من الإحباط إلى التأقلم؛ تأثير الإعاقة على الحياة الجنسيَّة والنفسيَّة

اقرأ في هذا المقال
  • ما المقصود بالإعاقة؟
  • كيف تؤثِّر الإعاقة بأنواعها على النشاط الجنسي؟
  • إدارة الحياة الجنسيَّة بعد الإصابات المختلفة
  • أولا: تأثير إصابة الحبل الشوكي على الصحَّة الجنسيَّة والنفسيَّة 
  • تجاوز التحدِّيات الجنسيَّة بعد إصابة الحبل الشوكي
  • ثانيًا: التحدِّيات الشائعة للحياة الزوجيَّة بعد السكتة الدماغيَّة 
  • كيف يستعيد الناجون من السكتة الدماغيَّة حياتهم الجنسيَّة؟

تمتَّع الزوجان بحياة زوجيَّة هانئة ومستقرَّة تبادلا فيها الحبّ والأحلام إلى أن تغيَّرت خارطة الطريق بعد أن تعرَّض الزوج لحادثٍ مؤلم، ممَّا أسفر عن إعاقة تركت بصمتها على حياتهما بتفاصيلها، إذ أصبحا يواجهان تحدِّيات جديدة من نوعها لاستقرار الحياة الجنسيَّة والنفسيَّة بينهما، فكيف يمكن للإعاقة أن تلقي بظلالها على أبعاد الحياة الزوجيَّة؟ وهل تشكِّل التحدِّيات عائقًا كبيرًا أم تحتاج فقط إلى بعض التغييرات في سبيل التأقلم؟ لنستكشف سويًّا تأثير الإعاقة الحديثة على الحياة الزوجيَّة، وكيف يمكن التأقلم عليها في مقالنا اليوم.

ما المقصود بالإعاقة؟

تعني كلمة الإعاقة أن يعاني الشخص من قصورٍ كلِّي أو جزئي بصورة دائمة إثر انحراف الجسم أو العقل عن حالتهما الطبيعيَّة، ممَّا يُعيق تأديَة الأنشطة اليوميَّة بصورة طبيعيَّة، مثل الحركة أو التواصل أو التفكير، ممَّا يجعل فهم الإعاقة يتطلَّب نهجًا شاملًا يأخذ في اعتباره العوامل البيولوجيَّة والنفسيَّة والاجتماعيَّة، ومن ثمّ فإنَّ تحديد نوع ودرجة الإعاقة أمرٌ مهمّ لتوفير الدعم والرعاية المناسبين للشخص المُصاب.

كيف تؤثِّر الإعاقة بأنواعها على النشاط الجنسي؟

لم ينتهِ الأمر عند إصابة الزوج المذكور سلفًا وما عاناه من مضاعفاتها الجسديَّة والنفسيَّة فقط، بل أصبح يعاني بعض المخاوف حول صحّته الجنسيَّة، ولعلَّ تساؤلاته التالية تُعدُّ مؤشِّرًا واضحًا  لتلك المخاوف:

  • هل لا زلت جذَّابًا بالنسبة لزوجتي أم لا؟
  • هل ستتقبَّل قدرتي الجنسيَّة المتغيِّرة تبعًا لحالتي الصحيَّة؟
  • هل هي راضيَة عن العلاقة الحميمة بيننا؟
  • متى يمكنني أن أتجاوز تلك الصعوبات في تحريك جسمي في أثناء الجماع؟
  • هل تتألَّم زوجتي جرّاء صعوبة حركتي عند الإيلاج؟
  • كيف أواجه المجتمع من حولي بإعاقتي الجديدة؟ وكيف أزيد من ثقتي بنفسي أمامهم؟

تعكس تلك المخاوف جزءًا من التحدِّيات النفسيَّة التي تواجه ذوي الإعاقات المزمنة التي لا شكَّ تحتاج إلى دعم عاطفي وتفهُّم الطرف السليم للتأقلم معها والتغلُّب عليها.

إدارة الحياة الجنسيَّة بعد الإصابات المختلفة

يصبح التعامل مع الحياة الجنسيَّة جزءًا مهمًّا من عمليَّة التأقلم والشفاء بعد التعرُّض إلى مختلف أنواع الإصابات، ممَّا يتطلَّب فهمًا عميقًا للتحدِّيات البدنيَّة والعاطفيَّة التي يواجهها المصاب.

مقالات ذات صلة

وبدورنا في مودَّة نستعرض معكم اليوم، أنواع الإصابات المختلفة وكيفيَّة التعامل معها لتحقيق رحلة شفاء واستعادة الصحَّة الجنسيَّة والتمتُّع بحياة زوجيَّة مستقرَّة ومُرضية للزوجين، ومنها:

  • إصابات الحبل الشوكي.
  • السكتات الدماغيَّة أو جلطات الدماغ.

أولا: تأثير إصابة الحبل الشوكي على الصحَّة الجنسيَّة والنفسيَّة 

تتنوَّع أسباب إصابة الحبل الشوكي، لكنَّها تتَّفق فيما يمكن أن تتركه من مضاعفات، ومن أبرز الأسباب:

  • حوادث السقوط من المرتفعات.
  • الحوادث المروريَّة.
  • الإصابات الرياضيَّة القويَّة.
  • التعرُّض للعنف.
  • الإصابة بالأورام العصبيَّة.

وكما علمنا، فإنَّ إصابة الحبل الشوكي لا تَمُرُّ مرور الكرام، بل إنَّها قد تترك بصمة أبديَّة يضطر المريض إلى التكيُّف معها طيلة حياته، ومن هذه المضاعفات:

  • الإصابة بالشلل النصفي أو الكلِّي، ممَّا يعني فقدان القدرة على الحركة.
  • فقدان الإحساس ويتضمَّن فقدان الإحساس بالحرارة أو البرودة.
  • التبوُّل أو التبرُّز اللاإرادي.
  • آلام شديدة في الظهر والرقبة.
  • صعوبة الاتِّزان والمشي.

أمَّا على الصعيد النفسي والجنسي، فيمكن أن يلاحظ المريض اضطراب قدرته الجنسيَّة وتغيُّر درجة إقباله على العلاقة الحميمة، بالإضافة إلى بعض المضاعفات العضويَّة التي قد يلاحظها الزوج، ومنها:

  • ضعف الانتصاب وصعوبة الحفاظ عليه حتى إتمام العلاقة الحميمة، وكذلك القذف.

وفي حال تعرّض الزوجة لنفس الإصابة فيمكن أن تعاني من:

  • انخفاض تدفُّق الدم إلى المنطقة التناسليَّة والمهبل على وجه التحديد، ومن ثمَّ صعوبة إثارتها جنسيًّا، علاوةً على جفاف المهبل وعُسر الجماع.

تجاوز التحدِّيات الجنسيَّة بعد إصابة الحبل الشوكي

تشمل رحلة علاج إصابات الحبل الشوكي عدَّة محاور بحسب درجة الإصابة، ومنها:

  • التأهيل النفسي:

لا يقلّ العلاج النفسي على أيدي المتخصِّصين أهميَّة عن التدخُّلات الدوائيَّة أو الجراحيَّة لحلِّ المشاكل العضويَّة، بل إنَّه يُعدُّ ركيزة من ركائز العلاج لمواجهة التحدِّيات النفسيَّة التي يواجهها المريض بعد إصابة الحبل الشوكي ومنها، الشعور بالحزن والقلق والغضب والتوتُّر وفقدان الثقة بالنفس.

يعمل التأهيل النفسي على تعزيز رضا المريض عن حالة جسمه وشكله بعد الإصابة، استعادة ثقته بنفسه تدريجيًّا، ومن ثمَّ زيادة رغبته في إقامة علاقة حميمة مُرضية له ولزوجته.

كما يحرص المتخصِّصون على تعليم المصابين كيفيَّة إدارة ما يتعرَّضون له من ضغوط نفسيَّة ومجتمعيَّة، ممَّا يعمل على تقليل توتّرهم وزيادة فرصتهم في التمتُّع بحياتهم الزوجيَّة.

  • علاج الضعف الجنسي

هناك عدَّة تقنيات يمكن استخدامها لتحسين الاستجابة الجنسيَّة بعد إصابة الحبل الشوكي، ومنها:

  • الأدوات المساعدة للانتصاب، إذ تتوفَّر أدوات مثل أجهزة مثل تلك المعروفة باسم (vacuum erection devices).
  • تتوفَّر أيضًا أدوات يمكنها المساعدة في زيادة المتعة الجنسيَّة والحسيَّة، مثل الألعاب الجنسيَّة التي تهدف إلى تحفيز المناطق الحسَّاسة وتوفير متعة إضافيَّة، كما يمكن الاستعانة بمستشار جنسي أو أخصَّائي رعاية صحّيَّة لتوجيه المريض نحو الأدوات المناسبة.
  • تعلَّم المزيد عن الأوضاع الجنسيَّة المناسبة لمن يعانون من إصابات الحبل الشوكي، ومنها:
  • الوضع الجانبي: يوفِّر الراحة والدعم للجسم مع الحفاظ على استقراره.
  • الوضع الخلفي (المستلقي على البطن): قد يوفِّر هذا الوضع الدعم للظهر والحوض.
  • الاستلقاء بوضعيَّة مائلة.
  • الوضع العمودي: يمكن لهذا الوضع أن يوفِّر الدعم للظهر والعمود الفقري.

ثانيًا: التحدِّيات الشائعة للحياة الزوجيَّة بعد السكتة الدماغيَّة 

تحدث الإصابة بالسكتة الدماغيَّة عندما تنقطع الإمدادات الدمويَّة عن المخ إثر انسداد الشرايين المغذِّية له أو انفجارها؛ ومن ثمّ عدم وصول الأكسجين إليه بكميَّة كافية مسبِّبة موت خلايا المخ في لحظات، وهذا لا شك يؤثِّر على عدد من الوظائف الحيويَّة بالجسم ومنها الصحَّة الجنسيَّة وجودة الحياة الزوجيَّة بعدَّة طرق، منها:

  • القدرة والرغبة الجنسيَّة:  فقد يحدث ضعف في الانتصاب (العجز الجنسي) أو صعوبة في الوصول إلى النشوة الجنسيَّة، وغيرها من التغيُّرات الناجمة عن تأثير السكتة الدماغيَّة على الجهاز العصبي والأوعية الدمويَّة، وقد تكون أيضًا نتيجة للأدوية الموصوفة للحدِّ من مضاعفاتها.
  • يواجه المريض الاكتئاب أو القلق أو الإحباط، وهذا يمكن أن يؤثِّر سلبًا على الرغبة الجنسيَّة والحياة الجنسيَّة بشكلٍ عام. قد يكون هناك أيضًا تأثير على الصورة الذاتيَّة والثقة بالنفس، ممَّا يؤثِّر على العلاقة الحميمة بين الزوجين.
  • بالإضافة إلى المشاكل الجسديَّة مثل الشلل الجزئي أو العجز الحركي، وهذا بدوره يؤثِّر سلبًا على ممارسة النشاط الجنسي بصورة طبيعيَّة، إذ يجد المريض صعوبة في اتِّخاذ وضعيَّات جنسيَّة مريحة، أو تنفيذ كافة الحركات اللازمة للجماع.

كيف يستعيد الناجون من السكتة الدماغيَّة حياتهم الجنسيَّة؟

بعد تجاوز تجربة الجلطة الدماغيَّة، يمكن للناجين استعادة الحياة الجنسيَّة والاستمتاع بعلاقتهما الزوجيَّة عن طريق تطبيق بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في ذلك، وهي:

  • استشارة الطبيب المختصّ والتواصل معه باستمرار لفهم طبيعة الوضع الجديد بعد الجلطة الدماغيَّة، وكيفيَّة التأقلم مع التغيُّرات الجسديَّة والاحتياجات الصحيَّة الجديدة.
  • احترام المريض لرغبته الحقيقيَّة في ممارسة العلاقة الحميمة؛ فلا يجبر نفسه على ممارستها إلا عندما يشعر برغبة حقيقيَّة في ذلك.
  • تحدُّث الطرف المصاب مع السليم -سواء كان الزوج أو الزوجة- حول المخاوف والتحدِّيات التي يواجهها، ومحاولة استكشاف أوضاع حميمة تلائم الظروف الجديدة،  إذ يساعد ذلك في وصول الزوجين إلى النشوة الجنسيَّة بطريقة مريحة وممتعة لكليهما.
  • لا تقتصر العلاقة الحميمة على الجماع فقط، إذ يمكن أن يكون التقبيل والعناق والملامسة جميعها أشكالًا مهمَّة للتواصل الحميمي والاستمتاع بالعلاقة الزوجيَّة.
  • استشارة الطبيب المختصّ قبل تناول أي أدوية لتحسين الانتصاب، كما يجب عدم التوقُّف عن تناول أي أدويَة مرتبطة بالجلطة الدماغيَّة أو الاكتئاب دون استشارة الطبيب؛ فهو الأقدر على تقديم المشورة الصحيحة وتوجيه المريض للتعامل مع أي مشاكل تتعلَّق بالانتصاب.
  • قد تحتاج الزوجة الناجية من السكتة الدماغيَّة  إلى استخدام مزلّقات حميميَّة مائيَّة لتعزيز ترطيب المهبل في أثناء العلاقة الحميمة وتجاوز ما قد يسبِّبه جفاف المهبل من آلام عند الإيلاج.
  • استشارة أخصَّائي العلاج الطبيعي ضروريَّة لتحسين القدرة على الحركة بصورة عامَّة بعد الإصابة، كما يمكنه أيضًا تقديم نصائح حول الأوضاع الحميمة المناسبة للظروف الصحيَّة الجديدة.
  • قد يعاني بعض الناجين من السكتة الدماغيَّة من فقدان التحكُّم في البول، لذا يُنصح بتفريغ المثانة وتجنُّب شرب كميَّات كبيرة من السوائل قبل ممارسة العلاقة الحميمة.
  • يُنصَح كذلك بتأجيل الحمل بعد الإصابة بالجلطة الدماغيَّة، نظرًا لأنَّه قد يزيد من خطر حدوث المزيد من التجلّطات الدمويَّة.

في النهاية، يجب أن يعرف الزوجان أنَّ النشاط الجنسي بعد الإعاقة ليس مستحيلًا ويمكن استعادته تدريجيًّا، نعم قد يستغرق الأمر بعض الوقت لكن بالصبر والتواصل المفتوح بين الزوجين والاستعانة بالمختصِّين، يمكنهما بناء علاقة حميميَّة صحيَّة وممتعة.

المصدر
By Mayo Clinic Staff Sexuality and fertility management after spinal cord injury care at Mayo Clinic May 06, 2022How Sexuality Changes After Stroke By Jose Vega MD, PhD Updated on February 09, 2023 Medically reviewed by Brigid Dwyer, MD
اظهر المزيد

اسراء سامي

إسراء سامي هي خبيرة في مجال صناعة المحتوى، حازت على درجة البكالوريوس في المجال الطبي. تتميز بخبرتها الواسعة في كتابة المحتوى العلمي والثقافي المتنوع. اهتمامها البارز ينصب في القضايا الصحية وشؤون المرأة، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية. تتقن كتابة مقالاتها باللغة العربية، مستندة إلى خلفيتها العلمية، بهدف تقديم معرفة قيمة وموثوقة للقراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية