) إن وُجد.
– زيادة فرصة الإدمان على الكحوليَّات والمخدَّرات كمحاولة للهرب من الواقع المرضي المُعاش.
هل يوجد علاج فعلي للوسواس القهري الجنسي؟
تقسَّم السيرة العلاجيَّة للوسواس الجنسي القهري وما يتفرّع عنه من التفكير الجنسي القهري بشخصٍ ما إلى قسمين، وهما العلاج النفسي أو السلوكي المعرفي، والعلاج الدوائي، وذلك ليأخذ القارئ لمحة كافية عن خطَّة العلاج ككل، وهما على النحو الآتي:
العلاج النفسي:
يمكن تعريف العلاج النفسي على أنَّهُ العلاج بالكلام، وذلك لمحاولة تعزيز أساليب وأفكار إيجابيَّة عوضًا عن الأفكار السلبيَّة والسلوكيَّات المرضيَّة في ذهن المريض، وذلك بهدف تعلُّم السيطرة على السلوك الجنسي القهري المبني على الخيالات الجنسيَّة المتكرِّرة بشدّة، ويشمل هذا العلاج:
– تصحيح الأفكار السلبيَّة واستبدالها بأفكار أكثر إيجابيَّة ووضوحًا، وتعليم المريض أساليب التكيُّف مع الواقع المرضيّ المُعاش، ومحاولة الحدِّ من الخيالات الجنسيَّة والأفكار عن طريق الجلسات الحواريَّة مع المريض.
– العمل على زيادة وعي المريض بطبيعة الأفكار والخيالات التي تطرأ على ذهنه في اللاوعي أيضًا، ومحاولة تطوير نظرة جديدة للواقع بحيث تُدعِّم هذه النظرة التعامل السليم مع الخيالات والأفكار الجنسيَّة، فتُصبِح حافزًا للنهوض بالذات والحدّ من هذه الأفكار، ومع مرور الوقت تعمل هذه الآليّات ضمن اللاوعي دون جهد من المريض وتردع نسبة غير قليلة من الأفكار والخيالات، وبالتالي تحدّ من السلوكيَّات الجنسيَّة القهريَّة.
– توثيق العلاقة الحواريَّة مع المريض والاتّفاق على قَبول الحُجج والتحليل المنطقي للأفكار الجنسيَّة القهريَّة، والالتزام بالمَهمَّات المطلوبة منه بعد كل جلسة نفسيَّة، فمثلًا قد يناقش الطبيب التفكير الجنسي القهري لدى المريض بأحد أفراد عائلته أو بزميلة له بالعمل أو بشخصيَّة عامَّة، وبعد تحليل السلوكيات والخيالات يطلب الطبيب من المريض مَهمَّة معيَّنة متَّفق عليها لينفذها حتَّى موعد الجلسة المقبلة، كأن يقوم بترديد جملة معيَّنة عندما تطرأ هذه الخيالات؛ لمحاولة خلق ثنائيَّة بين الفكرة الجنسيَّة السلبيَّة، بحيث تردع هذه الجملة أو العبارة الفكرة الجنسيَّة فيما بعد.
التدخُّل الدوائي:
تساعد بعض الأدوية بالإضافة إلى العلاجات السابقة في تحسين مستويات النواقل العصبيَّة في الدماغ، والذي ينعكس على نحوٍ إيجابي على الأفكار الوسواسيَّة والسلوكيَّات القهريَّة الجنسيَّة، ويشمل ذلك مجموعة من الأدوية وذلك على النحو الآتي:
– مضادَّات الاكتئاب: وذلك لعلاج الحالات المرضيَّة المرافقة للوسواس القهري الجنسي كاضطرابات القلق العامّ، والاكتئاب، واضطراب الوسواس القهري العامّ.
– أدوية تحسين المزاج العامّ أو مثبتَّات المزاج: إنّ استخدام هذه الأدوية بشكل رئيس يتركَّز على علاج أعراض اضطراب ثنائي القطب، لكن لُوحِظ أنَّهُ يُمكن أن يُقلِّل من الأفكار والخيالات الجنسيَّة والسلوكيَّات القهريَّة الجنسيَّة.
– الأدوية الهرمونيَّة كمضادّات الأندروجين: تُستخدم هذه الأدوية لتقليل المثيرات الجنسيَّة، وخصوصًا في حالات الشذوذ والتطرُّف في السلوك الجنسي القهري عند المرضى من فئة الرجال، وذلك مثل اشتهاء الأطفال جنسيًّا.